أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - فضائح ويكيليكس - الخلاقة -















المزيد.....

فضائح ويكيليكس - الخلاقة -


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 3206 - 2010 / 12 / 5 - 18:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اياً تكن المواقف والتقييمات لوثائق " ويكيليكس " الفضائحية السياسية عبر الانترنيت ، إيجابية أو سلبية ، سواء من حيث أنها جاءت بحقائق أو أنصاف حقائق أو أكاذيب ، أو جاءت بدوافع حرفية أو على خلفيات تسعى لتحقيق أهداف محددة ، أو أنها جاءت بوقت مناسب لهذا الطرف وغير مناسب لذاك ، فإن هذه الوثائق تظل أكبر سبق صحفي عالمي مهني . فقد انتزعت مكانة الحدث الإعلامي السياسي الأهم ، في أواخر العقد الأول من الألفية الثالثة ، لأنها اكتسبت مواصفات فعل إعلامي لم يحدث بهذا الحجم وعلى هذا المستوى شبه الشامل . وربما ، إلى حد لايستهان به ، يمكن ، من خلال خلفياتها الهادفة ، إذ لكل فعل خلفية ولكل خلفية هدف ، ، ومن خلال مضامينها واستهدافاتها ، التي طرحت بشفافية عارية ، أن تأخذ ، وإن تباينت آلياتها عن آليات " الفوضى الخلاقة " التي طرحها المحافظون الجدد في بدايات العقد الأول من القرن الحالي في الولايات المتحدة ، أن تأخذ عنوان " الفضائح الخلاقة " .

فكل من " الفوضى الخلاقة " السيئة الذكر و " الفضائح الخلاقة " المنتشرة الذكر ، تتشابهان بالتحرك لإحداث تغيير في الخريطة العالمية ، الأولى بآليات القوة والعسكر ، والثانية بآليات الانترنيت والفضيحة ، التي تحمل شحنة التحريض لاستخدام القوة والعسكر في نزاعات وحروب مدمرة يولم لها .. يحركها " ماوس " ويكيليكس " بكثير من الذكاء والتمويه ، من خلال هذا الكم الهائل من الوثائق ، التي لاتخلو من الحقائق ، التي تمر لتمرر معها الأهداف المتوخاة ، التي تستبطنها هذه الوثائق .

التمويه الأكبر الوارد في السياق العام لهذه الوثائق ، هو تناول التقييمات المتعلقة بأداء الدبلوماسية الأميركية ، من خلال علاقاتها مع زعماء ووزراء ورؤساء وملوك في أوربا والشرق الأوسط بالدرجة الأولى ، ونقل مضامين أحاديث جرت " تحت الطاولة " بين سفراء الولايات المتحدة وهؤلاء ، وتوصيف هذا الزعيم أو ذاك ، أو هذه الدولة أو تلك . وذلك بأسلوب يجعل هذا التناول ، إلى حد مقبول فيما نذهب إليه ، أقرب إلى التمويه المقصود من اعتباره ببساطة وسذاجة أنه " نزعة تدميرية شخصية لدى " جوليان أسانج " ضد الصحافة والدول " . ويمكن لقراءة متأنية لرد وزير الدفاع الأميركي " غيتس " الدقيق والواضح ، على أسئلة الصحافيين ، حول الوثائق المتعلقة بالولايات المتحدة ، أن يساعد على إضاءة أكثر لهذا التمويه .

قال " غيتس " حرفياً " هل الأمر مزعج ؟ نعم . هل هو حساس ؟ نعم . " وأكد أن " الحكومات تتعامل مع الولايات المتحدة لأن ذلك من مصلحتها وليس لأنها تقدرنا . ليس لأنها تثق بنا . ليس لأنها تعتقد أنه يمكن حفظ أسرارها " وأضاف " هناك حكومات تتعامل معنا لأنها تخشانا , وحكومات أخرى لأنها تحترمنا . وغالبيتها لأنها تحتاج إلينا " .

ما يمكن أن يعنيه " غيتس " أن المقصود ، فعلياً ، بتلك الوثائق هم الآخرون ، الذين تناولت الوثائق علاقلاتهم وأحاديثهم وأدوارهم المشبوهة مع المسؤولين الأميركيين . والتداعيات المؤلمة المتوقعة سوف تطاول هؤلاء ، إن على مستوى الداخل في بلدانهم أو على مستوى الصراعات الإقليمية ، التي يجري التحضير لها .. لاسيما في الشرق الأوسط ، الذي تحولت معظم بلدانه إلى ثمار يانعة قد حان قطافها .. وموسم الجني فيها قد اقترب كثيراً .

