أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صاحب الربيعي - المؤسسات الدينية والسلطة في الوطن العربي















المزيد.....

المؤسسات الدينية والسلطة في الوطن العربي


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 968 - 2004 / 9 / 26 - 09:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


موقف فضلاء الدين من السلطة السياسية في الوطن العربي، يمكن تلخيصه بثلاثة مواقف تبعاً لتوجهات المؤسسات الدينية الأكثر بروز على الساحة السياسية. فالموقف الأول: تدين المؤسسة الدينية بالولاء للسلطة السياسية، وتستخدمها السلطة كأداة في قمع الآراء المخالفة أو لإصدار الفتاوى المؤيدة لمواقفها السياسية خاصة منها الملتبسة والمتعارضة مع قناعات المجتمع.
أما الموقف الثاني: تكون المؤسسة الدينية متطرفة وتجتزأ النصوص لإصدار الفتاوى ضد جميع مخالفيها بالرأي ومنها السلطة السياسية، وغالباً ما تستخدم هذه المؤسسة العنف والقتل والتهديد لفرض آراءها على المجتمع.
والموقف الثالث: تمثله المؤسسة الدينية الرافضة للتدخل بشؤون السلطة الدنيوية، وتعمد لترك مسافة بينها وبين السلطة، وتجد أن مهمتها دينية صرفة ويجب أن لا تتعدى ذلك. ولكن في حال عمدت السلطة على التدخل في شؤونها، فأنها تميل إلى التحريض ضدها ويمكن أن يتطور موقفها لإعلان معارضتها للسلطة.
واختلاف تلك المواقف من السلطة السياسية، يعود لاختلاف التوجهات الدينية لكل مؤسسة. ولتسليط الضوء على توجهات تلك المؤسسات وتبلور مواقفها نبحث:
1-المؤسسة الدينية الموالية للسلطة السياسية:
تعتقد أن الحاكم ولي لأمر المسلمين يتوجب طاعته عملاً بالآية الكريمة (وأطيعوا أولي الأمر منكم..) وبهذا فإنها توظف رجالها وآلياتها لخدمة السلطة السياسية، مقابل منافع ذاتية تقدمها السلطة للقائمين عليها. وفي الغالب القائمين على رأس هذه المؤسسة من موظفي السلطة، أي أن للسلطة اليد الطولى في تعين أو فصل من يعارضها في هذه المؤسسة.
ولم يسجل التاريخ لهذه المؤسسة موقفاً متعارضاً مع السلطة، حتى حين تمارس السلطة إرهابها ضد أفراد المجتمع!.
ويرى ((غالي شكري)) "أنه في الستينات من القرن المنصرم، أفتى الشيخ الجليل ((محمود شلتوت)) الأمام الأكبر للجامع الأزهر بأن الصلح مع إسرائيل حرام. وفي السبعينيات منه أفتى الشيخان ((عبد الحليم محمود)) و ((محمد متولي الشعراوي)) كان الأول شيخ الأزهر والثاني وزير الأوقاف فتوى بأن الصلح مع إسرائيل حلال، وبارك كلاهما اتفاقيات ((كامب ديفيد)). أين يقع الدين هنا؟ لنقل إقحام الدين في شؤون الدولة يوقع الناس في حيرة شديدة بين المواقف المتضاربة للناطقين الرسمين باسم الدين. وفيما بعد أفتى شيخ الأزهر بأن فائدة البنوك هي الرّبا بعينه، والرّبا محرم نصاً، بينما أفتى مفتي الديار المصرية بأن الفائدة حلال. ووقف بعض مشايخ الدين إلى جانب شركات توظيف الأموال، ووقف غيرهم ضدها. أين الدين من كل ذلك؟ ألا يقود التحرر من شؤون الدولة إلى موقع حصين لا يمس، هو الضمير والقيم الأخلاقية وإلى مسؤولية الإنسان الخالصة عن نتائج ما يمليه عليه الضمير وما يحركه من قيم؟".
لم يقتصر موقف تلك المؤسسة على التمهيد لقرارات السلطة السياسية على المستوى الخارجي، وإنما أنسحب لتأييد قراراتها على المستوى الداخلي التي تنال من قوت الشعب. وتلك القرارات الجائرة للسلطة وحدة القوى السياسية بالرغم من اختلافها بشؤون سياسية عديدة، لكنها اصطدمت بجدار الفتوى الصادرة عن تلك المؤسسة الدينية لصالح السلطة وضد مصالح المجتمع.
