أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - حوار مع الدكتور ميثم الجنابي حول مقاله عن الهوية الوطنية والقومية الحلقة الثانية حول الهوية القومية والوطنية في العراق















المزيد.....


حوار مع الدكتور ميثم الجنابي حول مقاله عن الهوية الوطنية والقومية الحلقة الثانية حول الهوية القومية والوطنية في العراق


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 966 - 2004 / 9 / 24 - 12:35
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بعد أن تطرقنا إلى مفهوم الهوية يهمنا الآن الدخول بحوار مع موضوعات السيد الدكتور ميثم الجنابي.
عند قراءة المقال نشأ لدي انطباع قوي وكأن الدكتور الجنابي يريد تحميل النظام التوتاليتاري العراقي, نظام صدام حسين وحده مسئولية كل ما حصل في العراق إزاء الشعب الكردي والقوميات الأخرى حين كتب يقول: فقد كان الاهتزاز الهائل للهوية الوطنية للعراق نتاجاً "طبيعياً" للتوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية التي أدت سياساتها للتوحيد الشامل في كل شيء إلى تجزئة كل شيء. وهي نتيجة يمكن ملاحظتها بوضوح على حالة القضية القومية والهوية الوطنية فيه" (راجع: الجنابي, ميثم د. العراق بين الانتماء القومي والوطني. مجلة الديمقراطية/ مؤسسة الأهرام. القاهرة. العدد 15/2004. ص 50).
لقد سلط النظام الدكتاتوري إرهاباً شرساً وعنصرية مريعة طوال 35 عاماً ضد الشعب الكردي, وهذا صحيح تماماً ولكن السياسية الشوفينية إزاء الشعب الكردي وبقية القوميات غير العربية لم تبدأ مع مجيء البعث إلى السلطة بل قبل ذاك بسنوات طويلة, أي بعد صدور قرار عصبة الأمم بإلحاق ولاية الموصل بالعراق في عام 1926. وقد وضعت عصبة الأمم لهذا الإلحاق بعض الشروط المهمة التي كان على الحكومة العراقية الالتزام بها, إذ عبرت عن ذلك في رسالة إلى عصبة الأمم التزمت الحكومة العراقية الملكية بموجبها ممارسة الشروط التي طرحتها مجلس عصبة الأمم والتي عبرت عن مطالب وحقوق الشعب الكردي. ولكن الممارسة العملية أظهرت ابتعاد كل الحكومات العراقية الملكية المتعاقبة عن تنفيذ تلك الشروط, ومارست سياسة التهميش الفعلي للشعب الكردي, وكذلك بالنسبة القوميات الأخرى غير العربية, وشنت الحملات العسكرية الظالمة ضد الفصائل الكردية التي كانت تطالب بتنفيذ تلك الحقوق على مدى الحكم الملكي. وعدا عن ذلك فقد مارست جميع حكومات العهد الملكي دون استثناء سياسة التمييز في كل شيء إزاء الكرد. وعلى الدكتور ميثم الجنابي الرجوع إلى عشرات الكتب التي كتبت من قبل كتاب عرب أو إعادة قراءة كتاب "تاريخ الوزارات العراقية" للراحل السيد عبد الرزاق الحسني, ليتعرف على المجالات التي ساد التمييز فيها ضد الكرد وضد الآشوريين والكلدان أو حتى ضد التركمان, رغم أن حكام العراق حينذاك كانوا في الغالب الأعم من المدرسة العثمانية العنصرية المتخلفة. ومورست سياسة التمييز ليس ضد أتباع القوميات الأخرى فحسب, بل وكذلك ضد أتباع الديانات الأخرى مثل أتباع الصابئة المندائية أو أتباع الأيزيدية الكرد, لقد كان التمييز صارخاً في من يحتل منصب رئيس الوزراء أو وزارات بعينها أو في السلك الدبلوماسي ووزارة الخارجية أو في القوات المسلحة والكلية العسكرية وكلية الأركان, وفي عملية التنمية والمشاريع الاقتصادية والبنية التحتية وفي توزيع وإعادة توزيع الدخل. هذا لا يعني بأن القسم العربي من العراق لم يتعرض لسياسات من هذا النوع ولكنها كانت من طبيعة أخرى ترتبط أما بالمنحدر الطبقي أو بالجانب المذهبي وليس القومي. وكان الكرد يطالبون باستمرار بحقوقهم المشروعة وجوبهوا بالحديد والنار وحصد الموت عدداً كبيراً من المناضلين الكرد من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية.
