|
فضائية المستقبل تتجاوز اليسار و اليمين
أحمد التاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 3219 - 2010 / 12 / 18 - 22:50
المحور:
ملف مفتوح – أهمية و إمكانيات إطلاق فضائية يسارية علمانية
اليسار بمعنى التصحيح الدائم للوضع القائم و الجدل الدائم حول الأوضاع المكرسة و السؤال الأبدي المشاغب حول النظريات الشمولية المغلقة و الدوغمائيات المتممة للنعم و المكملة لنظم الحياة ..، هذا اليسار التقدمي الذي اعرفه..
هو اليسار الجميل الذي ما فتئ منذ بدء الاجتماع البشري و إلى اليوم يصحح المسار و يقوم السياسات عبر التاريخ، حتى السياسات الشيوعية و الاشتراكية، بما أسلم إلى هذا التقدم الذي "نحايثه" باعتبار أننا لا نزال نعيش في الأوغال الذي تركها التاريخ شاهدا على عصوره الغابرة.
اليسار بمعناه هذا يصلح لأن يكون خطا رئيسا لفضائية التمدن. لا يأخذ أي اتجاه من الاتجاهات الجارية عنوانا له. فاليمين هو الوضع القائم كيفما كان، تقدما أو رداءة، و اليسار هو الحركة المستمرة في تحسين الوضع القائم.
بهذا المعنى الأصيل الذي لمسته في أدبيات اليسار الصادقة، يمكن أن تغري فضائيتنا المأمولة كل الشرائح و التوجهات.
كيف تتعامل فضائيتنا مع العلمانية؟
نشر ثقافة المواطنة المؤسسة على الحريات الفردية و الحقوق المدنية بدون هجوم على المعتقدات التي، إذا حسن التبليغ و إيصال الرسائل، لا تلبث أن تصبح تقاليد متحفية للترويح و الترفيه.. و لا ضير في بقائها سندا معنويا لمن يشاء. حيث أن احترام المعتقد من احترام الإنسان المؤمن و ليس العكس. قد يبدو في الأمر تساهل أو تنازل للمعتقدات العنيفة كالأصوليات المسلحة أو المتعدية كالأصوليات الغازية للمدارس العمومية، و لكن تقليم أظافر هذه المعتقدات من اختصاص الحكومات.. و هي حكومات تأتي إذا عرف الاتجاه اليساري كيف يشيع الثورة الناعمة في أوساط المجتمعات.
كيف تتعامل فضائيتنا مع الثقافة الإبراهيمية؟
الثقافة الإبراهيمية ليست كالديانات الطبيعية السمحة و البريئة التي يسهل تجاوزها بمجرد بلوغ الإنسان سن الرشد.. هذه الثقافة تشبه الفيروس الذي يتشكل في صورة برنامج، و عليه لا بد من الممارسة الدائمة لعملية تحيين المضادات الخاصة بالفيروسات/البرامج. و هذا ما ستنوء به فضائية التمدن بتوخي المضادات التالية:
- اقتحام مجال البارا-سيكولوجي و تسليط الأضواء عليه بأدوات المنهج العلمي - إدراج حصص و برامج خاصة بإبراز الجهود الفكرية البشرية في مجال الاجتماع و التنظيم و التعايش و السلوك و الأخلاق و السمو ، و لهذه المجالات فتوحات بشرية لأعلام لا نكاد نسمع عنهم في خضم احتكار الدين الهستيري لهذه الفتوحات و المبادئ بطريقة دعائية لا أساس لها. - تسليط الضوء على التاريخ المبكر لهذه الثقافة و مقارنتها بالفكر البشري المعاصر لها - تسليط الضوء على الإسلام المبكر باعتباره الشوط الأخير بالمنظومة - كشف حقيقة التاريخ الواقعي لما يسمى بالجاهلية و إعادة النظر فيما دونه مؤرخو الدولة الأموية و ما بعدها
هذه بعضها تمثيلا لا حصرا، و لكل مرحلة مضاداتها، و هي جديرة بأن تشوش على تلك الفيروسات بدون أن تهدمها بطريق مباشر و ذلك احتراما لمشاعر المصابين بها، و الاحترام هنا من احترام الإنسان كما أسلفت.
كيف تتعامل فضائيتنا مع التراث اليساري للشيوعيين العرب ؟
أعتقد بأن هذا التراث في تاريخيته التطبيقية عبر مختلف السياسات أخذ من وقته و أصبح اليوم يمينا خالصا، و لا أظنه من الذوق السليم اجترار المماحكات الخلافية الغارقة في التجريد أو في الحزبيات الضيقة. اصطحاب المبادئ الماركسية و استئناف التفكير انطلاقا من عمالقة هذا الفكر إعمالا للنظر في واقعنا الحالي اسلم و أقرب إلى مدارك المواطن العربي البسيط. و قد يبدو غريبا المطالبة باقتحام الثقافة الإبراهيمية في تفاصيل تراثها على عكس التراث اليساري التقليدي.. و السبب هو ان التراث اليساري ليس قوتا يوميا للمواطن العربي على عكس تلك الثقافة امتزجت و لا تزال بالوجدان العربي عاملة فيه نخرا و تخريبا .
من هذه التحريات يبدو أن التمويل يتعسر نوعا ما بالنظر إلى العادة الجارية في "ترشيد" الصرف الذي لا يخرج عن الإطار السياسي أو الربحي، أو كليهما، مهما تسامى المصدر.. و عليه فان مراعاة الاستقلال و تحري الحرية قدر الإمكان جدير بأن يسهل مهمة الزملاء في نضالهم.
أنا متفاءل بأنها ستكون رائدة و قائدة الفضائيات العربية مستقبلا نحو التقدم و الخروج من نفق التاريخ الغابر إلى فسيح الوجود
#أحمد_التاوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسلمون طيبون
-
الحوار المتمدن و التغيير
-
مستقبل الثقافة في مصر
-
الشعب المصري قبل كل شيء
-
الحرب و الغاز الطبيعي: الغزو الإسرائيلي و حقول غزة البحرية
-
كتابة الجيتول و النوميديين القديمة
-
أمريكا و العلمانية (دونيس لاكورن)
-
أصول الإنسيّة اللائكيّة (شارل كونت)
-
العنف ضد المرأة: من التباس المعنى الى تمييع النضال
-
هل قتل الدين الابداع؟
-
هل ينتهي الارهاب
-
سياق الانسداد بالثقافة الجزائرية: البعد السياسي.
-
ثقافتنا بين قيدي التاريخ و الجغرافيا
-
سياق الانسداد بالثقافة الجزائرية
-
الشغب الفلسفي و الأمر الواقع
-
الشغب الفلسفي و الامر الواقع
-
الأسئلة القاتلة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
|