ويرى ((محمد فتحي)) "أنه في يناير العام 1977 حينما تظاهر المواطنون المصريون احتجاجاً على الارتفاع الجنوني في الأسعار وتوفير الخبز، تصدت السلطة بكل وسائل القمع لتلك المظاهرات ولكنها لم تصل إلى الحسم. لذا لجأت السلطة إلى علماء الأزهر لتهدئة الوضع، وخرج شيح الأزهر ((عبد الحليم محمود)) بفتوى يؤكد فيها: بأن هذه الاحتجاجات من أعمال الشيطان يراد بها الدمار لمصر وشعبها، وأن الاشتراك في أعمال الشغب هذه بمثابة خروج على الدين وداعياً المواطنين إلى التصدي بأنفسهم لمن يشترك في هذه الفتنة. وبعدها خرج وزير الأوقاف ((محمد متولي الشعراوي)) ليؤكد ويدعم فتوى زميله في الأزهر، وبهذا فأن السلطة أخمدت المظاهرات من خلال رجال الدين".
وهذا الموقف يخالف ما ذهب إليه أحد الصحابة من المسلمين ((أبي ذر الغفاري)) حين قال: عجبت ممن لم يجد قوت يومه، ولا يشهر سيفه.
هذا النهج المعتمد للمؤسسة الدينية مع السلطة السياسية، يمكن لمسه بوضوح أبان حكم طاغية العراق حيث برروا له كتابة القران الكريم بدمه. وصادقوا على ادعائه بالنسب لعائلة الرسول محمد (ص)، وقاموا بالدعاء له في المساجد بعد صلاة الجمعة، وزورا الحقائق لتبرير المقابر الجماعية وقتل الأبرياء!.
2-المؤسسة الدينية المعادية للسلطة السياسية:
تضم في صفوفها كل التيارات السلفية (التكفيرية) المتخذة من العنف والقتل سبيلاً لفرض توجهاتها ليس على السلطة السياسية حسب، بل على سائر مخالفيها بالرأي. وما ممارسات قتل الأبرياء وتفجير الأماكن العامة في سوريا ومصر والجزائر إلا دلالة على تلك التوجهات العنفية لاستلام السلطة!. ثم جاء دور الأفغان-العرب لإكمال مسلسل القتل والتمثيل بالجثامين وحز الرقاب وفرض التوجهات السلفية ليس على المسلمين فقط، وإنما على سائر أبناء الديانات السماوية الأخرى.
قال النبي محمد (ص) نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها، وبلغها من لم تبلغه. يا أيها الناس: ليبلغ الشاهد منكم الغائب فرب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
إن استخدام النص القرآني المجتزأ لتبرير أعمال العنف والقتل ضد المخالفين بالرأي، وفرض الأحكام (الشرعية) على سائر البشر متعارض والكثير من الأحكام والنصوص والسنة والاجتهاد لمؤسسات دينية عديدة. ويسيء للديانة الإسلامية الداعية أحكامها للتسامح والعدل والموعظة الحسنة. وهناك من فضلاء الدين من يجد أن الأحكام تتغير وفقاً للزمان، ولا يجوز فرضها لاختلاف الزمن والناس كونها تجلب الضرر على الناس.
ويرى ((أبن عابدين)) كثير من الأحكام، يختلف باختلاف الزمان لتغير عرف أهله ولحدوث ضرورة أو فساد الزمان بحيث لو بقي الحكم على ما كان عليه لزم منه المشقة والضرر بالناس ولخالف قواعد الشريعة الإسلامية المبنية على التخفيف ورفع الضرر.
ونقل عن ((الزيلعي)) قوله: إن الأحكام قد تختلف باختلاف الزمان.
ويرفض قسماً فضلاء الدين استخدام النص الشرعي لإيقاع الضرر بالناس، ولا يجد ضيراً من تعطيل النص في حال تعارضه مع المصلحة العامة. ويعتقد (( الأمام الطرفي)) إذا تعارض النص مع المصلحة، قدمت المصلحة على النص.
3-المؤسسة الدينية المقتصرة على الشؤون الدينية:
يرفض القائمين عليها بأي تدخل بشؤون السلطة الدنيوية، بل يتوجب ترك مسافة آمنة بينها وبين السلطة. وتعتقد أن مهمتها تقتصر على الشؤون الدينية، وتوعية العامة من الناس بشؤون الدين. ويعود اقتصار عملها على الشؤون الدينية، لتعرضها للاضطهاد والتنكيل من قبل السلطات لقرون عديدة مما دفعها لتوخي الحذر والانعزال عن الشؤون الدنيوية.
