أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - القرآن والواقع الاجتماعى (13 ) :( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ )















المزيد.....

القرآن والواقع الاجتماعى (13 ) :( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ )


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3230 - 2010 / 12 / 29 - 22:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


القرآن الكريم لغة الحياة ، وما يقوله القرآن عن البشر يتجسد واقعا في حياة الناس ولا تملك إلا أن تقول ، صدق الله العظيم "
( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ( البقرة 195 )
أولا :
يحرم القرآن الكريم اكتناز الأموال والذهب والفضة "( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ)( 9/34: 35")
ويتوعد رب العزة فى القرآن ـ مرتين ـ ذلك الذي ينشغل باكتناز الأموال بأن يكون عذابه في الدنيا من خلال أمواله وأولاده: (فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ) (وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) ( 9/55 ، 85 )، ويحذر القرآن من تركز الثروة وما تؤدي إليه من وقوع انفجار في المجتمع من الداخل أو من الخارج ، وهي التهلكة التي تنتظر أي مجتمع تتسع فيه الفجوة بين الأغنياء المترفين ، والفقراء الجائعين، يقول تعالي "( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ( البقرة 195 ) .
هذا هو الإسلام ،ولكن الإسلام في واد والمسلمون في واد آخر ، ولهذا عرف المسلمون في تاريخهم كثيرا من المهالك ــ التهلكة ــ كان سببها ما حذر منه كتاب الله ، أي تركز الثروة في أيدي المترفين علي حساب الجائعين . ونضرب اليوم مثلا تاريخيا من الدولة العباسية المترفة التي واجهت ثورة الزنوج الجائعين (255ـ 270هـ).
ثانيا :
1ـ والحديث عن ترف العباسيين يستغرق مجلدات ، ولكن نكتفي منه ببعض اللمحات .
فقد ظهر ترف العباسيين في منحهم الأموال في سفه للشعراء المنافقين ، فالشاعر مروان بن حفصه مدح الخليفة الهادي فأعطاه ( 130 ألف دينار ) والرشيد أعطي الشاعر منصور النمري ( مائة ألف) وأعطي اسحق الموصلي(200 ألف).
2 ـ وتحدث المؤرخون عن تبذير الأموال الذي ظهر في حفل زواج الخليفة المأمون من بوران بنت الوزير الحسن بن سهل . فقد كتب الوزير أوراقا فيها أسماء ضياع وثروات وجعلها في بندق ونثرها علي الحاضرين فكل من أخذ واحدة كسب ماهو مكتوب فيها ، ويقول المسعودي إن الوزير نثر الأملاك والأموال مالم ينثره ولم يفعله ملك قط في جاهلية ولا في إسلام ..!! ويقال إن جملة ما أنفقه يبلغ ( 50 ألف ألف درهم ) ..!!
وكان الوزير يجري علي طريقة خليفته المأمون ، فقد وصل للخليفة إيراد وصل إلي( 30 مليار درهم ) ففرق علي أتباعه ( 24 مليار) منها .
3 ـ وكان الذهب حلية العباسيين ، وكان الخليفة المعتز ( الذي قتل في السنة التي قامت فيها ثورة الزنج) أول من جعل الذهب في سرج دوابه ، وكان له تاج من الذهب وقلنسوة من الجواهر ووشاحان مليئان بالجواهر. وقد ثار عليه قواده من الأتراك فعزلوه من الخلافة وأقاموه في الشمس يلطمون وجهه ويقولون له : اعزل نفسك ، ثم بعد أن عزل نفسه قتلوه عطشا ، واختفت أمه ثم ظهرت بعد أن صالحت القائد التركي ابن وصيف فعفا عنها في نظير ما أعطته من أموال قيمتها( 3، 1مليون دينار) وجواهر قيمتها (2مليون دينار).
4 ـ وتولي بعده الخليفة المهتدي الذي جنح للزهد ورفض الترف ، فأمر بإخراج أواني الذهب والفضة وضربها دراهم ودنانير ورفع فرش الديباج وذبح الكباش التي كان الخلفاء يتسامرون بمناطحتها. ولكن سرعان ما ثار القواد الأتراك عليه وقتلوه .
وتولي بعده الخليفة المعتمد الذي واجه ثورة الزنج ، وعاد لسيرة آبائه في الترف فقد كان له وراق يكتب شعره بماء الذهب ، وانتهي أمره إلي أنه كان يريد الدرهم والدينار فلا يستجيب له أحد . وقال ذلك الخليفة البائس في ذلك شعرا :
أليس من العجائب أن مثلي
يري ماقل ممتنعا عليه
وتؤخذ باسمه الدنيا جميعا
ومامن ذاك شيء في يديه

ثالثا :

