أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وهيب أيوب - الشمّاعةُ التي لا تهتَرئ














المزيد.....

الشمّاعةُ التي لا تهتَرئ


وهيب أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 3223 - 2010 / 12 / 22 - 18:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من العسير على الأفراد، كما المجتمعات، التقدّم والارتقاء بحياتهم، ما داموا يصرّون على إلقاء أخطائهم على الغير، وأن يجدوا دائماً لكل الأخطاء التي يرتكبونها شمّاعة يُعلّقوا عليها إخفاقاتهم وسقطاتهم، دون أن يتداركوا محاسبة أنفسهم ومراجعة الذات فيما يفعلون.
إنّها الذهنيّة النمطيّة السائدة في مجتمعاتنا العربيّة، التي يحلو لها رمي أي مسؤولية عن كاهلها في ما آلت إليه أوضاعها من ذلٍّ وهوانٍ وتقهقر.
لنُعطي بعض الأمثلة والنماذج عن كيفية تعاطينا مع أخطائنا في حياتنا اليوميّة، وعن زلاّت اللسان، التي تكشِف كيف أنّنا باللاوعي نتنصّل من مسؤولياتنا عن سلوكيات وحماقات نقوم بارتكابها، ثُمّ نحيلها إلى الشمّاعة المعهودة:
أ‌- يقول أحدهم: سبقني الباص، الأخو كذا وكذا...! ولا يقول أنّه هو الذي تأخّر عن موعد انطلاق الباص...؟!
ب‌- "سقـّطني التستري" (tester) ابن الـ... في امتحان قيادة السيارة...! ولا يقول أنّه تجاوز الإشارة الحمراء، أو أنّه كاد أن يدهس شخصاً على خط المُشاة، و... و...؟!
ت‌- أخوات هالـ... في البنك، لقد أعادوا لي الشيكات ولم يصرفوها...! ولا يقول أنّه لم يُدخل في رصيده مالاً لصرفها..؟!
ث‌- "هالبنت الألف.... السيّارة"، قطعتني من البنزين في وسط الشارع...! ولا يقول أنّه هو من نسيَ أو تقاعص عن ملء خزان الوقود، على الرغم من أنّ السيّارة البكماء قد أعطته إشارة ضوئيّة بقرب نفاذ الوقود..؟!
ج‌- "سقـّطني معلـّم الرياضيات أخو الـ.... في الامتحان"...! ولا يقول بأنّ إجاباته كان كلّها أو معظمها خاطئة، وأنّه لم يقم بالتحضير بالشكل الكافي للامتحان..؟!
ح‌- تهجّم عليّ جاري وشتمني وأراد ضربي إبن الـ.... ! ولا يقول أنّه قد قام باقتناص مترين من أرض جارِهِ...؟!
خ‌- يقوم صاحب هذا الحانوت فُلان، بالصراخ عليّ دائماً ويشوّه سمعتي بين الناس...! ولا يقول أنّه لم يدفع المستحقات وثمن ما استدانه لعدة أشهر أو سنوات...؟!
د‌- لقد قام هذا الشرطي اللعين إبن الستين ألف... بتحرير مخالفة في حقّي أثناء قيادتي السياّرة...! ولا يقول أنّه تجاوز السرعة، أو خالف إشارة المرور، أو... أو...؟!
وطبعاً لدى كلّ إنسان منّا ما يُضيفه على هذه القائمة المترامية الأطراف.
يحصل هذا دائماً على صعيد الأفراد في مجتمعاتنا، ويتدرّج صعوداً حتى يصل لأعلى المراكز في الدولّة والمؤسّسات والحكومة، فالشمّاعة وذهنية المؤامرة جاهزِة لكل الأخطاء والكوارث التي يرتكبونها بحق الشعب والوطن. وأما شمّاعتهم الدائمة فهم الخصوم والأعداء الخارجيين..!
بتلك الذهنية الهروبيّة المهزومة الغير قادرة على الإقرار بأخطائها ونهجها الموصل إليه، تستمر الأوضاع على ما هي عليه، فلا الشمّاعة تهترئ ولا الأخطاء والكوارث تتوقّف، لأن في غياب الضمير والنزاهة والشجاعة والجرأة على قول الحقائق كما هي، والاعتراف ما كسبت أيدينا وتصرفاتنا في حقِّ أنفسنا كما في حقِّ غيرنا، سيقودنا إلى مزيدٍ من التخلّف والتقهقر.
فالمسألة أساساً تتعلّق في بنية هذي المجتمعات، والتربيّة التي نهجت عليها، وتلك الذهنيّة النمطيّة التي يقودها العقل الباطن، تُمارَس عملها يوميّاً، والتي يقودها العقل الباطن دون أن يُدرِك أصحابها أنّ السبب الأساسيّ هو افتقاد الوعي والإدراك لسقطات اللسان وزلاّته التي تفلت منه، كما تفلت حبّات المطرِ من السماء، والتي تقود دائماً لذات الفعل في السلوك اللاّ مسؤول الذي يُلقي دائماً بأخطائه على عواهن الشمّاعة التعيسة.
إنّ غياب النقد الذاتي ومراجعة النفس والأفعال التي نقوم بها يوميّاً، وتقييم ما قد فعلناه بحقِّ الآخرين وأنفسِنا، يجعلنا أسرى الشمّاعة دون فكاك. وكُلّما ازداد الفشل والسقوط، ازداد استخدام الشمّاعة. وأن تلك الذهنية النمطيّة الغارقة في أوهام المؤامرة، وأن الجميع يترصّدنا لاصطيادنا، لن تُفضي إلاّ باستمرارنا ارتكاب الأخطاء في حقّ أنفسنا والآخرين. وكما أنّ شمّاعة الأخطاء لا تزول ولا تهترئ، فإن أخطاءنا لن تتوقّف.
الجولان المحتل / مجدل شمس



#وهيب_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - قشورٌ ولُباب -
- أخلاق ما بعدَ الفُراق
- قضاء سوري عابر للحدود والبحار..!
- الحارة وشبّاك -أم محمود-
- وُجُوهٌ مَسلوبة
- حَفنَةُ تنويرٍ وكُثبانُ التكفير
- الموتُ الآخر ل نصر حامد أبو زيد
- الهزيمةُ والعقل المأزوم
- مِحنَة القراءة وفَهم المقروء
- قصّة النظام في سوريا مع الجولان المُحتَلْ
- سقفْ الحرية منذ ما قبل وبعد سقيفة بني ساعِدة
- إسلام في خدمة العنصرية والفاشية
- إرضاع الكبير وصحن الحمّص والجلباب...فماذا بعد؟!
- عشتمْ وعاش الجلاء والاستقلال! / حَكي شوارِعْ
- في البدءِ كان الاستبداد
- -سوريا ألله حاميها-
- - ودَقَ العَيْرُ إلى الماء -
- صَدَرَ المرسومْ.. تعالَ واقبَضْ المعلوم!
- شيفرة المتنبي
- -شعراء- و -أدباء- و -كتّاب paste- (copy -


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وهيب أيوب - الشمّاعةُ التي لا تهتَرئ