وهناك من خرج عن هذا التوجه للمؤسسة، ووجد أن مصالح المسلمين عندما تتعرض للانتهاك من قبل السلطة السياسية يتوجب على قيادة المؤسسة التدخل لرفع الحيف والظلم عن المسلمين ومواجهة الحاكم المستبد بكل السُبل!.
وقاد هذا التوجه لمقارعة الحاكم المستبد عدد من فضلاء الدين لهذه المؤسسة ومنهم ((الخميني)) الذي قاد الثورة في إيران واستولى على السلطة السياسية.
وهناك صراع محتدم بين فضلاء هذه المؤسسة لتغيير توجهها نحو منح الشرعية باستخدام كافة الوسائل لاستلام السلطة السياسية، والجمع بين السلطتين الدينية والدنيوية لفرض توجهات المؤسسة على المجتمع.
الخيارات المتاحة لفرض الاشتباك بين الدين والدولة:
كما يلاحظ هناك توجه عام لدى المؤسسات الدينية في الوطن العربي للمشاركة في العملية السياسية ولربما الجمع بين سلطتين (الدينية والدنيوية) ولكن الخلاف بينها بالوسائل والآليات للمشاركة في العملية السياسية!. وهذا التوجه يقلق الحكام العرب خاصة التوجهات العنفية منها، لذا عمدت لاستخدام كل وسائلها السلطوية لاستئصالها مرة بإعطاء دور للمؤسسة الأولى واستخدام العنف المفرط مع المؤسسة الثانية، ونهج المهادنة مع المؤسسة الثالثة!. كما أنها عمدت لإعطاء هامش من الديمقراطية، وإجراء انتخابات صورية وبرلمانات زائفة لتخفيف حدة الاحتقانات في المجتمع.
ويعتقد الشيخ ((محمد الغزالي)) نقل الشرق الإسلامي صورة للديمقراطيات الغربية في مرحلة هابطة من تاريخه، صرعته فيها مواريث جاهلية وخدعته تقاليد استعمارية سفيهه فماذا حدث؟ تم تزوير الانتخابات على نحو مذهل وشقت الوثنيات السياسية وسط هالة من تأييد شعبي كاذب!. لو أن بعثة من النقاد والرواد زارت مزبلة التاريخ لوجدت في رغامه عدداً من زعماء العرب قتلوا الآلاف المؤلفة لتكون لهم أمجاد ولتهتف بأسمائهم البلاد.
ليس هناك خيارات كثيرة لفض الاشتباك بين الدين والدولة سوى بعملية فصل الدين عن الدولة. واعتماد خيار الأنظمة الديمقراطية في الوطن العربي، وحينها يصبح من حق كافة الفعاليات السياسية والفعاليات ذا التوجه الديني المشاركة في العملية السياسية بشرط الالتزام بمبادئ الدستور المعتمد والاحتكام لصناديق الاقتراع ونبذ العنف ورفض نهج الإقصاء للتوجهات الفكرية المخالفة.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع السلطات بين الدين والدولة
- أنماط التداخل والحدود بين الثقافة والسياسة
- توظيف التاريخ والأعراف الاجتماعية لخدمة العملية الديمقراطية
- معوقات التغير والتحديث في المجتمع
- المنظومات الشمولية والديمقراطية واللبيرالية بين الممارسة وال ...
- الديمقراطية تعبير عن الذات والحب
- السلطة الديمقراطية والمجتمع
- الأهداف والتوجهات في الفكر الشمولي والديمقراطي
- المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي
- المبادئ الجديدة للإصلاح في النظام الديمقراطي
- شرعية الأنا ومقومات الذات
- المنظومات الشمولية والذات الإنسانية
- *مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 3-3
- *مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 2-3
- *مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 1-3
- *مواقف دول الشرق الأوسط من النظام الشرق أوسطي 2-2
- *مواقف دول الشرق الأوسط من النظام الشرق أوسطي 1 -2
- نصائح مهمة للكاتب للتعامل مع دور الطباعة والنشر في الوطن الع ...
- محنة الكاتب والقارئ العربي
- محنة الكاتب مع أجهزة الرقابة الحكومية والسلفية على الثقافة


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صاحب الربيعي - المؤسسات الدينية والسلطة في الوطن العربي