والغريب بالأمر أن السيد الجنابي يقول, رغم تسميته للنظام البعثي بالتوليتارية والدكتاتورية الصدامية, ما يلي:
" .. إذ لا معنى على سبيل المثال للحديث عن "نازية عربية" تجاه أي من أقوام العراق بما في ذلك في مجرى السياسة التي انتهجها حزب البعث. فهي لم تكن سياسة "تعريب" أو "تطهير عرقي" ضد غير العرب, لأن ضحيتها الكبرى كانت اساساً من العرب. كما أنه لم توجد "نازية عربية" في التاريخ السياسي العراقي الحديث والقديم أيضاً لأنه لم يكن هناك إجماع أو تأييد للسياسة البعثية بشكل عام وتجاه القضايا القومية في العراق بشكل خاص كما كان الحال في ألمانيا وإيطاليا. بل يمكن توكيد العكس. ..." . كيف يقرأ عملياً هذا النص من مقال الجنابي. يهدف هذا النص إلى الإيحاء بما يلي:
• لم يمارس الاضطهاد القومي في العراق إزاء الشعب الكردي والقوميات قبل مجيء البعث للسلطة, وهي التي ساهمت بتجزئة الهوية الوطنية العراقية.
• لا يمكن الحديث عن ممارسة سياسة شبيهة بسياسة النازية في ألمانيا أو الفاشية في إيطاليا, إذ لم يكن حتى النظام البعثي من هذا الصنف.
• إن زوال هذا النظام يسمح باستعادة الهوية الوطنية والتخلص من التجزئة ولا معنى عن ذاك لهوية خاصة بالكرد, إذ أن هويتهم ستكون الهوية الرافدية والعربية والإسلامية لا غير.
يصعب على الإنسان العارف بتاريخ العراق الحديث أن يقبل بمضمون هذا النص, فهو يجافي وقائع الحياة ويتجاوز على تاريخ وسياسات الحكومات العراقية المتعاقبة في مواقفها من الكرد والقوميات الأخرى, إضافة إلى موقفها الرجعي التابع عموماً من القضايا المطروحة عليها.
فالنظم الحكومية المتعاقبة مارست ثلاثة أسليب لا بد من ذكرها بوضوح:
• رفضت الاستجابة لمطالب الشعب الكردي في إقامة الحكم الذاتي واستخدام اللغة الكردية في المناطق الكردية وبقية الالتزامات التي أخذتها على عاتقها.
• شنت حملات عسكرية وضربات جوية وبالمدفعية القرى الكردي, وخاصة قرى بارزان بسبب دور الملا مصطفى البارزاني في حركة التحرر الكردية, وسقط بسبب ذلك الكثير من الشهداء واعتقلوا الكثير من الشخصيات البارزة وأعدموا كوكبة من الضباط الكرد بعد فشل جمهورية مهاباد في كردستان إيران عام 1946.
• أهملت المنطقة الكردية إهمالاً كبيراً من حيث المشاريع العمرانية والتنموية, في حين ن كركوك, وهي جزء من كردستان العراق, كانت تنتج كميات كبيرة من النفط الخام وتحقق لخزينة العراق كميات كبيرة من العوائد المالية من العملات الصعبة.
• أجبرت مجموعات غير قليلة من الكرد على الهجرة والإبعاد على مناطق أخرى من العراق في الوسط والجنوب.
• ساهمت بفعالية بتهميش الكرد في المجتمع العراقي ووضعتهم وكأنهم مواطنين من الدرجة الثانية, ومارست التمييز ضدهم في مجالات مختلفة من وظائف الدولة.
ويفهم من هذا النص أن النازية ينبغي أن تكون ذات شعبية واسعة أو جماهيرية لكي تعتبر فاشية وعنصرية تمارس في بلد ما. النازية يا سيدي الفاضل مصطلح مكون من خمسة حروب (NSDAP) وهو يعني: حزب العمال الاشتراكي القومي الألماني(Nationalsozialistische Deutsche Arbeiterpartei) واختصاراً لهذا الأسم الطويل أصطلحوا عليه بكلمة نازي, وهو يعني الحزب الهتلري.
وليس للكلمة أي مضمون شعبي أو جماهيري أو فاشية منتشرة في صفوف الشعب, بل هي تعبر عن اسم الحزب الذي وصل إلى السلطة عبر الانتخابات العامة في عام 1933 ومارس السياسة العنصرية ضد الشعوب غير الآرية, سواء أكانوا من الساميين كاليهود أو العرب, أم كانوا من السلافيين أو السنتي والروما (الغجر الأوروبي) أو غيرهم من الأقوام والشعوب. والنازية كمصطلح تعبر عن عدة مضامين أساسية هي:
1. سيادة حكم استبدادي مطلق (توتاليتاري) في البلاد وبقيادة حزب واحد هو حزب الحاكم الفرد. ويتمثل في وضع السلطات الثلاثة, التشريعية والتنفيذية والقضائية, بيد القائد الفرد وتمجيده واعتباره المسئول الأول والأخير عن تقرير مصير الأمة أو الشعب.
2. مصادرة دولة القانون والدستور والحياة الديمقراطية وممارسة سياسة الإرهاب والقمع والاضطهاد ضد الشعب والقوى السياسية الأخرى, وتشويه الحياة البرلمانية.
3. تغييب المجتمع المدني ومصادرة حقوق الإنسان وحقوق المواطنة وتحويل الإنسان إلى أداة منفذة بيد النظام القائم والقائد أو الزعيم, ويفترض في الشعب الخضوع التام والمطلق للقائد. إلغاء الحياة الحزبية وهيمنة الحزب الواحد, حزب الدولة والقائد.
4. ممارسة سياسة عنصرية وفق مفهوم أساسي في النازية الهتلرية, وهي وضع سلم للشعوب المختلفة كان الجنس الآري (أو الجرماني) يقف في القمة, أما في أسفل السلم فهم العرب والعبيد واليهود, وهذه السياسة لا تعني طرد الناس من البلاد, بل تعني تصفية الناس من الوجود.
5. والنازية تتطلع وتمارس إلى الحرب بهدف التوسع وإعادة تقسيم مناطق النفوذ الاقتصادي والسياسي في العالم.
6. ويصبح القمع جماهيري واسع النطاق ويومي باستمرار ويمس الجميع والخشية من الموت تعم الجميعً. والأجهزة الفاعلة في مثل هذه الدولة هي جهاز الأمن والاستخبارات وأجهزة الشرطة الخاصة بأعمال التعذيب الوحشي وقتل الناس بالجملة من جهة, وجهاز الإعلام والدعاية الكاذبة هي وسيلة هذا النمط من الحكومات للسيطرة على فكر وممارسات الإنسان من جهة أخرى حيث يسود مبدأ " افتروا ثم افتروا ثم افتروا, لعل بعض افتراءاتكم تعلق بأذهان الناس".
7. التفريط بموارد الدولة المالية باتجاهات العسكرة وإقامة الصناعات العسكرية والتهيئة لعمليات الوسع والحرب العدوانية.
