أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - الوعد بمجيء الرسول الجديد -الجزء الثاني















المزيد.....


الوعد بمجيء الرسول الجديد -الجزء الثاني


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 3186 - 2010 / 11 / 15 - 23:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن الوعد بمجيء الرسل الإلهية من عند الله نجده في سور كثيرة من القرآن الكريم. فلنناقش آيات أخرى بهذا الخصوص:

لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ. رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً. فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ.... وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ. سورة 98, آية: 1- 5

تبين لنا الآية السابقة أن الذين رفضوا الإسلام وكفروا به سوف يستمرون في رفضهم إلى أن يأتيهم رسول آخر. عندئذٍ تُقَدَّم لهم فرصة جديدة ومرةً أخرى ستكون هذه الفرصةً إما بقبول الحقيقة أو برفضها.

من هم الذين تشير إليهم الآيات السابقة, فلنتمعن في الأدلة التالية :

• إن الآيات لا تتضمن أي إشارة إلى الرسول الكريم أو إلى الإسلام.
• تشير الآيات إلى كيفية تصرف الناس في حقبة من الزمن في المستقبل.
• تشير أيضاً إلى مجيء رسول من عند الله ويأتي بالبينة والدليل.
• هذا الرسول الجديد يأتي بصحفٍ وكتب بينما سيدنا محمد أتى بكتاب واحد فقط.
• الآيات تشير إلى الدين الموعود (المبشَر به) بأداة الإشارة للبعيد. (ذلك) تشير للمستقبل أي إلى دين غير الإسلام.


دعونا نتمعن في آية أخرى تتكون من فقرتين:
• الأولى عبارة عن سؤال بأسلوب بلاغي.
• ا لفقرة الثانية هي الإجابة على السؤال.

أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً. سورة 11, آية: 17

فتتساءل الآية السابقة كيف ينبغي أن يُعامَل الرسول الذي يأتي بأدلة من عند الله؟ وكيف يجب أن تكون استجابة المؤمنين له؟ هل عليهم أن ينكروه أم يتبيَّنوا ويُحَقِقوا لمعرفة صحة ادعائه؟
دعونا نتمعن في الفقرة الثانية من الآية المباركة والتي تحمل الإجابة :

أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ. سورة 11, آية: 17

نظرة سريعة على الفقرة الثانية من الآية تجعل المعنى الوارد في الفقرة الأولى واضحاً تماماً. من هم الذين آمنوا به ؟ إنهم أولئك المؤمنون الذين لهم قلوب جيدة حسنة وعقول تتميز بالحكمة لا بالتعصب والأهواء النفسية ويتأملون بعين البصيرة فيما أتى به الرسول الجديد من آياتٍ بيِّناتٍ أرسله الله بها وأدلةٍ واضحةٍ تشهد بصدق رسالته. وماذا عن أولئك الذين ينكرون الرسول الجديد ؟ مثواهم نار جهنم خالدين فيها مثلهم مثل السابقين.
إن الله سبحانه وتعالى يزيل عنّا كل الشكوك في تصديقنا لوعوده بإرسال الرسول الجديد فيؤكد ذلك بقوله تعالى :

فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ. سورة 11, آية: 17

إن الكلمات الختامية للآية السابقة تنذر بعاقبة إنكار الرسول الجديد. فهو يأتي بأدلة مقنعة و واضحة ويتلو آياتٍ منزلَة من عند الله ولكن رغم كل ذلك نرى أغلب الناس لا يؤمنون به. فهنا يتبادر هذا السؤال إلى أذهاننا: ماذا عن المسلمين؟ لماذا أكثرهم ينكرون هذه الرسالة العظيمة التي جاء بها حضرة بهاءالله ؟ الجواب بسيط جداً لأنهم متمسكون بعقيدة خاتم النبيين. فحتى لو أتى الرسول بكتب ومجلدات عظيمة كل منها منزلة من عند الله ولها من الدلائل والآيات المحكمات مثل التي جاء بها القرآن الكريم فسوف ينكره القوم. وربما يحبسوه أو يقتلوه لأنه انتهك مفهوم العقيدة السائدة والخاطئة في حد ذاتها وهي ختم النبوة.


وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ. لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ.
سورة 6, آية : 66- 67

هذه هي بعض الحقائق التي يصرح بها الله لرسوله:
• إن الرسول الجديد هو الحق ويقول الحق ولكن قومك المسلمين يكذبونه.
• إن أولئك الذين ينكرون الرسول الجديد سوف يواجهون عواقب إعراضهم والرسول الكريم غير مسئول عن إعراضهم.
• لكل رسالة إلهية ومنها الدين الإسلامي أجل مسمى. وعندما تأتي الرسالة السماوية الجديدة, ينتهي أجل الأمة الإسلامية.
• عندما يأتي الرسول الذي يبعثه الله فسوف تعلمون بأن النبوءة قد تحققت.

