أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - في ذكرى اعتقال رياض سيف: احتجاج على شركتي الخليوي















المزيد.....

في ذكرى اعتقال رياض سيف: احتجاج على شركتي الخليوي


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 960 - 2004 / 9 / 18 - 13:32
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يثير النداء الذي يدعو مستخدمي الهاتف المحمول إلى إغلاق هواتفهم لمدة ثلاث ساعات في الذكرى الثالثة لاعتقال النائب رياض سيف أكثر من قضية مهمة. تتصل القضية الأولى بالعلاقة بين السياسة والاقتصاد في سوريا، والثانية بمحاولات ناشطين سوريين ابتكار أو تبني أشكال جديدة للاحتجاج العام والعلني، أما الثالثة فتتصل بتذكر معتقلي ربيع دمشق في الذكرى الثالثة لاعتقالهم.
يحتج النداء على الكلفة > ويرفض > سواء عن طريق <<قيمة الخط>> (9000 ليرة سورية أو ما يقارب 180 دولاراً أميركياً) أو <<برسم الاشتراك الشهري الذي يدفع من قبل المشترك دون أي خدمة مقابلة>> (الرسم الشهري يبلغ 650 ليرة سورية) أو عن طريق <<سعر الدقيقة المرتفع (4 ليرات بين محمولين و6 بين محمول وأرضي) والخدمة الفنية السيئة>> كما يقول النداء.
وقد كان النداء موفقاً باختيار الذكرى الثالثة لاعتقال رياض سيف التي صادفت يوم 6 أيلول 2004. فمن المعلوم أن النائب السجين قدم إلى مجلس الشعب وإلى الرأي العام السوري عدداً من الدراسات الموثقة التي تقول إن مبلغاً يزيد على 200 مليار ليرة سورية يضيع على خزينة الدولة خلال السنوات الخمس عشرة التي تمثل مدة العقد. من المعلوم أيضا إن خدمة الهاتف المحمول تحتكرها شركتان تعود ملكية إحداهما إلى السيد رامي مخلوف، الغني عن التعريف. فيما تعود الأخرى إلى أكثر من شريك، لكن هناك من يقول إن ملكية الشركتين تعود للشخص عينه. وهو ما كان أكده رياض سيف نفسه استناداً إلى <<تطابق العقدين وتوقيعهما في نفس اليوم واشتراكهما بنفس المنشآت والأبراج وتعاونهما الكامل في التسويق وتحديد السعار وشروط العقود للمشتركين>> (الاقتباس من كراس نشره سيف قبل 3 أسابيع من اعتقاله بعنوان <<صفقة عقود الخلوي>>). وبنتيجة مناخ السرية المميز الذي يحيط بالشؤون السورية، فإن أحداً لا يستطيع أن يبين بصورة شافية حقيقة العلاقة بين الشركتين، ولا أن ينفي علناً وبطريقة مقنعة الاتهامات التي أوردها رياض سيف، ولا بالطبع أن يسهم في وضع حد لسيل الشائعات الهائل حول الصفقة ورجل الأعمال الشاب الذي فاز بها. وعلى كل حال لم يبادر المعنيون المباشرون بالأمر، الحكومة السورية والسيد مخلوف، إلى تقديم شرح موثق يصمد أمام اتهامات سيف.
من الطبيعي أن يكون السؤال الضمني وراء الشكوك والشائعات هو مدى استفادة صاحب إحدى شركتي الخلوي أو كلتيهما من اعتبارات قرابية وسياسية للفوز بالعقدين، دون الاهتمام بسلامة الإجراءات القانونية ولا بالمردود الاقتصادي المأمول للاستثمار ولا بجودة مستوى الخدمة التي تقدمها الشركتان، وكذلك مدى استفادته من تواطؤ محتمل لجهات في مجلس الشعب وفي وزارة الاتصالات والحكومة التي وقع العقد في ظلها مع السيد مخلوف.