لا نحتاج إلى أية مقارنة بين النظام الهتلري والنظام الصدّامي, إذ لا معنى لمثل هذه المقارنة. من يعمل في السياسة ولديه معلومات عامة يدرك بأن هناك تبايناً في المكان والزمان وفي مستوى تطور البلدين وفي الأهداف الإمبريالية للدولة النازية الألمانية في حينها, في حين أن العراق كان وما يزال بلدانامياً ومتخلفاً وزاد تخلفه بسبب الحروب التي شنها النظام وزادت مشكلاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ..الخ. ولكن من حقنا أن نقارن بين الأساليب التي مارسها النظامان في ألمانيا والعراق. وهي في حقيقة الأمر واحدة لا تختلف كثيراً مع العلم بأن النظام العراقي توفرت له أساليب وأدوات حديثة في ممارسة التعذيب والقهر والقتل. سأنشر قريباً كتاباً بعنوان "الاستبداد والقسوة في العراق وسترى القارئة ويرى القارئ طبيعة هذا النظام والسبل والأدوات التي مارسها في قهر الشعب العراقي, وأنا أتحرى عن دار تقوم بطبع هذا الكتاب الجديد).
لقد مارس حزب البعث وقيادته وصدام حسين كل ما ورد في الفقرات السبع السابقة, وسلطوا أبشع أساليب الاستبداد الشرقي والدكتاتورية الشمولية الحديثة على الشعب وضد القوى السياسية الأخرى وضد الفكر الآخر وزج بمئات الآلاف من الناس بالسجون والمعتقلات وملأ العراق بالقبور الجماعية من الذين قتلوهم تحت التعذيب أو الإعدامات الجماعية أو ضحايا الأنفال, إذ بلغ عدد القتلى في العراق لأسباب الحرب والقمع والجوع ما يقرب من مليوني إنسان عراقي, بضمنهم ما يزيد عن 000 600 طفل عراقي ماتوا بسبب سياسة النظام والحصار الدولي ونقص الأدوية والمواد الغذائية للأطفال, كما هجَّر النظام أكثر من 000 400 إنسان من الكرد الفيلية والعرب الشيعة من مناطق الوسط والجنوب. وهجر النظام عشرات الآلاف من الكرد والتركمان من مناطق سكناهم في كركوك أو الكرد من المدن الكردية, وفرض التطهير العرقي عليها والتعريب القسري. واتخذ موقفاً عدائياً ضد القومية الفارسية وشن الحرب ضد إيران بهدف توسعي تماماً كما شن الحرب ضد الكويت لنفس الهدف التوسعي العدواني.
إن أساليب التعذيب التي مارسها النظام العراقي طيلة عقود لم تختلف عن أساليب النازيين التي مارسوها في معتقلاتهم المعروفة في بولونيا وألمانيا وفرنسا وغيرها ضد اليهود والروس والغجر الأوربيين وضد السلافيين أو ضد الشيوعيين والاشتراكيين والمسيحيين والديمقراطيين المستقلين... الخ. وأضطر أمام هذه السياسة القمعية أكثر من ثلاثة ملايين إنسان إلى مغادرة العراق والعيش في المنفى. وبعد كل هذا وغيره الكثير لا يجد زميلي الفاضل الدكتور الجنابي في منهج وسياسات النظام البعثي الصدّامي ما يؤكد بأن السياسة التي مارسها البعث في العراق كانت في جوهرها نازية أو فاشية أو سياسة عسكرية قمعية تماثل من حيث الجوهر النهج العنصري لدى الحزب النازي والدولة الهتلرية الذي جسده بشكل صارخ روزينبيرغ الذي كان يرى في العنصر الآري (الجرماني) الجنس الأفضل والأعلى والأرقى والمنتج للفكرً والمبدع والمطور للحياة بين جميع الأقوام, وأن الأقوام الأخرى ليست سوى حثالات مستهلكة ومنفذة, ليست سوى بشراً من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة. وهل اختلف صدام حسين في نظرته إلى العرب عن نظرة روزنبيرغ أو هتلر إلى الجنس الجرماني أو الآري؟ علماً بأنه كان يميز بين العرب أيضاً, إذ ليس كل عربي يناسب مواصفات صدام للعرب. لم يختلف نظام البعث الصدّامي قيد أنملة من حيث الفكر والممارسة عن النظام الهتلري, في ما عدا أن الأول كان يمثل أعتا وأضخم الشركات الرأسمالية الاحتكارية التي كانت تسعى إلى إعادة توزيع مناطق النفوذ وكانت تتحرى عن موقع لها تحت الشمس. في حين أن نظام البعث كان يعبر عن مصالح فئات عديدة من كبار الإقطاعيين وبعض شيوخ العشائر والبرجوازية البيروقراطية والعقارية وبعض فئات البرجوازية الصغيرة الهامشية التي انحدر منها والمتطلعة للغنى السريع وعلى حساب المجتمع وثروته الوطنية. لم يختلف صدام حسين في منحدره الطبقي كثيراً عن هتلر ولا في سلوكه اليومي وجنون العظمة والسادية والنرجسية.
من الغريب أن يتحدث الزميل الجنابي عن العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والكرد والقيادات الكردية. ولكنه يتجنب كلية العلاقة بين العرب من العراقيين والولايات المتحدة الأمريكية. لم يكن الكرد أول من دعا إلى التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لإسقاط النظام. لقد حاول قادة الشعب الكردي العمل وفق بأربعة أساليب للخلاص من نظام القتلة في بغداد, وهي:
1. التعاون والتنسيق مع جميع القوى السياسية العراقية للوصول إلى تشكيل جبهة وطنية واسعة تضم أحزاب جميع القوميات وجميع الاتجاهات الفكرية والسياسية بهدف التصدي للنظام العراقي.
2. حملوا السلاح وناضلوا لسنوات طويلة حرب أنصار مرهقة وقاسية ضد الدكتاتورية الصدامية وشاركتهم مجموعات من المناضلات والمناضلين العرب, وبشكل خاص من الحزب الشيوعي العراقي وبعض التنظيمات الأخرى, وكذلك الكلدان والآشوريين وجمهرة من التركمان, في هذا النضال المسلح.
3. دعوا الدول العربية والدول المجاورة إلى مساندة نضال الشعب العراقي في إقناع النظام العراقي للتخلي عن استبداده والتعامل العقلاني مع قوى المعارضة العراقية. لم تكن الكثير من الدول العربية مستعدة لذلك, بل وقفت عملياً بالضد من ذلك, في ما عدا تلك التي استقبلت اللاجئين السياسيات والسياسيين من العراق, مثل سوريا وليبيا والجزائر والأردن.
4. وحاول قادة الشعب الكردي الوصول إلى حل سلمي وعملي للوضع في كردستان خصوصاً والعراق عموماً من خلال مفاوضات مباشرة مع النظام العراقي, لكن النظام لم يكن مستعداً إلا للمناورة ونصب الفخاخ لتمزيق أي تعاون عراقي معارض للنظام, بل سعى حتى إلى تشديد الصراع بين الفصائل الكردية ذاتها وبمختلف السبل المقيتة.
