أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الكريم البدري - أهل الكهف لا يبنون دولة














المزيد.....


أهل الكهف لا يبنون دولة


عبد الكريم البدري

الحوار المتمدن-العدد: 3217 - 2010 / 12 / 16 - 17:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



في حياتنا الفكرية, يحكم قانون التطور وطبيعة العصر وضرورة التقدم. ولا معنى لنزعة الرفض لكل القيم الحضارية ومنجزاتها.والقضية الملحة المطروحة للنقاش, هذه الأيام, يقينا ليست جديدة. لكن معظم المثقفين وعلى مختلف مستوياتهم يشعرون بأنها صراع التقدم ضد التخلف , والعقل ضد الجهل, والوطنية ضد الطائفية, والحرية ضد الاستبداد, والمستقبل ضد الرجعية والظلامية الغيبية. في الوقت الذي أصبح من المستحيل على غير أهل الكهف- ان كان لهم محل في هذا العالم ان يعيشوا بمعزل عنها.
وما حدث في الآونة الأخيرة من إجراءات بحق شريحة المثقفين والثقافة, إنما يندرج تحت باب يمكن ان نسميه "التطرف". الذي أخذ أسلوبا متدرجا في اتجاهه نحو رفض القيم والمعايير المجتمعية, ومن يسلك هذا الطريق لايعمد في كثير من الأحيان الى إخفائه لا بل ويعلن رفضه للمعايير المجتمعية القائمة, ويفاخر بمحاولة استبدال هذه المعايير لدرجة تصل حد الاصطدام مع بعض فئات المجتمع في سبيل تحقيقها. على قدر فهمه للتأريخ على انه عبارة عن سيرة غيبية لاهوتية تحركها إرادة إلهية, وهي بطبيعة الحال تتناقض مع ما يراه العلم من انها ظاهرة بشرية تحكمها ظروف موضوعية.
ان اعتماد الغيبيات ولا نقصد بها الدين وإنما ذلك النوع من الأيمان القدري بأفكار وقصص رائجة ويستحيل على المؤمن بها مجرد التفكير بالتساؤل حولها. و هو الضرب على الوتر الحساس في روح الإنسان وعناصر الشفافية في عقله ووعيه. ان غسل دماغ المجتمع لأجل السيطرة عليه, يفسح المجال واسعا أمام مقولة "الغاية تبرر الوسيلة" وهي احد أساليب أي نظام مهزوز والذي عادة ما يلجأ إليها, وتكون مصاحبة دوما لأساليب القمع المقنع تارة والسافر تارة أخرى, ويستغل كل الإمكانات التشريعية لحماية نظامه ومتسترا خلف المقدسات الدينية والشعبية للوصول إلى تدعيم مواقعه, او إضافة فترات زمنية أخرى الى عمره. في الوقت الذي يساوم فيه على كل شيء في سبيل بقائه واستمرار حكمه. ولا يمانع من ان يهبط بالكلمة الآلهية المقدسة لديه الى ميدان المساومات السياسية الرخيصة.
هذه المهمة قد أوكلها الى رجال تستروا بالدين والغيبيات من اجل تحريك الناس والسيطرة عليهم. وهي عبارة عن عملية انفجارية وسريعة كالخراج المتورم الذي يفقأه رأس دبوس فينداح سائله منه بسرعة. انها ضرب من تفجير شحنة حقد ومظالم متراكمة بصورة مخططة, ان عملية غسل الدماغ الجماعي قد قامت على تقدير أن طائفتهم قد تعرضت عبر أجيال متعاقبة الى سلسلة متصلة من إعمال الاستغلال والاضطهاد وسلب الشخصية والجوع والإذلال والتهميش. ولهذا فهم يحاولوا ان يسبغوا الشخصية العراقية بسمة القدرية والأيمان بالغيبيات. لهذا نشأة هذه الميزة من الاضطهاد المادي والمعنوي الذي فقدت هذه الطائفة الأمل في الخلاص الأرضي فاتجهت الى الخلاص الروحي عبر التدين. و صّور للمواطن ان واجبه الديني يقوم على التضحية ورفض المظالم وتحطيمها, وانه اذا استشهد فأنه سيذهب الى الجنة, حيث الخلاص النهائي والتام.
