|
التاريخ بين الحقائق والأحقاد
حنان بكير
الحوار المتمدن-العدد: 3226 - 2010 / 12 / 25 - 11:27
المحور:
سيرة ذاتية
" الأموات بيحموا الأرض، واحنا بنحمي الأموات " ! هذه ليست بلاغة شاعر، يصف تعلقه بالأرض! هذا الكلام لفلسطيني بسيط، كان يقف على أرضه، التي خشي عليها من المصادرة، فتبرع بها لتكون مقبرة للفلسطينيين! وقد سوّر أرضه، وبُدىء بحفر القبور فيها.. مشهد المرأة الفلسطينية، التي تعبّطت بجذع شجرة زيتون عتيقة في أرضها، كما تتعبّط بولدها، وقد اختلطت على وجهها علامات الغضب والأسى بالدموع، لمنع الاسرائيليين من قطعها! هذه المشاهد، جزء من تفاصيل الحياة اليومية للانسان الفلسطيني. التمسك بالأرض والتعلّق بها، رغم المجازر والمضايقات.. مناسبة الحديث، تعليق وردني على مدونتي من معلق اختار اسم " فلسطيني ". طلب مني الرد على تعليق جاء على مقال للزميل محمد شحاتة، ويدّعي المعلق بأن الفلسطينيين قد باعوا أرضهم عام 1948، ويطالبني بالرد عليه بالمعلومات، وما أزعجه، أن التعليق جاء على مدونة كثيرة القرّاء.. وقد وعدته بذلك.. لكني فكرت في الموضوع، ورأيت أن المعلومات الموثقة، والمستندة الى وثائق عثمانية وانكليزية، كثيرة ومتوفرة على الانترنت.. ولو عدنا الى مؤلفات المؤرخين الاسرائيليين أنفسهم، ممن اشتغلوا على التاريخ المظلم للصهيونية، مثل بني موريس، قبل أن يتوب ويتنكر لكتاباته على مدار عشرين سنة، لوجدنا الحقائق التاريخية حول طريقة سلب الأراضي الفلسطينية، ومثلها كتابات المفكر الاسرائيلي " الآن بابيه ".. ولو أردت الكتابة، فلن أضيف شيئا، وسأكتفي بنقل ما هو متوفر على الانترنت.. ورأيت أن من يدّعي هذه التلفيقات، انما هو واحد من اثنين: إما جاهل عن قصد أو غير قصد، ولا أدّعي دائما سوء النيّة.. وفي هذه الحال، ندعوه الى تقصّي الحقائق عبر الانترنت وعبر كتابات الاسرائيليين أنفسهم.. وأما الصنف الثاني من المدّعين، فهم الحاقدون، وفي هذه الحالة، لا داعي للكتابة لهم، لأن الحقد لا دواء له، لا بالكتابة ولا بالقراءة، ولا من يحزنون.. لأن الحقد مرض يعمي البصر والبصيرة.. لن نتنازل عن حقنا مهما تكالب العالم علينا. حارب الفلسطينيون وأحبطوا كل محاولات بيع الأراضي لليهود، منذ العام 1919، عندما بدأت ملامح المشروع الصهيوني تتضح لهم.. ففي عام 1934، عقد مؤتمر لرجال الدين المسلمين. حُرم فيه بيع الأراضي لليهود، وكفّر كل عربي يبيع أرضا أو يتوسط لبيع أرض لهم.. وقد وقفت الطائفة الأرثوذكسية، والتي تشكل الغالبية من المسيحيين الموقف ذاته، وشاركت في حركة مقاومة بيع الأراضي، فتم عقد مؤتمر عام، في 29/8/1934، وقد تشكلت اللجنة التحضيرية للمؤتمر برئاسة الخوري يعقوب الحنا( من الرامة- قضاء عكا) والخوري نقولا شحادة الخوري من القدس، أمينا عاما للمؤتمر.. حيث طالبوا الفلسطينيين بعدم الرضوخ لكل الاغراءات والضغوطات لبيع الأراضي. كما اعتبر المقاومة فلرضا دينيا . وأقرّ أيضا أن أي " أي مسيحي يبيع أرضا أو يتوسط لبيعها للصهيونيين، هو خائن لدينه ووطنه، لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسيحيين". تشكلت في فلسطين، أيضا، فرقة أخذت على عاتقها، اعدام كل المتعاونين مع الاحتلال، ولكل من يحاول السمسرة لبيع أرض لغير العرب.. علما أن ما بيع من أراض في فلسطين قد تم عن طريق