أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالص عزمي - الرقابة البرلمانية على الحكم















المزيد.....

الرقابة البرلمانية على الحكم


خالص عزمي

الحوار المتمدن-العدد: 3197 - 2010 / 11 / 26 - 22:28
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


لاتعتبر الدمقراطية مستندة على قواعد متينة ؛ ان لم تكن هنالك رقابة برلمانية صارمة على الحكم لاتترك شاردة ولا واردة تطرح امام المجلس النيابي ؛ او تكتشفها الاجهزة المختصة بها خارجه ؛ الا ووضعتها امام معايير المحاسبة الدقيقة مهما كان مركز الجهة التي اصدرتها خلافا للقانون اوتجاوزتها سلبا . فالرقابة على الحكم جزء لا يتجزأ من صيغة التكوين الاساسي للدولة ومسيرتها بعامة ؛ بل ومن صيغ المبدأ البرلماني الذي يعتمد التشريع اهم عناصر حركته وعمله وتفرعاته الميكانيكية التي يتوجب القيام بواجباته من خلالها .
والبرلمان الذي يفترض ان يكون منتخبا بارادة شعبية نزيهة لكي يعتبر بالتالي هيئة ممثلة للشعب ؛ يتوجب ان يكون العين الساهرة على مصالح الشعب ؛ سواء أكان بعض اعضائه من جبهة الموالاة للحكومة ام من منصة المعارضة . اذ لايعني ان تكون هناك موالاة في كل شيء ؛ وكذلك الا تكون هناك معارضة لغرض المعارضة حسب . ان ابرز رقابة على الحكم هي تلك التي يتولاها البرلمان من خلال سلطته التشريعية عندما يضع او يناقش القوانين كافة بدءا من الدستور وانتهاءا بالانظمة العامة ؛ وكذلك من خلال سلطته المالية في اقرار الموازنة او تعطيلها او تخفيضها ؛ او تحديد حجم الانفاق ؛ وكذلك في تغطية العجز المالي .
ان الرقابة الصارمة على الحكم يجب ان تكون متوازنة أساسا ؛بحيث يكون منهجها مرتبطا بقاعدة مبدأ الفصل ما بين السلطات من جهة وتيسير عمل الحكومة في حدود الدستور والقوانين المرعية من الجهة الاخرى ؛ وهي بذلك تحمل في جوانحها مبدأين ايجابيين ؛( ان سارت على نهج ديمقراطي سليم )؛ وهما : اولا ـ حماية الحكم من الانزلاق الى هوة الخطيئة والفساد والتلاعب بمقدرات الشعب والاسراف الضخم في المحاباة والمحسوبية للجهة التي يمثلها على حساب المصلحة العامة و كذلك على حساب خرق مبدأ المساواة المفترضة ما بين جميع المواطنين .
ثانيا ـ مراقبة التصرفات والقرارات والاتفاقات والعقود والمشروعات ... الخ التي تحاول الحكومة تبنيها وذلك من خلال مراجعة تفاصيلها بكل دقة عبر اللجان المتخصصة في كل شأن من شؤون الدولة ؛ لكي تكون عند اقرارها منسجمة تماما مع نصوص الدستور والقوانين المرعية .
معنى ذلك ؛ ان لا تعطي الرقابة البرلمانية اي مجال للجكومة لكي تتولى وحدها اصدار القرارات الادارية ـــ المهمة والاساسية بالذات ــ قبل مرورها على مجلس النواب لمعرفة فيما اذا كانت ترتكز على القانون الذي استند ت اليه أم لا ؛ بل وأكثر من ذلك لتتأكد ايضا فيما اذا كان تفسيرها ــ كسلطة تنفيذية ــ للنصوص القانونية التي استندت اليها لا تتعارض اساسا مع الدستور ؛ ولابد ألا يمر كل ذلك الا من خلال مناقشة نيابية مستفيضة ؛ لكي يصار بعدها اللجوء الى التصويت عليها بالطرق الحديثة الكترونيا التي تتلائم والقرن الحادي والعشرين الذي نحن فيه لا بأسلوب رفع الايدي البدائي الذي انقرض عهده و الذي يحتمل كثيرا من التلاعب و التزوير