وحسب ما هو معروف ، فإنه من الصعوبة بمكان ، أن تؤدي الوثائق على المستوى الأوربي إلى زعزعة العلاقات الأوربية - الأوربية ، أو الأوربية - الأميركية . فالكيانات الأوربية قد تجاوزت منذ عقود طويلة الحروب الساخنة والباردة . ولديها المناعة الدستورية والديمقراطية والاقتصادية المشتركة ، التي تحميها من الانزلاقات المذهبية أو العرقية . وبغض النظر عن تداعيات الديون السيادية لمعظم دول أوربا ، التي تصور البعض أنها قد تخلخل الاتحاد الأوربي ، إلاّ أن ، الكبيرة والصغيرة من دول الاتحاد ، إضافة إلى روسيا ، لم تكترث كثيراً بهذه الوثائق . فعلى سبيل المثال لاالحصر : كاد " برلسكوني " أن يغشى عليه من الضحك لدى سماعه ما يتعلق به في الوثائق . " وميدفيدف " اكتفى بالقول " إن هذه الوثائق تعكس سوء ظن الدبلوماسية الأميركية " . أما " البيت الأبيض " فإنه أعلن بشك لافت ، أنه يبحث عما يمكن قانونياً لملاحقة " جوليان أسانج " وأشار إلى أنه سيعمل ، وهذا هو الأهم ، على وضع المسألة على مستوى قانوني دولي ملزم ، لمكافحة مثل هذه الأساليب في طرح مثل هذه الوثائق في المستقبل ، كما حصل إزاء ما سمي بالحرب على الإرهاب .

وحول انعكاسات وثائق ويكيليكس المحققة ، من الواضح ، أن الأمور في أوربا والولايات المتحدة تسير على طبيعتها . ووسط البرد القارس في شتاء استثنائي ، وفي زحمة الصراعات الطبقية الحادة الجارية ، بين الاحتكارات الرأسمالية الكبرى ، التي لاحدود لجشعها وركضها وراء الثراء المتوحش ، وبين الطبقات الاجتماعية التي تعيش من بيع قوة عملها اليدوي والذهني لقاء أجور ، تفقد أكثر فأكثر من قدرتها الشرائية ، حول من سيدفع فاتورة الأزمة الرأسمالية العالمية الدائرة رحاها منذ سنوات ، يكاد لاأحد يهتم بوثائق " أسانج " الصحفي الأوسترالي المحاصر في بريطانيا باتهامات قضائية ، بينما الشرق الأوسط يكابد من تداعيات الوثائق " الويكية " التي أزاحت الرماد من فوق الجمر في بؤره المتوترة ، متوخية ، أو يدفع إلى ذلك البعض ، تأجيج الصراعات المدمرة المزمنة والمستجدة .. اللاحضارية .. واللاأخلاقية .. واللاإنسانية ..

وإذا جاز لنا " على ضوء المعطيات السياسية والاقتصادية والعسكرية العالمية عامة " اعتبار أن التمويه وارد في السياق العام للوثائق ، سواء أكان مقصوداً من قبل " أسانج " أو تم توظيف جهد " أسانج " في هذا الصدد من قبل قوى عالمية في خدمة مخططاتها ، فإن السؤال الوارد هنا : لماذا التمويه ؟ .. وعلى ماذا التمويه ؟ .. ومن يقف وراء التمويه ؟ ..

إن المشهد الشرق أوسطي ، بخاصة ، يتطلب منا أن نشك بالأهداف الحقيقية الكامنة وراء الوثائق " الويكية " التي تشي بعدم عذريتها المطلقة . وأن نعتبره موضوعاً رئيسياً للتمويه . ويمكن من المحاور الرئيسية التي وردت بكثافة في الوثائق حول الشرق الأوسط ، أن نتأكد من صدقية شكنا ونرتاح فيما ذهبنا إليه . فقد تناولت الوثائق بشكل مسيء لرئيس الوزراء التركي " السيد أردوغان " ووصفته بالفاسد والإسلامية ، وبأن لديه حسابات بنكية سرية في سويسرا . وأن تركيا هي الدولة الوحيدة المؤيدة لإيران والمعادية لإسرائيل . في وقت يقود فيه السيد " أردوغان " تركيا في صراع مكشوف لتحرير تركيا من النفوذ الصهيوني والأميركي ، ويعمل على تحقيق برنامج اقتصادي نهضوي في البلاد ، ويدعم القضية الفلسطينية ، ويعمل على بناء دور إقليمي تركي تحرري ، ما يؤدي إلى تأزيم الوضع الداخلي التركي وجر تركيا بعيداً عن خياراتها الاستراتيجية الواعدة . وقد نفى السيد " أردوغان " بشدة ما سماها بالأكاذيب . وقال السيد " عبد الله أوغلو " رئيس الجمهورية " إن هناك هدفاً وراء نشر هذه الوثائق وقد تم تمريرها في مصفاة "

كما تناولت الوثائق مواقف عدد من القايادات العربية المتوجسة من نمو إيران الاقتصادي والنووي والإقليمي ، التي تتفق والمواقف الأميركية والغربية والإسرائيلية ، والتي تصنف إيران عدواً للعرب وليس إسرائيل ، وأبرزها تشجيع الملك السعودي عبد الله أميركا على ضرب إيران . وتعهده بسد أي نقص في البترول إذا حدث ما ذلك . وقد عبر نتنياهو صراحة عن سروره لهذه المواقف العربية الواردة في الوثائق واعتبرها تصديقاً للرؤى الإسرائيلية المعادية لإيران . وتفاخربالعلاقات التجارية بين العراق وإسرائيل بعد عام 2003 . ما يكرس بايجاز أن العرب والأميركان وإسرائيل معاً ضد إيران ، وما يشي أن هناك استعجالاً لحرب إقليمية أخرى من خلال تركيز الوثائق على أن إيران حصلت من كوريا الشمالية على صواريخ تصل أوربا . وفتحت الوثائق نافذة على اليمن الذي فقد السعادة ، كشفت من خلالها ليس تواطؤ على عبد الله صالح مع الولايات المتحدة لدرء مخاطر القاعدة على اليمن ، وإنما لاستدامة النظام أولاً .

