|
الديموقراطية و ضمان تكافؤ الفرص امام الجميع
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3231 - 2010 / 12 / 30 - 22:30
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لم نحس لحد اليوم بوجود الفرص المتكافئة امام الجميع سوى كانوا افرادا او قوى سياسية او منظمات مدنية للمشاركة في العملية الديموقراطية الحقيقية و ما يخصها، سوى فيما تجري من الانتخابات بشكل عام او قدرة اي كان لخوضها او توفير المستلزمات الضرورية للجميع بالتساوي و الشكل المطلوب، او ضمان عدم استغلال المواقع و المناصب العامة و الامكانية المادية في اي موقع كان في تغيير مسار العملية الديموقراطية بالوجهة المرادة من قبلهم ، و يعمل كل حسب النظام و نسبة القدرة لدى البعض التي يمكنها التحايل على الاطر المحددة لاداء العملية ، و استغلال الثغرات المتوفرة لاجل اغراض و منافع خاصة. النظام العام و قانون اجراء الانتخابات و كيفية امراره في البرلمان و ما يتضمنه في اي بلد كان يتحمل العديد من الاراء، و لنا ان نتكلم عن ماموجود في العراق الذي يحمل تفسيرات و تحليلات شتى، و القضاء و دوره و مصالح القضاة واهتماماتهم و نزاهتهم و عفتهم لها الدور الهام في نجاح الديموقراطية و ما تتطلبها . النظام الانتخابي ورقة بيد الفائزين من الاحزاب و الكتل، فيديرونه كما يشائون و هم من يقرون القوانين و من ضمنها ما يخص بالانتخابات العامة، و ما يهمهم هو المصالح و ليس شيء اخر و هذا ما يفرض عليهم ان لا بفعلوا ما يهم مستقبل بلدهم قبل ما يخصهم بالذات، و هم مخضوعون لاوامر كتلهم و اعتبارات القرابة و الحزبية و العشائرية اكثر من غيرها. لذا اي قانون خاص بهذا الشان لابد ان يكون ذات ملامح و مضمون تفيدهم، و من هنا تبدا مسيرة عدم التكافؤ ،و هي بداية المرحلة و تجري ضمن مرحلة و مساحة، للمتنفذين دور فعال فيها، و تُركز الجهود في فترة امرار قانون الانتخابات، و ما تتطلبها تكون بعيدة عن ضمان فرص التكافؤ لجميع افراد المجتمع و ما يهمهم ، بل كل ما يصر عليه هؤلاء هو مصلحتهم الخاصة و ما يمكن ان يفيدهم في اي قرار او قانون يُصدر. الفرق الشاسع بين الغرب و الشرق الاوسط بالذات في هذا المضمار، هو وجود الاعلام الحر هناك و انعدامه هنا، عدا ما يمنع من ايجادها لمراحل مقبلة ايضا هنا، الا ان هناك ايضا يخضع هذا الاعلام الحر لتاثيرات الاقتصاد و المال بشكل خاص مع وجود نسبة الصحفيين المهنيين المستقلين المتمرسين هناك بعيدا عن انتماءات حزبية و سياسية، على النقيض ما موجود هنا ، و اختلاف التمويل و مصادرها وعلاقة الاعلام بالمشاركين في العملية الانتخابية ، و في جو يسيطر عليه عدم التوازن بين جميع المشاركين افرادا او قوى سياسية مع ما يصدر من الافعال تبين مدى عدم الالتزام بالمواثيق و الاعراف و الاتفاقيات و العهود الدولية، و هو الذي يمنعنا من قياس العملية الديموقراطية بشكل علمي و بالاخص ما تجري من الانتخابات بشكل عام ، و تكون بعيدة عن المعايير الدولية بشكل مطلق ان لم نبالغ. و كما للديموقراطية حكمتها في كيفية ادارة البلاد و التي ترضي جميع المواطنين و بنسب مختلفة، فانها قد يشوبها ما يعكر العملية و يعكس مسارها بحيث يمكن ان ينفر منها الشعب لو لم يتم ادراك الموققف و ما يسيء لجوهر العملية خلال فترة قصيرة، و بالاخص ما تسفر عنه نتائج الانتخابات نتيجة عدم التوازن بين المشاركين و الاخلال بالعملية و فقدان فرص التكافؤ و المساواة للجميع . و هنا يطرح سؤال مهم نفسه و هو كيف يضمن تكافؤ الفرص في العملية الانتخابية كاهم ركائز لتجسيد العملية الديموقراطية الحقيقية اذن، و الجواب يحتاج للتعمق في قراءة الجوانب المتعددة من حياة المجتمع سوى الثقافية العامة او السوسيولوجية او تاريخ المنطقة و نسبة الوعي العام الموجود و سمات و خصائص المجتمع و ما يتميز به . الا ان هناك ابواب رئيسية يمكن الدخول منها لنفصح عما يهم الديموقراطية