والواقع أن قطاعات واسعة من السوريين تميل إلى تأكيد اتهامات الفساد واستغلال النفوذ وتواطؤ فاعلين عامين من أجل مصالح خاصة. هذا الميل لا يصلح برهاناً على صحة تلك الاتهامات، لكنه الميل المميز لجمهور يشكو من عوز في مجال المعلومات ويرغب في ملء الفراغ المعلوماتي <<بالحقائق>> المناسبة. وقد جاء اعتقال رياض سيف قبل ثلاثة أعوام والحكم عليه خمس سنوات سجناً بمثابة تأكيد للتهمة وإمعان في الاستهتار بمن يطالبون بمعرفة الحقيقة. بالنتيجة تم تسييس قضية كان يفترض أنها غير سياسية.
القضية الثانية التي يطرحها النداء تتعلق بالاحتجاج الجماعي العلني لسوريين متضررين من سياسات عامة. والسياسات العامة المقصودة هنا هي بالطبع شبهة التورط الرسمي في دعم مصالح خاصة واحتكارية، لكن أيضاً حظر كل أشكال الاحتجاج العام. وهنا تبدو السلطات في حرج مضاعف. فهي أولا لا تستطيع قمع الاحتجاج رغم علانيته وجماعيته بالنظر إلى طابعه الامتناعي والسلبي (خلافاً لما كان عليه حال اعتصامات حالة الطوارئ في 8 آذار، ويوم المعتقل السياسي في 21 حزيران، واعتصام طلاب جامعة حلب ضد تخلي الدولة عن توظيف خريجي كلية الهندسة في 25 شباط) وإلى صعوبة <<إثبات التهمة>> على المحتجين؛ ومن جهة أخرى يصعب على السلطات العمومية معاقبة الداعين للاحتجاج دون أن تثبت على نفسها تهمة التواطؤ مع مصالح خصوصية.
ويتجسد الحرج في حقيقة أن الاحتجاج يكسر الاحتكار الرسمي لكل فعل سياسي ومبادرة جماعية دون أن يمكن فعل شيء ضده. ومعلوم أن السلطات السورية تنظر شزراً لكل الأنشطة العامة التي لا تبادر هي إليها وتقودها، حتى لو كانت تلك الأنشطة احتجاجاً على عدوان إسرائيلي أو تضامناً مع الفلسطينيين. فهي تمنح للسيطرة التامة على الحياة السياسية للسوريين أولوية مطلقة على كل ما عداها.
ورغم أن الاحتجاج السوري يقتدي باحتجاج لبناني سبقه في شهر تموز على غلاء خدمة الهاتف المحمول، فإنه يبدو مناسباً جداً للظروف السورية أكثر حتى من الظروف اللبنانية. فالاحتجاج الامتناعي مناسب لبلد لا يتسامح نظامه مع الاحتجاجات الإيجابية. ولعل ابتكار تعابير احتجاجية سلبية على هذا النموذج يمثل مخرجاً مناسباً لعسر الاحتجاج الفاعل والإيجابي من جهة، وللحاجة الحيوية لهذا الشكل الأخير من الاحتجاج، ولو من باب التدرب على حفز الاهتمام بالشأن العام.
بيد أن من سلبيات الاحتجاج السلبي انه يصعب قياس تأثيره، إن على الجهة أو الجهتين المستهدفتين بالاحتجاج أو على المحتجين أنفسهم. وبالنظر إلى غياب المشهد الاحتجاجي، فإن الحدث لم يثر الاهتمام الإعلامي الذي يستحقه. ولعل الدرس الذي قد يستخلص من ذلك هو ضرورة إرفاق الاحتجاج السلبي الصامت بتعبير ناطق عنه: مثلا مؤتمر صحافي للمحامين المبادرين، يشرح ما سموه عقد الإذعان، ويثبت ارتفاع الكلفة وسوء الخدمة، ويقدم للسوريين معلومات موثقة عن الشركتين بعد أكثر من ثلاث سنوات من احتجاج سيف.
يمس النداء الاحتجاجي أخيراً قضية تذكر المعتقلين السياسيين وإبقاء قضيتهم حاضرة أمام الرأي العام. معلوم أن سجناء ربيع دمشق نالوا درجة من الاهتمام تتجاوز جميع ما حظيت به الألوف المؤلفة من سجناء السوريين خلال عقدي نظام السجن. يعود الفضل في ذلك إلى مناخ عام أقل ترويعاً، وإلى الدور الكاسر للرقابة لشبكة الانترنت ومواقع الانترنت السورية، ولكن كذلك إلى وجود جيل سوري كامل يشكل الاعتقال السياسي تجربته الأساسية. ومن الطبيعي أن يهتم هؤلاء بأن يغرسوا في الضمير العام الشعور بوجوب عدم تكرار تلك التجربة.
