|
محاولة خنق هيئة إجتثاث البعث بكيس بلاستك
حمزة الجواهري
الحوار المتمدن-العدد: 965 - 2004 / 9 / 23 - 10:11
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
بالرغم من أن ممثل الوفاق في المجلس الوطني المؤقت قد أكد على إن البعث قد انتهى وأصبح في ذمة التاريخ وأنه أعاد جميع تلك الحيثيات التي ذكرها المالكي مستشار هيئة إجتثاث البعث من أن هناك الكثير من البعثيين لم يكونوا مجرمين، وإن السبب بانخراط تلك الجماعات هو سياسة الترهيب والترغيب والإجبار من قبل النظام السابق، إلا أنه انتهى بنتائج مختلفة تماما عما انتهى إليه المالكي مستشار الهيئة، ولم يؤكد أو ينفي الرغبة باستمرار هذه الهيئة بالعمل. كان ذلك قد حدث خلال مناقشة المجلس الوطني العراقي المؤقت لملف إجتثاث البعث ذلك القانون العظيم الذي يعيد لأصحاب الحقوق حقوقهم ويقصي جهلة العراق ومجرميه من مواقع القرار والتحكم بمستقبله وأجياله. في الواقع كان هناك ما هو أعظم وأبعد من ذلك، فالهيئة كانت قد طردت من المنطقة الخضراء بواسطة الشرطة التي يبدو إن عناصرها كانوا فرحين وينفذون بذمة وحرص شديدين هذه المرة، فهي المرة الأولى التي يظهر بها شرطتنا الجديدة بهذا القدر من الجدية والتصميم على التنفيذ والتي تختلف عن أسلوب شرطينا الجدد التي عرفناها والتراخي في أداء مهماتها بالنسبة للبعثيين والإرهابيين، قد لا تستغرب عزيزي القارئ حين تعرف السبب، فقد قيل إن جميع الشرطة الذين يقومون بحراسة المنطقة الخضراء، هم وضباطهم، من البعثيين القدامى، وهذه المجموعة المنتقاة من الشرطة يعتبرون إن أعضاء الحكومة الجديدة وأعضاء المجلس الوطني وكبار المسئولين العراقيين بمثابة نزلاء لديهم يقتادونهم وقت يشاءون ويسمحون أو لا يسمحون لهم بالدخول للممارسة نشاطهم الوظيفي في هذه المنطقة التي تعتبر قلب الدولة النابض، ففيها المجالس التشريعية والتنفيذية والقضائية وفيها قيادة الجيش والقوات المسلحة كما وفيها أيضا رئاسة الدولة، أي الرؤساء الثلاثة الذين يمثلون أكبر الأطياف العراقية ويمتلكون حق الفيتو بشان إصدار أي قرار أو قانون، كما ويسمح لهم قانون إدارة الدولة الانتقالية الذي هو بمثابة الدستور العراقي المؤقت بمحاسبة الحكومة المؤقتة التي لا يجب أن يدوم عملها أكثر من سبعة أشهر من بدء تشكيلها. إذا كانت هذه الحكومة قد تحكمت بكل هذه المفاصل بزمن لا يتجاوز الشهرين، ما الذي سيحصل بعد انتهاء السبعة أشهر؟ والأهم من ذلك هو أن الرئيس ونوابه ليس لهم حضور ولم نسمع أي شيء عن جلساتهم ولم نسمع يوما ما أنهم حاسبوا الحكومة المؤقتة على فعل مهما كان نوعه، فما جدوى وجودهم؟ حيث أن الفترة لا تتجاوز السبعة أشهر والبعثيون يسابقون الزمن بإنجاز برنامجهم بالعودة كاملا تحت أسماء ومضلات جديدة، فالرئيس الجديد لم يترك دولة إلا وزارها في حين نحن أولى بالعناية والرقابة على أداء الحكومة، وأهم بكثير من المهام الترفيهية السياحية التي قام بها منذ أن تقلد هذا المنصب ولحد الآن. الجميع ومن بينهم هيئة إجتثاث البعث هم تحت رحمة السلطة التنفيذية والشرطة، ومن هم عناصر الشرطة هؤلاء؟! قد يستغرب المرء حين يعرف إنهم