|
حاجة اليمن الى مؤسسات تعليمية
فدوى فاضل
الحوار المتمدن-العدد: 3205 - 2010 / 12 / 4 - 17:47
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
يعيش في جمهورية اليمن عدد كبير من اللاجئين العرب، الذين لم يساعدهم الحظ لدخول الدول الغربية، أو يفضلون البقاء في أجواء عربية اعتادوا عليها. بعض هؤلاء، وهم كثرة، متعلمين وخريجين جامعات، أو مهنيين، أو انقطع تعليمهم في البلدان التي هجروها هرباً من الاضطهاد أو التصفيات السياسية، جميعهم جاءوا إلى اليمن، وهي من الدول الفقيرة، ليستقروا فيها ويقبلوا الفقر والبطالة بعد أن ماتت، أو كادت تموت طموحاتهم، وهم يمثلون ثروة تعليمية شلّت عن العطاء بسبب قلة الجامعات والمدارس في اليمن وركود التعليم، حيث تراوح الأمية حول نسبة 47% من مجموع السكان، وهي نسبة عالية في بلد يبلغ تعداده 28 مليون نسمة، وتتدنى نسبة الأمية بين النساء إلى 77%، وهي نسبة مفزعة إذ تتعطل النساء عن لعب أي دور اجتماعي أو اقتصادي! وتتطرق كل الصحف العربية تقريباً إلى تفشي الأمية في اليمن، الذي يواجه مشاكل أكبر من قدراته، أولاً لأنه محروم من مصادر الثروة النفطية الكبيرة، وثانياً انتشار التخلف بين أبنائه، وثالثاً إزدياد نسبة البطالة فيه، التي وفرت بيئة قبلية سمحت بالتدخلات الخارجية المسلحة، وظهور تنظيم القاعدة كأقوى تنظيم يخلق لحكومته منافسة لا يستهان بها في مجال جذب الشباب العاطلين وتجنيدهم وتسليحهم وإرسالهم في مهمات تخريبية في الداخل والخارج. وكانت )مكتبة اليقظة العربية للمرأة والطفل (www.Yaqadha.com قد أطلقت مبادرة "ابنٍ وطنك ايها العربي" بدعوة من الباحثة في علم الاجتماع الشيخة مهرة سالم القاسمي، رئيسة ادارة المكتبة، لمساعدة اليمن على الأقل في مجال التربية والتعليم، لخفض نسبة الأمية إلى مستوى معقول من أجل القضاء على البيئة التي تشجع الخلافات القبلية، وتحرم تنظيم القاعدة من استغلال التخلف لاصطياد الشباب وتجنيدهم، وتساعد من جهة أخرى على استيعاب وتشغيل اللاجئين العرب المتواجدين على أرضه في استرجاع الأمل لحياتهم المشلولة، فيعطوا ويأخذوا، أي أن يساهموا في نشر المعرفة والتعليم بين صفوف اليمنيين الصغار والشباب في المدن والأرياف، لكي يعودوا بذلك إلى مهنتهم التي انقطعوا عنها في بلدانهم الأصلية مجبرين. وتكاد جميع الدول العربية تلوم اليمن على نسبة الأمية فيه، ولو من طرف خفي، كأن القدر هو الذي صنع اليمن بهذا الشكل من التخلف، متناسية أن في اليمن قامت إحدى أكبر الحضارات في مجال الريّ والتجارة قبل 2500 سنة، ولا تلوم ولا تتطرق إلى المساعدات الشحيحة التي تقدم لليمن، ولا للاستثمارات الهائلة التي تخرج من الدول العربية النفطية، من الحكومات أو الأفراد، لتصبّ في خزائن الدول الغربية، فتنعش اقتصادياتها وتساعدها على تجاوز الأزمات التي تعصف بها بين فترة وأخرى. ومن المخجل أن اليمن، الذي يعاني من الأمية بهذا الشكل الحاد، يقع في الغرب من دول الخليج الغنية بالثروات، ويحده من الشمال والشرق دولتان منها. لكن هناك جانب يثير السخط من عدم قدرة اليمن على توفير ميزانية مناسبة للتعليم، بينما ترتع بعض دول الخليج في بحبوحة كبيرة في هذا المجال، وتخصص مبالغ طائلة تزيد عن الحاجة على المدارس والجامعات، وتذهب إحدى الدول إلى أبعد من هذا، إذ تتباهى بتخصيص مبلغ قدره 6.4 بليون دولار على شؤون التعليم، بينما لا يزيد عدد سكانها على 880 ألف نسمة، أي أقل من المليون، وهي دولة قطر. بالتأكيد لا نريد أن نحسد سكان قطر على هذا