أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عماد علي - الديموقراطية في كوردستان بين ثقافة المجتمع و دور النخبة















المزيد.....

الديموقراطية في كوردستان بين ثقافة المجتمع و دور النخبة


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 3212 - 2010 / 12 / 11 - 13:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


من يتابع ما يجري في كوردستان في هذه المرحلة بالذات، و بعد معاناة و مآسي طويلة التي مر بها وفُرضت عليه حياة قاسية من قبل الانظمة المتعاقبة و اخيرا ما تلقاه بابشع طريقة على ايدي الدكتاتورية، و من ثم وصولنا الى ما نحن فيه من التحرر لاقليم كوردستان العراق، و ما تخللت ما بعد الانتفاضة الجماهيرية في اذار 1991، و ما تلتها من التشنجات و الحرب الداخلية ، يتيقن اي شخص متابع بان العقلية التي تدير هذه المنطقة و الافكار و الايديولوجيات و المناهج التي سارت عليها لم تكن نابعة من النظرة الانسانية الى الامور ، و تاثر الكورد بالثقافة و العرف و العادات و الايديولوجيات و الصراعات السائدة في المنطقة و بعضها دخيلة عليه ، وعند دراستها بشكل علمي حينئذ يمكن تقييم المستوى العام للثقافة العامة للمجتمع و الوعي العام في كوردستان، و التي هي المحرك الاساسي لنشر الديموقراطية ويمكن تشخيص العامل الهام لما الت اليه الاوضاع العامة في كوردستان .
لو بدانا بالنخبة ، فانها تعيش لحد اليوم في تردد و لم تفك القيد من معصميه و العصب عن اعينه و لازالت متاثرة بالترسبات و التراكمات السلبية للحقبات السابقة، و السنين العجاف من حكم الدكتاتورية و الصراع المسلح و الافكار و الايديولوجيا التي ادارت الحركة التحررية الكوردستانية، يمكن توضيح الاسباب لما لازال الخلط و الاعتناق موجودا بين الثقافة والسياسة بحيث لم يدع ان نشير الى مثقف مستقل بعيد عن التوجهات السياسية و ان لم ينتمي الى الاحزاب و التيارات- الا نادرا- و ان شاؤو ام ابو فانهم تحت رحمة السياسة و ما تفرضه ، و هي المهيمنة على فكر و تصرفات و اخلاقيات المثقف بشكل عام مع الاخذ بنظر الاعتبار التغيير النوعي هنا و هناك . الاسباب غير كامنة في كينونة المثقف بنفسه بقدر ما تفرضه الظروف الموضوعية المسيطرة على المنطقة فتنعكس عليه، و العوامل التي هي خارجة عن سيطرته و قدرته في منعها و هي التي تفرض التبعية عليه الى حد كبير، مع وجود محاولات لا باس بها للخروج من الانطواء و التقوقع الذي هو فيه ، و العقبات كبيرة و لم تذل و ليس بسهل ازاحتها في وقت قصير و في هذه المرحلة فقط.
هناك من العوامل الضاغطة التي تمنع انعتاق المثقف من الاغلال الايديولوجية السياسية و في مقدمتها الوضع المعيشي و الظروف الخاصة به، و هو المثبط لحركته و محاولاته في التحرر . من المعلوم ان التحرر الاقتصادي هو البداية المطلوبة لحرية العقل، و الثقافة العامة تحتاج لصفاء العقل و الحرية، و هذا بدوره يؤثر بشكل مباشر على مستوى دمقرطة الفرد ، و من ثم ينعكس ايضا على المجتمع بشكل عام.
وهذا يعني، لو اكتسب اي فرد او مجتمع ثقافة عامة دون ان يوهبها اي احد اخر له لاغراض اخرى و في ظل الحرية المنشودة من جميع النواحي فمن الممكن بناء ارضية مناسبة لانبثاق ديموقراطية حقيقية و نشر عقلية مناسبة لبناء مجتمع ديموقراطي.
الثقافة المطلوبة و المستوى الوعي المناسب لترسيخ الديموقراطية لا تعني انخفاض مستوى الامية او ارتفاع نسبة حاملي الشهاداة العليا او وجود اعمار و ناطحات السحاب، فهنا تدخل العادات و التقاليد و الاعراف و الطقوس و الالتزامات الدينية و المذهبية و العرقية بشكل حيوي في الامر، و هي التي تدفع الى تحديد شكل و كيفية و نوعية الصراعات الداخلية و مدى تفاعلها في المجتمع موازيا مع الايمان بالمباديء و القيم و النظرات المختلفة الى الحياة، و من ثم كيفية التعامل مع التغيير و الانتقال الى مرحلة اخرى، و هنا يمكن قياس ما يدفع المجتمع للتعامل مع الديموقراطية و العمل وفق متطلباتها. اما الديموقراطية النخبوية و التي يمكن ان تتغلغل في كيان المجتمع فانه جانب و صفحة اخرى و تكون اكثر دقة و بعيدا عن التقليد و مراعية للخصوصيات ، و تبدا بتفهم المجتمع لجوهر الديموقراطية مع الاخذ بنظر الاعتبار احتمال الردات القوية ان كانت نسبة الامية عالية.الا ان هناك طريق لنجاح هذه العملية ان سارت تدريجيا، و لكن بشرط وجود المواد الاولية و عناصر ثقافية معينة و توفر القيم التي تساعد على نجاح العملية على الرغم من انتشار الامية و الفقر بشكل ما و كما هو حال الهند و باكستان.
اي النخبة هي المحرك الاساس و المهيج و الدافع الرئيسي لتغيير اوضاع المجتمع و هي التي يمكنها ان تؤثر على مضامين القيم السائدة فيه و تبني ما تتطلبه الثقافة العامة و الديموقراطية بشكل عام.
من الممكن ان تنبثق العوامل المساعدة لتجسيد الديموقراطية بشكل استثنائي و لكن لن تكون مستقرة او متجسدة بشكل كامل كما هو حال اقليم كوردستان و ما يجري فيه، فالالتزام بالديموقراطية المتزعزعة لحدما جاءت كرد فعل لنظام دكتاتوري و كانت نقلة نوعية الا انها غير مثبتة اوغير موثقة بشكل قوي بالدعائم و الركائز المطلوبة الضرورية لها، و لم تتدرج خطواتها فاصابتها الانحرافات بعض الشيء و لم تدخل عمقا في عقلية و كيان المجتمع الكوردستاني بشكل مُرضي. على سبيل المثال لا الحصر ، اننا لم نجد نقابة او منظمة مهنية او مدنية مستقلة نابعة من رحم المجتمع و الديموقراطية السارية بل الجميع بلا استثناء تابعين للاحزاب و هم يحركونهم كيفما يشاؤون.
ان اشتراك الفرد في عملية الانتخابات كما هو المعلوم الطريقة و الشكل و هو الذي يستند على الروابط الاجتماعية و علاقات و المصالح الشخصية لا تعني اننا وصلنا الى ذروة الديموقراطية و ربما هذه الخطوات الناقصة تعيق المسيرة الصحيحة للديموقراطية الحقيقية و تحرفها عن طريقها ، لان المشاركة في التصويت لا تكفي لوحدها بل يجب ان يواكبها طرح الاراء و المواقف و وجهات النظر في ظل توفر شروط المواطنة و تقبل النقد و راي الاخر، و ليس الاهتمام الاعلامي فقط.
اي الفرد او النخبة المثقفة بمعنى الكلمة بشكل خاص يمكنها ان تساعد على ترسيخ القاعدة المدنية في المجتمع و تدفع المجتمع بما فيه من الصفات المطلوبة للتحرك و التفاعل مع الديموقراطية و نشر الثقافة المعنية، و كما تساعد ذلك المجتمع بما يمتلك من الخلفية الثقافية و القيم و المباديءعلى التلائم مع الاعراف الديموقراطية و ضمان شروطها، و لربما تكون متوارثة و غطتها الاغبرة الاتية من افعال الدكتاتوريات و الاحتلال ، و هنا يمكن استهلال الخطوة الاولى لبناء الصرح الثقافي المدني لممارسة الديموقراطية.
ما يثير الخوف في كوردستان هو عدم نضوج العقلية المهتمة بدور النخبة و حصر مسيرة حياة المجتمع بالاحزاب و التيارات السياسية و انشغالهم بالصراعات السياسية ، اضافة الى الاخطار الخارجية، لذلك ستبقى ما نتشدق بها من الديموقراطية الموجودة مهزوزة ان لم نردم الهوة و نسد الفجوة بين نتاجات المثقف و السياسي مع الحفاظ على استقلالية المثقف بعيدا عن تاثره بالاحزاب و الايديولوجيات و ما حولها، هذا ان لم تحاول الاحزاب تشويه دور المثقف من اجل نجاحهم في صراعاتهم، عندئذ تكون العلاقات طبيعية بين كافة الفئات، و يعمل كل طرف حسب اختصاصه دون تدخل في الشان الخاص للاخر، و هذا لا يعني ان لا يكون السياسي مثقفا او المثقف سياسيا (لا اعني حزبيا) من اجل ابتعاد التبعية و تاثيرات الصراعات السياسية الحزبية على المثقف. عندئذ يمكن ان نقول ان دور النخبة المثقفة ذات تاثير ايجابي و مباشر على المجتمع ، و تسود اوضاع تدع المجتمع ان يهضم الديموقراطية و متطلباتها في حياته العامة و الخاصة.



