|
!هل يوجد بالجنة سيارة عربية
احمد مصارع
الحوار المتمدن-العدد: 961 - 2004 / 9 / 19 - 11:24
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
نحن العرب لا نرى الحرف العربي بديع الشكل فحسب, فالمفردات في ذوقنا الخاص في تألفها مع الحرف أنغام تبعث في أرواحنا النشوة والطرب. والأكثر من هذا فإن للغتنا العربية " لغة العصر الوسيط العالمية " مكانة مقدسة في أعماق وجداننا المغيب في غفلة وتحجر. الحرف العربي الجميل يكتب على شواهد القبور ليدل على آثار الحضارة العربية الإسلامية. التي أبدعت بحق في تمثيل العصر الوسيط العالمي بكل أشكال إنتاجه العمراني والعلمي، وفي تمثل متكامل الجوانب لفلسفة العلوم، فحملت أثناءها البروج والكواكب مجموعة هائلة من الأسماء العربية في الرياضيات والفيزياء والكيمياء ووسائل الطب ومنتجات الصيدلة، وأسماء لمراصد فلكية، حتى وصل بهم الأمر إلى اكتشاف البوصلة التي كان لها الفضل الأول والأخير، في تغيير مسار الحضارة وبروز العصر الحديث. إذاً الأدوات الأولى التي أذنت بالتحول العالمي، نحو المركانتيلية وبروز الطرق الفعالة لامتلاك الثروة وتراكمها الكمي والنوعي هي من إنتاج العقل العربي الإسلامي، ولكن المثل الفرنسي الشهير يقول: - العرب هم من أكتشف البوصلة ولكنهم أضاعوا الاتجاهات. هذا المثل يقرأ بوجوه متعددة، فمن ناحية الإيجاب: - هذا لا يليق بالعرب كأمة عظيمة أنهم لم يستثمروا اكتشافهم. ومن ناحية السلب. - إن الأقوى فقط هو الذي يبقى، مثل قانون الانتخاب الطبيعي. لا أحد ( عربياً كان أو مسلماً ) إلا ويستهجن في قراره نفسه تعاسة الحرف العربي وكاتبه في الكتب والجرائد، وعلى الحيطان، والإعلانات الفجة المليئة بالعجمة والبلاهة المشهدية. رب قائل يستعمل العبارة الشهيرة لغوته الألماني: " أن لغة القوم هي روحهم " اللغة هي سمة مطبوعة لروح الأمة وشخصيتها، ومن هنا يتساءل الكثيرون بتعجب ( أين هم العرب ؟ ! ) بمعنى أن التساؤل من نوع - لا حياة لمن تنادي والجرح الميت لا يؤلم. ويتساءل البعض باقتراح الجواب الشافي سخرية: ( العرب و المسلمون اليوم مشغولون جداً بالتحرر من الاستعمار، ولقد منعهم الإرهاب من تحقيق التحرر ) التعليقات الساخرة لا تعني غياب روح الجدية في تناول الأمر. العرب بخاصة والمسلمون بعامة قاعدون عند حدود الاستعمار، فرحين بنصيبهم، وهمهم الأوحد هو حماية تلك الحدود الموروثة عن الاستعمار وبدون غفلة تقول، إن من رسم تلك الحدود قادر على إعادة رسمها وتصميمها بطرق شتى، لأنها ملغمة ومصممة بالأساس على قاعدتين هما الاستعادة و القدرة على توجهيها وفقاً للإرادة، ولست ألقي خطاباً مفوهاً على قارئ دون المستوى اللائق في معرفة بديهيات السياسة الدولية وقوة المصالح العظمى للدول القوية. في مقالتي المتواضعة أريد أ، أصرخ أو أبكي كطفل صغير: - أريد لعبتي.. أريد سيارتي، أريد سيارة عربية أريدها بسطوحها الصقلية كحبة الملبس في الموالد وحلقات الذكر، وذات شكل انسيابي خلابَّ تعكس مقدرة العقل الهندسي والتكنولوجي العربي أريد لها أن تكون جميلة للغاية، مريحة، متقنة, على دراية تامة بالشخصية العربية والفروسية العربية على ظهور الكحيلة والحمراء والشهباء..فتعكس مزاجنا وذوقنا الخاص والأهم من كل ذلك أن ينقش على مقدمتها وسطوحها الجانبية بالحروف المعدنية المذهبة للحرف العربي الغناء، المطرب. جوهر. مثل الحسين، أمية، العباس، الهوا ري... جوهر.المرابط... ليلى الاسم الموحد.. يا إلهي ما أجمل سيارتي العربية، الأكثر أماناً ورفاهية، حين أقودها والدنيا لا تسعني إلا حين أعبر المغارات وطرق الصحراء ذات الآفاق الضاحكة على الدوام من الشمس المشرقة ومن العناق الحار. يا إلهي: إذا مت ولم يتحقق أملي، هل سأجد سيارتي العربية هناك ؟ وجاءني الصدى صفعة: - هذا إن رأيت أو سمعت أو شممت أنسام الجنة. إصنع السيارة أولاً.. ما السيارة يا بليد وهي بعض من الحديد.. وفي صحاريكم الذهب الأحمر والعقيق والنفط، وكل ما يمكن له أن يجعلكم مركزاً للتجارة والصناعة والزراعة.. ليس في جنة الله خردوات. - استغفر الله العظيم، وكف الصفع عن خدودي المحمرة, من عقاب الدنيا قبل الآخرة. ما العمل ؟ ! أشفق على بكائي وتعاستي الدائمة، أحد الأمراء العرب، فقال لي: - يا أحمد العربي المسلم: اسمعني جيداً أجبته،ن تحت تصرفاتك مئة مليار دولار، فاصنع السيارة العربية لأنها حلمي الوحيد. أجبته ، حاضر أيها الأمير العربي المسلم ، سأصنع السيارة العربي المعبرة عن الشخصية الغابرة ، وسأجعلها تعود للحياة ثانية . حين تكدست المليارات أمامي، ذهبت للتفاوض مع قادة الأمة العربية و الإسلامية، ولن أنسى الأمير الساخرة وهو يتمنى لي التوفيق من أعماق قلبه. الجواب الذي حصلت عليه يفوق التصور فليست المشكلة فنية في صناعة السيارات التي تتطلب إنتاج أكثر من مليون قطعة، ولا في إشكالية بطالة خمسين مليون عربي فني وغير فني ولا في القدرات العلمية وإنما بالحدود الموروثة عن الاستعمار، دائرة الشيطان المحروسة بقوة. - أين أنت ذاهب.. ؟ ! .. لا وسط، لا شرق، لا غرب، لا شرق أوسط, شرق، غرب.. كلمة ممنوع.. حدود،ذا لا يمكن أن يكون.. حدود ، جمارك .. خرط قتاد، خرط عقل.. خرط وهم حبيبتي أنا من تكون ؟ ! .. أرجعت الثروة للأمير، قبلت أنفه العربي المسلم الشهم, واكتفيت أخيراً بحلم وأمنية ودعاء لقاء سيارتي العربية في الجنة.
احمد مصارع الرقة 2004
#احمد_مصارع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وراء السطور
-
الشــرق الأوســط القراقــوشي
-
مــن ألــواح سومــر
-
الأصل والبقية تتبع
-
المتغير و الثابت في الفاعلية العربية
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|