دراما الله

عبدالناصرجبارالناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3212 - 2010 / 12 / 11 - 18:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

يعتبر الله من أكثر الشخصيات جدلا في العالم على طول التاريخ والحاضر والمستقبل ولا يمكن للعالم بأجمعه أن يتفق على تعريف يضع فيه صورة الله بشكلها الحقيقي وذلك بسبب التصورات والتعاريف الخاطئة التي قيلت عن الله وللأسف الشديد أصبحت هذه التعاريف شبيهة بالدراما التلفزيونية التي تخضع لمؤثرات الكاتب والمخرج وهؤلاء الكتاب الذين كتبوا هذه القصص الدرامية هم الأنبياء فكل نبي لايمكن أن تكون نبوته صادقة ألا حينما يكتب عن الله ويخرجها وينشرها للناس ومن هنا جاءت شرعية الأنبياء

وللأسف الشديد قاموا هؤلاء الأنبياء بكتابة قصص درامية عن الله متناقضة تناقض كليا بين نبي ونبي آخر وكل نبي يكتب عن الله ويأتي النبي الآخر ليجتث ماكتبه زميله النبي السابق حتى أصبح العالم مقسم حسب تصورات الأنبياء ومن هنا جاء الخلاف الديني ورغم كثرة هؤلاء الأنبياء ورغم تعاريفهم وكتاباتهم عن الله لم يصلوا الى تعريف صحيح عن الله يمكن أن يتوافق عليه العالم

فالحقيقة هي واحدة لايمكن أن تتجزء ولايمكن أن تكون لها تعاريف مختلفة فالأنسان البسيط عندما يزور مكانا ما مثل القمر فيعود لعائلته يتحدث عن مواصفات القمر ويقول أن القمر فيه جاذبية قليلية تختلف عن جاذبية الأرض ويقول أن القمر لاتوجد فيه مياه ولايوجد فيه سكان ويقوم هذا الأنسان بشرح تفاصيل رحلته الى القمر كما شاهد القمر في عينه وتكون جميع أجاباته متطابقة مع كل من يقوم بسؤاله عن رحلته ولا يمكن لهذا الأنسان البسيط أن يغيير أجابته ألا أذا كان كاذبا وعندما يذهب شخص بسيط آخر الى زيارة القمر فيأتي بأجابات متطابقة مع أجابات زميله الذي سبقه في الرحلة الى القمر لأن الأثنين شاهدا القمر ونقلوا للناس حقيقة القمر الواحدة

ولكن الأنبياء جميعهم أدعوا بأنهم شاهدوا الله ولو سلمنا بأن الأنبياء جميعهم شاهدوا الله فلماذا لم ينقلوا للأنسانية صورة واحدة عن الله ؟ وتعريفا واحدا عن الله ؟!

فنبي المسيحيين عاد لنا ليقول أن الله هو اله الحب والسلام والرحمة والجمال ونبي المسلمين عاد لنا ليقول الله هو اله الجهاد والأنتقام والعذاب والأذلال والمكر وعندما نقوم بدراسة هذه التصاريح التي صرحوا بها الأنبياء ونحللها من منطلق عقلي ومنطلق علمي نجد فيها عدم المصداقية في كل ماطرحه الأنبياء فالله لايمكن أن يحمل مواصفات أزدواجية

والمضحك المبكي في هذا الصدد هو عندما نقوم بدراسة تصاريح الأنبياء يمنعنا أنصار الأنبياء من أن ندلي بدلونا لكي نصل الى الحقيقة فعندما نشكك بوجود الله يتهمنا انصار الأنبياء بالكفر والألحاد وعندما نعترف بوجود الله ونشكك بمصداقية الأنبياء يتهمنا أنصار الأنبياء بالخروج عن الملة ويتهمونا ببث السموم والأمراض النفسية البعيدة عن أنبياءنا ورسلنا

فالأنسانية اليوم تعيش في قمع فكري وقمع لعقول الناس بحجة الدفاع عن الله والدفاع عن الأنبياء والله الحقيقي بعيد كل البعد عن مواصفات العامة ومواصفات الأنبياء الله الحقيقي هو اله الكون الله الحقيقي هو اله القوة الهائلة التي لايمكن أن يكون لها لسان والتي لايمكن أن تلتقي بأنسان لكي يحارب مخلوقاته

#عبدالناصرجبارالناصري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات