|
نزاع عبر الاثير
مهند السماوي
الحوار المتمدن-العدد: 3193 - 2010 / 11 / 22 - 16:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نزاع عبر الاثير:
التقت اذاعة البرنامج العربي في شبكة اس بي اس الاسترالية التي تعتبر اكبر شبكة اعلامية اثنية في العالم حيث تقدم البرامج والخدمات لمتحدثي 68 لغة! بمجموعة من ممثلي التيارات السياسية اللبنانية في استراليا،وكان السؤال المطروح هل هناك عدالة دولية؟كمقدمة لتبرير وجود المحكمة الدولية المختصة بأغتيال الحريري...
كان اللقاء عاصفا بحيث تخللته اتهامات مباشرة وصريحة ثم ارتفعت الاصوات المتداخلة لتصل حد السب والشتم المباشر وعبر الاثير،ولولا حزم المذيعة وصبرها لخرج الموقف عن السيطرة!...فكان بالفعل موقفا مأساويا لابناء وطن واحد يتخاصم ابناءه الى هذا الحد من التعصب المقيت ضمن قضايا لا تستحق سحق كرامة الوطن لاجلها!.
هذا الموقف يعطي دلالة واضحة على مقدار حجم المشاكل والخلافات التي تواجه الجاليات العربية والاسلامية في بلاد الاغتراب من خلال انعكاس الخلافات والنزاعات المريرة في الاوطان الاصلية على ابنائها المغتربين بحيث يصعب الانضباط والابتعاد عن التحزب الاعمى ضمن صفوف الجاليات في داخل المجتمعات الجديدة،ويعطي صورة سيئة لهم من خلال ضعف استيعاب ثقافة الاختلاف والتنوع في تلك البلاد، والحالة ليست محصورة ضمن فئة معينة بل اصابت ايضا الجاليات الاخرى مثل التي هي من اصول اوروبية شرقية وبخاصة اثناء فترة الحرب الاهلية في يوغسلافيا السابقة.
تركزت المشاركة بين ممثل حزب الكتائب اللبنانية الموالي للحكومة وبين ممثلي الاحزاب الاخرى مثل التيار الوطني الحر وحزب المردة المواليان للمعارضة مع مشاركة صغيرة للبقية ضمن صفوف التيارين الرئيسيين المتحكمين بالساحة اللبنانية...
كانت اجابة الموالي للحكومة انه توجد عدالة دولية وانه لا قيمة لقضية شهود الزور وان الانسحاب الاسرائيلي عام 2000 من جنوب لبنان ليس فيه اي فضل للمقاومة بل لان اسرائيل رغبت بذلك! كما اتهم الاخرين بالعمالة والتبعية وانهم هم محرري لبنان! كما وصل الامر الى نكران ضمني لوطنية واصول المقاومين في الجنوب حينها مما استدعى الى رد المذيعة عليه بحزم لكونها لبنانية ايضا والزمته بعدم التلفظ بذلك وهو يعيش في مجتمع متعدد الثقافات ويحترم كل الاصول العرقية والاثنية!.
في الحقيقة ان معارضي تلك الاراء من المشاركين وبخاصة من المتصلين بالاذاعة كانت هي الاغلبية ولكن نظرا للتقسيم الغير متكافئ في الانتخابات اللبنانية،فقد اعطى الموالين لتيار المستقبل وحلفائهم من الاحزاب اليمينية الاغلبية وقد يكون عددهم اقل بكثير بفعل التقسيم القديم الذي لا يعترف بالاعداد الحقيقية الحالية للطوائف اللبنانية!.
لقد اصبح اغتيال الحريري مثل قميص عثمان للموالين لتيار المستقبل وحلفائه وخرج الموضوع من نطاق الرغبة في العدالة المرغوبة الى الاستغلال السياسي البشع خاصة وان بعض تلك الاطراف لهم تاريخ سيء في الحرب الاهلية! فكانت البداية اخراج سوريا من لبنان وتحجيم نفوذها،والان تحول الى محاولة لضرب او تحجيم حزب الله من خلال اتهامه...وقضية العدالة الدولية التي يتبجح بها بغباء ويؤكدها هذا الممثل هي مضحكة بحق ولو كانت بالفعل هنالك عدالة لما راينا هذا العدد الضخم من المشاكل والضحايا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية!...فالعدالة الدولية هي عدالة خاصة بالغرب المتحكم الرئيسي بالعالم منذ قرون،وعدالته تدخل ضمن سياق بوتقة مصالحه المتشعبة ولا يمكن الاعتراف بها اذا تعارضت مع تلك المصالح!.
اما قضية انسحاب اسرائيل اختياريا من ذاتها من جنوب لبنان فلا تحتاج الى نفي لان الانسحاب كان اضطراريا حتى ان طريقة الانسحاب السريعة لم تكن بالصورة التي تمنح عملائها الفرصة للاعتراض او الهروب! ولولا المقاومة لبقيت اسرائيل كمثل بقائها الان في الضفة الغربية والقدس الشريف!.
ان تبرير المواقف السياسية المختلفة اذا اريد لها القوة والدعم والثبات فلا يمكن لها الاستناد الى خلق اكاذيب او تحريف حقائق او تزوير نتائج او تشويه ذاكرة!... وعليه فأن الاساس سوف يكون ضعيفا ومهتزا وسوف تزيله من الجذور عواصف الحقائق القادرة على ازالة جبالا من الاكاذيب!.
صدق من قال: قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر...وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر!... ونحن نرى كيف ابيدت شعوبا بأكلمها او مازالت تتعرضت مجموعات عرقية للاضطهاد والتمييز والحصار دون ان تتحرك العدالة الدولية المزعومة حتى ممكن ان يصدقها احد في محكمتها الخاصة بالحريري،واين هي محكمة شارون عام 2002 عندما الغيت وقتل ايلي حبيقة الشاهد الرئيسي فيها!...فالجرائم ايا كانت فهي مرفوضة جملة وتفصيلا،والتمييز بينها لا يفيد العدالة بشيء بل يؤدي الى احتقارها والاستهانة بها حتى لو كانت صادقة!.
العدالة الدولية هي خرافة لا تحتاج الى ادلة لنقضها!.
#مهند_السماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عولمة الانفصال!
-
من اسفار المكتبة:السفر الخامس
-
رسالة الادب
-
الثورة النفطية الجديدة!
-
عشرون عاما على الوحدة الالمانية
-
مهزلة التسلح العربي!
-
كتب المقالات
-
المدونون الاسرى
-
المعارضة بين الواقعية والمثالية:5
-
المعارضة بين الواقعية والمثالية:4
-
المعارضة بين الواقعية والمثالية 3
-
المعارضة بين الواقعية والمثالية:2
-
المعارضة بين الواقعية والمثالية:1
-
الانتخابات الاسترالية
-
الصعود الى القمة
-
ويكيليكس:كاشف الحقيقة الغائبة
-
ثروة الارض:الحلقة الاولى
-
ثروة الارض:الحلقة الثانية
-
ثروة الارض:الحلقة الثالثة
-
قراءة حتى الموت!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|