|
على أبواب عام جديد
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3233 - 2011 / 1 / 1 - 00:53
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
أحببت في البداية أن أقدم التبريكات لشعبنا العراقي ولشعوب المنطقة والعالم مع بداية العام الجديد ، متمنياً للجميع عاماً سعيداً وحياةً ملؤها الأمل والشعور بالغد الموعود ، وأملي أن يكون هذا العام الجديد خير من الأعوام الماضيات ، ونحن في العراق والعالم يدري كم عشنا في العام الماضي من أعمال خربت الوجدان والضمير عبر موجات من التدمير المنظم والقتل العمدي والتقسيم المباشر والشعور السلبي تجاه بعضنا للبعض الآخر .
أقول : لقد زادت في مجتمعنا موجات التطرف الديني من ذوي اللحى الصفراء والعمائم المزيفة ، وزادت نسبة الفوضى في سلوك الناس وفي معتقداتهم على نحو كيفي غير منضبط ، وزورت الحقايق عبر الكيد والمؤامرة ليختلط في ذهن الناس الصالح بالطالح ، وكان البعض منا يهدف للبقاء كيفما كان وبأية صورة لهذا قدم بعضنا كل التنازلات متناسين حكم التاريخ والضمير والأخلاق ، كل هذا كي لا يُقال إن زيداً قد هزم ولم يستطع البقاء .
وفي العام الماضي شاهدنا كيف أنقلب العلمانيين على بعضهم وكيف تآمر دُعاة الليبرالية على بعضهم فخسروا كل شيء ، بل الأدهى من هذا إن البعض من هذا البعض تكتل خلف قضبان الطائفية والشوفينية لعله يحصل على مقعد في البرلمان ، والمؤسف إن هذا البعض يرى في سلوكه هذا حق له ولوجوده متناسين إن الليبرالية ليست إنتهازية أو وصولية بل هي قيم وثقافة ووعي إجتماعي ، وإن أخر ما تفكر فيه هو المشاركة في السياسة العامة ، لأن هدفها نشر الوعي وتركيز دعائم الخير في ضمير ووجدان الإنسان ، هي هكذا وليس تقديم التنازلات أو الإنضواء بين أحضان الفاسدين والمنحرفين من أعداء الوطن والشعب .
أقول : إن الكثير من خيبات الأمل التي أصابت شعبنا في الصميم جاءت من أدعياء الوطنية والنزاهة والشرف ، أولئك المتحذلقين والمزيفين الذين زيفوا التاريخ والجغرافيا والقيم والأخلاق تبعاً لمصالحهم وأهوائهم ، كما إن خيبت الأمل من رجال الدين الذين تحولوا إلى سماسرة وعرابين لسياسين وتجار دماء ، مما زاد في إنزواء المرجعيات الدينية التي خضعت للتضليل وللزيف وللنفاق ، وهي تُداري على حساب قضايا الوطن المصيرية خدمة لمصالح الأغيار .
إننا في العراق ويعلم العالم قد كوينا بنار الحقد والكراهية من الكل فتلاعب بنا الجيران تارةً حسب غاياتهم ، ودمرتنا يد الغدر والتخلف القادم من أعماق الظلم والخديعة والتسويف تارةً أخرى ، ولذا كان عامنا الماضي سيئاً من كل وجه ، والذي أساء فيه هم هؤلاء الحفنة من السياسين المرتزقة الذين خربوا كل مقدس عندنا واستباحوا كل شرف ، وكانت أخريات هذا الزيف هو الذبح المتعمد لأبناء الرافدين المسيحيين ، وبحدود علمي إن الذي عمل هذا هم طوائف من الحقبة المظلمة لنظام صدام ، الذين يظنون إنهم بفعلهم هذا إنما يستطيعون إقناع العالم الغربي بإمكان عودة عقارب الساعة إلى الوراء ، وبحدود علمي أيضاً إن هذا العمل ليس سوى دعاية رخيصةً يُراد منها الترويج للقول الزائف إن التعايش في العراق الجديد غير ممكن ، وأن لا مكان لهؤلاء في الحياة إن لم يُعاد تصحيح الوضع ، وعودة أيام البعث الخوالي إلى الحكم - هي هكذا - ، ولكن من ينفذ الجريمة هم هؤلاء الوغدان من طائفة المنبوذين والمشعوذين من القاعدة ونفر من الأعراب الحاقدين .
