كهلان القيسي
الحوار المتمدن-العدد: 965 - 2004 / 9 / 23 - 09:06
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
الكارديان البريطانية * تنشر قصة السجينة هدى العزاوي: ماذا بعد أبو غريب
ترجمة كهلان القيسي
هدى العزاوي39 عاما( من عائلة ميسورة) وحدة من العديد من النساء الأتي حبسن في السجن العراقي سيء الصيت, أبو غريب وبعد إطلاق سراحها تروي قصة عذابها إلى Luke Harding.من الكرديان البريطانية20 -أيلول 2004
الحكاية بدأت مع اتصال هاتفي في نوفمبر الماضي, حيث تلقت هدى العزاوي تهديدا من احد العراقيين المتعاونين مع القوات الأمريكية في مدينة الاعظمية ذات الأكثرية السنية في بغداد التي تعادي الاحتلال الأمريكي للعراق. وكان تهديده سهل جدا: مدام هدى ادفعي لي 10 ألاف دولار أمريكي, وإذا لم تدفعي فأنني سوف اكتب تقريرا للأمريكان عنك وعن عائلتك وأقول بأنكم تعملون مع المقاومة. وانه سوف يقدمه إلى القوات الأمريكية وسف تقوم باعتقالها.
وتقول هدى: انه ابتزاز بكل منى الكلمة, وإذا دفعنا هذه المرة فنحن نعرف انه سوف يكرر تهديده. وهذا العميل ذكي جدا كما كان تقريره, في نوفمبر من العام الماضي كتب تقريرا حرض فيه الجنود الأمريكان على استجواب علي أخ السيدة هدى, ونهلة أختها الكبرى. وقام هذا المتعاون أيضا بمشاركة الأمريكان بعدة غارات على الأملاك والبيوت الغنية الخاصة في بغداد.
في يوم 23 كانون الأول2003 قام الأمريكان باعتقال أخ خر للسيدة هدى هو أياد البالغ من العمر 44 عاما, وعند هذا الحد قررت السيدة هدى مواجهة الأمريكان مباشرة, وتوجهت إلى قاعدة القوات الأمريكية في الاعظمية, التي تتخذ من احد قصور صدام مقرا لها. تقول طلب منها الكابتن الأمريكي بالعودة ومعها أخويها الآخرين, ثم بعد ذلك سوف نتكلم. وفي عشية عيد الميلاد للسيد المسيح, عادت هدى ومعها أخويها علي ومعتز, ولقد انتظرت أربع ساعات قبل أن يستجوبني الكابتن, وبعد عشر دقائق ابلغني بأنني رهن الاعتقال.!!! حالي حال ألاف العراقيين الذين احتجزوا من قبل الأمريكان منذ بداية الغزو في السنة الماضية. السيدة هدى كانت على وشك أن تكتشف حقيقة إدارة بوش في "حربها على الإرهاب".
لقد قيدوا يداي إلى الخلف اعصبوا عيني بواسطة قطعة قماش وربطوني في سيارة هامفي وأخذوني إلى مكان داخل القصر.ثم رموني في غرفة يوجد فيها كرسي خشبي واحد, وكانت غرفة باردة جدا , وبعد خمسة ساعات جلبوا أختي , أنا لم أكن أرى شيئا ولكن أستطيع تمييزها من صراخها. وتضيف, لقد تركوني على هذا الكرسي طوال أليل, وفي اليوم الثاني أخذوني إلى غرفة تسمى من قبل المحتجزين ب( غرفة التعذيب). وصاح بنا الضابط إذا لم تعترفوا سوف نعذبكم, لذا عليكم الاعتراف. كانت يداي مقيدتان واخلعوا حذائي واوقفوني في الوحل ووجهوا وجهي نحو الحائط.وكنت اسمع رجالا ونساء يتصارخون ويبكون بشدة. لقد استطعت تمييز بكاء أخي معتز, أردت فقط اعرف ماذا كان يجري هناك, وحاولت أن أزيل العصابة عن عيوني وعندما فعلت ذلك أغمي علي. وحالها كحال بقية النساء العراقيات, فقد ترددت السيدة هدى من التكلم ووصف ما رأت, ولكنها قالت إن أخيها معتز قد اغتصب بطريقة وحشية وهمجية. ثم جاء دورها في الاستجواب.
العميل العراقي وضابط أمريكي كانا معا في تلك الغرفة. وبدء العميل العراقي يتكلم وقال: أنت ألامرأة التي تمولين إخوانك لضرب الأمريكان, وبما إنني أتكلم قليلا من الإنكليزية, فقد رديت عليه فقلت: انه كاذب , ثم صفعني الضابط الأمريكي على كتلا وجنتي وسقطت أرضا من شدة الضربة. ثم بعد ذلك اجبرني الحراس الأمريكان على الوقوف ووجهي إلى الحائط طوال12 ساعة من الظهر حتى منتصف أليل.