لقد شهد العالم الإسلامي منذ سنين خلت عمليات منظمة ومخططة لتدمير وإنهاء كل القوى الوطنية واللبرالية واليسارية وتشجيع ودعم وتعزيز لقوة حركات سلفية ظلامية تتستر بالدين وكانت معزولة وضعيفة. ثم جاء الاحتلال ليقوّم قسم منها بعد ان كان الناس ينظرون اليها على انها ليست سوى مجموعة من المهووسين الذين يستخدمون الدين لتنفيذ مآربهم, وليحولهم الاحتلال الى جماعات مجاهدة في سبيل قضية.
وبفضل هذه الغيبية تم الاعتماد على منبر الجامع أكثر من الاعتماد على حزب او تنظيم, لسبب بسيط هو أن منبر الجامع أداة إعلامية عامة تستطيع تعبئة وإعداد آلاف الناس خلال فترة قصيرة بينما الحزب يحتاج لفترة أطول بكثير.
ان اعتماد الدولة على الغيبيات واعتبارها أساس في إقناع الناس يقود الى: ألانقياد التام للسلطة في فترة معينة من قبل الواقعين تحت تأثير ألأعلام الغيبي وعجزهم عن الرفض او القبول بحرية وترك حق صنع القرار للسلطة. كما ان اليقين غير شخصي وإنما هو ظاهرة عامة يشكلها و يصوغها المرشد ألأعلى وأنصاره عبر الأعلام. وبالتالي فأن تغييره امر يقرره المرشد وليس الفرد. وينتج عن هذا , أمران: الأول الانقياد الأعمى. والثاني الطابع الشخصي لليقين.
والواضح لنا جميعا من يقف وراء هذه المخططات وهو بالتأكيد, ألاحتلال, بالدرجة الأولى ومن ثم إسرائيل وبعض الدول التي تتبنى نفس المفاهيم في تسيير أمور دولهم. لقد اعتقدوا هؤلاء ان السلاح الأكثر فاعلية لتحطيم القوى الوطنية واليسارية هو سلاح الدين ومفاهيمه الذي يعمل على التشكيك بمفاهيم هذه القوى وإقناع الناس بأن هذين الخيارين قد فشلا, لهذا لم يبقى سوى الخيار الديني وهو خيار المستقبل الناجح. ويتضح ذلك جليا من خلال إقامة الكم الهائل من الفضائيات التي تنهج بهذا النهج إضافة الى آلاف الكتب والدراسات التي تؤكد الفكرة.
لقد بات ألأمر واضحا لكل من له بصيرة. كما لم يعد ثمة مكان لمن يريد ان يخفي ما يحدث الآن في بلدنا بالمماحكات والسفسطات والألاعيب اللفظية البائسة. ولم يعد ايضا ثمة مكان ان يستر التخلي والنكوص بالحياد ألأعرج والموضوعية الزائفة. وليس هناك شاهد غير مسؤول. ان كل من رأى هذا العمل المشين ولم يقاومه فهو ملتزم به ومشارك بالضرورة فيه. لان الرياح المسمومة سوف تعصف بالكل والطوفان القادم سوف يغرق الجميع كما ان العدو واحد, يتربص بنا جميعا. و ان الخلاص لن يصنعه الا نحن.



#عبد_الكريم_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل ان نسقط جميعا 3/3
- قبل ان نسقط جميعا 2/3
- قبل ان نسقط جميعا
- اصوليتان مطلقتان تتحكمان في مستقبل العراق
- القسم بالشرف
- عمال اوربا يتظلمون من مشقة العمل
- الى أخي الدكتوركامل العضاض
- ألأنتخابات العراقية والوالي الفطن
- لاتبخس حقوق شهداء الحزب الشيوعي العراقي يا اديب
- ألأزدواجية أحد أسباب تخلفنا
- دولة القانون شعارتكتيكي زائف


المزيد.....




- الرئيس بزشكيان: على الدول الاسلامي التعاون ووضع الخلافات جان ...
- هل أحاديث النبي محمد عن الجيش المصري صحيحة؟.. الإفتاء ترد
- المكتبة الخُتَنيّة.. دار للعلم والفقه بالمسجد الأقصى
- “خلي أطفالك مبسوطين” شغّل المحتوي الخاص بالأولاد علي تردد قن ...
- قوات جيش الاحتلال تقتحم مدينة سلفيت في الضفة الغربية
- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الكريم البدري - أهل الكهف لا يبنون دولة