1ــ وكانت ثروة المترفين في العصر العباسي ترجع إلي مجهودات الزنوج وعرقهم .. !!
فقد نشأ الإقطاع الزراعي من خلال الملكيات الواسعة التي كان يقطعها الخليفة لأتباعه ، وكان من أهم هذه الأراضي مناطق كثيرة من الأراضي البور في منطقة البطائح بالبصرة . ووقع علي الزنوج العبيد عبء استصلاحها، وتخصص التجار في استجلاب هؤلاء الزنوج من أفريقيا إلي جنوب العراق وحول الخليج ، وتكدست بهم هذه المنطقة ، حيث عملوا في استزراع الأراضي تحت ضرب السياط وسوء التغذية ، يحملون علي البغال الطبقة الملحية التي تكونت بفعل ظاهرة المد من الخليج العربي ، ويكشفون عن التربة الزراعية تحتها ، ويقومون بنقل أكوام الطبقة الملحية إلي حيث تباع بعد التكرير والبخر ملحا للغذاء .
وفي نظير هذا العمل الشاق كانوا يحصلون علي غذاء بائس من تمر وسويق ، في الوقت الذي كان فيه المترفون في بغداد بجانب الخليفة يأكلون طبق ( الجام) وهو ألسنة السمك ويبلغ ثمنه أكثر من ألف درهم !!
2ــ لذا كانت معسكرات الزنوج وقودا لثورة الزنج التي قادها علي بن محمد.
وقد ادعي النسب العلوي والتشيع ودعا للثورة في المنطقة بين الأعراب ثم ما لبث أن تحول للمذهب الخارجي حين وجه نظره لمعسكرات الزنوج ، وفي كلتا الحالتين استغل سوء الأوضاع والفجوة الهائلة بين الفقراء المعدمين في جنوب العراق وحول الخليج وبين المترفين في بغداد حول قصور الخلافة العباسية .
وقد استمرت ثورته من 225 ــ 270هـ . وتكاثر أتباعه ولم تتغلب عليه الدولة العباسية إلا بشق الأنفس .وقد دخل الزنج البصرة وأعمالها وخربوها وسبوا النساء وأحرقوا ما وجدوه ، وأعقب ذلك الوباء الذي أفني خلقا لا يحصون ، وذكر الصولي إن صاحب الزنج قتل من المسلمين نحو مليون ونصف المليون ، وأنه قتل في يوم واحد بالبصرة نحو ثلاثمائة ألف وكان له منبر في مدينته يصعد عليه يسب فيه الصحابة ، وقالوا أنه كان ينادي علي المرأة الهاشمية في معسكره بدرهمين وثلاثة دراهم لمن أراد شراءها، وأنه كان عند الواحد من الزنج العشر من السبايا الهاشميات يطؤهن ويستخدمهن ..
أبعد هذا تهلكه؟!
3ــ قبيل ثورة الزنج كان الخليفة المهتدي في جنوحه للزهد يقول لقومه : يابني هاشم دعوني حتى اسلك مسلك عمر بن عبد العزيز فأكون فيكم مثل عمر بن عبد العزيز في بني أمية .. ولكنهم تخلوا عنه وتركوه وحده يحارب الثائرين عليه من القواد الأتراك حتى قتل ، وتولي المعتمد العباسي فزينوا له أن يسير مسيرة أسلافه في الفساد والترف ، وكانت النتيجة أن أصبحت الحرائر من نساء بني هاشم سبايا في أيدي الثائرين من الزنج !!

أخيرا ـ ونخشى أن يكون قدر هذه المنطقة أن تشهد صراعا هائلا بين المسلمين ، سببه تلك الفجوة الهائلة بين المترفين والمعدمين .. ..
ولا يزال الدرس باقيا .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدرة البهية فى المسألة الصينية : الصينيون قادمون .!!
- الى متى تظل مصر مطية راكب ؟ ..
- بداية محاكم التفتيش في تاريخ المسلمين
- إسرائيل بين ذبح البقرة وعبادة العجل
- بيان من المركز العالمى للقرآن الكريم ردّا على فتوى قتل البرا ...
- لكل نفس بشرية جسدان: ) 16 ): التوبة بين الإيمان والعمل
- واخيراً .. لا مفرّ من الدم ..!! رسالة الى البرادعى والنخبة ا ...
- وضاع شادى
- العلمانية بين الاسلام والأديان الأرضية
- من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى ) 12 ) ( إِنَّ رَبّ ...
- سلاّمة القس
- لكل نفس بشرية جسدان ( 15 ):التوبة والصراع بين الخير والشر فى ...
- ( تقتل زوجها انتقاماً لابنها)( إغتيال الخليفة مروان بن الحكم ...
- لكل نفس بشرية جسدان: ) 14 ) : التوبة وتطهير الجسد الأزلى.موع ...
- فى ظل تطبيق الشريعة : بنت السلطان تقع في غرام فضيلة الشيخ
- لكل نفس بشرية جسدان: ) 13 ) : التوبة الأخروية بين الجسد الما ...
- لكل نفس بشرية جسدان: ) 12 ) : التوبة بين الجسد المادى والجسد ...
- الاعرابى وزوجته الحسناء بين معاوية وابن أخته
- الخليفة الفاطمى عاشق البدويات ..!!
- عاتكة زوجة الشهداء


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - القرآن والواقع الاجتماعى (13 ) :( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ )