|
الدولة – الساحة
محمد سيد رصاص
الحوار المتمدن-العدد: 3188 - 2010 / 11 / 17 - 08:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تكن الدولة العراقية،بين يومي23آبأغسطس1921و9نيسانإبريل2003،ساحة للآخرين،بل أسماها عرب كثيرون في عهد فيصل الأول(1921-1933)ب "بروسيا العرب" آملين أن تفعل مافعلته بروسيا في وحدة1871الألمانية،ثم حملت بغداد،بين عامي1945و1958،مشروع (وحدة الهلال الخصيب)،وكان عبد الكريم قاسم منافساً قوياً لجمال عبد الناصر في ذروة قوة الزعيم المصري(1958-1959)،وصولاً إلى صدام حسين الذي شكًل سداً قوياً أمام ايران في حرب1980 - 1988،وحاول لسنتين،بعد انتهاء الحرب، أن يلعب دوراً اقليمياً،وحتى عندما فرضت العقوبات الدولية على العراق، إثر غزو2آبأغسطس1990للكويت إلى احتلال 2003الأميركي لبلاد الرافدين، لم تستطع قوى اقليمية ودولية تحويل العراق إلى الدولة- الساحة. خلال السنوات السبع ونصف الماضية من عمر الإحتلال حصل العكس عن حقبة الإثنين وثمانين عاماً العراقية السابقة:أتى هذا من انهيار الدولة العراقية في مرحلة مابعد9نيسان إبريل2003،ولم يأت من مد القوى العراقية يدها للخارج،وإنما من اجتماع هذين العاملين معاً في مرحلة الإحتلال الأميركي، فتاريخ القوى السياسية،المناوئة للسلطة في بغداد،في مد يدها من النوافذ العراقية نحو الخارج معروف،بدءاً من حركة العقيد عبد الوهاب الشواف عام1959في الموصل التي كان لأجهزة مخابرات دولة الوحدة المصرية- السورية دور كبير في دعمها إلى محاولة انقلاب1970بقيادة العميد عبد الغني الراوي المدعومة من شاه ايران وصولاً إلى تأييد أوتلقي الدعم الذي مارسته أوحصلت عليه قوى عراقية معارضة من ايران في فترة حرب الثمانينيات ثم انتقال كل هذه القوى العراقية إلى وضع أشرعتها على اتجاه الريح الأميركية بين عامي 1990-2003،إلاأن هذا كله لم يؤد لتحول العراق إلى ملعب للآخرين،حيث كان وجود بنية الدولة المركزية مانعاً وصاداً ومحبطاً لذلك،وإن قادت تلك المحاولات الخارجية في استخدام القوى العراقية المعارضة إلى جعلها عنصر ضغط على حاكم بغداد. حصل شيء قريب من الحالة العراقية في بولندا1941-1944 المحتلة من الألمان لماانقسم البولونيون بين حكومتي( لندن)،المؤلفة من القوميين المؤيدين للغرب،و( لوبلين) المدعومة من ستالين،والفرق عن العراق أن كلتاهما كانت معادية ومقاومة للإحتلال الألماني،فيماالقوى العراقية الحالية،في برلمان2010،كلها شاركت في"مجلس الحكم"الذي أقامه الحاكم الأميركي بول بريمر بعد ثلاثة أشهر من احتلال بغداد،وهي الآن،كماظهر من خلال سبعة أشهر من مساعي تشكيل حكومة عراقية ،قد نقلت الآن الكثير(وليس كله) من بيضها من السلة الأميركية إلى سلال اقليمية مختلفة،بسبب قراءتها لتعثر المشروع الأميركي في العراق،وعبره في عموم المنطقة : في وارسو كان الإعتماد على الخارج عند القوى السياسية البولندية حصيلة تجربة قرون من تقسيم الدولة البولندية في أعوام(1772و1793و1795)،بين