صادق إطيمش
الحوار المتمدن-العدد: 3218 - 2010 / 12 / 17 - 17:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
خطاب العقل وخطاب القتل
الضجة التي إفتعلها بعض مَن وضعوا انفسهم في موقع المدافعين عن القيم والأخلاق والعاملين على منع إنتشار الرذيلة في المجتمع العراقي ، وذلك من خلال ربطهم المقصود والمعلوم النوايا بين الدفاع عن الحريات العامة للناس والإنتصار للتوجه الديمقراطي في الوطن وبين تعاطي الخمور او السماح ببيعها . هذا التسويف الذي قد يكون قد أقنع البعض من الذين ينظرون إلى هؤلاء الذين وضعوا أنفسهم في هذا الموقع نظرة عاطفية تنطلق من العلاقة بينهم وبين الدين الذي لا يمكن لأحد في مجتمع كالمجتمع العراقي في الوقت الحاضر ، ان يتجاهل تأثيره على كثير من الناس الذين تلقوا تعاليم هذا الدين في البيت والمدرسة والمجتمع حتى أصبحت ممارسة الشعائر الدينية ، لدى الكثيرين ، جزءً من الإيمان المتوارث . إلا ان الملاحظ في الأمر هو نزوع بعض هؤلاء المدافعين عن الدين وقيمه إلى التعامل مع هذه القيم من زوايا مختلفة قد تجعل الذين يتعاطفون معهم اليوم ينقلبون عليهم غداً إذا إستمرت هذه النظرة لدى هؤلاء على الوتيرة التي عاشها الشعب العراقي في السنين السبع ونيف الماضية وحينما تنكشف نواياهم أكثر وأكثر .
ولو عدنا إلى مسألة الخمر وتعاطيه وبيعه وتاريخية هذه الظاهرة في المجتمع العراقي وكل ما ترتب ويترتب على ذلك من تبعات دينية واجتماعية ، لوجدنا ان المسالة لا تحتاج إلى كل هذه الزوبعة التي أثارها البعض ، لاسيما وإن المجتمع العراقي يعيش هذه الظاهرة منذ مئات السنين ويستطيع التمييز بين الفئات المختلفة التي تتعامل معها . أرجو أن لا يستمر بعض هؤلاء الذين وضعوا أنفسهم في موضع الدفاع عن الدين بتفسير وفهم مثل هذا الواقع الذي يعيشه المجتمع العراقي وكأنه دفاع عن خطيئة دينية وسقوط إجتماعي لم يعرفه المجتمع العراقي الذي إكتسب سمات حميدة تنسجم مع الكثير من التعاليم الدينية بالرغم من شيوع هذه الظاهرة فيه طيلة تاريخه الحديث والقديم . إلا أننا نرى أن إختلاف الزوايا التي ينظر من خلالها البعض إلى مثل هذه الظاهرة ، يشير إلى إستعمال بعض المخالفات في هذا المجال ، والتي يمكن ان تنشأ من خلال أية ممارسة إجتماعية ، للنيل من الحقوق الشخصية والعامة ومن التعامل مع هذه الظاهرة بالذات التي لم تشكل في يوم ما عاملاً من عوامل إنحطاط وتفسخ المجتمع العراقي الذي هم نتاجه .
