أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - استفتاء أم استثناء؟















المزيد.....

استفتاء أم استثناء؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3230 - 2010 / 12 / 29 - 17:34
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


القاعدة في القانون الدولي المعاصر وفي العلاقات الدولية المعاصرة هي عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال أو بالنتائج التي يتمخض عنها الاستيلاء على الأراضي وضمّها بالقوة، لاسيما عن طريق العدوان، وهو الأساس الذي قامت عليه الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو العام ،1945 وما درجت عليه قراراتها، لاسيما الصادرة عن الجمعية العامة، أو حتى ما يطلق عليه “الشرعية الدولية”، والمقصود بها في الغالب قرارات مجلس الأمن، وهذه هي الأخرى اتّخذت مواقف في غالبيتها الساحقة لا تتعارض مع مبادئ القانون الدولي، لاسيما عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال ورفض ضم الأراضي المستولى عليها بالقوة، وإن كانت أحياناً وبسبب اختلال توازن القوى وتغليب المصالح الأنانية الضيقة تجانب الحقيقة أو تزوغ من استحقاقاتها أحياناً، الأمر الذي يُظهر تناقضاً في بعض الأحيان، بين ما يسمّى بالشرعية الدولية، التي هي اتفاق مرهون بتوازن القوى الدولية في لحظة معينة على قرار يعبّر عن التوافق بين القوى الكبرى المتنفذة والمتسيّدة في العلاقات الدولية، وبين قواعد القانون الدولي المعاصر، حيث تتجلى أحياناً المفارقات والمساومات، لاسيما إزاء الشعوب المُستَضعَفة .

إن هذه المقدمة النظرية تبدو بديهية لا على مستوى الفقهاء فحسب، بل على النطاق الدولي والدبلوماسي، باستثناء “إسرائيل” التي لها قانونها الدولي “الخاص” أو حيث يصبح القانون “الإسرائيلي” فوق القوانين . ففي سابقة خطيرة، بل هي الاولى من نوعها في تاريخ العلاقات الدولية المعاصرة، أصدر الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) قانوناً جديداً يوم 22/11/2010 يقضي بإجراء استفتاء عام على أية اتفاقية تتضمن الانسحاب “الإسرائيلي” من الأراضي العربية التي ضمّتها اليها سابقاً .

وحسب القانون “الإسرائيلي” الذي حصل على أغلبية 65 صوتاً ومعارضة 33 صوتاً فإن عدم موافقة الكنيست على اتفاقية الانسحاب بأغلبية الثلثين (أي 80 نائباً أو أكثر) يقضي بطرح المسألة على الاستفتاء العام . ويأتي صدور هذا القانون بعد قرار اتّخذه الكنيست “الإسرائيلي” بشأن “المواطنة النقية” أي الإقرار “بيهودية الدولة” وأداء قسم الولاء لها، في محاولة لتفريغ ما تبقى من عرب فلسطين، سكان البلاد الأصليين من وطنهم وترحيلهم أو سلب ما تبقّى لهم من حقوق على أرضهم .

ولا يحتاج الباحث إلى عناء كبير لدحض محاولات تكييف القانون “الإسرائيلي” الأخير بشأن الاستفتاء، لكن استعراض بعض الحقائق والوثائق الدولية، كفيل برد حجج “إسرائيل” والقوى المتنفذة التي تشجّعها أو تتغاضى عن سلوكها، بحيث يتحوّل ما هو أساسي إلى ثانوي وتصبح المناقشات العقيمة بشأن تجميد الاستيطان من عدمه هي الأساس، في حين أن القضية تتعلق بحق تقرير المصير والانسحاب الكامل .

إن قواعد القانون الدولي الانساني، لاسيما اتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام 1977 لا تعطي أية شرعية للمحتل باجراء تغييرات ديموغرافية أو قانونية أو اقتطاع أجزاء أو ضمّها من الإقليم المحتل، بل تفرض عليه ضرورة احترام المكوّنات القائمة والعمل على توفير مستلزمات إدارة السكان المحليين لها، ولعل أيّ إجراء من هذا القبيل يعتبر باطلاً ولاغياً ولا شرعياً . وقد صدر عن مجلس الأمن العديد من القرارات التي تؤكد عدم شرعية الاحتلال “الإسرائيلي”، واعتبار الأراضي التي ضمّتها “إسرائيل” “أراضي محتلة” بما فيها القدس، وقضت تلك القرارات ببطلان اعلان “إسرائيل” ضم القدس أو اعتبارها عاصمة لها، حيث تعتبر القدس منذ قرار الجمعية العامة رقم 181 الصادر في 29/11/1947 “مدينة مدّولة”، الأمر الذي يضع المركز القانوني للجزء الغربي منها محل تساؤل قانوني عندما أقدمت إسرائيل على ضمه في العام 1949 .

