|
تسنن التشيع.. نقد التجربة السياسية الإسلامية عراقياً
مرتضى عبد الرحيم الحصيني
الحوار المتمدن-العدد: 3231 - 2010 / 12 / 30 - 09:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إذا كان الشيعة يعيبون دوماً على السنة أنهم من اخترعوا ثنائية الفقيه والسلطان فأنه يجب علينا اليوم أن نمنح الساسة العراقيون الذي يحملون يافطة الإسلام براءة اختراع "تشيع سني" أو بإمكاننا تسمية الإسلام المطروح في السوق السياسي العراقي بعد 2003 انه إسلام شيعي قد جرى تسنينه . وتاريخيا فأن الإسلام السني كان المذهب الرسمي للدولة الإسلامية منذ تأسيسها بعد وفاة النبي وحتى نهايتها على يد التتار فقد كان هناك فصل تام بين سلطة الخليفة أو السلطان والفقيه وغني عن القول أن السلطان التهم سلطة الفقيه كليا حتى تحول الأخير إلى مؤسسة يديرها السلطان نفسه ويسيّرها حسب مصلحته . فيما لا يعترف التشيع بوجود كليهما كلٍ على حدة بل أن أول دولة شيعية في التاريخ دمجت بين المنصبين والسلطتين أو بتعبير أدق أعادت توزيعهما من جديد ليس على أساس أن السياسي غير الفقيه وان الفقيه له سلطة وحدود قد تختلف و تتفق أو تتقاطع أحيانا مع السلطان بل على أساس أن السياسة والدين واحد ولا يتم تقاسم إلا مسؤولية القيام بالوجبات التي يمليها اندماج تلكم السلطات ووحدتها من حيث أن هدفها واحد وهو قيادة الإنسان وليس تلبية متطلبات حياته فحسب بل تحديد متطلبات حياته وتشذيبها أيضا . عدم إمكانية وضع الإسلام الشيعي كمفردة ضمن نظام الحكومة ينبع من أن هدف الإسلام بنسخته الشيعية هو خلق أرضية إسلامية لمجتمع مسلم أخلاقيا وفكريا نبع ذلك من حمل التشيع طوال تاريخ الدولة الإسلامية راية المعارضة والاسلام الثوري يتم ذلك من خلال خلق مجتمع مسلم مؤمن يرغب ويود بالرقي والوصول إلى الهدف الإسلامي وبالتالي إنشاء حكومة إسلامية لا تطبق الإسلام ألطقوسي بقدر ما تبحث عما يحث المجتمع على الوصول به إلى المجتمع الإسلامي فهدف الإسلام مجتمع مسلم وإنسان مسلم وليس حكومة إسلامية لذلك لم يهتم الإسلام بنظام الحكومة بقدر ما اهتم بنظام حياة الإنسان المسلم الفردية بتفاصيلها و الأخلاق التي تنظم علاقة المسلم بالمسلم إذن الهدف هو خلق إنسان مسلم أو مجتمع مسلم .ولا يتم ذلك إلا من خلال نقطتين مجتمع راغب بالوصول إلى هذه النهاية والثاني حكومة إسلامية توجه الشعب الراغب هذا نحو الهدف المتفق عليه بين الطرفين إي أن الحكومة توجه وتهذب الشعب المسلم اليافع إسلاميا نحو النضج الإسلامي وهذا يختلف كليا عما نرى الآن مما تقوم به الحركات الإسلامية فهي تحاول الوصول إلى السلطة وان بشكل جزئي ( بإتلافها مع أحزاب أخرى لا تكون بالضرورة إسلامية ) بينما أن هذا لن يؤدي الغرض من تشكيل حكومة إسلامية وهي إعمال الأحكام الإسلامية التي تعني فرض القيمة الإسلامية الأخلاقية كميزان أخلاقي مجتمعي شامل فيما لا تمتلك الأحزاب الإسلامية فعل ذلك على اعتبارين الأول أنها جزء من الحكومة وليس كلها فهناك أحزاب غير إسلامية تشارك الحزب الإسلامي قراراته ثانيا أن الشعب لا يشكله فئة مسلمة واحدة فهناك من هو ليس بمسلم ولا يريد الوصول إلى الهدف الإسلامي من خلال إنشاء مجتمع مسلم وهذا يتعارض بشكل جوهري مع فكرة تأسيس مجتمع إسلامي فالبرلمان والأكثرية هي من يحدد القيمة الأخلاقية التي تؤسس القوانين فيما تؤسس القوانين حسب الأيدلوجية الإسلامية من خلال تبني منظومة أخلاقية متكاملة لا يجوز خضوعها للتصويت وربما وفي أفضل الحالات يتم التصويت على كيفية تطبيق تلك الأخلاقيات وحتى الشورى التي يحاول البعض طرحها كبديل عن الديمقراطية والانتخابات ما هي إلا نسخة مشوهة عن الديمقراطية تم اكتشافها وتزويقها كيفما كان كي تظهر بمظهر الشبيه الديمقراطية فالشورى هي دعوة لجميع المسلمين المشاركة في التوصل إلى أفضل طريقة لتطبيق أخلاقيات الإسلام الثابتة وليس للنقاش في طبيعة الأحكام فليس من شورى حول الحجاب أو شرب الخمر أو الزواج بأكثر من أربعة وان رأى المجتمعون من المسلمين أفضلية في ذلك بل النقاش في الأخلاقيات التي