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : هل أن هذه الصحوة المباغتة على القيم والإخلاق وليدة هذه الظاهرة فعلاً ، أو أن وراء ذلك ما هو أعظم ؟
المتابع لتاريخ العراق القديم والحديث ، ولا أعتقد بأن ذلك خافياً على حُماة الدين الجدد ، يعلم تماماً أن كثيراً من رجال الدين الأوائل قد تعاملوا مع هذه الظاهرة بالعراق تعاملاً منطقياً تمثل في وسائل الوعظ والإرشاد . اما مَن لم يلتزم بالتعاليم الإجتماعية واتخذ من تعاطي الخمور وسيلة لنشر الجريمة أو الإخلال بالعلاقات الإجتماعية ، فقد تعرض سابقاً ويتعرض اليوم أيضاً إلى العقوبات التي تصت عليها قوانين الدولة العراقية . وهذا من سمات الدولة التي تتبنى الحداثة في جعلها لقوانينها صفة الردع . ولو ألقينا نظرة خاطفة على المجتمع العراقي اليوم وخاصة منذ سقوط الدكتاتورية البعثفاشية وحتى يومنا هذا، وجمعنا الإحصائيات حول الممارسات المُخلة بالعلاقات الإجتماعية والمخالفة لكل التعاليم الدينية والعاملة على نشر الرذيلة في المجتمع لوقفنا امام صورة مرعبة يغطي " حُماة الدين" أعينهم عنها أو يؤيدونها أحياناً . وهذه الصورة تتجلى لنا بوضوح في الممارسات التالية :
أولاً: الكل يعلم علم اليقين أن ألأحزاب الدينية بكل فقهاءها ومنظريها هي المؤثرة الأساسية اليوم على الساحة السياسية العراقية وذلك منذ أكثر من سبع سنوات مضت . إن تأثير هذه الأحزاب على العملية السياسية الجارية الآن يعني تأثيراً مباشراً أيضاً على كل الممارسات الجارية في الأجهزة والمؤسسات التي تدير العملية السياسية . وإن أغلب هذه المؤسسات والأجهزة تُدار من قبل المنتظمين في هذه الأحزاب او المؤسسات أو من المؤيدين لها والعاملين معها ، ومن المفروض ان يلتزموا بتوجيهاتها الدينية وتعليماتها الإخلاقية .
ثانياً: توضح لنا صورة مؤسسات الدولة والقائمين عليها في هذا العهد الذي تديره المؤسسة الدينية وضعاً لا يمكن حتى لمن يجهل بأبسط أمور الدين أن يجد له أي قاسم مشترك مع كل التعاليم الدينية ، خاصة تلك التي تدعو إلى إنقاذ المجتمع العراقي من الوقوع في الرذيلة ، هذا الشعار الذي تبناه المدافعون الجدد عن قيم هذا المجتمع .
ثالثاً: ألأصوات التي علت في الفترة الأخيرة على متعاطي الخمور كانت خافتة طيلة السنين السبع الماضية عن الصورة التي يقدمها أنصارها عن مسيرة العملية السياسية والأمنية والإقتصادية والثقافية في كل مؤسسات الدولة التي يسيطرون عليها ، ولم نسمع عن هذه الأصوات التي تتبارى في علوها اليوم حول الخمور ، إلا ما سمعناه من عموميات من هذا الخطيب او ذاك ، وكأن كل هذه الجرائم التي ترتكب بحق الشعب العراقي لا تستحق غير ذكرها في خطبة جمعة او حديث عابر ، أما السلوكيات المزرية فيمكن غفرانها .
رابعاً: مع كل ثقتنا بأن مطلقي صراخ اليوم يعلمون علم اليقين ماذا جنت وتجني أيادي إخوتهم في الدين ، فلا مانع من العودة إلى الإحصائيات التي يمكن لكل منهم التأكد منها رسمياً ، إذ أن ذلك ليس بعسير ، فماذا تقول لنا هذه الإحصائيات يا ترى ؟
خامساً: إنها تقول أن أن هيئة النزاهة والعدالة تحصي سنوياً آلاف المخالفات القانونية المتعلقة بالفساد الإداري الذي أصبح العلامة الأساسية التي تمثل ممارسات أجهزة الدولة العراقية العاملة تحت الرعاية الدينية . ولو قارنا عدد الذين يُحالون إلى القضاء سنوياً إضافة إلى الذين يجري التحقيق معهم في قضايا الإختلاس والرشوة وسرقة المال العام ، إضافة إلى مَن صدرت الأحكام بإدانتهم في مثل هذه الجرائم أثناء إشغالهم مراكز دنيوية ودينية مهمة في الدولة العراقية الجديدة ، لو قارنا عدد هؤلاء جميعاً مع عدد المخالفين للقوانين سنوياً من جراء تعاطيهم الخمور ، لوجدنا المهزلة بعينها التي تجعل من بعض الأفراد القلائل من متعاطي الخمور أساساً لسقوط المجتمع ووقوعه في الرذيلة ، وكأن سرقة المال العام والرشاوي والإختلاس الذي يمارسه آلاف الملتحين المسبحين المحوقلين ليل نهار في دوائر الدولة ومؤسساتها التي يشرفون عليها ما هي إلا الواسطة الدينية لإستلام مفاتيح الجنة ، هذه الواسطة التي يبيحها الساكتون عنها ظاهراً أو باطناً أو كليهما، ولا علاقة لها البتة بانتشار الرذيلة وانحطاط المجتمع ، وهذا هو التصرف الغريب الذي نطالب بتفسيره من ذوي العلم في شؤون دينهم ودنياهم .