تتوزع الرقابة على الحكم في مختلف برلمانات الدول ذات العراقة في مسيرة الديمقراطية ؛ على فروع تتعدى مبدأ المراقبة المباشرة التي اشرنا اليها سلفا ؛ لكي تأخذ طريقها الى تشديد قبضتها على محاسبة المسؤولين عن اية تجاوزات يقومون بها ؛ ومن ذلك ؛ طرح الاسئلة التوضيحية بالاسلوب الشفهي المباشر العاجل ؛ او التحريري ؛
؛ والاستجواب امام لجنة من المجلس او هيئته العامة مع طلب الاحاطة و الاجبار على الاجابة ؛ او التحقيق القانوني بما في ذلك الاطلاع على جميع الوثائق والمستندات المتعلقة بالموضوع المطلوب التحقيق فيه ؛ او رفع الحصانة ؛ او طرح عدم الثقة بعد تحريك المسؤولية الفردية او التضامنية ؛ او احالة الموضوع المشكوك فيه دستوريا الى الجهة المختصة بالتفسير ؛ او احالة الغامض منه الى مجلس شورى الدولة لآبداء الرأي القانوني فيه ... الخ (*) ؛ وفي كل جانب من هذه الجوانب يلعب مجلس النواب دوره الايجابي عند المناقشة المطروحة من هذه اللجنة او تلك ؛ فيقف مع ما توصلت اليه او مع ما يخالف قرارها كلا او جزءا ؛ ويكون التصويت النهائي بالصيغة العاجلة او المؤجلة هو الحاسم . ان هذا النوع من الرقابة وتفاصـــــيلها ( التي اشرنا الى عناوينها اعلاه ) لايتم تحت قبة المجلس وحسب ؛ بل يتجاوزه الى الرأي العام ؛ حيث يشترك في مناقشته ومداخلاته ؛ جمهرة من الاكادميين والمختصين ؛ و الاعلاميين و السياسيين ...الخ عن طريق الصحافة والاذاعة والتلفزيون ؛ بل واقامة الندوات والمحاضرات ؛ بخاصة في المواضيع الكبيرة والشائكة التي تتعلق بمصلحة الشعب
لو رجعنا الى محاضر جلسات مجلس النواب ( في العهد الملكي مثلا ) سوف نجد عشرات من الوقائع التي اشرنا اليها و التي ناقشها البرلمانيون كهيئة عامة او لجان متخصصة منبثقة عن المجلس ؛ كما سنرى كم استغرق منهم الوقت في النقاش حول مختلف القضايا البسيطة او الهامة ؛ ومن ذلك سنرى ان بعض النقاشات الحادة أدت الى لجوء بعض النواب الى الاستقالة والخروج من المجلس احتجاجا او استهجانا ؛ وقد انعكس مثل هذا الموقف بالتالي على الرأي العام فهاج وماج ؛ وأدى بالتالي الى استقالة الوزارة؛أوحل المجلس بذات الوقت . ويتبين من هذا ان الرأي العام الواعي بتآزره مع الرقابة البرلمانية على الحكم في موقفها القانوني العادل ؛ انما يشكل قوة ضاغطة في ضبط الحساب والعقاب بصيغة لا تستطيع السلطة التنفيذية الافلات منه ابدا .
وعليه فيتوجب الا يستهان بدور الرقابة البرلمانية اطلاقا ؛ و مخاولة تغيير مهامها الجادة الى مجرد مناقشات ضبابية لا قيمة لها فعليا؛ ثم لتجعل منها السلطة التنفيذية ـ مع مرور الزمن ـ أداة لايتعدى واجبها حدود طرح النقاش الشكلي وحسب ؛ سدا للاستهلاك الاعلامي وحسب
وعلى العكس من ذلك ؛ فان التصميم على قيام رقابة برلمانية حازمة يقتضي قيام بعض النواب بتلك المهمة فعلا ؛ وأقصد بهم أؤلئك الذين جاءوا لكي يحققوا انجازا متقدما ونزيها يقلب المعادلة البائسة ويحول الرقابة البرلمانية الى قوة فعالة لاتخشى في الحق لومة لائم تساندها في ذلك الطبقة الواعية من ابناء الشعب العراقي بخاصة اذا ما حزموا امرهم ؛ ووقفوا بالمرصاد لكل تجاوز او مخالفة. وبهذا الاسلوب ( الاجدى والاجدر) يكون الناخبون المخلصون للوطن بالتعاون مع تلك النخبة من النواب قد مارسوا حقهم تجاه الوطن وفوتوا الفرصة في ذات الوقت على المروجين للشعار الفاسد الطاغي هذه الايام ( قف معي أقف معك ؛ تحاسبني احاسبك سواء أكنت على حق أم كنت على باطل ) ؛ هذا الشعار العفن الذي وضع موضع التطبيق العملي الفعلي منذ ان حل ببلادنا الاحتلال حيث أسس للمحاصصة والعرقية والطائفية والتحزب الاعمى ؛ والاصم والابكم .. الخ