#عماد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفضائية كخطوة اولى لترتيب بيت اليساريين بكافة مشاربهم
- هل يضطر المالكي لتشكيل حكومة الاغلبية
- الكورد بين مصالحة التاريخ و مخاصمته
- مَن تختاره الكتل ليكون وزيرا في الحكومة العراقية
- الديموقراطية و ما تجلى من دور الاحزاب في انتخابات معلمي كورد ...
- دلالات النقاط المشتركة بين هوية الفيلية و الشبك
- كيف تُمحى مخلفات عقلية البعث في العراق؟
- ما يحدد العلاقات و طبيعة التعامل مع البعض
- هل من مصلحة العلمانية محاربة الدين بشكل صارخ ؟
- عوامل نجاح المالكي في مهامه الصعبة
- التاثيرات المتبادلة بين العولمة و العلمانية
- اين الثقافة الكوردستانية من القيم الانسانية البحتة
- مرة اخرى حول الثراء الفاحش و الفقر المدقع المنتشر في منطقتنا
- رفع العلم الكوردستاني في البصرة لعبة مكشوفة للجميع
- مغزى انعقاد المؤتمر الدولي الكوردي السابع في مقر الاتحاد الا ...
- السلطة الكوردستانية و التركيز على تطبيق الديموقراطية في المر ...
- اية حكومة تناسب الوضع العراقي الحالي ؟
- من ارتضى بمبادرة البارزاني بقناعة ذاتية؟
- الاستقلالية في التعامل مع الاحداث تضمن النجاح للعملية السياس ...
- مابين تلبية مبادرة السعودية و رفضها


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عماد علي - الديموقراطية في كوردستان بين ثقافة المجتمع و دور النخبة