روسيا والنمسا وبروسيا،قبل أن يحصل استقلال1919ليعقبه بعد عشرين عاماً تقاسم لبولندا بين هتلر وستالين قبل أن يشن الأول الحرب على الثاني في يوم22حزيران1941،وقد أنشأت هذه التجربة البولندية المريرة،التي كانت فيها بولندا مثل قرص الكاتو، ذهنية سياسية خاصة كان يتم فيها ربط كل المواضيع الدولية ب"المسألة البولونية"،حتى التي لايمكن ربطها،مثلما جرى في أعوام1899-1902لماحصلت حرب البوير في جنوب افريقيا بين البريطانيين والدوتش(البوير)،قبل أن تخذل لندن البولونيين وتعقد المعاهدة الإنكليزية – الروسية في عام1907. هذه الذهنية السياسية البولندية ،التي تربط ما لايربط، يمكن ايجاد مثيل لها عند الكثير من اللبنانيين: في بلاد الأرز لم تنشأ الدولة- الساحة بفعل احتلال أوتقسيم للدولة،كمافي الحالتين العراقية والبولونية،وإنما بسبب رؤية اللبنانين المختلفة جذرياً،منذ يوم22تشرين الثانينوفمبر1943،للمجالات الثلاث التي يمثلها (الداخل)و(الإقليم)و(الخارج الدولي)،وقد ظهر هذا في اضطرابات1957-1958و1969-1973،وفي الحرب الأهلية بين عامي1975-1990،ثم في انقسامات2005-2010. يوجد شيء قريب من هذه الحالة اللبنانية في السودان، وهو ماظهر أولاً بين الجنوب والشمال في فترة 1955- 1972ثم في أعوام1983-2002حتى توقيع بروتول مشاكوس،قبل أن ينضم الدارفوريين في شباط2003للجنوبيين في رؤيتهم للسودان"الجديد" ك"افريقي"،وليس"عربياً"،والذي يعتبروه "مفروضاً من أقلية عربية منذ الإستقلال"على "الأكثرية"الإفريقية في الجنوب ودارفور وجبال النوبة وقبائل البجا في الشرق بين مدينتي كسلا وبورسودان،وليقوم الجنوبيون والدارفوريون بإنتهاج سياسات،مدعومة ومسلحة بالتمرد العسكري،اعتمدت على المحيط الإفريقي للسودان،وعلى الغرب الأميركي- الأوروبي،ضد حكومة الخرطوم،وهو ماجعل السودان دولة- ساحة ملتهبة،تشكل فيها القوى المحلية زيتاً شديد الفعالية لمحركات القوى الخارجية ذات الأجندات الخاصة بالسودان.
#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المحتل الفاشل
-
الحراك في بنية النظام الشرق الأوسطي الحديث
-
بيروت وبغداد
-
تفارق المصائر بين جوبا وأربيل
-
واشنطن ومحاولاتها ايجاد تسوية للصراع العربي الاسرائيلي
-
التصنيع الأيديولوجي للعدو
-
الإنقسام الاجتماعي أمام الاحتلال
-
11سبتمبر:الحضور العسكري الأميركي المباشر للمنطقة وتناقص وزن
...
-
المفاوض الفلسطيني
-
هل ستكون أفغانستان فيتنام أميركية ثانية؟...
-
تمظهرات الصراع السياسي-2
-
صعود القوى الإقليمية وحروب منطقة الشرق الأوسط
-
إدارة أوباما تكرس واشنطن قطباً عالمياً أوحد
-
الملتحقون بالأجنبي
-
أزمات السودان وإعادة صياغة الدائرتين العربية والإفريقية
-
هل انتهت مرحلة التسوية للصراع العربي الاسرائيلي؟
-
الدول المتوسطة القوة
-
ايران اقليمياً
-
الدولة الغيتو
-
أردوغان في المدّ والجزر أو... عدنان مندريس مستعاداً
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|