|
الشخصية المضادة للمجتمع
صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 3200 - 2010 / 11 / 29 - 21:15
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يعاني معظم البشر أمراضاً وراثية وفسيولوجية تحدث خللاً في الوظائف العامة للجسد خاصة الجهاز العصابي المتحكم بالسلوكيات العامة فعند اختلال آليات عمله يحدث اضطراباً في سلوك الفرد وممارسته اليومية في المجتمع فيؤثر سلباً على أقرانه البشر بعدّه كائناً اجتماعياً. لذلك لا يمكن عدّ الغالبية العظمى من البشر كائنات سوية كونها مصابة بالأمراض الورائية والفيسولوجية الخارجة على إرادتها، ومن ثم فإن سلوكها وممارستها اليومية غير سوية. وفي المقابل فإن العلم الحديث لم يتوصل إلى علاجات ملائمة تنقذ البشر من أقدارها الوراثية والفيسولوجية المتحكمة بسلوكها الخاص المتعارض مع السلوك العام للمجتمع. يضاف إلى ذلك عامل المرض النفسي الذي يتضرر خلاله الجهاز العصابي فيصاب الفرد بأمراض نفسية مردّها الضغوط النفسية لعوامل البيئة الاجتماعية على كائناتها الاجتماعية السوية وغير السوية التي تفوق قدرتها على التحمل، ما يخلق ردّ فعل موازٍ يجعلها تكره المجتمع وتعمل على مواجهته بسلوكيات وممارسات عدوانية تسبب الضرر لكلا الطرفين. وطالما عوامل البيئة الاجتماعي المؤثرة سلباً في الذات لا يمكن التصدي لها بسلوك مضاد، يصاب الفرد بأمراض نفسية مختلفة. وبتضافر عوامل الأمراض البيولوجية والفسيولوجية تتغير شخصية الفرد من الحالة السوية إلى الحالة غير السوية ومن شخصية مسالمة في المجتمع إلى شخصية عدوانية مضادة للمجتمع. وكلما زادت فعالية المسببات الوراثية والمرضية زادت العدوانية لتصبح مع الزمن عدوانية خارجة على حدود السيطرة بعدّها شخصية مضادة للمجتمع يمكن أن تسبب أضراراً لذاتها والمجتمع معا، ما يتطلب إخضاعها للعلاج السريري والنفسي لتقليل فعالية عوامل البيئة السلبية وفعالية العوامل الوراثية والفيسولوجية إلى حد ما. يقول (( محمد ربيع وآخرون )) إن العوامل المساعدة على خلق الشخصية المضادة للمجتمع تتمحور حول : 1 – " عامل الوراثة : العيوب الجينية الوراثية، كروموزمات xyy ، وتأثيرها السلبي في احداث الاضطراب السيكوباتي حيث يصل عدد مواليد الشذوذ الكرموزومي نحو 13 مولوداً لكل عشرة آلاف مولود. 2 – عامل الشذوذ المخي : يؤدي إلى تغييرات سلوكية سلبية على نحو عام منها : العدوانية، والتقلبات الأنفعالية واستجابتها للإثارة بسرعة، ومعاداة المجتمع. 3 – عامل التغييرات الفيسولوجية : خلل الجهاز العصابي المسؤول عن الخبرات الوجدانية والأنفعالية والتعبير عنها. 4 – عامل التغيرات البيئية ( النفسية الاجتماعية ) : تؤثر على نحو كبير في إبراز الشخصية المضادة للمجتمع إلى الوجود لانعدام الآمان النفسي، وعدم قدرتها التعبير عن مشاعرها الوجدانية من حب وتعاطف لاكتساب احترام الآخرين ". ويمكن عدّ العوامل الثلاثة الأولى سابقة الذكر عوامل قدرية تطال منظومة الفرد منذ الولادة وليس في وسع العلم الحديث في الحاضر التدخل ايجاباً لكبح أعراضها أو معالجتها، لذلك يجري الحد من تأثيراتها السلبية باستخدام العنف وعقوبة القانون والعزل وتناول الأدوية المهدئة للاعصاب. أما العامل الرابع فإنه صناعة بشرية بإمتياز ناتج عن النزعة العدوانية بين البشر ذاتهم لتحقيق مصالح أو احتلال مواقع اجتماعية ما. في حين لم يجرِ رصد نزعة عدوانية بين الحيوانات بإستثناء التنافس على الغذاء للبقاء على قيد الحياة. إن الغريزة العدوانية للبشر تعدّ من خاصة الرواسب الشريرة الكامنة في الذات لكنها متفاوتة بنسبها من شخص إلى آخر تبعاً لاختلاف مستويات الوعي التي تزيد مساحة الرواسب الخيرة على حساب مساحة الرواسب الشريرة. تظهر العوامل الوراثية والبيئية المساعدة على خلق الشخصية المضادة للمجتمع سلوكيات عدوانية وممارسات غير سوية تعبر خلالها عما يكمن داخلها من نوازع شريرة مضادة للمجتمع. يحدد (( دليل التشخيص الإحصائي للأمراض النفسية )) مواصفات الشخصية المضادة للمجتمع بأنها : " تعاني عجزاً بالإنتماء إلى الأفراد أو الجماعات أو القيم الاجتماعية، وأنانية، وعديمة الرحمة، ولا تتحمل المسؤولية، وعدوانية، ولا تشعر بالذنب أو التعلم من الخبرة والعقاب، وغير قادرة تحمل أعباء الإحباط، وتلقي باللوم على نحو دائم على الآخرين، وتطرح تبريرات تجدها مقبولة لسلوكها ". كلما زادت فعالية العوامل المساعدة على خلق الشخصية المضادة للمجتمع بشقيها القدري، الوراثي والفيسولوجي، وغير القدري، المرضي والبيئي، زادت عوامل اضطراب وعدوانية الشخصية المضادة للمجتمع فتتحول من شخصية خاضعة للسيطرة على ردود أفعالها السلبية ضد المجتمع إلى شخصية شديدة العدوانية خارجة على السيطرة تستوجب المعالجة السريرية على نحو إنساني في مصحات خاصة وعزلها عن المجتمع. تحاشياً للإضرار بنفسها وبالآخرين بعدّها ذاتاً مقيدة بسلاسل أقدارها الوراثية والفسيولوجية، وذاتاً اجتماعية تواجه ضغوط نفسية عالية تفوق قدرتها على التحمل ما دفعها غريزياً الدفاع عن ذاتها بممارسة سلوكيات عدوانية لتقلل فعالية الضغوط النفسية عليها. الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طباع الشخصية وأنماطها
-
المواصفات العامة للشخصية
-
الشخصية الحقيقية والافتراضية
-
تأثير عوامل المحيط والذات على الشخصية
-
الشخصية وتحولاتها الزمنية
-
ماهية الشخصية
-
الحياة والموت
-
الحقائق وزيفها في الحياة
-
ماهية الحقيقة في الحياة
-
الشجاعة والخوف في الحياة
-
الصدق والكذب في الحياة
-
حالة الخطأ والصواب في الحياة
-
عوالم الحياة المختلفة
-
حالة الحزن في الحياة
-
دور العوامل الخارجية والداخلية في حياة البشر
-
الحياة الخاصة والعامة
-
ماهية الحياة
-
صدر في دمشق كتاب جديد للكاتب صاحب الربيعي بعنوان (( رؤية في
...
-
صدر في دمشق كتاب جديد للكاتب صاحب الربيعي بعنوان (( تقنيات و
...
-
صدق الفكرة في العقل واللاعقل
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|