سادساً: منذ التاسع من نيسان عام 2003 وظاهرة الإرهاب مستشرية في وطننا وقد نالت من اهلنا ما نالته سواءً في قوافل الشهداء او إضطراب الأمن او إستنزاف موارد الدولة أو القضاء على ما لم تقض عليه حروب الطاغية من مقومات الدولة العراقية وبُناها ألأساسية او حملات الإغتيالات التي مارستها قوى الإرهاب المختلفة ضد العلماء والأطباء والأساتذة والمهندسين والصحفيين والفنانين والمثقفين والآلاف من الأبرياء من المواطنين في مناطق سكناهم ومحلات عملهم ، في الأسواق والشوارع ، في كبير المدن وصغيرها أو حملات التهجير التي أُجبرت من خلالها كثير من العوائل على ترك بيوتها واللجوء إلى مناطق غريبة عنها لا مأوى لها فيها . لقد إشتد الإرهاب في وطننا حتى أصبح فقدان الأمان وإضطرابه من الظواهر التي تعوَّد عليها الناس وأدخلوها في مسيرة حياتهم اليومية . ومن خلال ذلك تأثرت العلاقات الإجتماعية وتدهورت القيم العامة بشكل لم يعد خافياً على أغلب العراقيين داخل الوطن وخارجه . والكل يعلم تمام العلم أن هذا الإرهاب لم يكن إرهاب ألظلاميين من أدعياء الدين أيضاً كعصابات القاعدة وغيرها فقط ، بل انه ممارسات من قبل أحزاب دينية لها مرجعياتها داخل وخارج العراق . فالعصابات التي تحظى بالدعم الإيراني ساهمت فيه بنشاط سكت عنه الموالون للسياسة الدكتاتورية التي يقودها ساسة ولاية الفقيه . والعصابات التي تحظى بالدعم السعودي والسوري سكت عنه الموالون لهذه الأنظمة سياسياً ودينياً . والغريب في الأمر أن مَن يريد المحافظة على القيم الإجتماعية في العراق ، وخاصة أولئك الذين قادوا الحملة على الثقافة والمثقفين وعلى عامة الحقوق الديمقراطية ، هم من المناصرين إلى بعض هذه العصابات ولم يتطرقوا يوماً ما إلى تسميتها كعصابات إرهابية حين تطرقهم إلى معالجة موضوعة الإرهاب في وطننا . فماذا يعني ذلك ؟ ألا يعني أن كثيراً من مفاصل الدولة العراقية التي تقودها الأحزاب الدينية ومنتسبوها الذين يحاربون الثقافة والمثقفين اليوم هم اساساً من المساهمين في مثل هذه الجرائم التي لو أحصينا المشاركين فيها من منتسبي أجهزة الدولة المنضوين تحت عباءة الأحزاب الدينية لبلغ عددهم مئات أضعاف من أزعجوا الناس ليلاً والذين ينتهكون القيم والأخلاق ، حسب رأي فرسان الحملة الإيمانية الجدد العاملين على تنفيذ قوانين مجلس قيادة الثورة المقبور والساهرين على تنفيذ مفردات هذه الحملة كما خطط لها الجرذ المقبور . فأين أصواتكم ،حتى تلك الخجولة منها ، لإنقاذ المجتمع العراقي من السقوط في الرذيلة التي تلصقونها ببعض الأنفار القلائل المخالفين للقوانين العامة بسبب تناولهم المشروبات الكحولية ، وإن إدانتهم ضمن القوانين المعمول بها من واجبات الدولة الحديثة ، وتنسون عشرات الآلاف الذين إشتركوا في عصابات تسكتون عن مصادر تمويلها ودعمها وهي التي تعيث فساداً على أرض العراق منذ إستيلاء أحزابكم الدينية على شؤون البلاد والعباد منذ أكثر من