|
العراق بين الذئاب
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3203 - 2010 / 12 / 2 - 12:19
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لم أستطع الوصول لموقع ويكيليكس منذ نشر الوثائق المسربة من الخارجية الأمريكية إلا بضع مرات قلائل ، لا تزيد في عددها عن عدد أصابع اليد الواحدة ، و حتى في تلك المرات القلائل كان الوصول يتوقف عند الصفحة الأولى في أغلب المحاولات ، لهذا لم أطلع إلا على وثيقة واحدة ، أو وثيقتين ، و لا شأن لهما بموضوع هذا المقال ، و بإستثناء تلك المحاولات الناجحة النادرة التي وصلت فيها للموقع ، كانت بقية المحاولات فاشلة ، و هي المحاولات التي تمت في أيام عدة ، و في أوقات مختلفة من اليوم . لهذا فإن إعتمادي في هذا المقال يقوم أساسا على ما وصلت إليه من خلال البحث في وسائل الإعلام المختلفة ، مثل بعض الصحف البريطانية ، و الأمريكية ، و الإقليمية ، و بعض مواقع الأخبار العالمية ، و الإقليمية . من تلك الجزازات أستطيع القول أن ما نشره موقع ويكيليكس بشأن منطقتنا لم يكن سوى توكيد لما في عقل أي متابع للأحداث في العالم العربي ، فلم يظهر جديد يمثل مفاجأة حقيقية . ربما كانت بعض التفاصيل هي الجديدة ، و هي تفاصيل لها أهميتها ، و من الخطر تجاهلها ، و لكنها تفاصيل تندرج تحت العناوين الرئيسية التي يعرفها أي متابع لمجريات السياسة في الشرق الأوسط . مثال على ذلك ما ذكر عن عداء حسني مبارك للديمقراطية العراقية ، و تمنيه زوالها ، ليس بجديد ، و أعتقد أن كل القراء الكرام يعرفون ذلك ، لأن الشواهد كلها كانت تشير إلى ذلك ، و المنطق السليم كان يؤكد تلك الشواهد ، و يقود بقوة لذلك الإستنتاج . حتى الطريقة التي كانت ستتعامل بها الأنظمة العربية الإستبدادية المنعوتة بالمعتدلة مع الديمقراطية العراقية ، كان من السهل إستنتاجها لأي متابع عارف بطبيعة الأنظمة العربية الإستبدادية المعتدلة ، و قد سبق أن أشرت مراراً لعداء نظام آل مبارك الخبيث للديمقراطية العراقية ، و كذلك لخطر وقوع إنقلاب عسكري يقوض تلك الديمقراطية . الجديد الذي قدمته ويكيليكس هو بعض التفاصيل التي تدلنا على الكيفية التي سيتم بها تدبير الإنقلاب . بالتأكيد لا يمكن أن يقوم إنقلاب يقود لحكم مركزي قوي ، يقضي على الديمقراطية ، و في ذات الوقت يمنع قيام حرب أهلية ، و يمنع تفتت العراق لكيانات أصغر ، بدون وجود جيش قوي ، ذا حجم معقول ، و مهمة بناء ذلك الجيش ينظر لها طغاة العرب المعتدلين على إنها مهمة يجب أن تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية ، لأنها الموجودة هناك ، و بالتالي هي الأقدر على القيام بذلك ، و بالفعل تشير الوثائق المسربة لطلب حسني من الولايات المتحدة القيام بتلك المهمة ، مع عدم إخفائه لتطلعه لإنقلاب عسكري عراقي يقوم به ذلك الجيش الذي طلب من الولايات المتحدة الأمريكية بنائه . أما مهمة نظام آل مبارك الخبيث في ذلك الإنقلاب ، فتتمثل في تجنيد الضباط الذين سيقومون بذلك الإنقلاب ، و هذا يتضح في عرضه على النظام العراقي الديمقراطي إستضافة ، و تدريب ، القوات العراقية . إستضافة ، هي للتجنيد ، أما التدريب ، فسيكون في شكل تدريب تكتيكي على كيفية القيام بالإنقلاب ، و تدريب إيديولوجي ، و سياسي ، لإستنساخ صدام أخر ، غير غوغائي ، و لكن لا يقل دموية . الطريف هو قول حسني الخبيث للأمريكيين : أن الإنقلاب سيأتي بديكتاتور عادل !!! هل مثله ، أم مثل عبد الناصر ، أم مثل صدام ، أم مثل البشير ؟؟؟ عند ذلك تتوقف مقتطفات الوثائق التي إطلعت عليها من خلال وسائل الإعلام المذكورة أعلاه ، و المتعلقة بهذا الشأن ، و لكن يمكن إستكمال السيناريو من التجارب التاريخية العربية مع الديمقراطية ، و بخاصة من تجربة السودان الديمقراطية في ثمانينيات القرن العشرين ، و هي التجربة الديمقراطية التي وأدتها الأنظمة العربية بإنقلاب عسكري ، و كذلك من قراءة الواقع العراقي الجاري . بعد الإنقلاب العراقي سيأتي دور التبرير ، ثم دور التأييد الرسمي ، و الدعم ، من قبل الأنظمة الإستبدادية العربية المعتدلة ، و كما ذكرت في مقال سابق : بعد الإنقلاب ستتوقف التفجيرات ، الإنتحارية ، و غير الإنتحارية ، التي تستهدف إضعاف الحكومة العراقية المنتخبة ديمقراطيا ، لأن مهمة وأد الديمقراطية العراقية ستكون تمت بنجاح ، و من الضروري توفير الإستقرار ، و إظهار الفارق بين فوضى الديمقراطية ، و النظام ، و الهدوء ، في ظل الديكتاتورية . إذا حسناً فعلت الحكومة العراقية حين لم تستجب لعرض مبارك الخبيث ، و حسناً فعل المالكي حين رفض الإتصال هاتفيا بحسني . و لكن ليسمح لي المواطن العراقي الديمقراطي ، و حكومته المنتخبة ديمقراطياً ، أن أتقدم بنصيحة أجدها ضرورية بعد إطلاعي على تلك المقتطفات من الوثائق المسربة . لقد ذكرت الوثائق أن عمر سليمان رئيس إستخبارت نظام آل مبارك الخبيث أكد أن لجهازه عملاء في إيران ، قادرين على القيام بعمليات تخريبية داخل الأراضي الإيرانية ، فلماذا لا يكون أيضا لنفس الجهاز عملائه في العراق ، و لنفس الغرض : التخريب ؟؟؟ التفكير العقلاني يقول لنا : أن تجنيد عملاء عراقيين من قبل جهاز إستخبارات آل مبارك أسهل بكثير من تجنيد إيرانيين على يد نفس الجهاز ، و ذلك لوجود جالية عراقية كبيرة في مصر ، و في بلاد عربية أخرى على علاقة وثيقة بنظام آل مبارك الخبيث ، و لوجود ساخطين على النظام الديمقراطي الحالي بين هؤلاء النازحين سيكون بينهم من هم لقمة سائغة سهلة لجهاز إستخبارات آل مبارك الخبيث ، لهذا على النظام الديمقراطي العراقي أن يتوخى أشد الحذر بهذا الشأن ، و ألا يحجم عن الكشف علنا عن علاقة تلك الشبكات التخريبية - بعد وقوعها في يد السلطة - بالأنظمة العربية الإستبدادية . لكن نجاح الحكومة العراقية الديمقراطية في إحباط مخططات أعداء الديمقراطية العراقية لن يتحقق بدون دعم معظم الشعب العراقي ، لهذا أهيب بالشعب العراقي أن يصمد ، و ألا يلين ، و ليعلم أن قلوب الديمقراطيين العرب معه ، و أن هناك بين أفراد الشعوب العربية المقهورة على يد حكامها من يراقبون في صمت الديمقراطية العراقية ، و يدعون لها بالتوفيق ، لأنهم لا يملكون حتى الأن سوى الدعاء .
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
02-12-2010
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المراقب الأهلي الأجنبي ممكن أن يكون تركي أو عراقي أو برازيلي
-
ليس منا من يمارس العنف ، أو يهدد به ، أو يروج له
-
الكوارث الطبيعية نادراً ما أسقطت الكيانات السياسية
-
أتحسر على سقوط الديمقراطية الأولى و لا أتحسر على سقوط أسرة م
...
-
غرس و تنمية الوعي الديمقراطي هدف هذه المرحلة
-
بدون عنف ، لكن لا يجب أن تمر في هدوء
-
دولة ولاية الفقيه لم تنفع متبعي الفقيه الجعفري
-
الإندماج كله فوائد و غير مكلف
-
عندها يجب محاكمة أبو جيمي و سيده
-
تذكر أن والدك كان لاجىء و أن جدك كان مطارد
-
علينا أن نطالب بالعدالة و أن نمارسها
-
حتى لا يرث جيمي مبارك نفس العقدة
-
د. بيار زلوعة و فكرة النقاء الجيني الذكري الفينيقي
-
هل ستغلق القلوب أيضا ؟
-
إنه قصور في الرؤية لدى حماس
-
هل حلال للأتراك و حرام على المصريين ؟
-
كان أفلح مع عرابي و عبد الناصر
-
برغم ذلك سنظل ندعم الاتحاد من أجل المتوسط
-
الغاز المصري أولى به المصنع المصري
-
بشار الأسد و جمجمة الناصرية
المزيد.....
-
الرئيس المصري يتلقى دعوة لحضور احتفالات الذكرى الثمانين للنص
...
-
روبيو: علينا أن نمارس مزيدا من الضغط على إيران
-
روبيو: وكالة USAID تقوض عمل الحكومة الأمريكية
-
طلاب من جامعة كولومبيا يقاضون الإدارة بعد إيقافهم بسبب مظاهر
...
-
إعلان حالة التأهب الجوي في خمس مقاطعات أوكرانية
-
مصر.. تفاصيل حكم ببراءة نجل الداعية الشهير محمد حسان في قضية
...
-
خبير عسكري: القوات الأوكرانية تعاني من مشكلة على خط الجبهة و
...
-
روبيو: الولايات المتحدة تدرس فرض إجراءات إضافية ضد الصين
-
فون دير لاين: الاتحاد الأوروبي سيرد على واشنطن بشكل صارم في
...
-
فيتالي نعومكين: أجد صعوبة في تصديق أن إسرائيل ستتخلى عن ممار
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|