وبعد ذلك أرجعوني إلى الزنزانة التي لم تكن مسقفة والسماء كانت تمطر بشدة. في منتصف أليل رموا تحت أقدام أختي شيئا ما تبين انه أخي أياد. وكان ينزف من قدميه وركبتيه ووجهه, وسألت أختي:تأكدي إن كان لا يزال يتنفس, ثم ردت أختي لا لاشيء,وبدأت ابكي, وفي اليوم التالي اخذوا جثته بعيدا.
وبعد ذلك أصدر الجيش الأمريكي شهادة وفاة -اطلعت عليها الكارديان- تعزي سبب الوفاة إلى سكتت قلبية أو بسبب مرض غير معروف. الطبيب الأمريكي الذي وقع شهادة الوفاة لم يكتب اسمه وان توقيعه مشوه. الجثة أعيدت إلى العائلة بعد مضي أربعة اشهر , في الثالث من نيسان بعد انفضاح قصة سجن أبو غريب.
وقامت العائلة بتصوير جثة القتيل – كذلك اطلعت عليها الكارديان- وتظهر هذه الصورة كدمات كبيرة وواضحة على الصدر واليدين, وضربة قوية على جبهته فوق عينه اليسرى.
بعد أن اخذوا جثة أخيها أياد في وقتها , تقول السيدة هدى كان معي 18 عشر من المحتجزين ووضعونا في باص صغير داخل المعسكر الأمريكي, وقال لنا الأمريكان: إن أحدا سوف لن ينام أليلة , لقد شغلوا موسيقى مخيفة وصاخبة , وكانوا يطرقون على الباب ليوقضوا من يريد النوم من شدة الألم , لقد كانت ليلة أعياد الميلاد , لقد تركونا هناك مدة ثلاثة أيام , والجنود كانوا معظمهم سكارى.
وأخيرا وبعد أن كسر الجنود الأمريكان كتفها أثناء خروجها من المرحاض,.
السيدة هدى وبقية أخوتها تم نقلهم أولا إلى كلية الشرطة في بغداد وفي الرابع من كانون الثاني 2004 إلى سجن أبو غريب.
السيدة هدى هي أم لبنت في العشرين من العمر اسمها فرح, وحفيدة في الربعة هي صفد, قضت هدى 156 يوما أخرى في الحبس مع 5 نساء عراقيات في سجن أبو غريب سيء الصيت, في قسم الثقيلة, حيث تم ارتكاب الاعتداءات الجنسية من قبل الجنود الأمريكان والصور التي ظهرت من هذا القسم. الذي كانت النساء تحتجز في القسم العلوي منه في زنزانات مغلقه, والرجال في القسم الأرضي المرعب. والقسم الأكبر من السجناء في أبو غريب هم محبوسون في خيم في العراء محاطة بأسلاك شائكة وحراس أمريكيون.
في أسبوعها الأول في أبو غريب, وقبل إن يبدأ الأمريكان في التحقيق والبحث عمن كان يقوم بالتعذيب وإساءة معاملة السجناء, فان هذه الأمور كانت تجري يوميا وبشكل اعتيادي, وتضيف هدى: الحراس يستخدمون الكلاب المتوحشة , وشاهدت احد الحراس يترك كلبه وهو يعض ساق طفل اسمه عادل في الرابعة عشر من عمره .والحراس الآخرون يضربون الرجال بقسوة يوميا, وكنت أشاهد الدماء وهي تسيل من أنوفهم.ومن ثم يغطسونهم إجباريا بالماء البارد , ونحن في فصل الشتاء , أنها منذ البداية كانت حرب نفسية مرعبة.
السيدة هدى, رفضت الإجابة ( ربما خجلا) على السؤال عن الاغتصاب الجنسي للنساء العراقيات وتقول لاهي ولا بقية رفيقاتها في السجن تم اغتصابهن من قبل الحراس الأمريكان. رغم ذلك فانه في تقرير الجنرال تاكوبا قد تمت الإشارة فيه إلى اغتصاب نساء من قبل الحراس الأمريكان في سجن أبو غريب. وفي رسالة هربت من سجن أبو غريب توصف سجينة اسمها نور فيها كيف إنها اغتصبت في هذا السجن من قبل الأمريكان ويبدوا إن قصتها صحيحة, من خلال اللقاءات التي أجرتها الكارديان مع عدد من شهود العيان الذين خرجوا من السجن, وقال الشهود إنهم شاهدو اغتصاب طفلة ذات 14 عاما من قبل الحراس الأمريكان, وقال الشهود بأنهم أيضا شاهدو نساء يجبرن على التعري والوقوف أمام السجناء من الرجال.
تقول هدى: إنها احتجزت في زنزانة 2 متر مربع بدون أي فراش وسطل للتواليت, وفي أسابيعها الثلاث الأولى تقول إنني أصبت بالبكم تقريبا لأنهم هددونا بان الكلام ممنوع, وتقول إنهم سمحوا لها بكتاب واحد وهو القرآن الكريم , وبطريقة ما حصلت على قلم , وكانت تسجل حوادث التعذيب والاغتصاب بحسب تواريخها, على ورقات القران الكريم, وفي اشهرها الأولى في السجن تصف هدى الأمريكان: كان الجنود الأمريكان كوحوش وحقراء ومستبدين.