كل هذه الأساليب لم تثمر عن نتيجة, كما فشلت الانتفاضة الشعبية العفوية في إسقاط النظام في عام 1991 بسبب مواقف سياسة الولايات المتحدة الأمريكية المعروفة في فترة بوش الأب وضعف وحدة وتعاون القوى الوطنية المعارضة. وبدأت العديد من قوى المعارضة العربية قبل الكرد في الاتصال بالولايات المتحدة الأمريكية وبشكل خاص منذ عقد مؤتمر بيروت في ربيع عام 1991. لا أدري ِلمَ نسى الأخ الدكتور الجنابي دور الكثير من العرب في هذا المجال ابتداءًً من السيد سعد صالح جبر والمطالب بالعرش العراقي السيد علي بن حسين بن علي والدكتور أحمد ال?لبي والسيد كنعان مكية وعشرات غيرهم من الشخصيات العراقية التي تعاونت مع الولايات المتحدة في إطار المؤتمر الوطني العراقي أو خارجه, وراح يلهث وراء موقف الكرد, الذين لم تبق لهم وسيلة يتوسلوا بها غير الموافقة في المحصلة النهائية على موضوع الحرب. ما أزال أتذكر تردد السيد مسعود البارزاني والسيد جلال الطالباني في الموافقة على ذلك قبل الحرب بفترة غير طويلة, ولكنهم لم يجدوا بداً من الموافقة, إذ لم تعد موافقتهم أو رفضهم يؤثر في الوضع القائم أو منع الحرب أو تخليص الشعب العراقي من الدكتاتور البغيض. ألا يرى الأخ الدكتور الجنابي في موقفه تحيزاً غير سليم ضد الكرد دون أن يفكر بأن هناك بشراً يراقبون الحركة السياسية العراقية ويعرفون ما يجري بها ويعرفون المواقف جيداً, وهو يعرف بأن بعض القوى الإسلامية هي الأخرى قد تعاونت في الموقف من الحرب (المجلس الأعلى لثورة الإسلامية وأهل البيت برئاسة السيد الدكتور محمد بحر العلوم وغيرها, وكذلك الكثير من القوى الديمقراطية المعارضة. القوى الرافضة للحرب كانت تتمركز في الحزب الشيوعي العراقي وحزب الدعوة الإسلامي والقوى القومية العربية بمختلف أجنحتها, نتحدث في هذا الشأن بكل موضوعية وبعيداً عن مواقفنا الشخصية إزاء الحرب ونتائجها وعواقبها. كم كان بودي أن يلتزم الزميل الفاضل بالمثل العراقي القائل "أجلس بصورة عوجاء وكما تشاء, ولكن عليك أن تتحدث باستقامة".
للكرد في العراق تجربة غنية مع الولايات المتحدة الأمريكية ويعرفون جيداً أن سياستها قائمة على أساس الكيل بمكيالين. إذ أنهم يواجهون السياسة الأمريكية إزاء الشعب الكردي في كردستان تركيا ويدركون تماماً بأن العلاقة القائمة بين كردستان العراق والولايات المتحدة قائمة على اساس مصالح معينة وليس حباً في سواد عيون الشعب الكردي في العراق, إذ أنها لا تختلف عن عيون الشعب الكردي في تركيا أو في إيران أو في سوريا. وعلى الكرد أن يستفيدوا من ذلك لصالح قضيتهم القومية والقضية الوطنية العراقية في آن واحد. وهم لا يريدون بأي حال التفريط بالمصالح الوطنية العراقيةً. علينا أن نرى بوضوح كامل بأن العرب والكرد لم يكونوا المسئولين عن الحرب الأخيرة في العراق, بل النظام الصدّامي الذي مارس كل السياسات ليوفر عملياً كل مستلزمات نشوب الحرب. ولا نختلف بالقول بأن المسعى الأمريكي بإستراتيجيته المعروفة, والمسعى الصدّامي بتكتياكته البائسة والقهرية التي عشناها, قد قادا معاً إلى الحرب وإلى الوضع الذي نعيش فيه الآن. وعلينا الآن أن نعمل سويةً لإبعاد العراق من السقوط في مستنقع الفوضى والإرهاب وسيول الدم والدموع.