كما ان القرار 194 بشأن حق العودة الصادر في 11/12/1948 نصّ على “تدويل القدس” وأنشأ لجنة تحقيق لوضع نظام دائم للتدويل، ودعا قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد عدوان 5 يونيو/حزيران العام 1967 إلى إلغاء التدابير المتّخذة لتغيير وضع مدينة القدس (قرار ج . ع في 4 يوليو/تموز 1967) .

ولعل قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر في 22/11/1967 كان قد دعا إلى انسحاب القوات “الإسرائيلية” من الأراضي المحتلة، وإيجاد تسوية عادلة للاجئين الفلسطينيين، أي انه لم يعترف بشرعية الاحتلال أو الاستيلاء على الأراضي وضمّها بالقوة، بما فيها القدس، وكذلك القرار 338 الصادر في 22/10/1973 والذي صدر اثر حرب اكتوبر تنفيذاً للقرار 242 قضى بانهاء الاحتلال “الإسرائيلي” للضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة .

وعندما أقدمت “إسرائيل” على ضمّ القدس الشرقية والجولان السورية اليها أصدر مجلس الأمن قرارين يقضيان ببطلان ضمّ الأراضي بالقوة والمطالبة بالانسحاب، وكان القرار الأول قد صدر بشأن القدس في ،1980 أما القرار الثاني فقد صدر بخصوص الجولان السورية العام 1981 .

سقتُ أرقام وتواريخ القرارات الدولية والنصوص القانونية، التي تدين “إسرائيل” وتمنع عليها وعلى اداراتها فرض قوانين جديدة أو تغيير قوانين الاقليم المحتل، بهدف تبيان أن القانون الإسرائيلي الأخير يعتبر باطلاً من أساسه، سواءً حصل الاستفتاء أو لم يحصل، وسواءً وافق المحتل أو لم يوافق، لاسيما إذا تعلّق الأمر بالانسحاب، لأن المناطق التي ضمّت إلى “إسرائيل” واعتبرت ضمن السيادة “الإسرائيلية”، هي مناطق واقعة تحت الاحتلال، والاحتلال في القانون الدولي هو: عمل مادي وليس تصرفاً قانونياً فحسب، ويعتبر حسب قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية جريمة تستحق العقاب، لاسيما بموجب قرار الجمعية العامة 1514 (الدورة الخامسة عشر للجمعية العامة للأمم المتحدة) الصادر في 14 ديسمبر/كانون الأول 1960 .

وبما انه تصادف الذكرى الخمسين لصدور هذا القرار التاريخي، الذي يعتبر محطّة مهمة في تصفية الكولونيالية وعدم الاعتراف بشرعية ضمّ الأراضي بالقوة أو الاستيلاء عليها تحت أي سبب كان، فإن استعادة هذا القرار له دلالة مهمة حين يقرر “منح الاستقلال للبلدان والشعوب التابعة والمستعمرة” وقد حصلت الكثير من الشعوب على حريتها واستقلالها، لاسيما في آسيا وإفريقيا تنفيذاً لهذا القرار التاريخي المستند إلى مبدأ حق تقرير المصير .

الاحتلال كما ذكرنا عمل مادي باطل بطلاناً تاماً، إذ لا يجوز الاتفاق على مخالفة قواعد القانون الدولي الإنساني تحت أي مبرر، أي معالجة الانتهاك المادي بانتهاك قانوني، خصوصاً أن الاحتلال يخالف قاعدة آمرة مهمة في القانون الدولي Jus Cogens التي تقول بتحريم الاستيلاء على الأراضي بالقوة، ولا يمكن لقانون القوة أن يفرض استفتاءً لمحتلين على أراضٍ محتلة ليس من حقهم الوجود فيها، فما بالك بحق التصرف بمستقبلها بالضد من حق تقرير المصير .

إذا كانت قواعد القانون الدولي السبعة الأساسية لا تجيز الحق في الحرب أو العدوان أو الاستيلاء على الأراضي، فإن التطويرات اللاحقة لقواعده أكّدت احترام سلامة الأراضي لجميع الدول الأعضاء واحترام الاستقلال السياسي، مثلما هو احترام الحدود ووحدة الأراضي، وهذان المبدآن أصبحا من الحقوق الآمرة، مثلما هي حقوق الانسان باعتبارها من الحقوق ذات العلوية في القانون الدولي، وحصل ذلك اثر اتفاق هلسنكي للأمن والتعاون وبحضور 33 دولة أوروربية، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا في العام 1975 في ظل توازن القوى الدولي آنذاك، وحتى إن جاءت هذه المبادئ في إطار ميثاق الأمم المتحدة الاّ أنها اعتبرت مبادئ مستقلة في هلسنكي، أي أسست لقواعد قانونية شارعة ومنشئة سواءً كانت جديدة أو مثبتة لها .

