|
فضائية تطلق سراح الكلمة الملتزمة؛ لكن ...
مديح الصادق
الحوار المتمدن-العدد: 3219 - 2010 / 12 / 18 - 10:47
المحور:
ملف مفتوح – أهمية و إمكانيات إطلاق فضائية يسارية علمانية
قبل أن نستدرك بما اعتاد أن يتعوذ منها المستدركون، لابد أن نقف مليا كي نتناول التساؤلات المطروحة في هذا الموضوع، مشروع فضائية يسارية علمانية، الذي بات ملفَّا بحد ذاته دليلا على فاعليته، وضرورة صيرورته من حلم يداعب الخيال، أو مجرد تمنيات، والتمني يقارب المستحيل؛ إلى مشروع حي يتناوله بالبحث والدراسة نخبة المثقفين المتنورين
أولا : أسباب عدم ظهور هكذا فضائية إلى ألان؟ : يعلم الجميع أن الظهور المكثف للكثير من الفضائيات - المتفقة منها والمختلفة مع بعضها أيديولوجيا - هو نابع من حاجة المشرفين عليها، ومموليها، إلى ما يوسع قاعدتها من إعلام، والغاية عندهم تبرر الوسيلة، مهما كانت منزلة الوسيلة، تزييفا وتلفيقا وقلبا للحقائق، أم إيغالا ومبالغة بما هو قريب للحقيقة - وإن كان نادرا ذلك عندهم - لذا فإن الإعلام المبني على التعامل بالحقيقة، وهو بالطبع يفتقر للسند المالي الذي يحظى به الآخر؛ ناهيك عن أنه يهدد سلطة من يرتجى منهم الدعم، يبقى مقتصرا على ما بوسع النخبة التي تتعامل به من إمكانات محدودة، طبعا، ولعل ذلك من أسباب تأخر ظهور الفضائية موضوع الدرس إلى الواقع الملموس، إلى جانب أسباب موضوعية لها علاقة بتأخر اصطفاف لقوى التقدم واليسار
ثانيا : مدى أهمية و ضرورة الفضائية المقترحة ؟ الفضائية عموما أوسع وسيلة إعلام من حيث وصولها للمتلقين، أضف لذلك أن استخدام التقنية الحديثة له أثر في تقريب الحقائق إلى الأذهان؛ أما عن أهمية الفضائية ذات التوجهات اليسارية العلمانية، كمحور أيدولوجي، فإن الحاجة قد أمست ملحة لظهورها، وسط هذا الزحام الهائل، الخانق، لوسائل إعلام, وقنوات لا تبث سوى سموم تعصف بما بنته حضارة الإنسان، وتعطل الطاقات الخلاقة التي يعلق عليها الفكر التقدمي الآمال في تغيير مسار العالم نحو الأصوب، وأغلبها أدوات ترسخ سلطات الجلادين، وسارقي قوت الكادحين، ولنتذكر دائما بأن جيلا مثل الجيل المعاصر الذي أُشبع تسطيحا فكريا؛ بحاجة إلى من يأخذ بيده، ويرسم له خارطة الطريق من جديد، مباشرة؛ بل وجها لوجه
ثالثا : توجهات الفضائية المقترحة وهل تكون بخط سياسي واحد أم متعددة الاتجاهات, وهل يصلح الخط اليساري-العلماني المتفتح للحوار المتمدن لذلك؟ إن الخط اليساري العلماني الذي تبناه الحوار المتمدن قد كان سببا وراء هذا الحشد الهائل من الكتاب المتميزين، والجمهور الغفير من القراء والمتابعين؛ لذا فإن الالتزام بنفس الخط الفكري، والسياسة التي اتبعتها مؤسسة الحوار المتمدن، لهو صمام الأمان من أجل حماية تلك النافذة المرتقبة من الانجرار وراء سيناريوهات مشوهة للحقائق، نافذة ستكون بداية المسالك لتغيير ما يستوجب التغيير
رابعا : سياستها تجاه الأنظمة العربية الحاكمة وقوى التعصب الديني والقومي والطائفي والجنسي. : بما أن الأنظمة العربية الحاكمة حاليا تلتقي جميعا في أنها لا تمثل سوى أقلية من شعوبها، محدودة، تلتقي معها في المصالح ظاهريا؛ يحكمها صراع على المصالح، خفي، أما الأغلبية فهي بمعزل عنها رغم ما تبثه عن قربها منها، إعلاما مزيفا، ومبالغات؛ وتتنوع تلك الأغلبية ما بين طبقات لا تستقر مصالحها في ظل هذا النظام أو ذاك، أو قوى رجعية، منها القومية الشوفينية، والدينية السلفية الظلامية، والعشائرية المسخرة للنكوص؛ ويبقى إزاءها جميعا محدودا تأثير الفكر اليساري العلماني التقدمي؛ لذا فإنه معوَّل عليه ذلك الدور الذي ستلعبه فضائية تشهر الكلمة الواعية المدروسة سلاحا يقوض كل ما جاهدت لبنائه أنظمة فاسدة وما تخطط له قوى التعصب والتشدد، والظلام
خامسا : كيفية إدارتها بإمكانيات محدودة : لا شك بأن القصد من هذه الفقرة هو الإمكانات الفكرية؛ لأن السؤال السادس يتناول التمويل، فإنه معلوم لدى الجميع، من الأصدقاء، أو ممن هم غير ذلك، حجم الإمكانات الفكرية، والطاقات الإعلامية، التي تمتلك ما يؤهلها لإدارة فضائية هي صوتهم الحقيقي الصادق، وهي وسيلتهم لأداء رسالة بها التزموا، وتعاهدوا على أن يبقى صادحا عاليا صوت الحق، وواضح هذا من خلال ما كتبه أخوتي, وزملائي الكرام، ممن سبقوني، في إطار هذا الملف
سادسا : التمويل , من ؟ وكيف ؟ والاهم كيفية إدامة ذلك : بما أن هذا الجانب هو السند الدائم، وهو الضامن لاستمراره، وتطوره نحو الأفضل؛ لذلك فإنه لا بد من البحث المدروس عن مصادر عدة للتمويل، وهي تتراوح بين المشاركة الرمزية المحدودة كتلك التي أعلن عنها كثير من الكتاب والمعلقين، ومن لم يعلن لحد الآن، والدعم الدسم الذي يديمها، ويُغني برامجها بالاتجاه الذي نطمح إليه، وفي هذا المجال سبق وأن أبديت رأيا في معرض ردي على مقالات أساتذة سبقوني بالرأي؛ ذلك باستثمار دعم بعض عناصر البرجوازية الوطنية ممن لهم ميول وتوجهات تقدمية يسارية تقفز فوق انتمائهم الطبقي، وتوظيف مجال الدعاية البعيدة عن الإسفاف الفكري، وخداع الرأي العام، ويمكن البحث عن مصادر نزيهة للتمويل؛ قد تصل إلى حد طلب العون من دول لا تزال تنهج الخط الاشتراكي، وبعضها نظامها شيوعي
سابعا : من أين تبث في ضوء قوانين الإعلام وسطوة الأنظمة العربية في تقيدها محليا وعالميا؟ : من الطبيعي أن توجهات فضائية بالشكل الذي طرحناه ستشكل كابوسا مؤرقا ليس للحكام العرب المتسلطين فحسب؛ بل لكل الأنظمة الدكتاتورية في العالم، وحتما أنها ستلاقي المزيد من المضايقات التي قد تصل إلى حد التشويش، إن لم يكن قطع البث، فاللصوص في العالم أخوة لا يفرقهم تضارب المصالح، ولا الحروب؛ من هنا أرى بأن يكون البث من دولة - خارج العالم العربي - يحكمها النظام والقانون، بغض الطرف عن نظامها السياسي
ثامنا : هل يمكن البدء بها في ضوء إمكانيات محدودة وبالعمل التطوعي , وكيف؟ : هذا السؤال يمكن طرحه على مؤسسة، أو جهة إعلامية تجد في كوادرها، وإمكاناتها المتعددة، القدرة على البدء ببرامج قد تكون الخطوة الأولى على عتبة الطريق، مع استشراف المستقبل، وما يضمنه من مقومات الديمومة، والاستمرار بالمحتوى الذي عاهدت جمهورها عليه؛ ولعل تلك الجهة التي نتفق جميعا على قدرتها على النهوض بهذا المشروع، هي مؤسسة الحوار المتمدن، إن توفرت لها ما تديم هذا المشروع من مقومات، وأسباب