في وقت لم تأت الوثائق بشيء يذكر ، عن أنشطة الموساد الإسرائيلي الإقليمية والدولية ، وعن حروب إسرائيل العدوانية القديمة والجديدة والتهديد بشنها في أي لحظة ضد لبنان أوسوريا أو إيران ، وعن جرائمها ومجازرها واغتيالاتها ضد الشعب الفلسطيني ورموزه وقياداته ، وأكثرها دموية ولؤماً الحرب على غزة .. وحصار غزة ، وجديدها تهويد القدس وتهويد الدولة ببرمجة ترحيل عرب 48 وا ستمرار بناء المستوطنات ، وإقرار قانون الاستفتاء على أية تسوية متعلقة بالجولان المحتل .
ولم تذكر بشيء حول ما يجري في السودان من تمزيق باسم تقرير المصير ، ومن التهديدات الاسرائيلية وتصفية المقاومة باسم المحكمة الدولية ، ومن افتعال صدامات جهوية داخلية في المغرب ، ومذهبية في مصر .

وعلى هذا من حقنا .. نحن الذين نعاني من قمع وفوات واهتراء الأنظمة .. ومن الفقر .. والجوع .. واستلاب الإرادة والكرامة .. أن نسأل : لماذا هذه الوثائق الآن .. ولمن تخدم نصوصها ومآلاتها ؟ .. هل نحن مقبلون على حرب إقليمية تحقيقاً لمخطط شرق أوسطي أميركي إسرائيلي غربي جديد .. وقد جاءت هذه الوثائق لتضعنا في حالة تكيف مهين مع المرحلة المقبلة .. إضافة إلى تكيفنا المشين مع الاهتراء الحضاري والأخلاقي والسلطوي الاستبدادي المفوت ؟ ..

رغم أن معظم ما ورد في الوثائق معروف من قبل حتى البسطاء في جميع البلدان العربية ، لكن بعض ما جاء فيها ، من مستويات الانحطاط لدى هذا المسؤول العربي أوذاك ، يدفع المرء ليضرب رأسه بيديه ويصرخ متسائلاً : ألهذا الحد من العفن والنتانة نتخبط على أيدي حكامنا دون أن ندري ؟ ..

ما هو المطلوب الآن ؟ .. الجواب بسيط جداً وهو .. أن نعرف كيف ومتى نضرب الرؤوس التي تجرنا أكثر فأكثر إلى أعماق الانحطاط والعجز والتخلف والعبودية



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن والغرب والحداثة
- مجزرة نداء الشيطان
- الانحدار من خط الفقر إلى خط الجوع
- ليس غير اليسار الاشتراكي
- وسام لامع على صدر - الحوار المتمدن -
- ملوك اقصاد السوق يزحفون نحو السلطة
- - صحافة قطاع خاص - في نظام أحادي ..
- الطبقة العاملة والحزب والنقابات ( 2 - 2 )
- الطبقة العاملة والحزب والنقابات ( 1 - 2 )
- العمال واللقمة المغمسة بالفقر والقهر
- حول اليسار وعودة اليسار
- الانتقال من معارضة تقليدية إلى معارضة ثورية ديمقراطية
- التجاوز والرهان الصعب
- آمنة والأقفال السبعة
- من أجل غزة ومابعد غزة
- اختناق العصافير
- المعارضة والمعادلات الصعبة
- حيثيات ليس العمال والحكومة في مركب واحد
- في الأول من أيار .. ربيع النضال يتجدد
- المقهورون في مصر يتحدون تهديدهم بالرصاص


المزيد.....




- إطلالة مدهشة لـ -ملكة الهالوين- وتفاعل مع رسالة حنان ترك لجي ...
- 10 أسباب قد ترجح كفة ترامب أو هاريس للفوز بالرئاسة
- برشلونة تعاني من أمطار تعيق حركة المواطنين.. وفالنسيا لم تصح ...
- DW تتحقق - إيلون ماسك يستغل منصة إكس لنشر أخبار كاذبة حول ال ...
- روسيا تحتفل بعيد الوحدة الوطنية
- مصر تدين تطورا إسرائيليا -خطيرا- يستهدف تصفية القضية الفلسطي ...
- -ABC News-: مسؤولو الانتخابات الأمريكية يتعرضون للتهديدات
- ما مصير نتنياهو بعد تسريب -وثائق غزة-؟
- إعلام عبري: الغارة على دمشق استهدفت قياديا بارزا في -حزب الل ...
- الأردن.. لا تفاؤل بالرئاسيات


المزيد.....

- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - فضائح ويكيليكس - الخلاقة -