هي عماد الدين وغاية الدين وسبب البعثة . المحبة كيف يحب المسلم المسلم كيف يشعر به وكيف يضحي من اجله ومن اجل الأخلاقيات وإعلاء كلمة الدين الإسلامي الثابت حقه على حتى من لا يعترف بذلك يجب إجبار الشخص على تقبل علاجه فالإنسان غير المسلم كما يرى النبي محمد (ص) هو إنسان لديه خلل في الرؤية يجب أن يخضع إلى علاج لا يوفره إلا وجود حكومة إسلامية فوق رأسه تربيه وان لم يكن مسلما. عليه فان الدولة الإسلامية التي يحلم بها ابن أبي طالب كمرجعية أعلى للتشيع وان لم يكن مؤسسا هي البدء من المجتمع لتشكيل أكثرية طفيفة ترغب بالوصول إلى الهدف الإسلامي المنشود ومن ثم الوصول إلى السلطة وذلك بشكل كلي لا ائتلافي , ليتم تحكيم الأخلاقيات الإسلامية التي تمثل العمود الفقري للحكومة الإسلامية قبل وزاراته وهيئاته وحتى اقتصاده دون نفي أهمية الأخير . حاولنا أعلاه إخضاع النظرية الشيعية للتفكيك من اجل فهم نتاج الصحوة الإسلامية في العراق والتي كانت في الأعم الغالب شيعية ومحاولة الوقوف على مدى نجاحها في الوصول إلى الأهداف التي تقع في عمق المنظومة العقائدية للمذهب الشيعي . بناءا على ذلك نرى أن الخارطة الجينية لولادة الدولة الإسلامية الشيعية المنقولة أعلاه طُبقت مرتين في كلٍ من النموذجين الخاضعين للدراسة على يد الشهيد محمد باقر الصدر مرة وفشلت لأسباب سياسية بحته. والثانية من خلال الخميني الذي انتظر طويلاً قبل أن يعلن تشكيل الجمهورية الإسلامية فقد استغرق إقناع الشعب الإيراني بتجشم عناء الوصول إلى المجتمع المسلم طويلا قبل البدء بمسيرة الاتجاه نحو هذا الهدف الذي نرى انه مازال عليهم الكثير للوصول إليه لذلك نرى انه على الساسة الإسلاميين ليس في العراق فحسب و إنما في جميع أنحاء العالم التحلي بالشجاعة واختيار أمرين الأول : التخلي عن السياسة كلياً والتفرغ إلى إيصال المجتمع المسلم إلى مرحلة انطلاق الثورة الإسلامية و إعادة بعث الروح في جسد الأمة الإسلامية . الثاني : البقاء في العمل السياسي ولكن بعد حذف عبارة الإسلامي أو الإسلامية من على اليافطات التي يرفعونها أمام مقرات أحزابهم(1) على من يدعي أنه وصل إلى الهدف المنشود من الخيار الأول إعلان المطالبة بديكتاتورية الحزب الإسلامي كطريقة للحكم والابتعاد عن ادعاء أن الإسلام ديمقراطي فان ابعد شئ عن المؤمن هو الكذب
بالنسبة للإسلام السني في العراق وان لم يضطلع بدور مهم في الصحوة الإسلامية في العراق فأنه و رغم حداثة سنه تحول إلى إسلام متوحش لا يمكن له أن يتألف مع هذا العصر باعتبار انه اختصر في أكثر الأحيان في إسلام القاعدة فما يجري الآن على الساحة العراقية هو تحويل الدين الإسلامي من قانون كان يفترض أن يتم التعامل معه كندٍ وكبديل للتجربة الغربية و والشرقية سابقاً فأنه تحول إلى مفردة في الحياة الليبرالية الديمقراطية ولابد من التذكير بأني لست بصدد الحكم على إمكانية إقامة نظام إسلامي بإمكانه أن يكون بديلا للنظام الديمقراطي الليبرالي بل ما يهمنا في الأمر هو الوصول بدقة وحيادية إلى ما وصلت إليه حركة اجتماعية نحاول تقصي نتائجها والتي أطلقنا عليها أسم "الصحوة الإسلامية" فهل كان هدف الحركات الإسلامية إلى انتشرت منذ بداية الخمسينات هو بناء نظام ديمقراطي تعددي تكون الأحزاب الإسلامية جزء منه ؟! ام بناء دولة إسلامية سؤال على ابناء الحركة الإسلامية البحث في الاجابة علية بشكل جدي . --------------------------------------------------- 1- في ماليزيا تم منع أي حزب أو تجمع سياسي يحمل اسم الإسلامي باعتبار أن الجميع مسلمين و لا حاجة للمزايدة وادعاء ان الإسلام مع طرف معين هذا كان تعليل الحكومة الرسمي على تشريع ذلك القانون.
#مرتضى_عبد_الرحيم_الحصيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنحسار الصحوة الإسلامية وتدجين الدين
-
هل نفي الشيطان من الغرب ليعيش في الشرق
-
تغيّر العالم ,حدودٌ تخبو وأخرى تُرسم
-
المساواة الثقافية كإشكالية تُهدد النظرية الديموقراطية
المزيد.....
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|