ولكوني أتكلم قليلا من الإنكليزية فق سمح لي بالعمل على جمع القمامة,ولم يكن هناك أبدا طعاما كافيا , وفي احد الأيام سقطت امرأة مسنة من الجوع,وان الأمريكان كنوا يأكلون الكثير من الطعام, ويتركون الباقي لذلك كنت اجمع ما تبقى من الفضلات وأعطيه إلى تلك ألامرأة المسنه.وفي احد الأيام شاهدوني أقوم بذلك فرموني في زنزانة انفرادية عرضها متر واحد.ثم بدواء يرشون الماء البارد علي لمدة أربعة ساعات " لقد سجلت ذلك التاريخ على هوامش كتاب القران, التاريخ شباط24 2004.
في الأشهر الأربع الأولى وفي الاستجوابات المتكررة لم يسمح لها بالخروج من الزنزانة, وتقول كانوا يسألوني بصفة متكررة هل أنا من المقاومة وهل أنا أول من أطلق صاروخ على القوات الأمريكية( وهي ذات بنية ضعيفة) إن هذا أشبه بنكته سمجة, وكانت رفيقاتي في السجن يسمياني _ ملكة الصواريخ .RBG
إن المحققين الأمريكان كانوا دائما يتجاهلون ويرفضون فهم الشعب العراق , وان العدد الأكبر من هؤلاء السجناء هم من أبرياء.
وبعد افتضاح قضية أبو غريب في نيسان من هذا العام سمح للسيدة هدى بتدريج أقدامها داخل باحة السجن لمدة عشر دقائق وحصلت على فراش, وانتدبت لهن مساعدة ( سجانه)في السجن وكنت تساعد عدد من النساء بتعلم بعض الكلمات الإنكليزية,
وفي مايس تم تعيين الجنرال جورجي مللر مسؤلا عن المعتقلات العراقية وجاء إلى سجن أبو غريب بعد افتضاح الكارثة الإنسانية فيه ,وقد زار السجن مع مجموعة من الصحفيين للمرة الأولى, وفي أليلة السابقة للزيارة قام الحراس الأمريكان بنقل كافة الأطفال والرجال من السجناء من هذا القسم , ولم يتبقى غيرها مع حفنة من النساء الأخريات في الطابق الأعلى.
وقد أخبرتنا هذه ألسجانه أثناء عملية التفتيش يجب إن نبقى هادئين في أسرتنا, وقد هددتنا: إذا تصرفتم بشكل جيد سوف اسمح لكن بالخروج ساعات أكثر من الزنزانات والتشمس قليلا. وفي اليوم التالي عندما جاء الجنرال مللر مع الصحفيين, لقد سمعته يقول لهم نحن هنا نسجن القتلة, وصرخت به وقلت نحن لسنا بقاتلات, انتم ألقتله, إن هذا بلدنا, وانتم احتليتموه, بعد هذا الكلام لم يسمحوا لي بالخروج من الزنزانة لمدة شهر كامل. وجاء ضابط أمريكي وقال لي: انه بسبك سنعاقب جميعا.
وتقول هدى بعد عدة أسابيع من الزيارة: بدء الأمريكان بإطلاق صراح عدد من السجناء من أبو غريب, لتحسين صورتهم قليلا. ثم نقلت السيدة هدى وأختها إلى خيمة, ومن ثم جاء ثلاثة محققين أمريكان وطلبوا منا أن نصف كيف وماذا حصل لأخينا القتيل أياد, ولم يقدموا أي اعتذار. ومن ثم تم إطلاق سراح السجينات ومنهن أختها. وأخيرا في 19 تموز تم نقلي بطائرة هليكوبتر إلى قاعدة التاجي العسكرية شمال بغداد.
وبعد ثمانية اشهر في السجن تبدلت معاملتهم لي تماما, مما أثار قلقي , لقد طلبوا منى توقيع ورقة بان لا أغادر الوطن ثم إنني حرة. وتقول هدى انه من الصعب جدا على امرأة في مجتمع شرقي أن تقضي شهورا في السجون. والبقية الباقية من النساء اللاتي أطلق سراحهن أما اختفين أو تبرئ أزواجهن عنهن.
أما بقية عائلة العزاوي الباقين على قيد الحياة هم: علي السجين رقم 156215 و معتز السجين رقم, 156216, لا يزالون في سجن أبو غريب. ولا يزال الجيش الأمريكي يحتجزهم مع 2400 أسير آخرين دون أي محاكمة أو أمر قانوني بإلقاء القبض عليهم, طبقا لاتفاقيات جنيف, وتقوا هدى إنها وكلت محامي لملاحقة العميل العراقي الذي تسبب في وفاة أخوها.
أما بقية النساء العراقيات فقد رفضن التكلم عن قصة اعتقالهن, وهي أول امرأة تدلي بشهادتها. وإذ كان العراق ينتقل من كارثة إلى أخرى ومن اختطاف وسيارات متفجرة, ما لذي تعتقدينه مدام هدى عن الأمريكان: إنني اكرههم.
* الكارديان عدد يوم 20-09-2004
#كهلان_القيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