|
دجلة بغداد في خطر
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3215 - 2010 / 12 / 14 - 23:38
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
كنتُ قبل قليل ، اُتابع أخبار بغداد من على قناة الحرة / عراق ، ولشّد ما أحزنني ، عندما صّرح خبيرٌ في البيئة ، ان [ 1250000 ] مليون وربع المليون ، متر مُكعب من المياه الثقيلة والقذرة ، تصبُ في نهر دجلة في بغداد وحدها يومياً .. أعتقدتُ انني لم اسمع الرقم بصورةٍ صحيحة ، فأنتظرتُ حتى إعادة النشرة ، وتأكدتُ هذه المرة : نعم ، مليون وربع المليون متر مكعب يومياً !. تخللَ الاخبار لقاءات مع بعض المُختصين ، ومسؤولين في أمانة بغداد ووزارة الصحة وغيرهم ، وكعادة مسؤولينا ، فأن أحدهم حاول إلقاء اللوم على الآخر أو تعليق الفشل على شماعة الإرهاب . قبل أكثر من عشرة سنوات ، ذهبَ صديقٌ لي ، وهو فني في مديرية الماء والمجاري ، في بعثةٍ الى المانيا ، للإطلاع على سُبل معالجة المياه الثقيلة والمخلفات الصلبة للمجاري ، في برلين . وعندما عاد بعد شهر ، أخبَرنا بما رآه وإطلع عليهِ ، في محطة برلين الضخمة ، ومراحل تحويل هذه المخلفات والقاذورات الصلبة ، الى أسمدة وفوسفات وكذلك تصفية المياه على خطوات عديدة ، بحيث تصبح في النهاية مياه عذبة نقية ، وقال انه في نهاية جولتهم على أقسام المحطة والتي إستمرت أكثر من ثلاث ساعات ... وصلوا الى باب الخروج ، فقدموا لهم عبوات صغيرة من الماء ، ليشربوا بعد جولتهم الطويلة المتعبة ... أخبروهم بعدها على سبيل الدعابة : ان ما شربتموه الان هو قادمٌ بالأصل من مجاري ومرافق برلين !. وكُنا نتندرُ عليه لاحقاً لإعتقادنا ان ما قاله هو مُبالغة كبيرة !. بينما في الواقع ، فان كُل الدول المتقدمة ، ومنذ سنين طويلة ، بادرتْ الى إيجاد حلول عملية وعلمية لمشاكل مياه المجاري والاوساخ الصلبة .. ولا تسمح ان تصب في الانهار ، بل وتستفيد منها وتحولها الى بضائع ذات قيمة وفائدة !. دعنا ، لا نحسب الفترة ما قبل 2003 ، كذلك لنستثني السنوات من 2003 لغاية 2007 ، حيث كانت الفوضى وإشتداد الارهاب والفساد ... لكن ماذا فعل مجلس محافظة بغداد ومحافظة بغداد وأمانة العاصمة ، خلال السنوات الثلاث الماضية ، بصدد معالجة هذه الظاهرة البالغة الخطورة ، على البيئة في بغداد ؟ لا شيء مطلقاً . فالحال أصبحتْ من سيء الى أسوأ ، سنة بعد اُخرى ، فهل من المعقول ان في نهاية سنة 2010 ، يصبُ في دجلة يومياً مليون وربع المليون متر مكعب من القاذورات والمياه الثقيلة ؟ ان هذه الكمية الضخمة من المياه الثقيلة تُشكل في البلدان المتقدمة وحتى التي في طريقها نحو التطور .. تُشكِل مصدراً إضافياً للمياه بعد مُعالجتها . ولدينا هنا في بغداد .. هي مَصدرٌ خطر ، للأمراض والمشاكل الصحية بكافة انواعها . لا أعتقد ان نسبة الذين يستخدمون عبوات المياه المعقمة ، يتجاوز ال 15% او 20% من شعب العاصمة بغداد ، وبقية ال 80% يستعملون مياه الإسالة القادمة من نهر دجلة .. هذا النهر الذي يستقبل كل هذه القاذورات يومياَ ... والمسؤولين الكبار والصغار والإدارة في بغداد ، مشغولون بالكامل في تطبيق قشور الشريعة ، حيث يغلقون النوادي ومحلات الترفيه ، ويُجندون كل الطاقات الامنية والفنية والمالية واللوجستية ... من أجل توفير مناخٍ ملائم للمناسبات الدينية والمذهبية العديدة والمتقاربة ، حيث تُصرف الملايين والملايين على المسيرات المليونية وما يُرافقها من حماية ومراقبة ، وتعطيل الدوام في كافة المؤسسات والدوائر لعدة أيام ، وحتى ان مجلس النواب أجّلَ أعماله المُلِحة بسبب هذه العُطل ... أمانة العاصمة ومجلس محافظة بغداد سّخَر كُل إمكانياتهِ في سبيل إنجاح ودعم مراسم عاشوراء ... وليشرب البغداديون مياه المجاري ، فذلك ليس بالأمر المُهم . " دجلة الخير " النهر الذي تغنى به الجواهري الكبير ، حولناه بإهمالنا وإستهتارنا ... الى مصدر شَر ومشاكل .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أعطوه ألف ألف درهم
-
على هامش مؤتمر ح د ك في أربيل
-
إعفاء مُزّوري الشهادات من العقاب
-
هل يُغادر - إبليس - العراق ؟
-
إتقاء شرور ويكيليكس
-
لا تستطيع ان تستبدل اُمك !
-
لو كُنتَ شُجاعاً .. تعال الى الميدان
-
جواد البولاني .. بالدشداشة والعقال
-
المالكي .. والمُعّلِم المسيحي
-
الكُل راضون ولهم حصتهم .. ماعدا الشعب !
-
خسَرْنا أمام الكويت .. بصورةٍ مُتَعمدة !
-
أياد علاوي ... شرطي مرور وحّلاق !
-
عادات سيئة .. -3- عدم الإلتزام بالطابور
-
تقاليد وعادات بالية .. -2- الأعراس
-
تقاليد وعادات بالية .. -1- التعازي
-
إيميلات اعضاء البرلمان العراقي
-
يونس محمود : الرياضة ليسَ لها ظَهر !
-
الاحزاب الحاكمة و - مناديل الجّنة - !
-
كتلة - التغيير - ووزارة النفط
-
مشهدٌ مسرحي
المزيد.....
-
الخارجية الروسية تستدعي السفيرة الأمريكية في موسكو وتكشف الس
...
-
??مباشر: صحة غزة تعلن ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإسرائيلي إ
...
-
بعد موت رئيسي.. الإيرانيون يتجهون إلى صناديق الاقتراع لاختيا
...
-
منطقة الساحل بعد الانقلابات - بين الإحباط والصحوة
-
موسكو تحمل واشنطن مسؤولية هجوم دموي بالقرم وتتوعد بـ-عواقب-
...
-
Hello world!
-
موسكو: ضلوع واشنطن في اعتداء سيفاستوبول واضح ولن نترك هذه ال
...
-
مشهد مروع لسقوط مساعدات إنسانية فوق خيمة للنازحين وتسويتها ب
...
-
ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإرهابي في داغستان إلى 20 وإصابة
...
-
-فتح- تحمّل -حماس- مسؤولية -إفشال- جميع الحوارات السابقة
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|