أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عادل الخياط - قنينة عَرق مُعتق على عمامة - اليعقوبي - لتعقيمها من الجراثيم















المزيد.....


قنينة عَرق مُعتق على عمامة - اليعقوبي - لتعقيمها من الجراثيم


عادل الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 3212 - 2010 / 12 / 11 - 10:23
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في سنوات السبعينات كان عندنا في مدينة الشطرة قارئ حُسيني يُسمى " شيخ موسى " شيخ موسى هذا ضرير البصر , ومن أصل إيراني , وكان شيخ موسى يُدعى للقراءة الحسينية من أغلب المواكب طيلة شهري مُحرم وصفر إضافة لجميع مناسبات وفيات الأنبياء والأولياء وحتى في فواتح الموتى . ورغم العيب الذي دائما يُشار له في نوعية قراءة هذا القارئ عن إنه دائما يُكرر نفس أسطوانة الحسين والعباس : تقدم نحوه وطعنه بالرمح وقطع يديه وحز الرأس .. ثم يبدأ بالنواعي .. لكنه ظل محل تقدير الناس له لكونه ضرير البصر وبسيط وتلقائي .

غير ان الطقوس الحسينية ايام زمان كان فيها مُحورين , المحور الأول هو محور الـ " قارئ " ومحور الـ " رادود " ,بصرف النظر عن الزنجيل والتطبير والتشابيه لأننا بخصوص قضية بعينها - . محور القارئ عادة ما يهتم به الـ " شياب " يعني المتقدمين بالعُمر ولو نسبيا , أيضا شياب من سليقة عشائرية بحتة , بحيث إنهم ينصرفون لبيوتهم فور نهاية القارئ لقراءته ولا يستمعون للرادود .. أما محور الرادود فقد كان يهتم به الشباب , والشباب الذين يعيشون في حاضرات المُدن , مهما كانت تلك الحاضرة المدنية , قضاء أو مركز محافظة أو عاصمة , وأولئك الشباب كانوا يطربون للرادود لأنه يُلقيها بنغمة موسيقية عذبة , إلى حد إن ردات الرادود " عبد الرضا النجفي " وعلى الأخص التي بكلمات الشاعر " عبد الحسين أبو شبع " كانت تُسمع في غير مناسبة عاشوراء , بل ان الكثير من الشباب كانوا يسمعونها وهُم يشربون العرق الزحلاوي , وأتذكر مُدرس مادة فنية ورسام من أهالي الشطرة حين يشرب كان يضع أغاني أم كلثوم وغيرها من الأشرطة الموسيقية على جانب ويستمع لـ " ردات عبد الرضا الرادود , وغيره الكثيرين كانوا يصفون حنجرة عبد الرضا بأنها تفوق حنجرة أم كلثوم بمراحل , وأن قصائد من قبيل " الطفوف , الغاضرية , آلام .. وغيرها .. وبأداء راق وصوت جميل ظلت في مخيلات الناس الذين عايشوا تألق تلك الردات الحُسينية .. وتلك النغمات ترجع لو يفهم اليعقوبي والزيدي والخزاعي إلى المقامات العراقية , ولذلك فإن الموسيقى تدخل في أشياءهم التي يسترخون على نغماتها .

لكن ليس هذا هو صلب هذي الموضوعة , فبالعودة إلى القارئ الضرير : شيخ موسى " , وإلى الشباب الذين يرغبون أو يُفضلون الردات أو الرادود الحسيني على القارئ , فإننا سوف نقع على طريفة في ذات السياق . فذات مرة في أيام عاشوراء كان " شيخ موسى " في موكب الشطرة الكبير" يقرأ أشياءه الإسطوانية التي وردت في بدء هذا الموضوع , ولأنها إسطوانة مشخوطة دائما ما يُرددها , ولأن الشباب ترغب بأن يعتلي الرادود المنبر لكي يستمتعوا بنغماته , فقد فاض الصبر بأحد هؤلاء الشباب ودمدم بصوت مسموع وهو قريب من منبر الشيخ موسى وجهاز التسجيل في يده في إنتظار الرادود ليُسجل ردته , فاض به الصبر وقال مُدمدما باللهجة العراقية الدارجة : دفضهه الخاطر الله , مو يوميا نسمع هذي الإسطوانة , ما مليت منها " .. كلام الشخص كان مسموع من الشيخ موسى لأنه كما قلت كان قريب جدا من المنبر الحُسيني .. حينها قال شيخ موسى - وهو الشيخ الكبير والبسيط الذي لا يعرف كيف يرد على إستفزاز بهذا المستوى , وإن كان الإستفزاز مسموع بخفوت لبقية الحشد المتواجد في داخل مبنى الموكب وخارجه - قال بعصبية عسلية تُعبر عن بساطته : يا أخي إحترم نفسك , أنا لا أقرأ لك , لا أقرأ لأنال رضاك , أنا أقرأ لسيد الشهداء أبا عبد الله الحُسين ." . كان شيخ موسى قد قال هذا الكلام في المايكروفون الذي كان يتحدث من فوهته , بحيث أن الجميع سمعه , الذي داخل المبنى وخارجه وحتى العابر في الشوارع الفرعية القريبة , بل رُبما حتى البيوت القريبة , وقد أثار تعصب شيخ موسى هذا نوعا من الضحك المصحوب بالتعاطف معه , لأن طبيعة شيخ موسى لا يُمكن أن تُستثار لهذا الحد , لأنه أقصى ما يمكن أن يقوله في موقف مُشابه : سامحك الله يا إبني .