لقد كانت الغالبية العظمى من السكان العرب والكرد وغيرهم يؤيدون سلوك جميع السبل المتوفرة للخلاص من نظام صدام حسين, بما في ذلك الحرب, إذ كانوا يعتقدون بأنها معركة ستكون غير طويلة وينتهي العذاب الذي كانوا يعانونه من وجود النظام الذي مرغ جباههم بالتراب. ولم يكن في مقدور المعارضة العراقية حينذاك إنجاز مهمة الخلاص من نظام صدام حسين فاستعانت بالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. وإذا كنت أحد المخالفين والمعترضين على الحرب حتى بعد الحرب, فهذا لا يعني أني الصائب في موقفي أو أن أضع نفسي في مواجهة الجميع. عليّ أن أطرح رأيي وأناضل من أجله, وهذا ما فعلته في كل كتاباتي وتصرفاتي. ولكن علينا الآن إنجاز مهمات أخرى, ومنها بالدرجة الأولى الخلاص من الإرهاب الراهن واستعادة الأمن والاستقرار وإيقاف حمام الدم في العراق ومعالجة عملية إعادة البناء والخلاص من وجود قوات الاحتلال في البلاد. وعلينا أن نعالج قضايانا بهدوء وموضوعية, بما في ذلك القضية الكردية التي مرّ عليها الآن أكثر من ثمانين عاماً. فليس من حقنا أن نمارس ذات السياسة الشوفينية التي مارسها جميع الحكام العرب في العراق, وعلينا أن نفهم ونتعامل بصدق ومسئولية مع شعار حق تقرير المصير للشعب الكردي, بما في ذلك حقه في اختيار الانفصال أو الفيدرالية. وبما أنه اختار الفيدرالية فما علينا إلا أن نوافق عليها ونعمل على تعزيز الأخوة والصداقة العربية الكردية لصالح العراق الفيدرالي الديمقراطي الجديد.
برلين في 23/09/2004
يتبع: الحلقة الثالثة



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الدكتور ميثم الجنابي حول مقاله عن الهوية الوطنية وال ...
- هل سيستمر البعثيون القدامى والجدد على إرسال رسائل التهديد وا ...
- هل هناك محاولات لتوسيع رقعة وتطوير نوعية وحجم العمليات الإره ...
- إلى ماذا يسعون مرتكبو الجرائم الإرهابية العمياء في العراق وب ...
- رؤية حوارية حول واقع وسبل معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماع ...
- هل حقاً عاد البعثيون الصدّاميون إلى الحكم في العراق ثانية؟
- رسالة مفتوحة إلى السيد وزير الدفاع العراقي حول الموقف من ماض ...
- 2-2 من هم ال?يشمر?ة في كردستان العراق؟ لِمَ تشكلت ميليشيا مق ...
- 1-2من هم ال?يشمر?ة فی كردستان العراق؟
- !حوار مع مضامين رسالة السيد حلمي حول اغتيال الأساتذة في العر ...
- أين تقف حكومة قطر من مصالح الشعب العراقي؟
- لنناضل سوية ضد جرائم اختطاف واغتيال الأساتذة والصحفيين الأجا ...
- هل انتهت مشكلة مقتدى الصدر أم بدأت لتوها؟
- نحو تغيير جذري في واقع ودور وحياة المرأة العراقية
- !لنتذكر جميعاً, مع تصاعد الإرهاب, خطط صدام حسين لمواجهة الأو ...
- هل من علاقة بين الإرهاب في العراق وارتفاع أسعار النفط الخام ...
- !حوار مع الأخ الفاضل زهير الزبيدي حول مواقف إيران إزاء العرا ...
- مرة أخرى حول مواقف إيران من الوضع الراهن في العراق؟
- هل لم يعد مقتدى الصدر حراً في قراراته أو حتى في تصريحاته؟
- من المستفيد من الحسابات الخاطئة للعقلية السلفية المتطرفة لمق ...


المزيد.....




- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - حوار مع الدكتور ميثم الجنابي حول مقاله عن الهوية الوطنية والقومية الحلقة الثانية حول الهوية القومية والوطنية في العراق