أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي الشهابي - الديموقراطية وأيديولوجيا الديموقراطية















المزيد.....

الديموقراطية وأيديولوجيا الديموقراطية


علي الشهابي

الحوار المتمدن-العدد: 963 - 2004 / 9 / 21 - 09:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ثمة ديموقراطيون يعبرون عن وجهة نظر مفادها "صحيح أن الأحزاب الدينية ليست ديموقراطية، ولكن يجب أن نتعامل معها بديموقراطية كتعبير عن ديموقراطيتنا، وإلاّ بم نختلف عن الديكتاتوريين؟!". من الواضح أن إنكارية هذا السؤال تضمر أن صحته بداهة، وقد كان مهدي عامل يستمتع بتسمية هذه البداهة بلاهة. لماذا ؟
لو أننا أسرنا بعض الأسرى واقترح بعضنا معاملتهم بلاإنسانية لصح القول " كلا ! يجب أن نعاملهم بكذا تعبيراً عن كذا، وإلا بم نختلف
عن غيرنا من كذا ". هذه بداهة فعلاً لأن المطروح بهذه الحال مشكلة الأسرى معنا، ونحن سنقرر كيفية معاملتنا لهم لتكون النتيجة أن نعبّر عن حقيقتنا بهذه المعاملة. لكن المشكلة المطروحة ليست مشكلة الأحزاب الدينية في ظل الديموقراطية، بل مشكلة الديموقراطية في ظل الأحزاب الدينية. وهاتان المشكلتان متعاكستان:
في الحالة الأولى الديموقراطية هي القوة السائدة، وهي التي تقرر ما تفعله بالأحزاب الضعيفة، الدينية أو غير الدينية، الساعية لفرض وجهة نظرها على المجتمع بطريقة غير ديموقراطية. ويمكن تكثيف تعاملها معها بطريقة معاملة الديموقراطيات الغربية للفاشيين الجدد والمتطرفين اليساريين. أما في الحالة الثانية التي تنطبق على مجتمعنا، فالديموقراطية هزيلة وتريد سلتها بلا عنب، إذ ليس لها مجتمع قائم ليقرر هذا القرار الذي يقترحه هؤلاء الديموقراطيون أو غيره.
أما الأحزاب الدينية فقرارها النابع من بنيتها أنها تريد العنب والسلة ومقاتلة الناطور، هذه هي طبيعتها بغض النظر عن مدى قوتها. وهي الآن تشعر بقوتها جرّاء غضاضة عود الديموقراطية في المجتمع ككل. هذا الأمر الذي ينعكس على مجتمعنا على شكل شعور الأحزاب الدينية بقوتها، ينعكس على الديموقراطيين وأشباههم على شكل شعور بالعجز، ولهذا نرى معظمهم مستسلمين. لكن هذين الشعورين، بالقوة والعجز، مجرد ظاهر لأن بديهيات الحياة المعاصرة التي تأبى تسيير المجتمع بدفة الأحزاب الدينية تدفع به باتجاه ترسيخ الديموقراطية. هذه الحقيقة تعبّر عن ذاتها بأشكال متعددة، لعل أحدها اضطرار الإخوان المسلمين للقول " إننا ديموقراطيون".
إذن، إن كانت الديموقراطية عندنا أعجز من تقرير كيفية معاملة الأحزاب الدينية، وهي أعجز، وإن كانت هذه الأحزاب قد قررت سحق الديموقراطية والديموقراطيين، فهذا لا يعني بالضرورة أن مصير الديموقراطية والديموقراطيين الانسحاق، إلا إذا قرر الديموقراطيون ذلك. فالكرة الآن في ملعبهم، وخصوصاً في ظل اللوحة العامة الحالية للمجتمع، والتي يمكن تكثيفها بالتالي: المجتمع بحاجة ماسة للتغيير على كافة المستويات، وخصوصاً السياسية والاقتصادية، بما يتواكب ومتطلبات العصر. والسلطة هي اللاعب الوحيد في تقرير مدى ونوعية ووجهة هذا التغيير. وإذا ما ظلت وحدها، فسيظل تجاوبها مع هذه الحاجة بالحدود الراهنة، أكثر أو أقل قليلاً، لأن كل همها محصور باستقرار المجتمع الذي من البديهي أن ترى فيه مؤشراً على نجاح سياستها فيه. وقد سبق وأوضحت أسباب ذلك لدى الحديث عن العلاقة بين طرفي المجتمع، السلطة والمواطنين. ( سوريا إلى أين ـ القسم الثاني )
وبنفس الوقت ثمة معارضتان لهذه السلطة، الأحزاب الدينية والحركة الديموقراطية. الأولى أشد ديكتاتورية من السلطة لاقتصار
ديكتاتورية السلطة أساساً على المستوى السياسي، أما ديكتاتورية هذه الأحزاب فتطال كل مستويات البنية الاجتماعية. والثانية ديموقراطية، ولكن هزيلة ومفككة لأنها غير واضحة المعالم سياسياً. ولأن هذه مواصفات المعارضة الديموقراطية، نرى الأحزاب التقليدية غير الدينية مضطرة للرهان على الأحزاب الدينية في إحداث التغيير الذي تتوهمه ديموقراطياً.
في ظل هذه اللوحة نرى السلطة في منتهى الاستقرار الداخلي، وإن كانت تتعرض لضغوط فمن الخارج، ومن الخارج فقط، لأن الضغط الداخلي عليها لا يكاد يذكر. وهذا ليس مرده نجاعة سياستها الداخلية، بل هزال المعارضة ككل. فالأحزاب الدينية قوية لدى مقارنتها بالمعارضة الديموقراطية، لكنها هزيلة في ذاتها، ومرشحة لمزيد من الهزال لعجزها عن مواكبة متطلبات العصر. ولأنها بهذا العجز، فهي أعجز من أن تفعل سياسياً في المجتمع، بل تعتاش على التعبئة الأيديولوجية. وهذه التعبئة، على أهميتها، ليست فعلاً سياسياً بل أيديولوجياً، ولهذا نرى هذه الأحزاب غير مقنعة سياسياً للمواطنين، وبالتالي نرى السلطة بهذا الاستقرار.
من المؤكد أن هذه الأحزاب، ومعها التي عفا عليها الزمن، ستفسر انعدام فاعليتها السياسية بقمع السلطة التاريخي لها، لكن هذا ليس تفسيراً بل مجرد تبرير لأنه لا يصرف بقرش واحد في سوق العمل السياسي الرزين. فكل السلطات بالأصل قمعية، وهي لا تصير ديموقراطية بتنوّرها وثقافتها و و، بل بالضغط الديموقراطي عليها في كافة مستويات البناء الاجتماعي الذي يتكثف أخيراً عبر الفعل السياسي في المستوى السياسي. فمن ذا الذي يكون أشبه بالإله، أمره كن فيكون، ويتنازل عن ألوهيته طوعاً ليصير بتفاهة البشر؟!
أما الحركة الديموقراطية، وباعتبارها الأقدر على مواكبة تطورات العصر، فلا يشتد ساعدها إلا بالعمل الديموقراطي الموجه بطبيعته ضد الديكتاتورية في كل المجالات الاجتماعية. وفي الوقت الذي باتت فيه الأحزاب الدينية تمكر بتسمية نفسها ديموقراطية وتضغط على السلطة عبر مطالبتها بالديموقراطية السياسية فقط، فإن من واجب الحركة الديموقراطية الآن، وحتى قبل أن تتشكل في حزب مستقل، وكيما تتشكل في حزب مستقل، أن تباشر العمل بالإصلاح الديموقراطي في سوريا وبنفس الوقت أن تطالب السلطة بتشريع العمل السياسي للأحزاب العلمانية فقط. وهذان في الحقيقة ضغط مزدوج على الديكتاتورية في المجتمع ككل لصالح صيرورته ديموقراطياً: ضغط على ديكتاتورية السلطة التي تحتكر لنفسها حق العمل السياسي وضغط معاكس لضغط الأحزاب الدينية الفاعل فعله باتجاه سلطة سياسية أكثر ديكتاتورية من السلطة القائمة. وبديهي أن بداية العمل بهذا الإصلاح بداية بناء أسس ديموقراطية لهذا المجتمع، هذه الأسس التي من منطقها ألاّ تسمح لأي سلطة إلا بالوقوف عليها مهما تكن نوازعها ديكتاتورية.
فالديموقراطية حرية للمجتمع ككل، ومعه وفيه للأحزاب الديموقراطية لأنهما يكملان المشوار الديموقراطي إلى نهايته معاً. أما الأحزاب
الدينية فديموقراطيتها أشبه ما تشبه فريق كرة قدم بعدما يسجل هدفاً يصير هو الحكم، ويقوم هو وجمهوره بتحطيم أرجل الفرق المنافسة
ليقول بعدها "هيا نكمل باقي المباريات".
هذا النقض لبنية الديموقراطية ليس مكوناً من مكوناتها لأنه ليس من منطقها أن تنقض ذاتها بذاتها، وإنما إقحام أيديولوجي على الديموقراطية لتتوافق وبنية العقل الديكتاتوري. دمشق 12 تموز 2004



#علي_الشهابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديموقراطية وديموقراطية الحزب الديني -نموذج الإخوان المسلمي ...
- جرأة التفكير وديبلوماسية المفكر
- سوريا إلى أين ورقة عمل-القسم الثاني
- الأصلاح في سوريا


المزيد.....




- اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا ...
- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي الشهابي - الديموقراطية وأيديولوجيا الديموقراطية