أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ما وراء تسريبات -ويكيليكس-؟















المزيد.....

ما وراء تسريبات -ويكيليكس-؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3223 - 2010 / 12 / 22 - 16:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل أصبح موقع “ويكيليكس” إمبراطورية مترامية الأطراف، بعد أن شغلت تسريباته العالم كلّه؟ فعلى الرغم من اعتقال صاحبه في لندن مؤخراً بطلب من الحكومة السويدية ومن ثم إطلاقه بكفالة، فإنه لا يزال يهدد وكأنه يمتلك أسلحة دمار شامل، ويبدو أنه مازال في جعبته الكثير، وعلى الرغم مما رشح عنه حتى الآن مع أهميته الفائقة، إلاّ أنه حسبما يبدو يمتلك الكثير من المعلومات والأسرار الأكثر أهمية، حتى وإن كانت تلك محط جدل وتساؤل، لاسيما الوثائق التي تخصّ الاتصالات السرية الحكومية والاستخبارية الأمريكية، ومنها ما يتعلق بالصراع في الشرق الأوسط ومواقف القادة “الإسرائيليين” .

اللافت للنظر هو تزامن نشر وثائق “ويكيليكس” مع إقدام “إسرائيل” على تنحية رئيس جهاز الموساد مئير داغان الذي قضى ثماني سنوات في منصبه، وتعيين تامير باردو محلّه، وهو رئيس جهاز الموساد الحادي عشر منذ قيام “إسرائيل” في العام 1948 وحتى الآن .

إن ما قام به جوليان أسانج صاحب موقع “ويكيليكس” من تسريبات، كان مفاجأة دولية من العيار الثقيل، هزّت النظريات الدبلوماسية والأمنية على المستوى العالمي، فقد كانت أبعد من حدود الفضيحة الأمنية أو الاستخبارية وأخطر من حدود الدبلوماسية التي تخفي وراءها ابتسامات كاذبة ووعوداً وتقارير منمقة ومعلومات سياسية أو عسكرية، وأعقد من حدود الدولة التي تتعامل مع المعطيات والقوانين والقواعد الدولية . فقد أظهر هذا الحدث الكوني أن كل شيء لم يعد بمنأى عن الكشف، سواءً كان عملاً قبيحاً حسب توصيف العمليات الأمنية القذرة أو دبلوماسية خادعة هدفها تضليل الآخر، أو عرض خدمات شخصية لمسؤولين، أو إيصال رسالة حكومية أو خاصة، فكل شيء أصبح معرضاً لأن يكون غداً تحت ضوء الشمس، بعد تسريبات موقع “ويكيليكس”، التي أزاحت الستار عن صندوق المعلومات السري الأسود وخزانات الأسرار الغامضة .

لعل لجوء “إسرائيل” السريع إلى تغيير رئيس جهاز الموساد لم يكن عملاً روتينياً، فحسب، ذلك أن الفضيحة الويكليكسية أضاءت بعض الجوانب من خطط، “إسرائيل” بما فيها محاولات ملاحقة قادة بارزين في المقاومة أو اغتيال أو تشويه سمعة شخصيات عربية مناهضة للصهيونية و”إسرائيل”، الأمر الذي سيكون معرّضاً للكشف، لاسيّما أنه يعني في ما يعنيه غلق ملف مئير داغان الغليظ القلب، الذي يلاحق ضحاياه بدم بارد غير مكترث لما ستؤول إليه الأمور، وفتح ملف من هو أقدر على القيام بالمهمة، ولكن من دون ترك أثر أو بصمة، تثير شبهة حول القاتل، وهو ما كان موضع تجاذب بين إيهود باراك وزير الدفاع “الإسرائيلي” زعيم حزب العمل ونتنياهو رئيس الحكومة وزعيم حزب الليكود .

وقد يكون السبب الرئيس في اختيار تامير باردو (57 عاماً والمنخرط في الجهاز منذ ثلاثين عاماً) ليحلّ محل مئير داغان هو كشف عملية اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح، في دبي حيث ترك افتضاح الأمر وملاحقة المرتكبين وملابسات الجريمة تداعيات خطرة على العمل الاستخباري والدبلوماسي “الإسرائيلي”، على المستوى الإقليمي والعربي تحديداً، فضلاً عن المستوى العالمي، ناهيكم عن المواقف الدولية التي عبّرت عن خيبة أمل أخلاقية وسياسية مريرة لممارسات “إسرائيل”، وقد أدّت هذه العملية إلى توتير العلاقات الدبلوماسية بين “إسرائيل” وبعض البلدان الأوروبية، معرضة النجاحات السابقة للدبلوماسية “الإسرائيلية” إلى الاهتزاز، وعدم الثقة .

