|
الله يتجسد(1)
عصام شعبان عامر
الحوار المتمدن-العدد: 3230 - 2010 / 12 / 29 - 01:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إذا لم يكن الله موجودا لانهارت كل القيم والمبادئ من تلقاء نفسها أنا من خلال مقالى هذا لاأحاول أن أدافع عن معتقد أو تيار ولكنى أحاول أن أكون حياديا بين فريقين ومذهبيتين أما الفريقين فهما جماعة المؤمنين وجماعة الملحدين أما المذهبيتين من يرى الله جسدا محضا ومن يرى الله قوة كامنه فى الأشياء وأعلى من ألأشياء هو العقل المحض وفى كلا الفريقين والمذهبيتين تناقض يهدم تبنى كل فريق لعصبيته ولنبدأ فى محاولة حيادية أن لا ندخل فى صراع مع اى من المذهبيتين أوالفريقين . الله هو ذالك الإله الذى تجسد وأستقر فى نفسية المؤمنين لترجع إليه جميع تصاريف العالم من خلق وإيجاد وتكوين وإرادة فعلا وردا للفعل فهو من وجهة النظر تلك مدبر شئون العالم وكل شئ يتم بموافقته وإرادته وأنه متجسد متمثل فى هذا الكون المنظور المترامى الأطراف بتجانسه وحسنه وإبداعه وهذا الفريق على مذهبيتين الأول يرى أن الله جسدا يجلس على العرش بصولجانه وجبروته وهذه الصوره هى صوره ملك من ملوك الحقبة القروسطية تجسدت هذه الصورة وتبلورت مع شئ من التناقض مع نصوص دينيه ومع دلا ئل منطقيه كنحو ليس كمثله شئ ثم له يد وله رجل وللتوفيق فى محاولة للتلفيق بتأويل النص الدينى حتى يتناسب مع المنطق العقلى فظهر المذهب الثانى من يرى أن الله عقلا محضا مطلقا عن أى تصور أو عن أى كينونة فأصبحنا أمام تيارين بمذهبيتين مذهب السلف ومذهب الخلف فالسلف هم مجموعة من الأشخاص يريدون أن يتعاملوا مع النص كما هو دون تأويل أو إزاحة ولكن عدم تأويلهم أو قعهم فى معضلة كبرى وهو التناقض التام الذى يصل إلى حد التضاد فى تصوراتهم حول النص إذ ان النص يظل نصا كما هو دون تدخل البشر فيه وعدم محاولتهم أدلجته إجتماعيا وثقافيا وسياسيا ودينيا تنظيريا يحاول إزاحة الأديان الأخرى والمذاهب الاخرى والفلسفات الأخرى هو يريد أن يلغى أو ينسخ كل هؤلا ء من طريقه ليصبح هو الحق المحض والحقيقة المطلقة وكل هذه الأديان وهؤلاءالمنظرون الفلاسفة ملاحدة وكفرة. هذا الإدعاء بإمتلاك الحقيقة المطلقة هو ما يضع الأديان كلها فى مازق كبير هو مايجعلها تهتم بالجوانب التنظيرية والتى تخضع للتصورات البشرية هو ما ينزلها من قداستها وعلويتها لتتمرمغ فى وحل وقاع التنازع البشرى وبدلا من تهتم الأديان بتنمية الجوانب الخلقية والقيمية وإبتعادها عن ترهات الصراع البشرى إلآ إنه وللأسف دخلت فى مرحلة الصراع والتصادم من هنا انبثقت المذهبيات المختلفة وظهرت الفرق كل يحاول أن يثبت وجهة نظره وتصوره . نرجع إلا تساؤلاتنا الذاتية هل الله جسد أم عقل ؟ هل نأخذ بمذهب السلف أم نأخذ بمذهب الخلف ؟هل نتعامل مع النصوص الدينية على أنها عماء كما هى بحيث يصعب تحليلها واستنباط التأويل المناسب منها ؟ وإن كان فكيف نفسر التناقض المتضاد فيها ! أم نتعامل مع النصوص الدينية بإنفتاح كامل نخضعها فيه للتحليل والإستنباط والتأويل حتى نستطيع أن نوفق لا نلفق الا يعد ذلك نقدا للنص الدينى ؟ اليس من العار أن تهتم الأديان بتنظيراتها لكى تثبت تفوقها وتهمل الجانب الذى على أساسه وضعت وهو تنمية القيم الخلقية والسلوكية والمبادئ الإنسانية والتى تنمى الجانب الوجدانى لدى الإنسان ليخرج طاقاته الإبداعية ولينطلق فى طريقه الإبداعى لا يعوقه عائق . اثناء كتابى اثل هذا المقال قد تصلنى رسائل سب وشتم من الجانبين يتهمانى! فالمؤمنين يتهمانى بأنى ملحد والملحدين يتهمونى بأنى مؤمن وأدافع عن الأديان بإتهامى للبشر الذين أخضعوا النص الدينى لتصوراتهم ومصالحهم الشخصيه وعند هذه النقطة ننتقل إلى نوع آخر من الصراع صراع المؤمنين والملحدين . الملحد دائما ير أن المشكلة فى الأديان ذاتها وان البشر براء من هذه التهمة تهمة تأويل النص وإخضاعه لتصوراتهم بل هم يروا المشكلة فى وجود إله من أساسه فهؤلاء من وجهة نظرهم أن مثل هذا التصور هو مضيعة للوقت فى التنظير لإثبات شئ لا يمكن إثباته وهو وجود إله . خفى لا تدركه الأبصار ومشكلتهم فى ذلك رؤيتهم للمادة على أنها عماء فكما أن الدينين يتعاملون مع النص الدينى عماء فإن الملحدين يتعاملون مع المادة على أنها عماء صماء جامدة كجمود القوانين التى تصفها متناسين أننا كائنات مادية حية متفاعلة لنا إرادة وعقل ووجدان وحس وشعور ونزوع وميول نؤثر ونتأثر كينونتنا مادية وإرادتنا قوانين طوعية حرة مشتته ممتدة لتشمل الوجود كله ولتضيف على عماءه وصنميته عباءة الفعل والتفاعل . الله محور الجدل القائم بين المذهبيتين والفريقين كل يأول ويحاول أن ينظر لقناعاته وتصوراته مهملين فى ذلك الجانب الهام من وجود الله أو عدم وجوده وهو القيم والأخلاق الإنسانية والتى من خلالها يستطيع الإنسان أن يعيش ويتعايش فى نوع من الإندماج والألفة . إذا كان الله موجودا فليس بالضرورة أن يتجسد جسدا ماثلا فى الزمان والمكان أو أن يكون عقلا مطلقا محضا يصعب تخيله او تصوره . وإذا لم يكن موجودا فإن الهام هو أن يتجسد فى صورة القيم والمبادئ والأخلاق والمثل التى تدفع الإنسان نحو التقدم والرقى والإبداع . وفى النهاية الله ليس صوراً لخيلاتنا الذاتية أو تصوراتنا الذهنية نفيا أو إيجابا فإذا تجسد فلا بد أن يُكَوِّن الضمير الوجدانى الإنسانى فى أسمى صوره الجسدية والعقلية والوجدانية .
#عصام_شعبان_عامر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سقوط الامم(1)
-
الدهماء
-
وعاظ جلادون
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|