البذخ الذي يفوق التصور، والذي لا يشير إلى موضوعية عملية في بنية التأهيل، لكننا نذكر، وبكل أسف، بأن قطر على ما يبدو ما زالت مأخوذة بفكرة الدولة الأولى في الصرف على التعليم، والدولة الأولى في قيمة الاستثمارات الخارجية، والأولى في الإنفاق على الفرد، والأولى في التأثير السياسي، والأولى في بناء الطرق، وأخيراً وليس آخراً، الأولى في تبذير الأموال على مشاريع لا تحتاج إليها إلا في مجال الادعاء والأبهة. ونعني بذلك تحديداً ان تشييد 6 جامعات أمريكية تعد من كبار الجامعات في دولة صغيرة، يؤكد عقدة النقص المرضية تجاه الثراء الغربي، الذي يعتمد الدراسات الدقيقة للحاجة، ويقيس نسبة السكان، والمردود المالي، بينما تنظر دولة قطر إليها كمشاريع للترف، حيث تشيَد المباني ثم تتركها لزيارة بضع مئات من الصحافيين والسياح. وجدير بالذكر ان المدينة التعليمية قام بتصميمها المعماري الياباني الشهير اراتا اوسوزاكي!! وتقول جريدة الفايننشال تايمز اللندنية في ملحقها الخاص عن قطر بتاريخ 23 نوفمبر الجاري، إن الإنفاق على بناء هذه الجامعات والصرف على إداراتها يعتمد على ميزانية خاصة خطة الحكومة للاستثمار في مجال المخصصة للتعليم! وفي حين ان متوسط عدد طلاب اي جامعة في العالم أو حتى في الدول العربية المجاورة يقاس بالآلاف فإن عدد الطلبة الذي سجلوا في تلك الجامعات حتى الآن هو 477 طالب فقط، بينهم 220 من القطريين وفقا للفاينناشال تايمز، (ولا اظن ان من هؤلاء الطلاب يمني واحد) لذلك تفتح الجامعات الست صفوفها وأبوابها للريح تلعب بها، ويقضي طاقم الموظفين والمدرسين، وهم من أعلى المستويات ويتقاضون مبالغ كبيرة، الوقت في التحديق بفراغ الصحراء واللوحات الارشادية لشوارع المدينة التعليمية الفارغة التي تحمل اسماء مثل "تكساس ايه اند ام" و"جورج تاون" و "كارنيجي ميلون" الخ! ومن الواضح ان تسمية "الجامعات الأمريكية" يأتي جزءاً من المنافسة والادعاء، الذي بدأ بتشييد جامعة فرجيينا في عام 1998 وشيدت آخر جامعة وهي نورث ويست في العام 2008. أمريكا هي المستفيد الاول وربما الوحيدمن هذا النوع من الصفقات لأن دولة قطر هي التي استدعت هذه الجامعات لإنشاء فروع لها، وتبنت تكاليف البناء، وتعمدت أن تكون بنايات ضخمة، مجهزة بأحدث وسائل التعليم والمختبرات. وتقول المعلومات إن جامعة لندن University College London ستنضم قريباً إلى الجامعات الست لتفتح فرعاً لها في قطر! هذا لا يعني اننا نعفي بقية دول الخليج من البذخ في الانفاق على امور غير منتجة ولا تأتي بأرباح واضحة لسكان المنطقة بينما تقصّر او تدفع بالفتات الى الشعب اليمني، لكننا ركزنا على دولة قطر بسبب الأموال الطائلة التي أنفقتها على تشييد 6 جامعات امريكية ضخمة ومنذ العام 1998 من دون حساب حقيقي لمردودها العلمي او الاقتصادي على المنطقة. أليس هذا أمراً محزناً بالنسبة لبلد عربي يعيش حاجة ماسة إلى التربية والتعليم، مثل الشقيقة جمهورية اليمن، ولا تجد من يبني فيها جامعة إضافية، أو يستثمر أمواله على مؤسسة التعليم، مما يزيد في إحباط اللاجئين العرب المقيمين في اليمن من الإنصاف الذي يفتقر إليه العرب؟ ونحن نتساءل: هل يمكن أن تنهض إحدى الدول العربية او المؤسسات الخيرية المتمكنة بمشروع استثماري تعليمي في اليمن، تعفي الأيادي اليمنية العزيزة من الامتداد إلى دول الغرب طلباً لتنفيذه، مع ما يترتب على ذلك من تدخلات في شؤونه الداخلية باسم شتى الأعذار والحججّ!
#فدوى_فاضل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|