لقد استخدم رئيس جهاز الموساد “الإسرائيلي” مئير داغان عدداً من جوازات السفر الأوروبية، التي حملت أسماء أشخاص عاديين يهود يعيشون في “إسرائيل” أو في الخارج، ولو لم تنفضح العملية ببراعة جهاز المخابرات الإماراتي واللواء ضاحي خلفان تميم، قائد شرطة دبي، لكانت الملاحقات القانونية والأمنية، قد عرّضت هؤلاء الأشخاص اليهود للملاحقة من دون ذنب، وهو تصرّف لا أخلاقي لم تراع فيه “إسرائيل” أمن مواطنيها أو اليهود الذين استخدمت جوازات سفرهم .

وإذا كانت خلفية إزاحة داغان هي فشله في عملية المبحوح، فلعلّ السبب الثاني هو عدم حصوله على معلومات دقيقة لما تحتويه قافلة الحرية، التي أرسلت من جانب ناشطين أتراك لدعم صمود قطاع غزة . ويمكن القول إن اكتشاف بعض شبكات التجسس “الإسرائيلية” في لبنان، كان سبباً ثالثاً لتنحيته، لكن ذلك كلّه لا يرتقي إلى تسريبات “ويكيليكس”، التي جاءت متساوقة مع إقصاء رئيس جهاز الموساد “الإسرائيلي” .

وإذا كانت تسريبات “ويكيليكس” قد استفزت الكثير من الزعماء في العالم، لاسيما وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون، التي كشفت التسريبات أنها كانت تحضّ الموظفين والدبلوماسيين الأمريكيين للحصول على معلومات تخص البلدان التي يعملون فيها، بمن فيهم بعض موظفي الأمم المتحدة، لكن أغلبيتهم الساحقة لم يكذّبوا تماماً ما جاء فيها، ملمحين إلى احتمال انعكاس تأثيراتها السلبية في حياة بعض الموظفين والدبلوماسيين، الأمر الذي استرعى انتباه هؤلاء، باستعداد واشنطن إجراء تنقلات تشمل عدداً من الأسماء الواردة في تسريبات “ويكيليكس” .

ولعل أخطر اتهام تمّ توجيهه إلى جوليان أسانج هو احتمال استفادة بعض الإرهابيين من اختراقات شبكة المعلومات واحتمال استغلالها لمصلحة عملياتهم الإرهابية، وهو الاتهام الذي تدرسه بريطانيا لمواجهة صاحب الموقع والتحقيق معه، خارج نطاق الاستهدافات الشخصية، في ما يتعلق بالاغتصاب أو التحرش الجنسي أو غير ذلك، والتي جاءت في أعقاب الضجة التي خلفتها تسريبات موقعه .

لكن الأكيد أن تسريبات “ويكيليكس” كانت مهمة لجهة المواطن العربي، الذي كان يدرك بسليقته أن مشكلة المنطقة هي استمرار وجود “إسرائيل” وعدوانها المتكرر على الأمة العربية، لاسيما استمرار اغتصابها حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير المصير وحق عودة اللاجئين وحق قيام دولة وطنية فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس . وقد لا يكون المواطن العربي بحاجة إلى وثائق أو نشر معلومات عن ارتكابات “إسرائيل”، لأنه يدرك بحكم ما وقع عليه من ظلم وأسى طيلة ستة عقود ونيف من الزمان، أن سبب تعطيل التنمية وتعليق الديمقراطية واستمرار العسكرة وكبت الحريات هو عدوان “إسرائيل” أو أنها كانت “عنواناً” لحجب حقوقه العادلة والمشروعة، خصوصاً وهي تشكل تحدّياً خارجياً مؤرقاً ينعكس على تحدياته الداخلية المختلفة والتي تزداد شدّة، كلما كان التحدي الخارجي قوياً .

