اسباب تسمية العربية الرسمية بالفصحى 1

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3228 - 2010 / 12 / 27 - 13:09
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

العربية هي الوحيدة التي تسمي لغتها الرسمية بالفصحى رغم ان هذه التسمية غريبة و لا تعني شيئا غير الفصاحة و لكنها في نفس الوقت تقسم اللغات الى فصيحة و غير فصيحة و تشير باطنيا او بصورة غير مباشرة الى ان اللغات العربية الاخرى و اقصد هنا اللغات المحكية ليست فصيحة او على نفس القدر من الفصاحة و بذلك تقلل من قيمتها و اهميتها و دورها.

ربما لا تعلم اكثرية العرب ان الفصحى او الرسمية لم تكن في يوم من الايام الا لهجة من اللهجات ارتفعت الى مرتبة الرسمية لان القرآن ظهر بهذه اللهجة لذلك استلمت او استقبلت او احتضنت او قبلت صعودها من قبل جميع اللهجات الاخرى لتضيف عليها صفة الحيادية التي هي شرط مهم جدا عند تحول لهجة من اللهجات الى اللغة الرسمية بمساعدة عوامل السيطرة الثقافية او الدينية او الاجتماعية او العسكرية تماما كما تسمي الانجليزية لغتها الرسمية RP اي Received Pronunciation بمعنى اللفظ المستلم و المقبول. هذا هو تأريخ جميع اللغات الرسمية في العالم.

للعرب ولع و شغف بالبيان و الفصاحة و تزيين و زخرفة الكلمات منذ القدم اكثر من غيرهم و القرآن يشير بشكل واضح في سورة الرحمن (علمه البيان) الى هذا الولع الجنوني وتشير العرب مرارا و تكرارا الى نقاوة و فصاحة البدو. و لكن الحياة لدى البدو كانت و لا تزال بدائية بسيطة لا تسمح للغة ان تتطور و تتعقد و لو ظلت العربية لغة البدو لكانت اليوم بسيطة.

لذلك يجب ان نفرق هنا بين البيان و الفصاحة من جهة وتمدن و تطور و تعقد اللغة من جهة اخرى و لكن العرب لم تهتم بدراسة اللغة بقدر اهتمامها بالفصاحة و البيان والزخرفة. كلمة الفصحى تعكس بالضبط هذه العقلية - عقلية القافية و الزخرفة و التعابير الرنانة و الشعر الجاهلي ينقل لنا صورة حية لهذا الميل و نحن ايضا نلاحظ طغيان الشعر على النثر في الادب العربي و قافية سجع القرآن لدليل آخر على هذا الشغف اضافة الى نهج بلاغة على بن ابي طالب.

لقد توسع اهتمام العرب و الفرس باللغة العربية بعد الاسلام و لكن هذا الاهتمام اقتصر على النحو و الصرف ثم توسع الى علم وضع القواميس و الاشتقاق لان الاهتمام الاكبر كان الادب و خاصة الشعر و نحن لانزال نسجل ميل العربي الى الشعر. و العربي لا يزال يعتز بلغته و يفتخر بها منذ القدم اكثر من غيره. رغم كل هذا الفخر و التبجيل نلاحظ ان علم اللسانيات و اللغة تكاد تكون مفقودة في الكتابات العربية و ان العربية لا تملك مفردات للتعبير عن ظواهر لغوية بحثية و لذلك تلتجئ الى الترجمة الحرفية من الانجليزية.

تسمى الفصحى احيانا بلغة الضاد لسبب بسيط و هو حرف الضاد التي تميزها عن اللغات غير السامية و لكنها ليست الوحيدة بين اللغات السامية التي تملك هذا الصوت و الضاد في الحقيقة تضخيم لصوت الدال لا غير و تضخيم الاصوات يسرق من اللغة نعومتها و سهولتها و يتطلب حنجرة تعودت على هذه الاصوات لذلك نلاحظ كيف ان العربية العصرية اي بعد تمدن العرب تخفف من التضخيم و احيانا ينعدم الفرق بين الضاد و الظاء (ض – ظ) في بعض البلدان العربية.
يتبع
www.jamshid-ibrahim.net

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات