|
خمور عربية مغشوشة
أيمن رمزي نخلة
الحوار المتمدن-العدد: 3204 - 2010 / 12 / 3 - 13:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في عالمنا الشرق أوسطي أنواع مِن الخمور المغشوشة ليس لها شبيه في شتى بقاع العالم الآخر. المشكلة ليست في الخمور ذاتها، فهناك أنواع مِن الخمور يشربونها في البلاد الباردة تعمل على تدفئة أجسادهم في أوقات الصقيع. هناك خمور يتم صناعتها في معامل نظيفة، وخمور يتم صناعتها في مصانع غير قانونية وهذه قد تسبب فقدان البصر أو تَلْيُف الكبد، لكن جميعها حينما تزيد عن حدودها الطبيعية فإنها تؤدي إلى غياب العقل. بجانب مستويات الجودة هناك أشكال وأحجام مِن منتجات الخمور، فهناك الأبيض الشفاف وهناك الأحمر الغامق، وهناك الشيكولاتة المخلوطة بالخمور، مِن أجل جذب الانتباه والترغيب في الشراء. وعالمنا العربي ليس بعيداً عن جميع هذه الأشكال والأنواع والأحجام. توجد بعض الدول العربية التي تمنع قوانينها شرب وتداول الخمور لكن كثير مِن شعبها يصنعون أجود أنواع الخمور في منازلهم أو يستوردون أفضلها مِن الدول المجاورة تحت ستار أنهم مِن الأسر المالكة ولا يتم تفتيش حقائبهم الملكية، ومنهم مَن يذهب للشراب والعربدة في دول شقيقة وصديقة. تُصنع الخمور مِن خامات أولية محترمة مثل الفاكهة والخضروات والسكر والماء والخميرة وغيرها. لكن التركيبة الفنية والعوامل المساعدة هي التي تؤدي إلى المنتج النهائي وهو الخمر المُسْكر والمُذهِبْ للعقل أهم ما يُميز الإنسان أحسن تصوير الخالق. ومِن أمثلة خمور عالمنا العربي المغشوشة: 1ـ توظيف النصوص الدينية المقدسة. ففي تركيبة فنية إعلامية مع بعض العوامل المساعدة لصناعة خمر مغشوشة يتم مِن خلالها تغييب الأمة مِن خلال توظيف نص مقدس في غير بيئته ولا خلفيته. مِن المعلوم أنه نزلت نصوص التوراة والإنجيل والقرآن في بيئات وخلفيات حضارية مختلفة عن البيئة والثقافة التي نعيشها الآن، ومع ذلك تجد الإرهابيين يستخدمون النصوص الدينية لإرهاب وتكفير وقتال الآخر المختلف معهم في العقيدة، وأقلهم إرهاباً لا يقبل التعامل مع المختلف معه عقائدياً موظفاً لذلك نصوصاً دينية مُغيباً بها التابعين له. إن توظيف بعض رجال الدين لنصوص دينية في تغييب عقل التابعين هو نوع مِن أنواع الخمور العربية المغشوشة التي لا شبيه لها في كثير مِن الدول الراقية المتقدمة التي فصلت بين الدين كعلاقة فردية وبين المجتمع وكل فرد فيه له نفس الإمتيازات وعليه نفس الواجبات مثل الباقين. 2ـ توظيف فن الرياضة للتغييب الجماعي للشعوب الفقيرة. حين تجد الجماهير الغفيرة الفقيرة التي لا تملك أدني الأمكانات المادية مِن أجل ممارسة رياضة نظيفة، حيث لا وقت لديهم فهم يسعون طوال الوقت مِن أجل الحصول على أدنى متطلبات المعيشة، ولا مكان مناسب يستطيعون فيه ممارسة الرياضة، ولا مواد يمارسون بها الرياضة. لكن في النهاية يجلسون سكارى أمام شاشات التليفزيون والجرائد التي تخلق أخبار الرياضة، يلتهمون هذه الخمور المغشوشة لتغييبهم عن واقعهم الإليم متدافعين ومتقاتلين وراء أباطرة صناعة هذا الخمر المغشوش. وليس بعيداً عن ذاكرتنا القتال الدموي بين فريقي دولتين عربيتين يعاني معظم شعبيهما مِن ويلات الفقر والتأخر في شتى المجالات الإنسانية، ومع ذلك تجدهما يتصارعان بسبب تغييبهما مِن خلال كرة القدم. يا له مِن خمر فاسد مغشوش! 3ـ توظيف الصراع الفلسطيني الفلسطيني. مِن الخمور العربية المغشوشة توظيف الصراع بين الإخوة الأشقاء الأعداء في فلسطين مِن أجل إلهاء الشعوب العربية عن قضاياها الحقيقية. بداية القضية هي صراع هؤلاء الإخوة الأعداء في قتال المصالح المادية على حساب شعبهم المُغيب مِن قياداته، والآن كثير مِن الشعب الفلسطيني يريد الهرب مِن ساحة المعركة التي خلقها قادتهم، وهم لا يُريدوا محاسبة قادتهم على أخطائهم، لكن يطلبون مِن الآخرين أن يُدافعوا لهم عن مصالحهم. قضية خاصة بشعب ودولة أخرى لا تريد صناعة السلام ويختلفوا حتى القتال بين بعضهم البعض بدلاً مِن توجيه طاقتهم نحو عدوهم الحقيقي. وها قد جاءت الفرصة على طبق مِن ذهب للمسئولين في بقية الدول العربية لكي يُغيبوا شعوبهم مِن خلال إلهاء هذه الشعوب بالقضية الفلسطينية. وآه كم مِن هذه الشعوب حالها الإقتصادي والمعيشي العام متدني أقل كثيراً مِن أفقر فقراء فلسطين؟؟؟؟!!!! إنها خمور عربية مغشوشة ليس لها شبيه في كثير مِن الدول الأخرى التي تعمل على تقدم ورقي شعوبها دون أن يتم تغييبهم بأخبار صراعات الجيران وجيران الجيران، وقتال الأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء. ؟؟ هناك خمور مغشوشة كثيرة يتم توظيفها جيداً مِن أجل تغييب الشعوب العربية جماعات أو فرادي. وهذه الخمور المغشوشة يتم فرضها قسراً على الشعوب أو جعل الشعوب تختارها بارادتها لتغييب ذاتها نتيجة كم وضخامة مشاكلها الجسيمة.
متى يفيق المُغَيبين مِن تلك الخمور المغشوشة ويهتموا بقضايا بلادهم الحقيقية؟ وأهم قضية أن يكون الإنسان إنسان. مع تحياتي أيمن رمزي نخلة
#أيمن_رمزي_نخلة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعور بالنقص عند المتدينين
-
النص الديني حين يكون خمر مغشوش
-
معوقات القانون المدني
-
الكنيسة الزانية
-
ما هي صورة نبي الإسلام في صعيد مصر؟
-
رسالة إلى مفتي الديار المصرية.
-
البروتستانت المصريون وبركات ظهور العذراء.
-
ما هي بركات الظهورات؟
-
تغييب فكر الحياة الأخرى(2/2)
-
تغييب فكر الحياة الأخرى(1/2)
-
لماذا سينجح جمال مبارك؟
-
السلطان الكهنوتي.
-
لماذا يعبدون البابا؟
-
لماذا لا يتبع جلالة البابا تعاليم المسيح؟
-
عرقنة الرياضة
-
التدين والغش.
-
اكتب باسم الحرية.
-
رجل دين كندي
-
نساء قاضيات، لما لا؟
-
ألهة الأديان.
المزيد.....
-
الشرطة الألمانية تنفي أن تكون دوافع هجوم ماغديبورغ إسلامية
-
البابا فرانسيس يدين مجددا قسوة الغارات الإسرائيلية على قطاع
...
-
نزل تردد قناة طيور الجنة الان على النايل سات والعرب سات بجود
...
-
آية الله السيستاني يرفض الإفتاء بحل -الحشد الشعبي- في العراق
...
-
بالفيديو.. تظاهرة حاشدة أمام مقر السراي الحكومي في بيروت تطا
...
-
مغردون يعلقون على التوجهات المعادية للإسلام لمنفذ هجوم ماغدب
...
-
سوريا.. إحترام حقوق الأقليات الدينية ما بين الوعود والواقع
-
بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة ليست حربا بل وحش
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل
...
-
وفاة زعيم تنظيم الإخوان الدولي يوسف ندا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|