بفضل هذه الشروط نعرف أسماء سجناء <<ربيع دمشق>> الستة المتبقين: د. عارف دليلة، المحامي حبيب عيسى، المهندس فواز تلو، الطبيب وليد البني، النائب مأمون الحمصي، إضافة إلى رياض سيف. وبعض الفضل لها في الإفراج عن كل من كمال اللبواني وحبيب صالح دون تأخير يذكر عن يوم إكمال كل منهما سنوات الحكم عليه الثلاثة (99)، خلافاً لمألوف العادة الأمنية السورية التي تستبقي السجين شهوراً أو سنوات بعد انقضاء مدة الحكم.
في المقابل لا نكاد نعرف أسماء ولا حتى عدد من بقي من سجنائنا السياسيين. ومن نعرف اسمه منهم هم من وجد، لسبب ما، من يتذكرهم ويعرّف بهم. هذا يطرح للتساؤل كيفية إثارة اهتمام أكبر بالسجناء الآخرين، وكيف يمكن تنشيط العناية بصفحات أخرى من ملف الاعتقال السياسي مثل تأهيل المعتقلين السابقين من المرضى أو العاجزين أو العاطلين عن العمل، وكذلك إثارة الانتباه إلى قضية المحرومين من الحقوق المدنية، وبالطبع القضية الأكثر تعقيداً: قضية المفقودين.
كله سياسة في سوريا؟ هذا طبيعي. فالمنع الشامل للسياسة يفضي بالضرورة إلى التسييس الشامل. ولذلك من غير المحتمل أن يكون نزع التسييس ممكناً دون تحرير السياسة وإباحتها للعموم.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما العمل إن لم يكن لمفاوضة الطالبان ومقاتلي الشيشان بديل؟
- نظام الهيمنة وإصلاح العلاقة السورية اللبنانية
- السوريون والمسالة اللبنانية: أسرار الصمت
- الرغبة في تقديس حكامنا؟!
- أدونيس يهدر فرصة أن يبقى ساكتا
- الجفاف السياسي يجعل المجتمع سهل الاحتراق
- حوار حول بعض قضايا الحاضر السوري
- شكوى من فخري كريم وتوضيح من ياسين الحاج صالح
- سنوات الأسد الثاني الأربعة وتحدي -الاستقلال الثاني- لسوريا
- عرب وأميركيون وديمقراطية
- إعادة هيكلة الوعي القومي الكردي
- حظر الأحزاب الكردية ونزع مدنية المجتمع السوري
- المسألة الأميركية في النقاش السوري
- عن الحياة والزمن في السجن - إلى روح الصديق المرحوم هيثم الخو ...
- ماذا فعلتم بجمعيات الأكراد؟
- المثقفون وقضية امتهان الإنسان
- حول مفهوم اليسار الديمقراطي وسياسته
- غاية الإصلاح: إبدال نظمنا الكاملة بنظم ناقصة
- أوربا تخطئ بإضعاف سوريا
- حزيران 1967 وما بعده تفاعلات الحرب والسلطة


المزيد.....




- هل يمكن أن يعتقل فعلا؟ غالانت يزور واشنطن بعد إصدار -الجنائي ...
- هيت .. إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم
- ما هي حركة -حباد- التي قتل مبعوثها في الإمارات؟
- محمد صلاح -محبط- بسبب عدم تلقي عرض من ليفربول ويعلن أن -الرح ...
- إيران تنفي مسؤوليتها عن مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات
- سيدة من بين 10 نساء تتعرض للعنف في بلجيكا
- الدوري الإنكليزي: ثنائية محمد صلاح تبعد ليفربول في الصدارة
- تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية وقتال عنيف ...
- هل باتت الحكومة الفرنسية على وشك السقوط؟
- نتنياهو يوافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. هل تصعيد ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - في ذكرى اعتقال رياض سيف: احتجاج على شركتي الخليوي