سبع سنين . ومن غرائب الأمور فعلاً أن ادعياء الإلتزام بالقيم والأخلاق الدينية من منتسبي أحزاب الإسلام السياسي انكروا هذه القيم وتجاهلوا هذه الأخلاق حتى بين أبناء مذهبهم وطائفتهم الذين لم ينجوا من القتل والمطاردة والقمع إذا لم يعلنوا ولاءهم لهذا القائد الديني أو ذاك معتبرين طائفتهم هي الفرقة الناجية ومرجعهم هو المعصوم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه واضعينه خارج فصيلة البشر الذي قد يخطئ أو يصيب في كل تصرفاته في هذه الدنيا . ولا ندري هنا أين سنجد عند فرسان الحملة الإيمانية الجديدة المبادئ الإسلامية التي يدَّعون العمل بها لإنقاذ المجتمع من الرذيلة . وهل هناك من الموبقات أفضع من القتل والتشريد والقمع والإبتزاز والتزوير وسرقة المال العام ؟ افتونا مأجورين ايها الضالعون في الدين من السائرين على درب البعثفاشية في قيادة الحملة الإيمانية .
سابعاً: ألإثراء الفاحش الذي تميز به في السنين السبع الأخيرة حمَلة رايات أحزاب الإسلام السياسي شكل ظاهرة لا يمكن إخفاؤها عن أعين ومشاعر الجماهير التي لا يزال أغلبها يعيش تحت خط الفقر في بلد يقوده " المتدينون " الحريصون على أخلاقه وقيمه وصيانته من الوقوع في الرذيلة . ونعود إلى الإحصائيات مرة أخرى ونفترض وجود قوانين عادلة وصارمة تطرح بكل جدية وعدالة قانون : من أين لك هذا ، وتطبقه بشكل لا يتنافى والعدالة. فماذا ستكون النتيجة يا ترى لو أحصينا عدد الذين سيحاكَمون ويحاسَبون ويُدانون حسب هذا القانون مقارنة بمن سيُحاكَمون ويُحاسَبون ويُدانون حسب القوانين التي تحاسب على تعاطي الخمور ، هذا إذا وجدت مثل هذه القوانين أصلاً . فأي من هؤلاء المجموعتين المُعاقَبتين سيكون له القدح المعلى والمساهمة الكبرى في تخريب المجتمع والهبوط به إلى مستنقع الرذيلة ، ذلك الذي إغتصب أموال الناس فأثرى أو ذلك الذي إحتسى الخمر .
سيطول بنا الحديث لو إستطردنا بسرد حالات ممارسة الرذيلة من قبل المتسلطين على شؤون البلاد والعباد من دهاقنة الإسلام السياسي وذلك منذ أكثر من سبع سنين . هذه الحقائق التي نواجه بها هؤلاء تنطلق من مراقبة الممارسات اليومية لكافة أجهزة الدولة التي يقودونها بكل مفاصلها . إن هذه الحقائق هي طروحات منطقية تنطلق مما يفكر به الإنسان العراقي الذي كان يرجو الرفاه من سقوط الدكتاتورية ، فإذا به يكون ضحية هذا السقوط . فكيف يواجه المتنفذون الجدد وأنصارهم من الراكضين خلفهم لغايات وغايات مثل هذا الخطاب الذي يكشف عن سيئاتهم وضلوعهم في طرق الرذيلة ؟ . إن المنطق الوحيد الذي يجيدونه دوماً وفي كل المناسبات هو منطق التهديد بالقتل لكل مَن يحاول الكشف عن موبقاتهم الكثيرة في السرقات والتزوير والرشاوي واستغلال الدين لمآربهم الذانية أو الحزبية . التهديدات التي يوجهونها إلى كل مَن يتطرق إلى أعمالهم هذه يترحمون بها أحياناً على ضحيتهم بإنذارها إنذاراً غالباً ما ينتهي بخاتمة ....وإلا ......
