|
نهاية الحلف الاطلسي بعد تحول روسيا من الخصم الى الشريك!
سامان كريم
الحوار المتمدن-العدد: 3193 - 2010 / 11 / 22 - 22:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اتفق حلف شمال الاطلسي" الناتو" وروسيا السبت في إجتماع لشبونة المصادف 20 من تشرين الثاني لسنة 2010، على البحث في اقامة درع صاروخية للدفاع عن اوروبا وتعزيز تدفق الامدادات للحرب في افغانستان، ليدفنا تخاصمهما ومرحلة من التوتر بين "العدوين" السابقين في الحرب الباردة. صرح عدد من قادة الدول الاعضاء في حلف الناتو بتصريحات تدل على طرد الماضي بين الطرفين اي روسيا وحلف الناتو، حيث قال راسموسن الامين العام لحلف الناتو "اليوم لم نساعد فقط في دفن اشباح الماضي التي طاردتنا طويلا، بل قمنا بطرد هذه الاشباح". وقال أوباما " نرى في روسيا شريكا وليس خصما ونحن متفقون على تعميق تعاوننا في عدة مجالات". وقال ميركل" خصما عسكريا سابقا اصبح الآن بكل وضوح شريكا"... إذن طيت صفحة الماضي بين الخصمين الامبرياليين اللدوديين ابان الحرب الباردة، الحرب الذي قسم العالم الى قطبين امبرياليين عالميين. إن هذا الاجتماع والنتائج التي افرزها تدل بما لايقبل الشك، على ان المجتمع البشري امام تحديات جمة، في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. ان انتهاء حالة "الاعداء" بين الطرفين سابق لاوانه، ومتاخرة جداً، وخصوصا بعد حل حلف وارسو في سنة 1991، لم يبقى لهذا الحلف اية اهداف واضحة ومعلومة سوا جهود امريكا لبقائها زعيماً عالميا وجر الغرب وراءها في حروبها الدموية الشرسة. إن بقاء حلف الناتو بقيادة أمريكا لغاية هذه اللحظة اي بقاءه بعد التحولات وسقوط جدار برلين مديون للهجمات الشرسة التي قادتها امريكا منذ سنة 1991 وما تلتها من الحروب في البلقان والعراق و الصومال وافغانستان... حلف الناتو تشكل سنة 1949 لهدف واضح وهو"مناهضة الامبريالية السوفيتية السابقة، كخصم إمبريالي" مناهضة مناطق نفوذها و درء خطر توسعها وخصوصا في اوروبا، وذلك من خلال رؤية ايديولوجية وسياسية برجوازية واضحة. حيث كان تصارعها ايديولوجيا تحت إسم "الشيوعية و خطر الشيوعية" وتواجه انظمتها بحجة " الديكتاتورية" و موديل اقتصادها " بالاشتراكية" ، و "إستبدالها " بالحرية والديمقراطية"... اي قطبين راسماليين كبيرين يديران العالم الراسمالي وفق مصالحهما وحسب ايدلوجية وسياسة وبرنامج براجوازي مختلف تماما، الشئ الوحيد المشترك فيما بينهما هو " الحفاظ على النظام الراسمالي بشقيه راسمال الدولة، او إقتصاد السوق". لكن بعد سنة 1991 بعد سقوط الامبريالية السوفيتية اي الشيوعية البرجوازية، تغير العالم بسرعة، وكان حلف الناتو امام تحديات كبيرة واهمها تحديد هويتها واهدافها الجديدة.... امريكا أمسكت بزمام امور الناتو لبناء " النظام العالمي الجديد" وجر البلدان الغربية وراءها في تدمير العالم وذلك في سبيل تحقيق استراتيجيتها، دون هوية سياسية وايديولوجية واضحة، ولكن تم إبداع مفاهيم مؤقتة من قبل المنظرين البرجوازيين وقادة امريكا لغرض بقاء الحلف، وإصطناع مختلف الأعداء " الدول المارقة" " الإرهاب العالمي"" والاسلام".. الخ. أن كل هذه الامور والابتكارات الرجعية من لدى امريكا وقادتها ومفكريها وبعد مرور عشرين سنة على تلك التحولات العميقة، لم ترقى الى مقومات ومرتكزات واقعية والتي بني الحلف على اساسها أو مقومات ومرتكزات جديدة قابلة للقبول من قبل حلفاء امريكا واعضاء حلف الناتو وخصوصا من لدى فرنسا والمانيا بالتحديد. طرأت تغيرات كبيرة على الرأسمالية العالمية من سنة 1991، من الناحية السياسية وأنظمة الحكم أصبحت الديمقراطية موديلا سائدا عالميا، وأصبح إقتصاد السوق أو السوق الحر موديلا عالميا بدون منافس. وهذا يعني ان الايديولوجيات المختلفة على الصعيد العالمي تقمصت في اطار الديمقراطية، شكلا ومضمونا، إقتصاديا وسياسيا. "العدو" او الخصم السابق اي روسيا اليوم اصبح ديمقراطيا وتتدوال فيه السلطة من خلال صناديق الاقتراع ويدار اقتصادها وفق الإقتصاد الحر، واعادت هيبتها القوية على الصعيد العالمي كقوة راسمالية امبريالية كبيرة. بهذا المعنى لم يبقى اية مرتكز واية مقومة لبقاء حلف الناتو، اي ان لون الخصم تحول الى لونهم. ومنذ عشرين سنة لم تتمكن الولايات المتحدة من إيجاد "عدو" اخر فيه مواصفات واضحة سياسيا واقتصاديا وايديولوجيا، و يقبل من قبل حلفائها. ان التحولات الكبرى حصلت خلال العشرين سنة الماضية وظهور قوى عالمية جديدة مثل الصين والهند، واعادة روسيا هيبتها وقوتها، وإستنزاف طاقات اقتصادية امريكية في حروب عدة، وسقوط استراتيجيتها العالمية "النظام العالمي الجديد وفق المفهوم الامريكي" وتراجع دورها على الصعيد العالمي وظهور كل هذه التحولات الى السطح وبالتحديد في الخمس سنوات الماضية وخصوصا منذ بد انفجار الازمة الاقتصادية الراسمالية العالمية...والصراع الضاري بين مختلف القوى الكبرى العالمية على مناطق الثروة والنفوذ، على انقاض الامبراطورية الامريكية العتيقة...وذلك لتقسم العالم مجددا بين تلك القوى الكبرى الجديدة والقديمة منها. كل هذه المسائل و القضايا السياسية الحساسة والتحولات العميقة التي طرأت على بنية الاقتصاد العالمي وتغيرات كبيرة في موزاين القوى بين القوى الكبرى.. ادت الى فقدان بقاء حلف الناتو حسب الوصفة السابقة بصورة نهائية. ان اعلان يوم امس في لشبونة يدل بما لا يقبل الشك باننا امام حقبة جديدة، وهي أنتهاء حلف الناتو من اية صلاحية ايديولوجية وسياسية واضحة. انها لعبة امريكية لابقاء الغرب وراء ظهرها. ان شراكة روسيا مع الحلف التي اعلنها قادة الناتو، هي في الوقت نفسه سياسة يراد منها ابعاد روسيا عن الصين، عن البعد الاستراتيجي معها، بعد ان كانت سياسة امريكا هي ابعاد اوروبا عن روسيا خلال العشرين سنة الماضية... باعلان لشبونة لحلف الناتو، نحن امام نزول امريكا خطوة اخرى نحو الهاوية، خطوة اخرى نحو اعترافها بنزول مكانتها وموقعها العالميين، انها تشكل ضربة اخرى للموقع والمكانة الامريكيتين على الصعيد العالمي... فعلا ان العالم اليوم عالمنا في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، امام تحديات كبيرة، من اهمها تقسيم العالم مجددا بين تلك القوى...لكن عالم اليوم عالم طبقات عالم الطبقتين البرجوازية والبروليتاريا. عالم البريرية وعالم الانسانية، عالم الفقر والمجاعة والحروب والدمار والثقافات والايديولوجيات الرجيعية، وعالم الحرية والمساواة والرفاهية، ان هذا العقد هو عقد للتخاصم الطبقي بين الطبقتين، في اقصى وأعنف اشكالها. 21.11.2010
#سامان_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكومة التي ستتشكل هي ليست لتوفير الامن والخدمات، بل حكومة
...
-
بناء تنظيم شيوعي في -الخارج-
-
يجب تقديم المتهمين الى المحكمة وليس تكليفهم بتشكيل الحكومة!
-
ان تشكيل الحكومة هو بداية لازمات سياسية اكبر بكثير لان الصرا
...
-
البرلمان العراقي مجَمعْ للاحزاب الحاكمة ولا يمثل مصالح الجما
...
-
الاحتجاجات العمالية لنصف الاول من الشهر ايلول
-
لجنة تحقيق البارزاني حول إغتيال سردشت عثمان، لجنة لإخفاء الح
...
-
الأزمة السياسية مستمرة، والقوى البرجوازية الميليشاتية متحدة
...
-
العراق ما بعد إنسحاب القوات القتالية الأمريكية ! عراق بلا دو
...
-
دولة بلا دولة، حكومة بلا تشكيل!
-
كلمات مهداة الى العزيزين اسعد ولينا طالب
-
انتظار جماهير العراق لتحقيق مطالبهم جراء تشكيل الحكومة وهم خ
...
-
من السجل الاسود للإتحاد الوطني الكردستاني و قيادته جميعاً
-
نَظموا انفسكم حولَ إعادة النور الى العراق!
-
الحكومة الاسلامية في إيران تهاجم العراق في ظل حكومة عراقية م
...
-
الاحتجاجات العمالية
-
إلى سكرتير اتحاد المعادن والانشاءات والغابات والطاقة (CFME)
-
من قاتم، سياسة فاشلة، حكومة فاشلة ! توفير الأمن والأمان من ص
...
-
حوار سايت الحزب الشيوعي العمالي العراقي مع سامان كريم حول نت
...
-
ما بعد الإنتخابات! لا للعنف
المزيد.....
-
-حالة تدمير شامل-.. مشتبه به -يحوّل مركبته إلى سلاح- في محاو
...
-
الداخلية الإماراتية: القبض على الجناة في حادثة مقتل المواطن
...
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق ال
...
-
مشاهد توثق قصف -حزب الله- الضخم لإسرائيل.. هجوم صاروخي غير م
...
-
مصر.. الإعلان عن حصيلة كبرى للمخالفات المرورية في يوم واحد
-
هنغاريا.. مسيرة ضد تصعيد النزاع بأوكرانيا
-
مصر والكويت يطالبان بالوقف الفوري للنار في غزة ولبنان
-
بوشكوف يستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن دعم باريس المطل
...
-
-التايمز-: الفساد المستشري في أوكرانيا يحول دون بناء تحصينات
...
-
القوات الروسية تلقي القبض على مرتزق بريطاني في كورسك (فيديو)
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|