كم تمنيت وأنا أكتب مقالتي هذه أن أُعدد منجزات وأعمال هذا العراق الجديد ، لكنه مع أسفي الشديد إن العراق بفضل هؤلاء الحاقدين والموتورين قد فقد كل مقومات البناء والإنجاز والتحضر ، أقول : كنت أتمنى ان تكون الحكومة الجديدة على غير هذا الطيف وعلى غير هذه الهيئة والتوليفة ، فثمة مايوحي حين أرآها بخيبة الأمل ، وثمة مايدعوني للقول وآسفاه على حاضر العراق ومستقبله ، حين غابت عنه شمس الأمل والحياة ، والحكومة التي أُعلن عنها ماهي إلاّ مصداق لذلك المثل القائل - من كل بيت أغنية - ، وأقسم صادقاً إنها في شكلها هذا وفي نوعها هذا ، لن تحقق غير المزيد من خيبات الأمل والمزيد من الفساد ومن تراكم الضعف والأنزواء ، وكنت وكان أملي ان تكون الحكومة من ذوي الإختصاص والخبرة والحرص ، أولئك الغير مسيسين والغير متحزبين والغير طائفيين ، ولكن كل هذه الأماني ضاعت سدى ، بفعل هذا الإنبثاق الفاشل ، لكن أملي مازال ودعائي إن يستقيم الحال ويعود من فقد رشده إلى جادة الصواب ، وليتذكر الجميع إن لعنة التاريخ والناس لن تستثني كل رخيص أو لئيم . وتمنياتي للعراق الشعب والوطن الخير والعز ولن يكون ذلك ممكناً من غير الإتفاق على إن العراق بلد الجميع والكل فيه يجب ان يكونوا سواء ، أقول : ليكن هذا العام الجديد عام مختلف ولنكن فيه بقدر حجم المخاطر والتحديات ، وليكن شعار الجميع البناء والإعمار ونكران الذات والشعور بالمسؤولية الوطنية ، فوطننا العراق أغلى من كل غال ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أردوغان والوحدة
-
الخمر بين الحلال والحرام والإباحة
-
العام الهجري الجديد
-
الليبرالية الديمقراطية في مواجهة الطائفية والعنصرية
-
القرآن والمرأة
-
الليبرالية طريقنا للنجاة
-
حاجتنا لتشكيل نظام الأقاليم العراقية الثلاث
-
ماذا بعد تقرير ويلتكس
-
العراق بين خيارين
-
الليبرالية الديمقراطية من أجل الحياة
-
الإسراء والمعراج بين الوهم والحقيقة
-
مأزق الديمقراطية في العراق 2
-
معالم في الطريق إلى الليبرالية الديمقراطية
-
ماذا تريد تركيا ؟
-
مابين الليبرالية والرأسمالية من تفاوت
-
الليبرالية في الفكر النبوي
-
شركاء يتقاسمون الخراب
-
كيف نفهم الليبرالية ؟
-
قول على قول
-
الليبرالية والحكومة القوية
المزيد.....
-
المحافظون الألمان يسعون لكسب دعم اليمين المتطرف في البرلمان
...
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
-
إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
-
إضراب عمال “النساجون الشرقيون”
-
تسعة شهور من الحبس الاحتياطي.. والتهمة “بانر فلسطين”
-
العدد 590 من جريدة النهج الديمقراطي
-
اليمين المتطرف يحتفل برحيل أونروا من إسرائيل
-
الفصائل الفلسطينية تفرج عن دفعة جديدة من الأسرى بينهم أربيل
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|