إنهم يواجهون خطاب العقل الذي يفضح ممارساتهم الرذيلة بحق الشعب والوطن بخطاب القتل الذي يجيدونه ويجيدون مسالكه حقاً . وهذه هي الطامة الكبرى حينما لا تجد بين هؤلاء مَن يشير فعلاً إلى مساهمتهم الفعلية في إيصال الوطن إلى هذا الإنحطاط الذي سجلته المنظمات الدولية لمراقبة الشفافية والتي وضعت العراق في موقع لا يسبقه فيه في ممارسة كل هذه الموبقات إلا صوماليا .
في الحقيقة لم أجد أفضل ما أختم به هذا الحديث عن وضع العراق المأساوي اليوم تحت سطوة أحزاب الإسلام السياسي ، مما كتبه الأستاذ سلطان هاشم في موقع الحوار المتمدن تحت عنوان " أللون الأسود في الديانة والسياسة والمنشور على على الموقع بتاريخ 13.12.2010 والذي جاء فيه :
" وفي عالم عراقي فاسد , يحكمه حملة الرايات السوداء وعبدته , الذين لايفهمون غير سرقة المال العام وامتصاص دماء الفقراء , وكما تفعل حشرة المن بروث الحمير , وهم يرفعون رموزا ومعاني وسلوكيات مستقاة من النازيين والفاشست , واللصوص والقتلة والمجرمين والمتخلفين , , وينشرون الرذائل والماسي بدون رادع , ويقيمون المهرجانات الدينية المفتعلة والاغتيالات , وينظمون اشباح الموت وقتل مابقي من انسانية في العراق , بعدما سدوا كل الطرق على النجباء والمفكرين والمبدعين العراقيين لتحقيق اعادة بناء الذات والكرامة والضمير الانساني المحطم , في وضع كهذا تتعقد الوظيفة الثقافية والفكرية والفنية ورسالتها الانسانية بالحياة , ومن المؤسف والمحزن ان تنتهي بلادنا هذه النهاية المأساوية بعدما كان املنا فيها ان تكون منارة لانارة الدروب نحو الخير والانسانية وفي طليعة دول المنطقة كما كانت وقتا ما , بدل ان تنتهي جهود الاجيال المتعلمة والمثقفة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة والى وقت قريب , الى رماد تذويه عاصفة التخلف والمد الرجعي البغيض , في زمن كهذا تصبح المشاركة السياسية لبث الوعي ومحاربة وفضح الطغاة الجدد ومخازيهم في قتلهم المبرمج للوعي البشري , بحد ذاتها يقظة سامية للعقل والفكر الحر , وردة فعل على الهزائم المتوالية لهذا الشعب المغدور , وشكل من اشكال الجمال الروحي للنفس البشرية في العراق والوانها البهيجة , حيث تبدا الثورات كما يقول -علم الاجتماع المعاصر- بالوعي بوجود الطغيان اولا , بالاحساس بوجود العوارض والكوارث والاضطهاد , وبدون ان يشعر الانسان ويعي بذلك , فلن يقوم التغيير ولن تبدا الثورة . وليس المقصود هنا بالضرورة , الثورات العنيفة والدموية , فهذه اخر اشكال مراحل الثورات , انما المقصود اكثر هو ثورة الوعي , والانتفاضة على عقول قد سأم الناس من وجودها بيننا , تتحكم في ميراثنا وازماتنا وتستغل ضعفنا بلا هوادة , وتقيم لجرائمها طقوس الشعوذة واراقة الدماء في ليل مظلم وطويل وتحت سماء من رايات سوداء ."
الدكتور صادق إطيمش
#صادق_إطيمش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