البعثيين تحديدا!!!! كان لابد لنا من التوقف عند هذه النقطة بعض الشيء قبل المضي بموضوع مناقشة المجلس الوطني المؤقت للتجاوزات على هيئة إجتثاث البعث التي أقدمت عليها الحكومة بكل قوة من دون النظر للخلف ولو لبرهة من الزمن، فالحكومة قد إجتثت الهيئة وألقت بها للشارع دون أن تقدم لها البديل بعد أن أخلى 250 موظف من موظفي الهيئة مكاتبهم، ولا يحق لهم تأجير مكان ليكون المكان البديل للهيئة، هكذا ألقت بهم الشرطة إلى الشارع ولا يحق لأحد إيوائهم، وبذات الوقت، أو الأنكى من ذلك هو إن من طردهم هم البعثيون وهم أيضا من يقف اليوم من على منصة المجلس الوطني ليطالب بصلف مطلق إجتثاث الهيئة بدلا من البعث. يقف أحد المداخلين من ممثلي الشعب وبعد أن قدم ادعائه وشكواه من ممارسات البعث المقيتة ضده هو شخصيا وأهل بيته ومنهم أمه ذات الثمانين عاما، إلا أنه بعد هذه المقامة الهزلية أعطى للهيئة بعدا طائفيا كونها شيعية وإن أهدافها طائفية محض بالرغم من أن رئيسها الذي هاجمه بشدة وأسرف بشتمه، ولولا أن أسكته رئيس المجلس بحجة الوقت المخصص لمداخلته، ولولا ذلك لراح لما هو أبعد، فالرئيس الذي هاجمه لم يكن شيعيا بل سنيا من العائلات السنية المحافظة المعروفة، وكما نعرف إن العديد من أعضاء الهيئة هم من السنة أيضا، ونعرف كما يعرف الجميع إن معظم المستهدفين بقانون إجتثاث البعث هم من الشيعة، حيث إن الشيعة الذين كان لديهم مواقع متقدمة في حزب البعث كثيرون ولكن كصورة فقط ولم يكن مطلوبا منهم سوى التنكيل بأهاليهم ولا شيء آخر، أما من هرب من أعضاء البعث الكبار كانوا جميعا من غير الشيعة تحديدا، فلا ندري كيف توصل هذا العضو إلى ذلك الاستنتاج من أن المستهدف هو السنة فقط؟!!؟؟ هل الهدف من هذا الخلط الخطير نوع من أنواع الإرهاب الفكري، وذلك لكي يتراجع من يدعمون قانون إجتثاث البعث عن مواقفهم خشية اتهامهم بالطائفية؟ أم هل الغرض منه تسويق الطائفية البغيضة بأي ثمن أو مسوغ؟ بالرغم من أنه فشل فشلا ذريعا بتسويق الطائفية وجعلها هي التي وراء إنشاء هذه الهيئة وليس حقوق الشعب العراقي والإنسانية لكثرة جرائم البعث ضد الشعب العراقي والإنسانية، وإن حقيقة الدوافع هي أخلاقية وقانونية وعرفية، لم يكتف بذلك الفشل المخجل، بل راح يطالب بتعويض البعثيين وإعادة رواتبهم التي قطعت منذ التاسع من نيسان من العام الماضي ولحد الآن، وبالرغم من أن المتضررين من قانون إجتثاث البعث لم يتجاوزوا الخمسة وثلاثون ألف، أعيد منهم ستة آلاف بالفعل وهرب خمسة عشر ألف إلى خارج العراق لكثرة الجرائم التي إقترفوها ضد الشعب العراقي، هربوا بعد أن أفرغوا العراق من ثرواته وراحوا يعملون ليل نهار لبث الرعب والجريمة وإشاعة القتل والتخريب في العراق من مهاجرهم القريبة جدا من العراق، وهناك عدد لا بأس به منهم ينخرط بشكل مباشر بأعمال الجريمة التي تسمى جزافا من قبل الفضائيات بالمقاومة، بعد أن نعرف هذه الأعداد لم يبقى لنا سوى بضعة آلاف من هؤلاء البعثيين الذين هم من أصل الخمسة وثلاثون ألف كان القانون قد شملهم وهم بلا أدنى شك من الشيعة، أو على الأقل غالبيتهم العظمى من الشيعة. لكن الذي لم يستطع المداخل أن يحدده، هل التعويض سيشمل الأموال التي كانوا ينوون سرقتها من الشعب العراقي أم فقط رواتبهم التي أقرها صدام بالعملة الصعبة لهم؟ وهل يتضمن التعويض ما كانوا يتمتعون به من امتيازات لا حصر لها في زمنهم أم لا؟ الأخطر من ذلك هو دعوته لإعادة هؤلاء إلى مناصبهم الوظيفية، وكما نعرف كان هؤلاء يمتلكون ناصية القرار في العراق بكامله، حيث إن المناصب العليا في العراق كانت محتكرة لهذه المجموعة المشمولة بالقرار، فهم المدراء العامون لجميع مؤسسات الدولة وهم وكلاء الوزارات والرؤساء التنفيذيين لجميع دوائر الدولة والمؤسسات والشركات التابعة لها، بمعنى آخر هم من كان يمتلك القرار فقط في العراق، فهل كان المداخل يعني أن يعود البعث من جديد كما يفعل غيره دون أن ينتظر قرارا من أحد؟ أليس ذلك كافيا وأنهم يريدون المزيد؟ وهنا يجب أن نعود لمن يفعل كل ذلك دون أن يلتفت لأحد أو أن يلتفت للوراء، فهو يبدو كمن لا وقت لديه لتنفيذ برنامج طويل معد لسنوات ويريد تنفيذه خلال سبعة أشهر فقط، فالمجلس الوطني الموقر الذي ناقش موضوع إجتثاث البعث في جلسته المنعقدة يوم 20-09-2004 عليه أن يحاسب كل من أعاد بعثيا لموقعه السابق كما حدث في وزارة الكهرباء حيث أعاد السيد الوزير، البعثي الجذور، جميع البعثيين دون حساب لأحد وكأن الوزارة قد أصبحت مملكته الخاصة وهناك من يغض الطرف عنه، بل يشجعه على ذلك من خلال الخصوصيات التي بينهم، وما حصل في وزارات الدفاع والداخلية غيرها كثيرة جدا كان أخطر ويثير الفزع في النفوس. إن على المجلس أن يعمل على طرد هذه العناصر البعثية من مواقعها التي حظيت بها في الوقت الحاضر وتنظيف الوزارات من البعثيين جميعا، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، من يضمن إنهم لا يعطون التعليمات الفنية المطلوبة للمخربين لتخريب المواقع الأكثر أهمية بالنسبة للكهرباء؟ فالسيد وزير الكهرباء ذات نفسه يذكر تفاصيل لعملية تخريبية محددة كان البعثيون قد قاموا بها وهي تفجير خط أنابيب لنقل المشتقات في بيجي ومن خلاله تم حرق الخطوط ذات الضغط العالي التي تغذي الشبكة الكبرى في العراق مما أدى إلى توقف كامل لمنظومة الكهرباء في العراق، فهل كان بمستطاع مخرب غبي أن يفعل ذلك دون أن يكون هناك من أرشده لهذا النوع من العمل الدقيق جدا؟ فهذا العمل بحاجة لإرشاد فني محدد، أي خرائط تفصيلية لكي يكون الضرب في نقطة محددة بحيث يكون التفجير ذو أثر كبير ويعقبه توقف كامل لشبكة العراق الكهربائية؟! المحزن حقا هو أن البعثيين يعودون على حساب غير البعثيين، وحتى إن البعض قد تم نقلهم نقلا تعسفيا من مواقعهم وإحلال بعثيين بدلا منهم، وقد تناسى الجميع أن هناك مفصولين سياسيين من زمن النظام السابق وعددهم يفوق عشرين ضعفا لهؤلاء البعثيين ولكن لم يهتم بهم أحد، أما البعثيين الذين فقدوا مناصبهم بسبب التغيير الجديد فقد سمعنا أصواتا وشاهدنا أفعالا لإعادتهم للعمل في مناصب قيادية. فهل ما نراه هو أن البعث مازال يحكم في العراق والذي تبدل هو صدام فقط؟؟؟؟!!!!!!! يجب أن ننسى الفوضى التي يخلقها البعثيون المتمثلة بالتفجيرات والخطف وذبح الرهائن والعبوات الناسفة وقذائف الهاون، يجب أن ننساها ولو قليلا لأنها زوبعة فارغة وغوغاء إعلامية وحسب، لننساها ونتحدث بما هو أهم، فالجميع يطلبون منا الوقوف مع الحكومة المؤقتة ودعمها، ولا ندري هل إننا ندعم برنامج إعادة تأهيل البعث والعودة بهم للسلطة من جديد؟ أم ندعم البرنامج السياسي لبناء النظام الديمقراطي في العراق؟ فأنا لا أعتقد إن عودة البعث للسلطة سيكون هو النظام الديمقراطي المنشود في العراق، بل هو الوبال على العراق والكارثة التي تحيق بالعراق والعراقيين والنفق الضيق الذي لا نهاية له والذي نحن قد دخلنا به بالفعل، ما لم يتداركنا المجلس الوطني المؤقت والرئيس ونوابه وينقذونا من هذه الكارثة التي تحيق بنا، خصوصا وإن السيد الرئيس قد أخذ قسطا من الترفيه والسياحة المجانية بعد التعب الذي أصابه خلال العام الماضي العاصف بكل أنواع التغيير. على الجميع أن لا ينسوا عقيدة البعث، فهي بسيطة جدا وواضحة، تتمثل بإقصاء الجميع والتفرد بالسلطة بعد التمكن من مفاصلها، وهم يمتلكون اليوم جميع المفاصل.
#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف يمكن أن نفشل إستراتيجية البعث القذرة
-
فضائية العربية عينها على الحصة التموينية للعراقي
-
إستراتيجية البعث احلاف محرمة وزوابع بأسماء مختلفة
-
هل نحن مشروع للذبح الجماعي من قبل البعث لم ينتهي بعد؟
-
ماذا بعد النجف؟
-
عائدات العراق من النفط تتضاعف كنتيجة لأعمال التخريب
-
الأعور الدجال يستبيح العراق
-
ثقافة الكذب من جديد، أغلب الظن تؤسس لنظام شمولي جديد
-
فهمي هويدي يسيء للمراجع الشيعية
-
شرح لشروط الصدر العشرة
-
إجتثاث الفكر الشمولي 4 -4 قوانين ضرورية لإنطلاق عجلة الإنتاج
...
-
الوطنية تعنى الولاء للعراق وليس لإيران أو العرب
-
الدول الإسلامية تتولى مهمة تقسيم العراق
-
إجتثاث الفكر الشمولي 3 -4 المجتمع المدني على أعقاب النظام ال
...
-
إجتثاث الفكر الشمولي 2 -4 المجتمع المدني على أعقاب النظام ال
...
-
إجتثاث الفكر الشمولي 1-4 الفاشية والنازية والفكر الشمولي بإخ
...
-
خطف الدبلوماسي المصري والعمالة الأجنبية في العراق
-
إيران العدو الأكبر
-
محللون سياسيون أم إرهابيون
-
الدعوة مكشوفة المقاصد لخروج قوات حفظ السلام من العراق
المزيد.....
-
مصر.. حكم بالسجن المشدد 3 سنوات على سعد الصغير في -حيازة موا
...
-
100 بالمئة.. المركزي المصري يعلن أرقام -تحويلات الخارج-
-
رحلة غوص تتحول إلى كارثة.. غرق مركب سياحي في البحر الأحمر يح
...
-
مصدر خاص: 4 إصابات جراء استهداف حافلة عسكرية بعبوة ناسفة في
...
-
-حزب الله- يدمر منزلا تحصنت داخله قوة إسرائيلية في بلدة البي
...
-
-أسوشيتد برس- و-رويترز- تزعمان اطلاعهما على بقايا صاروخ -أور
...
-
رئيس اللجنة العسكرية لـ-الناتو-: تأخير وصول الأسلحة إلى أوكر
...
-
CNN: نتنياهو وافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. بوصع
...
-
-الغارديان-: قتل إسرائيل 3 صحفيين في لبنان قد يشكل جريمة حرب
...
-
الدفاع والأمن القومي المصري يكشف سبب قانون لجوء الأجانب الجد
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|