عائلات عربية، سيما من لبنان وسورية، وقد حصلت تلك العائلات على الأراضي، كإمتيازات من الدولة العثمانية، وهذا موثق بأسماء العائلات، وكم من الدونمات قد باعت كل عائلة !! هناك حكاية تحفظها ذاكرة الفلسطينيين، سيما في مدينة عكا الجليلية، سأرويها، وان كان في هذا خيانة لرواية أشتغل عليها الآن، وان منت لن ألتزم الأسلوب الأدبي في روايتها.. تمت مراقبة أحد الفلسطينيين لفترة من الزمن ومن قبل بعض الفرق المختصة، وعندما ثبت لهم محاولة سمسرته لبيع أرض لليهود، قامت فرقة تنفيذ الاعدامات، بإطلاق الرصاص عليه في الشارع وتمت تصفيته.. لم يقترب أحد من الجثة.. جابت سيارة البوليس الانكليزي، الطرقات تنادي على أهل القتيل وأصحابه، لرفع الجثة من الطريق.. لم يأبه أحد للنداء، حتى عائلته تنكرت له، لما جلبه من عار عليها، اذ كانت الخيانة والعمالة يومها عارا، وليس مفخرة كما في أيامنا هذه. وعندما يئس البوليس، أمر عمال النظافة في بلدية عكا، برفع الجثة من الطريق ودفنها.. فجاؤوا ب " الطنبر"، وهو عبارة عن مركبة خشبية بسيطة يجرها حصان أو حمار أو بغل... وقد كان ذلك الطنبر لرفع القمامة.. سار الأطفال خلف الطنبر يغنون " الخاين نجّس الطنبر" ! وصل الطنبر الى المقبرة، مرافقا بسيارة للبوليس.. كان أهل عكا قد تجمعوا، أمام المقبرة، وسدوا مداخلها ومنعوا العمال من دفن الخائن في مقابرهم! ولما فشل الانكليز في اقناع الناس في السماح للعمال بدفن الجثة، أمروا العمال، بحفر قبر خارج المقبرة، ودفن فيها.. لمن يرغب في الاطلاع على أخبار بيع الأراضي الفلسطينية، فإن المعلومات بالأرقام والأسماء متوفرة وبكثرة على الانترنت، أما الحاقدون بدافع الحقد فقط، فلا شأن لنا بهم...
#حنان_بكير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشاهد سريالية 3 / عن التاريخ والعلمانية
-
هوس ديني أم كبت جنسي؟
-
فضائية يسارية علمانية !!!
-
مهاجرو فرنسا/ الوجه الآخر
-
مشاهد سريالية2/ عن الكتابة والتدوين
-
مشاهد سريالية
-
اشكالية العلاقة بين العلمانية والوطنية
-
شرق أوسط بلا مسيحيين 2/ عود على بدء
-
بين الأمس واليوم. هنا.. وهناك..
-
الذاكرة تثمر في الشمال البارد
-
على خطى ابن رشد التنويرية
-
صراع الآلهة على الأرض
-
آسف... فقد انكرتك يا أختي
-
لا تعترفوا لهم
-
الحيوان بين ثقافتين!
-
ابحار في الذاكرة
-
رحلة شاعر عبر التاريخ والشعر
-
أعداء الحياة يغيّرون وجهة الصراع
-
جغرافية الهوس الديني
-
جامعة بيروت العربية... صرح علمي يتألق التغيير بين الرؤية وقو
...
المزيد.....
-
-يا إلهي-.. رد فعل عائلة بفيديو وثق بالصدفة لحظة تصادم طائرة
...
-
ماذا نعلم عن طياري المروحية العسكرية بحادث الاصطدام بطائرة ا
...
-
إليكم أبرز الرؤساء العرب الذين هنأوا الشرع على توليه رئاسة س
...
-
العلماء الروس يرصدون 7 توهجات شمسية قوية
-
أسير أوكراني يروي كيف أنقذ الأطباء الروس حياته
-
على شفا حرب كبيرة: رواندا والكونغو تتصارعان على الموارد
-
ألمانيا تمدد 4 مهام خارجية لقواتها قبيل الانتخابات
-
مرتضى منصور يحذر ترامب من زيارة مصر (فيديو)
-
-الناتو- يخطط لتقديم اقتراح لترامب بدلا من غرينلاند
-
مشهد -مرعب-.. سماء البرازيل -تمطر- عناكب والعلماء يفسرون الظ
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|