نقول للاخوة العراقيين مبروك.... ولكن؛

خالد عبد القادر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 3223 - 2010 / 12 / 22 - 21:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نقول للاخوة العراقيين مبروك.... ولكن؛

خالد عبد القادر احمد
[email protected]


نادرا ما اكتب خارج الموضوع الفلسطيني. غير ان النجاح في تشكيل الحكومة العراقية بعد طول معاناة, مناسبة جيدة تتطلب تهنئة هذا الشعب الكريم. الذي طال انتظاره ومعاناته جراء ازمة تشكيل الحكومة, والله اعلم ما هي الخسائر التي ترتبي في حياة المجتمع العراقي جراء ذلك. فالف مبروك لاخواننا العراقيين تجاوز هذا العائق الذي كان يعطل الى درجة كبيرة تيسيير حياة المواطن. بل ويهدد امنها.
غير انني كمراقب اقليمي, من الموقع الفلسطيني, يهمني ان يصل لي معنى النجاح في تشكيل الحكومة العراقية, كما يهمني معرفة التوجه الجيوسياسي العراقي في الصراع الاقليمي والعالمي لوجود انعكاس له على قضيتي الفلسطينية ايضا, فلست انظر لهذا النجاح باعتباره, حالة ادارة ذاتية فحسب جاءت حصيلة توافق محاصصة بين مكونات العامل الاجتماعي السياسي العراقي الداخلي, بتلوناته الثقافية السياسية, بل ايضا باعتباره توافقا جاء وتقاطع مع لحظة توازن قوى بين مكونات العامل الخارجي الذي تجاذب طويلا هذه المهمة, ففي النهاية للعراق مستويين جيوسياسيين يتفاعلان في ان واحد وان بتفاوت ثقل ووزن واتجاهات. هما المستوى الجيوسياسي الداخلي, بعوامله الاثنية والطبقية والثقافية السياسية, والمستوى الجيوسياسي الخارجي الذي يتشكل من تفاعل الحركة القومية العراقية في الصراع العالمي مع حركة القوميات الاخرى. وهذين المستويين الجيوسياسيين يتظللان ظرف استثنائي هو ايضا على مستويين
الاول ان العراق يمر بمرحلة انتقالية مهمتها الانتقال بالمجتمع العراقي من وضع النظام الشمولي ذي الاقتصاد الموجه والاستقلال النسبي عن السوق العالمي واللون السياسي الواحد والتركيبة الطبقية التي افرزها تاريخ سيطرة هذا النظام, الى نظام اقتصاد السوق, والانفتاح الجمركي على السوق العالمي, والتعددية السياسية, التي تعبر عن انخراط كل مكون العراق الاثني الطبقي الثقافي السياسي في العملية السياسية, اي عملية تغيير شاملة لاسس وهيكلية النظام وتوجهه وحركته
الثاني ان العراق يمر بمرحلة انتقالية من الحالة العسكرية _ الحرب _ الى الحالة المدنية _ اعادة البناء _ غير ان عملية الانتقال هذه ليست بعيدة عن اندفاعات التاثير الخارجي في الداخل العراقي ووجود استجابات داخلية لها, فالاحتلال لا يزال موجودا , والتمدد العرقي من الخارج الى داخل العراق عبر المذهبية بجناحيه السني والشيعي واجهزة استخباراته وادواته التخريبة موجودا.
ان العراق يتجدد اذن, ولم يكن هذا التجدد بفعل العامل الداخلي فقط, بل كجزء ايضا من عملية اعادة رسم للخارطة الجيوسياسية العالمية, كانت من الاسباب الرئيسية لحالة الحرب, وتمخضت عن نتائج دخلت هي ايضا عملية اعادة التفاعل مع الصراع العالمي,
اثناء استماعي لخطاب السيد المالكي رئيس الوزراء العراقي, والاخرون, وجدت ان الخطاب _ اداري _ يتعلق بالشان الداخلي بصورة مكثفة, الى درجة احسست معها ان الخطاب دعاوي برلماني انتخابي خدماتي, بصورة مميزة عن ان يكون خطاب قومي جيوسياسي يعبر عن وظيفة اعادة نظم الشان الخاص في ظل توجه قومي محدد في الصراع العالمي, ورغم اني اعرف ان ما ساقوله تاليا سيزعج البعض إلا اني ومن باب الاشارة للحقيقة اقول ان مستوى الخطاب بهذا الصدد تراجع عن مستوى الخطاب البعثي, وهو الامر الذي يؤشر لوجود تفاوت في امتلاك رؤية واضحة للدور والمسار القومي في الصراع العالمي, ولا اقصد اطلاقا هنا ربطا بين القضية العراقية والقضية الفلسطينية, ولكنني احاول لفت الانتباه الى المستوى الاساس الذي على الحكومة والبرلمان ايضا ان ترتقي رؤيتها اليه, لان ارتدادات اي قصور رؤية سيكون اولا ومباشرة على العراق نفسه,
ان المسالة ليست وضع العراق على الية محددة بل وضع هذه الالية على اتجاه حضاري محدد يلعب دورا ايجابيا في الصراع العالمي,ولنضرب امثلة بسيطة على ذلك. في محاولة للاجابة على سؤال الى اين يتجه العراق,
فعلى صعيد تموضع جغرافية العراق سياسيا نجدها الان على خط مستقيم يمتد من البحر الابيض المتوسط حتى منطقة الخليج؟ انه على امتداد اسرائيل اتفاقية وادي عربة مع الاردن والتواجد الامريكي وسيطرته في الخليج. فكيف سيعني ذلك للسلطة السياسية العراقية؟ وكيف ستنجح في بلورة استقلالية سياسية في ظل هذا الوضع؟
كما ان العراق في ظل ظرف القضية الكردية هو على تماس بالمحور الايراني التركي السوري, حيث ستؤثر اي تطورات على الوضع الكردي في العراق وتنعكس على علاقات العراق بدول هذا المحور؟ ...الخ من مسائل الخلافات الحدودية مع ايران في ظل صراعها مع الولايات المتحدة واوروبا وفي ظل تاثير هذين العاملين على شكل تناقض داخلي بين التوجه الاجتماعي الشيعي والتوجه السياسي الرسمي.
من المسائل ايضا التي كان يجب الاشارة اليها هو كيف سيكون سلوك العراق في ظل الازمة الاقتصادية العالمية الراهنة فهل سيكون موضوعيا مستقل النهج ام انه سيكون تحت التاثير الامريكي الذي تتصاعد حدة علاقاته بالصين الشعبية جراء هذه الازمة وكيف سيستفيد من ذلك للتعجيل برحيل قوات الاحتلال؟
كنت اتمنى ان يرتقي الخطاب السياسي في جلسة عرض الوزارة على البرلمان العراقي, الى مستوى استحضار صورة لما يجب ان يكون عليه العراق كمسار تطور حضاري بعد ان نجح في التخلص من ما يعتبره المجتمع العراقي معيق رئيسي سابق, فيشير الى نية التوجه الى الاستقلال السياسي الاقتصادي الحضاري, ومتطلبات التحديث اللازمة في نهجه ومناورته القومية العامة, فهذا هو الاطار الفكري والمنهجي القادر على توفير الحلول التقنية والتكنولوجية والوسائل والاساليب اللازمة لذلك,
اتمنى للعراق كل خير

#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات