|
- سيدة النجاة - . . انهم يقتلون روحنا الحيّة ! 1
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 3191 - 2010 / 11 / 20 - 00:26
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
رغم كل آلام العراق و تواليها . . اثارت مجزرة كنيسة " سيدة النجاة " مشاعر الألم والإستنكار و السخط، كفعل ارهابي للأسلام السياسي من جهة، و كعملية قاصرة لـ (انقاذ رهائن) من جهة اخرى . . راح ضحاياهما العشرات قتلى و جرحى، رجالاً و نساءً و اطفالاً، اضافة الى رجال الدين العاملين في الكنيسة . . و هم يؤدون مراسيم العبادة الكنسية في دور العبادة التي عاشت قروناً طويلة دوراً للأمان و السلام، في العراق و المنطقة . واضافة الى ما اشاعه ذلك الفعل الشنيع من مشاعر الحزن و السخط والغضب عبّرت عنه و لاتزال وسائل الإعلام في العراق و المنطقة و العالم، وعبّرت عنه نشاطات و فعاليات استنكار و تضامن جماهيرية في العراق و العالم، فإنه ترك شعوراً خطيراً بتنامي فتنة اجتماعية و دينية مباشرة في العراق و في عموم الشرق الأوسط . . و ترك قلقاً و تقديرات و تساؤلات كبيرة . و فيما ترى اوساط كبيرة ان ذلك العمل الذي جاء بعد سلسلة من اعمال التمييز و التدمير و التهجير على اساس الهوية الدينية، بكونه صار يشكّل انذاراً بحجم المخاطر التي تهدد اسس و هياكل ثقافة و وعي و كينونة البلاد و المنطقة . . فإنهم يذكّرون من يحاول استعارة التأريخ، بأن تأريخ الشرق و الغرب حافل بتقديره للقيمة الإنسانية الكبيرة لدور العبادة، التي حمتها و عاملتها حتى جيوش الدول المتحاربة ـ وليس ابناء البلد الواحد فحسب ـ . . عاملتها برأفة و احترام و سعت الى منحها الحماية و الى ان لاتمس حرمتها و حرمة حدودها و شعائرها و لا يُمس اللاجئين اليها . . عدا ماجرى من جرائم في الحروب و العمليات القذرة في التأريخ القريب، التي ادانتها اللوائح الدولية وعاقبت مرتكبيها (1) و جددت اعلانها عن اعتبارها بيوت امن و رحمة، حتى اعطاها عدد بارز من دول العالم المتحضر الحق في منح حق اللجوء لبلدانها و منحها حق حماية من يلتجئ اليها . و اضافة الى ما نادى به القرآن و النبي العربي من احترام الإسلام لأهل الكتب السماوية، ولأهل التوحيد، يحّدث التاريخ عن امثلة لاتنسى، عن انسانية الأديان و انحيازها لقضية الإنسان المعذب و المظلوم في مشارق الأرض و مغاربها . . ومن المواقف التاريخية للخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب، في حماية دير سانت كاترين في سيناء و منحه الأمان، وتعويض عامليه في مصر للأقباط مما لحق بهم من امبراطورية الروم . . و تأييد الرهط المسيحي للأمام الحسين في دعوته للحق و استشهاده معه . . في عهود العنف و القسوة التي دارت تحت رايات المعتقدات و الأديان في العصور الوسيطة، عندما كانت الأديان رايات الفقراء للتحرر و الإنعتاق وخير البشر، في مواجهة الرقّ و مالكي العبيد و الذهب من حكّام تلك المراحل التأريخية . الى وقائع الكفاح المشترك ضد المعتدين و الإستعمار و الإستغلال التي واجهوها و استطاعوا تحقيق الإنتصار و الحد من ظلمها، بوحدتهم بأختلاف اديانهم و مذاهبهم و تحت رايات اوطانهم و هم كتفاً لكتف في انتفاضات و اضرابات و سجون و معتقلات و ميادين كفاح سياسية و مسلّحة برز منهم قادة نشطوا و قادوا و واجهوا الموت في سبيل قضية الشعب . . من القائد الشيوعي الكلداني العراقي يوسف سلمان فهد و رفاقه، كوريل المصري القبطي، جورج حاوي المسيحي الآرثودوكسي، سليمان يوسف ابو عامل و توما توماس الكلدانيين . . الى القادة القوميين التحررين من جورج حبش و حداد المسيحيين وغيرهم و عشرات و مئات من شخصيات و مناضلي و مفكري و وجوه المنطقة باديانها و مذاهبها و اجتهاداتها، و بشعارات تآخي " الهلال مع الصليب " . و حتى انقاذ الكنائس ارواح العشرات من المسلمين، وانقاذ الجوامع ارواح عشرات المسيحيين . . الملاحقين في مواجهات مع الآلة العسكرية الإسرائيلية . . التي كان اكثرها طراوة في الذاكرة ما حدث في سنوات هجوم شارون و مباشرته بالتدمير و اعلانه الحصار على ماتحقق للفلسطينيين ـ مسلمين و مسيحيين ـ من حقوق اكتسبوها بوحدة الدم و المصير . اضافة الى ما يعيش عميقاً في الوجدان من الملاحم و قصص الهيام و الحب النبيل التي اصطدمت بالقيود الدينية ـ الإجتماعية و صارت الأجيال تتناقلها مآثراً . . مآثر ادّت بمراجع دينية كبرى مسلمة و مسيحية و يهودية و غيرها . . الى ان تكون اكثر تسامحاً و رفقاً، نزولاً عند المشاعر الإنسانية السامية و حقوق البشر، و الكثير الكثير الذي لايحده حدّ فيما تناقل و كُتب، و يربيّ اجيالاً و اجيال . . و الى ملاحم و اعمال بطولية عاشوها جميعاً و معاً من اجل حق الإنسان في بلادنا و المنطقة في عيش كريم و في سلام، في مواجهة مخططات كبرى تستمر و تحاك . . و تطلق اليوم بأسم صراع الحضارات و الأديان، و نشر دعوات التطرف و الإنحياز للهويات الضيّقة و للأعراق الأصولية المدمّرة بتطرفها و انغلاقها، بأسم (الحقوق) و الحقوق من صورتها المطروحة براء . . في محاولات محمومة متنوعة الهياكل و المسميات . . لحرف الصراعات الإجتماعية المطلبية و الطبقية عن خطها الأساسي، في النضال من اجل الحرية و التقدم و العدالة الإجتماعية . (يتبع)
19 / 11 / 2010 ، مهند البراك ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1. كالفاعلين من المسؤولين النازيين، الصهاينة، غلاة المتطرفين من الصرب في كوسوفو و بوزنيا، و الروس في الشيشان و غيرهم .
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو انقلاب، أم كيف ؟ ! 3
-
نحو انقلاب، أم كيف ؟ ! 2
-
نحو انقلاب، أم كيف . . ؟ ! 1 من 2
-
وثائق - ويكيليكس - و تشكيل الحكومة الجديدة
-
مخاطر العودة الى نظام - القائد الضرورة -
-
مخاطر اللاإستقرار و قضيتنا الوطنية ! 2 من 2
-
مخاطر اللاإستقرار و قضيتنا الوطنية ! 1 من 2
-
مظاهرات الكهرباء و عجز المحاصصة الطائفية !
-
صراع الكتل و مخاطر الإستبداد !
-
العراق و المنطقة . . بين الآمال و الواقع ! 3
-
العراق و المنطقة . . بين الآمال و الواقع ! 2
-
العراق و المنطقة . . بين الآمال و الواقع ! 1
-
مَنْ ينتصر على مَنْ ؟
-
هل تحقق الإنتخابات ما عجز عنه العنف ؟ 2 من 2
-
هل تحقق الإنتخابات ما عجز عنه العنف ؟ 1 من 2
-
باقة ورد عطرة للبروفيسور كاظم حبيب
-
نعم . . لايمكن تصور مستقبل مشرق للعراق دونه !
-
مصطفى البارزاني : الزعيم الكردي و الوطني 2 من 2
-
مصطفى البارزاني : الزعيم الكردي و الوطني ! 1 من 2
-
الإنتخابات النزيهة انقاذ لوحدة العراق ! 2 من 2
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|