تاسعا : من يدعمها؟ وهل من الممكن أن تكون داعما لها بأي شكل من الإشكال؟ فيما يخص الدعم فقد تحدثنا عن جانبيه الفكري واتفقنا على غزارته، وديمومته؛ بل أن الظرف سيكون مناسبا لتفتح المزيد من الطاقات، وتفجر القابليات، لو أن الفضائية ابتدأت البث المستمر، تحت إدارة واعية ملتزمة، أما الدعم المادي فقد تناولناه في الفقرة السادسة، وسلطنا الأضواء عليه، أما ما يخص دوري شخصيا فأعاهدكم جميعا - معشر الطيبين - على أن أكون من أوائل الداعمين، بكل ما أمتلك من إمكانات
عاشرا :هل أن تلفزيون يبث عبر الإنترنت يمكن أن يكون مرحلة أولية للفضائية المقترحة؟ : مع تقديري واحترامي لفكرة البث الابتدائي من خلال الإنترنت، فإنني لا أرجح هذه الفكرة؛ لكونها ستكون تأخيرا، وتسويفا لمشروع حيوي يجب أن ينطلق بكل قوة تهتز لها عروش السلاطين، وتتساقط أشباح الظلام، والانتهازيين، لَعمري هي حرب، أساسها صراع فكري أزلي، فعليك أن تُشهر السلاح الموازي لما يحمله خصمك من سلاح
حادي عشر : أي نقاط أخرى متعلقة بالموضوع مرحب بها.: وهنا يكمن الاستدراك ب { لكن } ذلك أن مجلسا إداريا، فنيا، وماليا، تحكمه علاقات المحبة، والتجرد، وتغليب مصلحة المجموع على الأفراد، والالتزام بالخط الفكري، والسياسي الذي على أساسة يقام هذا المشروع؛ كل ذلك ضمانات للنجاح في تلك المهام النابعة من إيمان لا يتزعزع بأن الإنسان أغلى قيمة في الكون أحييكم جميعا، إدارة، ومشرفين، وعاملين، كاتبات وكتاب، قارئات، وقراء، راجيا لكم النجاح، ومعلقا على قدراتكم المشروع من الآمال
December - 18 - 2010
#مديح_الصادق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أيُّها المؤمنون، كي يستقرَّ العالم، اجتثُّوا الشيوعيين ...
-
الأزهارُ لنْ تموتَ, أبدَ الدهرِ
-
متمدن حوارنا, منارة للشرفاء
-
زبَدٌ على السواحل والشطآن ... قصة قصيرة
-
اعترافاتُ سفَّاحٍ يحتضرُ, بمناسبة يوم الشهيد الآشوري الكلدان
...
-
زائرة آخر الليل , قصة قصيرة
-
عتاب إلى الشهيد ستار خضير, الذكرى 41 لاستشهاده
-
قاب قوسين او أدنى من جهنم ... قصة قصيرة
-
العنقاء تشتهي العصافير المسيحية ... قصة قصيرة
-
وعاد منتصرا , مِحكّان المهوال
-
عمال العراق, تأريخ وتحديات
-
اخلع جلبابك, يا مشحوت
-
احذرا الكفر, سيادة الرئيسَين
-
وفاء بالدَين؛ احتفلنا لقائمة الرافدين
-
عرسا وطنيا كان في تورونتو
-
انتخبوا مرشحكم ... مشحوت
-
كل يوم يمر شباط
-
شهداؤنا مصابيح نور, وأغراس طيب
-
خذ ما شئت من الخرائب مادام كسرى سالما
-
ما حرفا, وما اسما
المزيد.....
-
ضجة في إسرائيل بسبب صدور أمر بالتحقيق مع زوجة نتنياهو
-
-هذا لا يمكن أن يستمر-.. الجنود الأوكرانيون يأملون في التوص
...
-
زلزال قوي يضرب جنوب شرق جزيرة هونشو اليابانية
-
قتلى في غارات إسرائيلية على اليمن استهدفت مطار صنعاء ومواقع
...
-
كارثة بيئية في البحر الأسود: إنقاذ أكثر من 1200 طائر بعد غرق
...
-
اليمن.. ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على صنعاء وال
...
-
-تلغراف-: على ترامب أن يعرض على بريطانيا صفقة الانضمام إلى ا
...
-
فنلندا تحقق في -تخريب- كابل كهرباء بحري يربطها بإستونيا وسط
...
-
اتهامات للسلطات التونسية بالتنكيل بقيادي في حركة النهضة
-
كازاخستان تحسم الجدل عن سبب تحطم الطائرة الأذربيجانية في أكت
...
المزيد.....
المزيد.....
|