هنا كيف تقارن شيخ موسى باليعقوبي , كيف تقارن روزخون بسيط وتلقائي مع آخر مثل اليعقوبي .. تقارنها أيضا من محورين , المحور الأول أن الروزخون ليس له علاقة بالحياة , الفن , الأدب , السينما , المسرح , الموسيقى وغيرها .. فعقلية مثل عقلية شيخ موسى لم ولن يكن بإمكانها أن تدرك لماذا هذا الشاب كان يتعجل بأن يعتلي الرادود المنبر , لماذا هذا الشاب ينتشي بنغمات الرادود ويشمئز من مجلس القراءة للقارئ مع ان الحالتين تصبان في الطقس الحُسيني ؟ لكن مع ذلك يظل شيخ موسى من نوعية الروزخون البسيط الذي لم تسممه الوقائع .
المحور الآخر عندما يكون الروزخون على شاكلة السمسار المُستغل لظرف بعينه مثلما يفعل اليعقوبي , والقبانجي والكمباري وغيرهم من روزخونية العصر العراقي الديمقراطي الروزخوني , عقليات هؤلاء هي نفس عقلية شيخ موسى عندما لم يفهم ما عناه ذلك الشاب بتشوقه لإعتلاء الرادود المنبر , بمعنى " عقليات مؤطرة بإطار خارج نطاق ما يكتنف الكائن البشري من أشياء لا سبيل إلى غورها " غير ان الفارق بين ذلك الروزخون القديم الذي عالمه ينحسر بالقراءة والنواعي ثم يتعشى وينام , وبين الحالي الذي وفرت له ظروف الزمن الزرنيخي بأن يحشر رأسه المُؤطر برُكام خيالي من الجهل في قضية أضنت العقل البشري على مدى آلاف السنين : قضية بناء الدولة والمجتمع على أسس سليمة ."

لذلك تم إقتراح قنينة العرق للتعقيم من الجراثيم العالقة في تلك الرؤوس .. وهذا الإقتراح ليس سخرية باليعقوبي والقبانجي والمالكي والزيدي وغيرهم من روزخونية العصر الديمقراطي الروزخوني , وأكرر , والله ليس سخرية , إنما لأن الخمر يفتح آفاق أخرى للعقل , أو ما يُسمى الظلال المُعتمة للعقل البشري ,يعني لو أن اليعقوبي تناول بضعة أقداح فإن عقله مُحتمل يعود لفترات سابقة في حياته , فترات سابقة " الطفولة المراهقة " فترات قد تنغزه , تنغز عقله وكيانه كله وعندها تبتدئ صحوة من نوع أخلاقي , وبعدها تأتي الرصانة في سلوكياته تجاه الآخرين .. ونكرر : ليس سخرية , فلقد كتب مُعظم فلاسفة العالم وأدبائه ومفكريه أشياءهم التي عبرت بالبشرية من عصر إلى عصر أكثر تطورا تحت وابل جرعات الخمر التي يرشفونها في الضوء والحُلكة .



#عادل_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - نوري المالكي - يكره الغناء والخمر
- عندما يكون الصُحفي الغربي ممسوخا ثقافيا !
- عبد الخالق حسين ونموذج الزعيم الوطني الأصيل 2-2
- - عبد الخالق حسين - ونموذج الزعيم الوطني الأصيل !
- أن تتبنى - الكويت - نيابة عن - دمشق - مشروع تحويل نهر دجلة , ...
- بلدية البصرة ترفع رسالة ترويح للمالكي عن إغلاق آخر دور سينما ...
- العد اليدوي يمنح دولة القانون خمسين بنس
- هلهولة للإئتلافين بعد التوحد - والله خبر تازة -
- ماذا يحدث - للمالكي - بالضبط هذه الأيام ؟
- عراقيو الجنوب والفرات الأوسط يستمرأون العمالة للعجم !
- إضحك على أمبراطورية - مردوخ - العربانية الإعلامية !
- أحدثْ قاسم مُشترك بين - شافيز - و - صدام -
- أياد علاوي النقشبندي و برهم صالح النجادي
- لجنة نوبل للسلام تستشير المُلة عُمر !
- خُرافة السنة - السنين - الجديدة
- البابا شنودة إيدك بيد حجي عودة
- بُثينة شعبان ضيف ثقيل على جريدة الشرق الأوسط
- تصريحات عمائم إيران تشبه سندويج الدجاج
- لماذا يُركز البعثيون على مسألة العشائرية ؟
- القذافي يدعو الإيطاليات إلى إعتناق الإسلام !


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عادل الخياط - قنينة عَرق مُعتق على عمامة - اليعقوبي - لتعقيمها من الجراثيم