أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - الشعبُ، يدُ الحكومةِ الباطشةُ














المزيد.....

الشعبُ، يدُ الحكومةِ الباطشةُ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3215 - 2010 / 12 / 14 - 13:28
المحور: حقوق الانسان
    


المصري اليوم. قبل أعوام شاركتُ في مهرجان شعري بزيوريخ. كنتُ في الباص مع صديقي الشاعر يشرح لي معالم المدينة. وفجأة أشار بحماس إلى أحد المباني، وكاد يهمُّ واقفًا في إجلال وهو يهتف بفخر: "وهذا مبنى البرلمان!" هنا سمحتُ لنفسي أن أشرد بخيالي بعيدًا عن الشاعر وشروحاته. عقد عقلي مقارنةً عاجلة بين فخر المواطن السويسري ببرلمانه، وبين المواطن المصري وماذا عساه يقول وهو يشير إلى برلماننا! لكن هذه المقارنة استدعت مقارنةً أخرى، بين حكومتنا الذكية، وبين حكومتهم الفيدرالية الديمقراطية. الشعبُ هناك هو الذي يكتب الدستور. مستحيلٌ أن يُعدَّل حرفٌ في الدستور إلا بعد إجراء استفتاء "إلزاميّ" للمواطنين. من خلال الاستفتاء ومذكرات استبيان آراء المواطنين يمكن الاعتراض على أي قانون أقرّه هذا البرلمان الفيدرالي. حينما رفض الشعبُ السويسري الانضمامَ للاتحاد الأوربي في استفتاء عام 1992، انصاعت الحكومةُ لإرادة الشعب. وحين تمسّك الشعبُ بالفرانك ورفض اليورو عملةً له، مثل معظم دول أوروبا، لم تستطع الحكومةُ تكسيرَ إرادة المواطن. وليس وحسب في الأمور الكبرى الجلل يؤخذ رأيُ المواطنين، ثم يُعمل به، بل حتى في أبسط الأمور مثل بناء كوبري أو شقّ طريق أو عمل مطب صناعي، أو الاضطرار لقطع شجرة (وهو أمر نادر). لذلك يجد المواطنُ السويسري كلما عاد إلى بيته صندوقَ بريده مُتخمًا بمذكرات استبيان أرسلتها إليه الحكومةُ تستطلع رأيَه في أمرها! هل ترون بعد هذا عجبًا في أن يشيرَ الشاعرُ إلى البرلمان في زهو واحترام؟
يعيدنا هذا إلى مقال الأسبوع الماضي "السوبر غاندي-آينشتين"، الذي حوّلته حكوماتُه إلى مواطن كسول مهمل بليد غير فاعل. ولكن ما بالنا نرسمُ المواطنَ كأنه مفعولٌ به مغلوبٌ على أمره، غير مشارك في كارثته؟ ألم يشارك هذا المواطنُ في صناعة تلك الحكومة؟ ليس من شعب يستورد حكوماته من الخارج. ويُقال في المأثور إن كل ديكتاتور صنعه مقموعوه. ويُقال أيضًا إن كلّ شعب يستحق حكومتَه. فهل نحن نستحق حكومتنا؟ المواطن الذي كان فائقًا حتى الأمس القريب، لم يستسلم وحسب لما تصنعه به حكومته، بل كذلك لم يجتهد في صون نفسه من التردّي. الضغطُ لا يُحتمل؟ نعم. أخي جاوز الظالمون "في بلادي" المدى؟ نعم. الفقرُ والجوعُ والمرضُ والفساد، أبناءٌ شرعيون للحكم الشمولي والحزب الواحد وغياب العدالة وغياب الجمال وغياب دولة القانون وغياب ضمير الحكّام؟ نعم. ولكن أين المواطنُ من كل هذا؟ كيف يحنق الشعبُ المصريّ على حكومته، ثم يقبل أن يكون هو ذاته يدَ الحكومة التي تبطش بالشعب؟!
من المخجل، مثلا، ألا يهبَّ "الشعبُ المصريُّ كلّه" مطالبُا الحكومةَ بحق أقباط مصر في بناء كنائسهم، بذات اليُسْر الذي تُبنى به المساجد، ما بين غمضة عين وانتباهتها! من المخجل ألا يُصرَّ "الشعبُ المصريّ كلّه" على قانون موحّد لدور العبادة. من المخجل أن ينحاز الشعبُ "فجأة" لرجال الأمن الذين يسوموننا سوء العذاب منذ عقود. من المخجل ألا يحملَ "الشعبُ المصريّ كلّه" صورَ ضحايا الشرطة في العمرانية، مثلما حمل قبل شهر صورة خالد سعيد على الأعناق، وعلى صفحات الفيس بوك. من المخجل أن تهبّ مظاهراتٌ في أوروبا وأمريكا للمطالبة بإطلاق سراح 154 معتقلاً في أحداث العمرانية، وراءهم 154 أسرة فقيرة بائسة تنتظر عودة أبنائها، ولا تهبُّ تلك المظاهراتُ هنا من أبناء "الشعبِ المصريّ كلّه"! وحين أضعُ خطًّا أحمرَ عريضًا تحت عبارة "الشعب المصريّ كلّه" فلأنني أرفضُ عبارةَ "عنصري الأمة" الركيكة، مثلما أرفض عبارة "الوحدة الوطنية". لا أعرف تلك العبارتين الدخيلتين على ثقافتنا. كلّ ما أعرفه أن هناك بلدًا عريقًا اسمه مصر، وأن هناك شعبًا طيبًا اسمه الشعب المصريّ، وأن هناك حكومة "ذكية" تجتهد لتفتيت هذا الشعب، وإلهائه في فتنة مفتعلة، لتمرير: تزوير وفساد وغلاء وبطالة وانعدام عدالة وتجبُّر وقانون طوارئ، الخ، وأن هناك غافلين من الشعب، يقعون في الشَّرك، ويقدّمون للحكومة هذا التفتت وذاك الإلهاء على طبق من فضة!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السوبر غاندي-آينشتين
- فلنعدْ للخطّ الهمايوني، إلا قليلا
- إنها دارُ عبادة يا ناس!
- بِدّي خبِّركم قصة صغيرة
- غاضباتٌ وغاضبون
- أنيس منصور، حنانيك!
- «أغنية إلى النهار» للشاعر المصري السمّاح عبدالله تحيي المسرح ...
- أحمد عبد الفتاح، الفنانُ المَنسيّ
- القتلُ الرحيم
- الزمن الأخير، اللعبةُ على نحوها الصحيح
- حبيبتان، من مصر!
- الأحدبُ في مصعد العمارة
- لستُ إرهابيًّا، بل مريضٌ بالجمال
- في صالون الرئيس مبارك
- ولاد العمّ- دراما تنتصر لكل ما هو إسرائيلي، ضد كل ما هو مصري ...
- تخليص الشباب، في تلخيص الكتاب
- رغم إن اللصَّ مازال طليقًا! شكرًا وزارة الداخلية
- آسف على الإزعاج- مضطرون أن نعيش الحُلمَ مادام الواقعُ مُرًّا
- سأختارُ دينَ الحرامي
- سوزان مبارك، والبرادعي


المزيد.....




- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...
- أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه ...
- أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
- -وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس ...
- الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
- بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة ...
- بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
- قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - الشعبُ، يدُ الحكومةِ الباطشةُ