و كيفية نجاحها ، الاحساس بالمسؤولية لدى الجميع بشكل عام و المتنفذين بشكل خاص ، ترسيخ التعددية و الشفافية و محاربة الفساد و تقليل من نسبته سنة بعد اخرى و بعد كل مرحلة، محاولة القضاء على الفقر و ردم الفسحة بين الطبقات و انهاء الجوع و ترسيخ السلام و المساواة بين الرجل و المراة ، و توفير العوامل الرئيسية للاقتراب من تامين حياة الفرد و المجتمع و ضمان رفاهه و سعادته الدائمة. و ربما ينعتنا البعض باننا دخلنا الى مجال المطالبة بالمدينة الفاضلة ، الا ان هذا هو الواقع و ما تتطلبه الديموقراطية الحقيقية لنجاحها و تطبيق جوهرها، فحينئذ يمكن الكلام عن ضمان تكافؤ الفرص و عدم خرق حقوق الاخر و حريته . اي ما تتضمن الديموقراطية كمفهوم عام من المفاصل الرئيسية تكون مترابطة و ذات علاقات متعددة الاتجاهات و الجوانب و لا يمكن فصلها عن البعض بشكل نهائي و قاطع، بل هناك من العوامل المساعدة التي تزيد من قوة علاقاتها و ترابطها بحيث يؤثر اي خلل في احداها على سائر العملية باركانها و اعمدتها المتوافرة، اي عملية متكاملة و لا يمكن تقسيمها او تجزئتها، هنا يمكن ان نقول ان النتائج الايجابية لها تكون ثمرة الارتباطات الوثيقة بين تلك المركبات و حاصل جمع ثمارها المختلفة التي لها علاقات متشعبة مع البعض. الديموقراطية بجوهرها الحقيقي تخص الفرد و العائلة و المجتمع في البيت و الشارع و مكان العمل كما تخص العملية السياسية و الاقتصادية و الثقافية العامة، و لا يمكن انجازها بشكل مثالي لو تعرج في احدى ركائزها او تاخر جزء عن الاخر، او في ظل ظروف غير متكاملة الاوصاغ و الخصائص المطلوبة، و في مقدمة المتطلبات المساواة و تكافؤ الفرص امام الجميع لاداء العملية و الايمان بها و التواصل معها بشكل جازم .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماوراء عدم اسناد منصب سيادي للمراة في العراق
-
هل يمكن تطبيق الديموقراطية الحقيقية دون اية انتخابات عامة ؟
-
هل المجتمع العراقي يتحفظ عن التجديد حقا؟
-
يجب ان لا يخضع حق تقرير المصير للمزايدات الحزبية
-
الديموقراطية في كوردستان بين ثقافة المجتمع و دور النخبة
-
الفضائية كخطوة اولى لترتيب بيت اليساريين بكافة مشاربهم
-
هل يضطر المالكي لتشكيل حكومة الاغلبية
-
الكورد بين مصالحة التاريخ و مخاصمته
-
مَن تختاره الكتل ليكون وزيرا في الحكومة العراقية
-
الديموقراطية و ما تجلى من دور الاحزاب في انتخابات معلمي كورد
...
-
دلالات النقاط المشتركة بين هوية الفيلية و الشبك
-
كيف تُمحى مخلفات عقلية البعث في العراق؟
-
ما يحدد العلاقات و طبيعة التعامل مع البعض
-
هل من مصلحة العلمانية محاربة الدين بشكل صارخ ؟
-
عوامل نجاح المالكي في مهامه الصعبة
-
التاثيرات المتبادلة بين العولمة و العلمانية
-
اين الثقافة الكوردستانية من القيم الانسانية البحتة
-
مرة اخرى حول الثراء الفاحش و الفقر المدقع المنتشر في منطقتنا
-
رفع العلم الكوردستاني في البصرة لعبة مكشوفة للجميع
-
مغزى انعقاد المؤتمر الدولي الكوردي السابع في مقر الاتحاد الا
...
المزيد.....
-
بمناسبة عيد الحب.. عرض إهداء براز أحد الحيوانات لحبيبك الساب
...
-
نائب أمريكي لـCNN: خطة ترامب -فضحت نفاق العالم العربي-.. وعل
...
-
الداخلية الروسية تحدد الشروط الإلزامية لدخول الأجانب إلى روس
...
-
عضو بالكونغرس: بايدن أنفق 10 ملايين دولار على تحويل الفئران
...
-
مصادر أمنية: قوات كييف تنقل جزءا من قواتها من دونباس باتجاه
...
-
كيث كيلوغ: الصراع في أوكرانيا لن ينتهي إلا بمفاوضات بين موسك
...
-
إيلون ماسك يحذر الجيش الأمريكي
-
خبير عسكري: المقاتلات الروسية تتفوق على ميراج 2000 الفرنسية
...
-
-الإجابة بسيطة-.. مصر ترد على إسرائيل بعد تصريحات بشأن تسليح
...
-
مسؤولون بالجيش الإسرائيلي يشككون بخطة ترامب لتهجير سكان غزة
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|