وتأسيسا على كل ذلك : فان الرقابة البرلمانية على الحكم التي نهدف اليها سوف لن تقوم لها قائمة ؛ اذا ما اختفى صوت المعارضة الحقة ذات المواقف الايجابية الجادة التي تستند على قوة القانون ( لا السلبية الهزيلة التي تهدف الى خلط الاوراق حسب ) ؛ وبالتالي فان ما استشرى من موبقات لايقف امامها ولا يفضحها الا ذلك النوع من الرقابة على الحكم التي تستند على قاعدة عريضة من الارادة الواعية للشعب .
وأخيرا ..... نعيد ونكرر : بان مثل هذه الرقابة لن تقوم لها قائمة اطلاقا ؛ اذا كانت المحاصصة والطائفية والعرقية والحزبية الضيقة ـ التي تعتمد على مبدأ ـ شيلني و أشيلك ـ ستظل هي المسيطرة على البرلمان والمتحكمة في ذات الوقت برقاب بعض النواب الذين سيبقون يراوحون في اماكنهم عاجزين تماما حتى عن مجرد طرح سؤال استنكاري شكلي تشم منه رائحة المحاسبة او طلب انزال العقاب بالمقصرين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مزيد من التفاصيل : راجع رسالتنا الاكاديمية المعنونة : الرقابة البرلمانية على الحكم في العراق وبريطانيا ـ دراسة مقارنة ــ مقدمة الى جامعة لندن ـ كنجز كولج ــ والمقبولة عام 1962
* The parliamentray control of the Executive in Iraq and England -- Acomparetiv study
King ،s college – London university -- 1962 .



#خالص_عزمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزيز علي كما عرفته لقطات وآراء (5 )
- عزيز علي كما عرفته لقطات وآراء (4)
- عزيز علي كما عرفته لقطات وآراء (3)
- على مذبح الصلاة
- عزيز علي كما عرفته لقطات وآراء (2)
- عزيز علي كما عرفته لقطات وآراء ( 1 3 )
- عمالنا وعمال تشيلي
- تسع سنوات بنجاح ؛ وفوز جوهري متألق
- حول مسرحية الأصم .... الاخرس
- الأصم .... الاخرس
- من فيض مشاعري
- آثارنا التي تدمر وتنهب يوميا
- 14 تموز ونزاهة الزعيم عبد الكريم قاسم
- تقديم ديوان احلام الورد
- موجز لما نشرت عام 2009 ( 3 )
- موجز لما نشرت عام 2009 (2 )
- موجز لما نشرت عام 2009 (1)
- المهجرون وقانون الانتخاب
- أهمية الوثائق في صفحة تأريخية من التشريع العراقي ( 3 )
- أهمية الوثائق في صفحة تأريخية من التشريع العراقي ( 2 )


المزيد.....




- ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ ...
- أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال ...
- الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق ...
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال ...
- البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن ...
- اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
- البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا ...
- جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا ...
- عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س ...
- حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالص عزمي - الرقابة البرلمانية على الحكم