لقد صبّت وثائق “ويكيليكس” في الاعتقاد الشعبي الراسخ حول ترابط غياب الديمقراطية ودور “إسرائيل”، إلاّ أن أسئلة تتجاوز تلك التسريبات ظلّت حائرة، وهي تتعلق بكيفية تسريب هذه المعلومات، لاسيما هذا العدد الكبير من الرسائل السرية الأمريكية، التي تشكل علامة استفهام، خصوصاً إذا كانت الولايات المتحدة، وهي القوة العظمى، غير قادرة على حماية أمنها المعلوماتي، فكيف السبيل إلى معلومات الغير؟ ومثل هذا الأمر يثير أحياناً التباسات وشكوكاً، خصوصاً أن “نظرية المؤامرة” جاهزة وتؤثر في عقول الكثير من الناس، وهي وإنْ كانت موجودة ومستخدمة على نطاق واسع، لكننا لا يمكن إخضاع كل شيء أو تفسير كل قضية طبقاً لها .

وإذا كانت تلك التسريبات فضيحة كونية، فإن الولايات المتحدة و”إسرائيل” اللتين طالما تبجحتا بأنهما الحصنان المنيعان وأسرارهما بعيدة عن النظر، فكيف ونحن إزاء هذا السيل العارم من المعلومات؟ ولعله من الآن وحتى إشعار آخر لم يعد باستطاعة أي زعيم أمريكي أو مسؤول أن يضمن سرّية المعلومات التي بحوزته، كما لم يعد بإمكان أي مسؤول حكومي أو دبلوماسي التحدث مع أي مسؤول أمريكي أو دولي صراحة من دون أن يفكّر باحتمال نشر كلامه، أو أن “ويكيليكس” أو مواقع أخرى تشبهه ستكون له بالمرصاد، كما أنه ليس بإمكان مسؤول أو دبلوماسي أو حتى عميل أو متعاون مع أجهزة أمريكية أو غيرها أن يكون في مأمن إزاء تسريبات قادمة قد تؤثر في موقعه .

لعل في ذلك مفارقة لم تحدث منذ بداية تاريخ البشرية وحتى اليوم، فالأجهزة الاستخبارية والأمنية بما فيها الدبلوماسية ظلّت حريصة على عدم انكشاف مصادر معلوماتها أو فضح أمر المتعاونين معها، وأحياناً تقوم بمبادلتهم أو حتى نقلهم من دولة إلى أخرى، حماية لهم وحرصاً على حياتهم ودفعاً لمساءلتهم، لاسيما إذا وقعوا بيد الغير أو تعرضوا للاستجواب والتهديد أو المغريات .

وإذا كان لا يمكن الإجابة بنعم أو لا على الكثير من الأسئلة التي طرحتها تسريبات “ويكيليكس”، ولكنها من دون أدنى شك بانتظار تفاعلات جديدة وما ستتركه من تأثيرات، وقد كان أول الغيث تنحية رئيس الموساد “الإسرائيلي”، استدراكاً لما قد يحدث، أما قضية جوليان أسانج فستبقى مثيرة، وهي أقرب إلى حبكة درامية ستطول قراءتها لسنين .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطنة.. من دولة الحماية إلى دولة الرعاية
- بُعيد تسريبات «ويكيليكس» وعشية الذكرى الثانية للعدوان على غز ...
- ما أشبه اليوم بالبارحة
- المواطنة في الإسلام .. إرهاصات الدولة الحديثة وكوابح الواقع
- من مالك بن نبي إلى المهاتما غاندي
- سُليمى مولوي الخطيب: إمرأة حالمة ومسكونة بالقلق الانساني الب ...
- العدوان الإسرائيلي على غزة في ضوء قواعد القانون الدولي الإنس ...
- لحظة الهند .. البحث عن الشراكة والتعاون.. لا تريد أن تكون قو ...
- الطائفية وتشكيلات ما قبل الدولة
- الاستفتاء السوداني والفيدرالية الكردية
- تحديات التنمية.. التربية والمواطنة
- حرب العملات!
- بوش وفنتازيا -نقاط حاسمة-
- الوطن والمواطنة: أية علاقة؟
- هل يحتاج الفقراء إلى «التمكين القانوني» ليتخلصوا من آفة الفق ...
- طاولة واحدة للتوافق الموعود
- المبادرة نداء حقيقي وضع العراقيين أمام مسؤولياتهم التاريخية ...
- «ويكيليكس» .. حقائق خلف القناع
- تسريبات ويكيليكس.. الوجه الآخر للمأساة العراقية
- التربية على المواطنة موضوع الفكر العربي المعاصر


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ما وراء تسريبات -ويكيليكس-؟