جمعة الحلفي
الحوار المتمدن-العدد: 968 - 2004 / 9 / 26 - 08:50
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
وصلتني رسالة، بالبريد الألكتروني، من الصديق الكاتب ليث الحمداني، يعلق فيها على موضوع (شخصية العراقي) والأسباب التي ساهمت في تكوين وبلورة هذه الشخصية. ويسألني قائلاً: ألا ترى معي أن الأحزاب (العراقية) ساهمت بشكل مباشر في تركيبة هذه الشخصية، فمنذ فتحنا أعيننا على العمل السياسي وكل حزب يثقف الناس بأنه، وحده، من يمتلك الحقيقة.
وأقول للصديق الحمداني، لاشك لدي في أن المتغيرات السلبية، التي طرأت على الشخصية العراقية هي متغيرات طارئة على هذه الشخصية، وهي نتاج لسياسات أحزاب ( البعث أولاً) ولظروف شاذة وغير طبيعية، ولسلسلة حروب وكوارث وحصارات، ولفترات عوز وفاقة، ولسلطة قمعية إستبدادية غاشمة، إذ لو كانت توفرت للعراقي، خلال العقود الثلاثة المنصرمة، حياة طبيعية آمنة، ومستوى مناسباً من العيش الكريم، وفسحة من التطور الروحي والنفسي والإنساني عامة، لكنا الآن أمام شخصية أخرى، فالعراقي سليل حضارة عظيمة ينظر لها العالم بإجلال وإعجاب. ولكن أما آن للعراقي أن ينفض الغبار عن روحه، وأن يراجع نفسه، وأن يبدأ من جديد؟ فما فعلته بنا الأحزاب والسياسات يجب أن لا يلتصق بجلودنا وأخلاقنا. ثم أن الظروف والأحوال قد تغيرت، فلم يعد هناك حجر على حرية الرأي، أو الفعل الخيّر والطيب. ولم يعد هناك صدام يقبع تحت ثيابنا، ولم يعد قول الحقيقة، أو قول الحق، صعباً، أو محظوراً، فلماذا لا ترتفع أصوات العراقيين ضد العبث بحياتهم، وضد القبح والجريمة والإبتزاز والتخريب؟ لماذا يقبل العراقي اليوم، أو يساهم، بصناعة أوثان وتماثيل جديدة، لشخصيات دنيوية، قد تتحول الى صدام جديد غداً أو بعد غد؟ لماذا يقبل العراقي بإحتضان أو بتسهيل مهمة قتلة ومجرمين وقطاع طرق ومدعي إسلام؟ لماذا يقبل عراقيون بإن تظل شوارعهم مليئة بأكداس القمامة، وهم يمرون من جنبها يومياً، أليست النظافة من وصايا الدين والرسول الكريم، للمؤمنين والمصلين ولعامة الخلق؟ لماذا يتستر العراقي على جاره الحرامي، الذي يسرق المال العام؟ وعلى ابن حارته، الذي يختطف الناس ويبتز أهاليهم؟ وعلى ابن مدينته، الذي يقتل الأبرياء بحجة مقاومة الإحتلال؟ وعلى ابن محافظته، الذي يريد عودة الطغيان والإستبداد؟
العراق، ياصديقي، مثخن الجراح ولا ينتظر من العراقي الفرجه فقط، بل ينتظر جهده وشجاعته وشهامته وحرصه وأدبه وثقافته وشعره وإيمانه ونخوته!
#جمعة_الحلفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