|
دستور حقوق الأنسان
لقمان محمد
الحوار المتمدن-العدد: 3208 - 2010 / 12 / 7 - 08:00
المحور:
حقوق الانسان
منذ فجر البشرية حتى يومنا الراهن والأنسان يناضل ويكافح ويعمل ويجهد في سبيل تحقيق حلمه الأبدي ،ألا وهو بناء حياةٍ تصونها مبادئ أخلاقية عالية ، وتسودها الإحترام والمحبة. فالأنسان عندما تحرّر من أول قيوده العقلية والذهنية، وبدء بالتفكير وتكوين شخصيته المستقلة ، وتحوّل بذلك من كائن بذاته إلى كائن لذاته، وبدء نضاله ضد الظلم والعبودية والقهر والأستبداد ،ذلك من أجل إقرار قوانين كونية مكتوبة يمكن تطبيقها في كل زمانٍ ومكان على البشرية جمعاء.وكانت نتيجة كل هذا هو "الإعلان العالمي لحقوق الأنسان". إن الحضارات والأديان والفلسفات والفنون والأدبيات كلها لعبت دوراً في تكوين ولادة فكرة الكائن البشري والفرد كائناً ذو كرامة جوهرية، وطورته بالرغم من ما واجهته من صعوبات وحروب دولية وأهلية وإرهابية...لتكوَن بذلك أرضيةً خصبةً لزرع بذرة فكرة حقوق الأنسان والتي وصلت إلى يومنا هذا واتسمت بإسم "الإعلان العالمي لحقوق الأنسان "و تمّ الإعلان عنها من قِبل الجمعية العمومية للأمم المتحدة وذلك في 10-12-1948 ،هذه البذرة التي تضرب جذورها في أعماق الحضارة الأنسانية ، ستنمو وتبقى أبدية في حياة البشرية. إن ما تعرضت له الأنسانية ومازالت تتعرض له اليوم، من كوارث ودمار وصراعات دموية كثيرة تمّ من خلالها خرق حقوق الأنسان ،وخاصة بعد الحربين العالميتين، باتت تفرض واقعاً بسن قوانين ذات مستوٍ عالمي لضمان حقوق الأنسان. فاليوم هناك الكثير وحتى أغلب العالم المدني والمتحضر باتوا يعتبرون أن الحرية ،والمساواة، والعدالة وحقوق الأنسان هي قيم كونية للبشرية جمعاء ،وأن الديمقراطية والحكم الدستوري تمثلان الإطار الأساسي لحماية هذه القيم . حقوق الأنسان يعني احترام الأنسان نفسه بنفسه، وتكريم ذاته البشرية،، ليشكل بذلك نواة بناء مجتمعٍ عادل وحر وإنشاء نظام ديمقراطي وعالمٍ سلمي. الإعلان العالمي لحقوق الأنسان هي معاهدة دولية تمّ التوقيع عليها ، والتي تتضمن قوانين ذات مستواً عالمي، كونها قيم أخلاقية عالية ،تضمن الحقوق المدنية والثقافية والسياسية للفرد وتوّجه سلوكياته .أي أنها توضح واجب وحق الفرد والمجتمع في آنٍ واحد بكافة أطيافه الأثنية والدينية والثقافية. لهذا فإن هذه المعاهدة تفرض على كل دولة سنّ قوانينها وإعادة كتابة دستورها بما يتوافق ويلائم هذا الإعلان. وإن سنّ أي قانون أو تحديث أي دستور في بلدٍ ما، يجب أن لايكون بمعزل عن هذه القيم ،وأي إنحراف عنها سيؤدي إلى كارثة أنسانية. ما يحدث من حروب ،وما نعيشه من ظلم وجور وخلل إجتماعي وثقافي وخرق لحقوق الأنسان وإنكار للهوية القومية والدينية في بلدان العالم الثالث عامةً والأنظمة الشرق أوسطية خاصةً، هو نتيجة الخلل بين دستور هذه البلاد وهذه المعاهدة .فبدون دستورٍ يحمي قيم هذا العقد البشري ،ستُسلب حقوق الناس وتُهان كرامتهم ،وتتخرب العلاقة الأنسانية بين أفراد المجتمع الواحد، وستكون الدولة استبدادية وذات نظام سلطوي ديكتاتوري وحكم عسكري.إذاً إعلان حقوق الأنسان وثيقة أخلاقية تنظم تصرفات وعلاقات الأفراد والثقافات والأثنيات والأديان المختلفة في المجتمع فيما بينهم ومع الدولة عن طريق الدستور،وبالتالي إظهار مدى اعطاء المعنى للحياة وقيمة الفرد البشري والحفاظ على كرامته ومدى قابلية هذا المجتمع والدولة لخلق وسطٍ ملائمٍ للعيش الأنساني المشترك. أي مقياس تمدن وحضارية أي مجتمع ،وديمقراطية أي نظام أو دولة ،مرتبط بمدى تطبيق مواد قوانين إعلان حقوق الأنسان في حياته وعلاقاته الداخلية والخارجية، ومدى انضمامهم للمسيرة الأنسانية. أي إن هذا الإعلان سؤالاً يطرح نفسه بالشكل الآتي : من سيكون السيد في البلاد أهو الشعب والحكم الدستوري الديمقراطي ،أم سيكون الحزب الواحد هو صاحب كل السلطات تحت اسم الشعب..!!!؟؟؟ في اليوم العالمي للإعلان عن حقوق الأنسان نقول: حقوق الأنسان ليست هبة من عند الدولة تمنُّ بها على المواطن، فكل شخصٍ يولد ومعه كرامته وحريته وهويته، بغض النظرعن جنسه ودينه وعرقه ومعتقده وفكره السياسي ولون بشرته، وللحفاظ على هذه الكرامة والهوية والحرية الفطرية يتوجب أن نناضل لنكتب دستور حقوق الأنسان وتطبيقه ونكافح ونجهد لبناء غدٍ أنساني وأسرةٍ أنسانية....
#لقمان_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
-
هآرتس: ربع الأسرى الفلسطينيين في سجون -اسرائيل- اصيبوا بمرض
...
-
اللاجئون السودانيون في تشاد ـ إرادة البقاء في ظل البؤس
-
الأونروا: أكثر من مليوني نازح في غزة يحاصرهم الجوع والعطش
-
الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
الاونروا: الحصول على وجبات طعام أصبح مهمة مستحيلة للعائلات ف
...
-
الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
-
منظمة حقوقية يمنية بريطانيا تحمل سلطات التحالف السعودي الإما
...
-
غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|