|
اشكاليات استئناف وار القاهرة
أمد مجدلاني
الحوار المتمدن-العدد: 966 - 2004 / 9 / 24 - 10:40
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
يتجدد الحديث منذ فترة غير قليلة باستئناف الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة وبجهود مكثفة من الأشقاء في مصر، من اجل أن يؤدي هذا الحوار إلى نتائج فعلية وملموسة تقود فيما تقود إليه تعزيز الوضع الداخلي الفلسطيني، وصيانة الوحدة الوطنية الفلسطينية ، واستعادة السلطة لزمام المبادرة خاصة في الشأن الأمني الداخلي ، باعتباره حاجة وطنية داخلية لضمان امن واستقرار المواطن الفلسطيني ولفرض سيادة القانون والنظام واستحقاق سياسي يجب القيام به قبل عملية الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من غزة واستئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي في ضوء الترتيبان التي يجري العمل عليها. وفي إطار هذه الجهود زارت عدة وفود أمنية وسياسية الأراضي الفلسطينية والتقت القيادة الفلسطينية، وكذلك التقت مع الحكومة الإسرائيلية، من اجل تذليل العقبات القائمة وبما يؤدي إلى استعادة العملية السياسية على قاعدة المبادرة المصرية ، وفي ضوء هذه التحركات تبلورت ورقة عمل أعدها الأشقاء في مصر لتكون أساسا ومنطلقا لحوار وطني فلسطيني - فلسطيني يتم رعايته في القاهرة في وقت قريب لم يجري تحديده رغم بدء اتصالات ثنائية مع بعض الأطراف الفلسطيني لاستمزاج رأيها ومواقفها المبدئية اتجاه الورقة المعدة. وفي سياق هذه الجهود التحضيرية وجهت دعوة لوفد فلسطيني من قادة الأجهزة الأمنية ترئسه وزير الداخلية لمناقشة الأفكار المطروحة وكذلك الأوضاع في غزة في ضوء احتمالات الانسحاب الإسرائيلي منها ، والاستحقاقات المطلوبة والتحديات التي من الممكن أن تواجه السلطة الوطنية الفلسطينية بعد ذلك وخاصة على الصعيد الأمني . ورغم أن هذه التحركات ليست بالجديدة بل هي استمرار لجهود وخطوات وحوارات سابقة بذلت فيها الشقيقة مصر وقتا وجهدا طويلا على مدى العامين السابقين واستضافت أكثر من دورة حوار شاملة، والعديد من دورات الحوار الثنائية مع بعض القوى الفلسطينية ، فإن التحرك المصري الراهن في الواقع يواجه مجموعة من التحديات والإشكاليات تتصل بالظروف الموضوعية الذي يجري الحوار في سياقها ، وكذلك في مضمون الحوار وآفاقه ارتباطا بالنتائج المتوخاة منه . وفي هذا السياق فإن التحديات الرئيسة التي تواجه هذا التحرك تتمثل بالجوانب التالية : - إن هناك شبه إجماع في التحليل والرؤية لدى مختلف القوى السياسية الفلسطينية، باستثناء بعض الاتجاهات المحدودة والمعروفة الاتجاهات والارتباطات، بأنه لا حلول مرتقبة وممكنة في ظل وجود حكومة شارون اليمنية المتطرفة بالسلطة لأنها لا تمثل شريكا لصنع السلام ، وبالتالي فإن شارون في ظل الاختلال الواضح في موازيين القوى يحاول الوصول إلى حل مفروض ، من جانب واحد وليس لحلا تفاوضيا وبوجود شريك فلسطيني وعلى قاعدة قرارات الشرعية الدولية . - إن المناخات التي جرت فيها الحوارات السابقة لجهة الوضع الدولي والعربي ، وخاصة قبل المتغير الكبير الذي حدث في المنطقة وهو احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية والبريطانية ، وحاجة الولايات المتحدة آنذاك لتهدئة الصراع على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية، من اجل إتمام الاستعدادات لغزو العراق ، بما في ذلك تهيئة المناخ العربي المساند لتلك العملية . - إن الانقسام الذي حدث على الصعيد الرسمي العربي في ضوء أزمة العراق والمتواصل الآن ، قد خفف وقلص الاهتمام بالوضع الفلسطيني ، رغم أن القضية الفلسطينية ليست قضية خلافية بين الأطراف العربية ،إلا أن هناك ضعفا ملموسا بتنفيذ الالتزامات المترتبة على كل طرف سواء كانت سياسية أم مادية.
أما الإشكاليات التي تواجه التحرك المصري وصولا لضمان تطبيق الانسحاب الشامل من قطاع غزة ، فتتلخص بالتالي : - الانسحاب الأمريكي وتنصله من مسؤولياته في رعاية العملية السياسية وتحوله بعد وصول إدارة بوش للسلطة إلى طرف وشريك كامل وعلى المكشوف لإسرائيل ، وليس وسيطا نزيها يصلح لرعاية عملية السلام . وقد تعمقت هذه الشراكة وازداد انحياز هذا الشريك بعد أحداث 11 سبتمبر ، والآن وفي ظل المناخ الانتخابي الساخن الذي تواجهه هذه الإدارة وحاجتها الماسة لأصوات وأموال اللوبي الصهيوني فإنها، أي هذه الإدارة سوف تكون منحازة إن لم تكن متبنية للمواقف الإسرائيلية . وبالتالي فإن غياب الموقف الأمريكي الذي يشكل ضمانة لأي اتفاق يعقد مع إسرائيل طبعا إذا كانت هناك جدية وقدرة لدى الإدارة الحاكمة في واشنطن هو احد العوامل المسبقة التي تؤشر على مدى توفر فرص النجاح لأي تحرك سياسي . ومن هنا فإن انتهاء الانتخابات الأمريكية في نوفمبر القادم واتضاح صورة الإدارة القادمة قد يعتبر مؤشرا على مدى النجاح في إلزام إسرائيل . - الأزمة السياسية الإسرائيلية الداخلية ، وخصوصا في أوساط اليمين الإسرائيلي وفي حزب الليكود ، والحكومة الإسرائيلية ، وعدم قدرة شارون على تمرير مشاريعة السيئة الصيت والسمعة للحل الأحادي الجانب داخل الليكود ، ورفض حزبه لحكومة ائتلاف مع حزب العمل والتي من الممكن من الممكن أن تذهب لهذا الحل المنفرد . إن أزمة الحكم في إسرائيل وهي جدية وليست مفتعلة تشل أي قدرة لشارون على التحرك والاستجابة لأي ضغط أمريكي ، كما إنها تشله عن تنفيذ مخططه للانسحاب أحادي الجانب من غزة ، وللتذكير فإن قرار الحكومة الإسرائيلية السابق ارجأ عملية اتخاذ قرار الانسحاب / أو إعادة الانتشار حتى آذار القادم ، أي بعد ضمان نتائج الانتخابات الأمريكية . ومن هنا فإنه وفي ظل هكذا مناخ، فإن الشيء البديهي أمام شارون وهو ما يقوم به فعلا التشدد وتصعيد العدوان على الشعب الفلسطيني وقيادته ومواصلة سياسة الحصار والإغلاق والاغتيالات والتوغلات في المدن والقرى الفلسطينية لفتح الطريق أمام الحل الإسرائيلي المفروض . - إن قراءة الوضع السياسي بأبعاده المختلفة لدى معظم الفلسطينيين تشير ، إلى انه في غياب الموقف الأمريكي والموقف العربي المولد للضغط عليه ، وأمام صورة الوضع الإسرائيلي الذي يكرس كل يوم الفصل العنصري ويواصل بناء الجدار في الضفة والقتل والاغتيالات في كل مكان . فإن إمكانية الوصول في ظل هكذا مناخات لحلول ولو كانت جزئية مع حكومة شارون قد تبدو صعبة إن لم تكن مستحيلة ، كما أن العيش عل أوهام الممكن معها وبالتالي البدء بتقديم استحقاقات داخلية وخارجية مختلفة ومسبقة بدون ضمانة كافية ومسبقة بإمكانية الوصول لحلول ملموسة، تعيد الوضع في حده الأدنى لما كان عليه قبل 28/أيلول 2000، قد تدخل القوى السياسية الفلسطينية بما فيها السلطة وحزبها الرئيسي في مأزق داخلي يزيد من أزمتها الداخلية ويعمقها ، وينقل المعركة إلى غير ساحتها إي إلى أتون الصراعات الداخلية الفلسطينية- الفلسطينية. لكن هذا لا يلغي ولا يعني إن عملية الإصلاح الداخلي ووفق أجندة وطنية فلسطينية، واستجابة للمصالح الوطنية مسالة خاضعة للنقاش أو بضاعة مطروحة للمساومة بل هي مصلحة وطنية يجب المضي فيها إلى النهاية . لذا فالمطلوب جديا هو ضمانات تتصل بوقف إطلاق نار شامل ومتزامن ومتوازن ، ويفك الحصار عن الشعب والرئيس الشرعي المنتخب، ويوقف بناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، حتى لا تتحول عملية التهدئة في إطارها الشامل إلى توفير الفرصة والمناخات لاستكمال بناء الجدار ومصادرة الأراضي الفلسطيني ، وإذا كان المستهدف فعلا اعتبار هذه الصفقة التي يعد لها سياسيا أنها جزء من خطة خارطة الطريق ، فإن وقف الاستيطان بما فيه التوسع الطبيعي في المستوطنات احد الاشتراطات الرئيسة في المرحلة الأولى لخطة خارطة الطريق ، وبناء جدار الفصل العنصري هو اكبر عملية لسرقة الأراضي الفلسطينية واستيطانها . إن نجاح التحرك المصري وهو تحرك يأتي في سياق التزامات مصر ودورها ومسؤولياتها العربية ، أمر في غاية الأهمية بالنسبة لنا كفلسطينيين، لكن شروط توفر ونجاح هذا التحرك ليست عند الفلسطينيين مهما ابدوا من مرونة ، بل عند الطرف الآخر.
رام الله 21.9.2004
#أمد_مجدلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيديو جديد من داخل الطائرة الأذربيجانية يظهر ما حدث لجناحها
...
-
-حزب الله- يدين بشدة الهجمات الإسرائيلية على اليمن بمشاركة أ
...
-
الكويت: ضبط 1.8 حبة كبتاغون داخل مقاعد وطاولات قهوة
-
عدد خطوات المشي المطلوب يوميا لمكافحة الاكتئاب
-
-النسر الأصلع- يصبح رسمياً الطائر الوطني للولايات المتحدة بع
...
-
الجيش الإسرائيلي يؤكد شنّ غارات على مواقع متفرقة في اليمن
-
قفزة في بلاغات الجرائم الإلكترونية بالمغرب.. وخبراء يكشفون ا
...
-
دعوات أمريكية لمنع عودة ترامب إلى السلطة والرئيس المنتخب يحذ
...
-
بوتين: الأوكرانيون -يعاقبون أوروبا- و-يعضون يدها-
-
سحب الجنسية الكويتية من 3700 حالة جديدة
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|