الاحتلال مؤقت وليس دائماً وليس بإمكانه نقل السيادة إلى القوات المحتلّة أو التصرف بها حسب اتفاقيات جنيف لعام ،1949 وبهذا المعنى فإن أي إجراء لإدامة أمد الاحتلال يعتبر جريمة إضافية تستحق الملاحقة للقائمين عليها كمجرمي حرب وهي جرائم لا تسقط بالتقادم . وقد جاء في تعريف ماهية العدوان في القرار رقم 3314 في العام 1974 (م 1): العدوان هو احتلال كل أو جزء من أراضي دولة، مثلما نصت المادة (5) من نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية: العدوان جريمة من الجرائم التي تقع ضمن الاختصاص الموضوعي للمحكمة .

إن مبدأ السيادة يقضي بعدم إملاء أي قرار محلي أو دولي على اقليم الدولة المحتلة بالضد من ارادتها الحرة وبالضد من ارادة سكانها، وأوجب القانون الدولي احترام القوات المحتلة القوانين المدنية والجنائية والادارية التي كانت سائدة قبل الاحتلال .

وبهذا المعنى أن الاستفتاء هو مخالفة صريحة لمبدأ حق تقرير المصير المنصوص عليه في المادتين الأولى والخامسة والخمسين من ميثاق الأمم المتحدة، وإن “إسرائيل” بتصرفها تريد جعله قاعدة على الرغم من كونه استثناءً غير مقبول، لذا فالجهد ينبغي أن ينصّب فلسطينياً وعربياً وإسلامياً وإنسانياً، بما فيها لمؤسسات المجتمع المدني على رفض الاحتلال والتمسك بحق تقرير المصير والانسحاب الكامل وإقامة الدولة الفلسطينية، وعدا ذلك سيكون مناقشة في تفاصيل الاستثناءات “الإسرائيلية” التي تجري بالضد من القانون الدولي المعاصر وقواعد العلاقات الدولية .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة وما بعدها !
- رمزية القرار 1514 و«متحفية» الكولونيالية!
- ما وراء تسريبات -ويكيليكس-؟
- المواطنة.. من دولة الحماية إلى دولة الرعاية
- بُعيد تسريبات «ويكيليكس» وعشية الذكرى الثانية للعدوان على غز ...
- ما أشبه اليوم بالبارحة
- المواطنة في الإسلام .. إرهاصات الدولة الحديثة وكوابح الواقع
- من مالك بن نبي إلى المهاتما غاندي
- سُليمى مولوي الخطيب: إمرأة حالمة ومسكونة بالقلق الانساني الب ...
- العدوان الإسرائيلي على غزة في ضوء قواعد القانون الدولي الإنس ...
- لحظة الهند .. البحث عن الشراكة والتعاون.. لا تريد أن تكون قو ...
- الطائفية وتشكيلات ما قبل الدولة
- الاستفتاء السوداني والفيدرالية الكردية
- تحديات التنمية.. التربية والمواطنة
- حرب العملات!
- بوش وفنتازيا -نقاط حاسمة-
- الوطن والمواطنة: أية علاقة؟
- هل يحتاج الفقراء إلى «التمكين القانوني» ليتخلصوا من آفة الفق ...
- طاولة واحدة للتوافق الموعود
- المبادرة نداء حقيقي وضع العراقيين أمام مسؤولياتهم التاريخية ...


المزيد.....




- عضو بالكنيست الإسرائيلي: مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وجالانت ...
- إسرائيل تدرس الاستئناف على قرار المحكمة الجنائية الدولية الص ...
- وزير الخارجية الأردني: أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت رسالة لو ...
- هيومن رايتس ووتش: مذكرات المحكمة الجنائية الدولية تفند التصو ...
- الاتحاد الأوروبي والأردن يُعلنان موقفهما من مذكرتي الاعتقال ...
- العفو الدولية:لا احد فوق القانون الدولي سواء كان مسؤولا منتخ ...
- المفوضية الاممية لحقوق الانسان: نحترم استقلالية المحكمة الجن ...
- المفوضية الاممية لحقوق الانسان: ندعم عمل الجنائية الدولية من ...
- مفوضية حقوق الانسان: على الدول الاعضاء ان تحترم وتنفذ قرارات ...
- أول تعليق من -إدارة ترامب- على مذكرة اعتقال نتانياهو


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - استفتاء أم استثناء؟