علاء الزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 962 - 2004 / 9 / 20 - 05:53
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
لن نتقدم خطوة واحدة إلى الإمام قبل أن نبادر إلى انتقاد أنفسنا وسلوكياتنا وتقويم المعوج منها . نحن الآن في مرحلة بالغة الخطورة ، لن يعيننا على اجتيازها سوى الشفافية والمصارحة ووضع النقاط على الحروف في كل شيء وكل مضمار .
فلو تناولنا على سبيل المثال لا الحصر تقييماتنا – كتابا ومثقفين وحتى أناسا عاديين – للآخر ، سواء كان مختلفا معنا أو حتى متفقا في خطوط عامة ومتباينا في بعض التفاصيل ، لاحظناها قاسية ومتسرعة ومنفعلة وهائجة أحيانا !
لم يسلم من هذه الصفة السيئة حتى أناس متميزون لهم تأثيرهم على المسار الثقافي والاجتماعي العام للعراق والعراقيين .
خذ كمثال – لو سمحت – الباحث الاجتماعي الكبير المرحوم الدكتور علي الوردي . فقد عجَّ كتابه الشهير " لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث " بكافة أجزائه ، بالإضافة إلى الأخطاء النحوية والبلاغية التي لاحصر لها ، بالأحكام المتسرعة العجول ، والأوصاف التي تصل إلى درجة الإهانة للتحركات الشعبية والثورات والانتفاضات . حتى ليبدو أحيانا لمن يطالع الكتاب أن الباحث الفقيد كانت لديه عقد ما من فئات عديدة من أبناء الشعب العراقي !
وكذلك ، دونك مثلا وصف الشاعر عباس الخليلي الشعب الإيراني بالأوصاف التالية نتيجة معاناة واجهها لدى إقامته في تلك البلاد ، يمكن أن يواجهها أي مهاجر في أية بلاد :
وقد نُفيت على هونٍ إلى بلدٍ لمستُ فيه أنيسي الحُمرُ والبُهُمُ !
أما اليوم ، فإن كتابنا الرائعين الذين تزدحم بهم أروقة الإنترنت لم يتركوا شعبا أو فئة من الناس إلا وأوسعوها ضربا وإيذاءً وإهانات ، دون أن يلتفتوا إلى أن فينا – نحن العراقيين – الكثير مما ينبغي أن يُلتفت إليه لتقويمه وتصحيحه وتعديله .
لأذكر أمثلة لكيلا نضيع في العموميات : بعض الزملاء يشير بمناسبة وبدونها إلى أن الجيش المصري تاه في صحراء سيناء ، فيما كانت زعامته تهدد برمي إسرائيل في البحر . طيب ، جيشكم العراقي الباسل تاه أيضا في صحارى وجبال وقفار عديدة ، في كردستان وعلى حدود إيران وفي مستنقعات خوزستان وأمام الأميركان ، وليس في كل ذلك ما يشير إلى وجود خلل في شخصية الجندي العراقي ، بل إلى نوعية الأهداف المرسومة له ، وكيفية التعامل معه ، وطبيعة النظام الذي يقود بلده ، وكذلك هو الجندي المصري ، مع فارق كبير بين نظام البعث المنهار وحكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع اتفاقي الكبير مع معظم منتقديه في أغلب ما ذهبوا إليه .
ويهاجم زملاء آخرون شعوبا وفئات دون استثناء أحد ، من الشعوب العربية إلى الإسلامية إلى العالمية أحيانا ! وكأننا الوحيدون الذين لم تنجب البشرية مثلنا ! هل هذا معقول !
أعتقد أن أفضل حل لهذه المشكلة السلوكية أن نستفيد نحن المقيمين في الغرب خصوصا من طريقة تعامل الناس هنا مع الأشياء . إذ يمكن انتقاد كل شيء حتى أي محرم ، ولكن باعتدال وهدوء ومنطقية ودون شخصنة كل شيء وكل رأي وكل خلاف .
#علاء_الزيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