تمعنوا في الآية التالية :

تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ. أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ. سورة 32 : آية 2- 3

إن الآيات السابقة تتضمن نبوءة عن مجيء الرسول الذي سوف يأتي بعد محمد عليه السلام والكتاب الذي سيُرسل بعد القرآن. هذه هي الحوافز :
• إن الآيات تشيـر إلى شخصين قد حُدِّدا بوضـوح بالضمير المخاطب الكاف في (قبلك) أي محمد , و( نذير) النذيرفي المستقبل.
• إن الآيات توضح بأن النذير سوف يأتي لقوم ما أتاهم من نذير من قبل, ومن المؤكد أن النذير لن يكون محمداً لأن الناس في الجزيرة العربية قد أتاها النذير وهو الرسول الكريم.
• إن عبارة " بل هو الحق " قد ذُكِرت عدة مرات في القرآن الكريم لتشير إلى مجيء الرسول في المستقبل.

تشير الآيات التالية إلى أن المسلمين ذوي البصيرة النورانية والإيمان الصادق سوف يعرفون الرسول الجديد...

وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. سورة 22, آية: 54
وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. سورة 34, آية: 6

تأمل هذه الآيات أيضاً :

وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ. ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ. سورة 35, آية: 31- 32

دعونا نتمعّن ما تضمنته الآيات السابقة من حقائق :
• تبدأ الآية بالإشارة إلى شخصية بارزة معينة (النذير) في سورة 32, آية: 3 وقد ذكرها الله سبحانه وتعالى لسيدنا محمد كما جاءت في آيات القرآن مسبقاً.
• أطلق الله عبارة " هو الحق " على النذير.
• إن النذير سوف يصدق ما بين يديه وهو القرآن.
• عندما يأتي هذا النذير فإن المسلمين الذين اصطفاهم الله سوف يستجيبون لدعوته وهم على ثلاثة طوائف : منهم ظالم لنفسه لإنكارهم تلك الحقيقة, ومنهم مقتصد لأنهم غير مبالين به, ومنهم سابق بالخيرات فيستجيبون لندائه ويعترفون به كرسول جديد لأنهم مؤمنون صادقون ومسلمون باركهم الله.

إن سورة يونس في القرآن الكريم تشير مراراً إلى وعد من الله. ولكن قبل أن نبحث عن تلك الوعود في السورة المباركة, يجب أن نلاحظ بدقة كيف جاءت كلمة "وعد" في الآيات المرتبطة بمجيء سيدنا محمد.

وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً. سورة 17, آية : 108

تتضمن الآيات 46 إلى 55 من سورة يونس كثيرا من الوعود وهي من الآيات المتشابهات, دعونا نستعرض تلك الآيات :
• الآية 46 : سوف تقع أحداث معينة بعد أن يصعد الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى.
• الآية 47 : لكل أمة رسول.
• الآية 48 : يتساءل الناس " متى هذا الوعد " ؟
• الآية 49 : الجزء الأول, إن الله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء. فهو الذي يقرر متى يكون هذا الوعد.
• الآية 49 : الجزء الثاني, ولكن ينبغي لكم أن تعلموا أن لكل أمة أجل.
• الآية 50 : إن العقاب سوف ينزل بأولئك الذين لايؤمنون بهذا الوعد ولا يتخذونه مأخذ الجِد. وإن ظهور الرسول الجديد هو بمنزلة نار ونقمة لمن ينكره ونور ورحمة لمن يؤمن به.

أما الآية 51 فإنها تشير إلى مجيء الرسول الجديد :

أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُم بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ. سورة 10, آية : 51

إن تسلسل الآيات يبين بوضوح أنها تشير إلى مجيء رسول من عند الله في زمن معين من التاريخ.
لقد كان الكفّار دائماً يستهزئون بالوعود الإلهية. فيقولون " متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " لكي يشهدوا تحقق الوعود فيتأكدوا من صدق الرسول. بالطبع كانت إجابة الله أن الوعد لن يتأخر ساعة ولن يتقدم. والآية السابقة توضح ذلك وفيها تساؤل, هل سوف تتمادون في استهزائكم بعد تحقق وعد الله ومجيء الرسول الموعود؟
إن الآية التالية تشير إلى العذاب الذي سوف يلحق بأولئك الذين ينكرون الرسول الجديد:

ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ.

الآية التالية: (سورة 10, آية: 53 ) تشير مرة أخرى إلى مجيء الرسول الجديد:

وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ. سورة 10, آية: 53

الآية (سورة 10, آية: 54 ) تؤكد مرة أخرى الوعد:

أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ. سورة 10, آية: 54

الآية السابقة تثبت أن معظم الناس لا يعرفون الغرض من هذه النبوءات.

وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. سورة 19, آية: 39
فمعظم المترجمين يعتقدون أن الآية السابقة تشير إلى يوم القيامة. ولكن الآية تبين بوضوح إلى الطريقة التي سوف يستجيب بها الناس للرسول الجديد. ماذا حصل حين أتى سيدنا محمد؟
• تجاهل الناس مصيرهم الروحاني.
• لم يؤمنوا بالرسول محمد.
إن غفلة الناس عن الشيء يؤدي تدريجياً إلى إنكاره فكيف يمكن لشخص ما أن يتجاهل الحياة الأخروية ويرفض تصديقها. سوف يشعر بالندم يوم القيامة بسبب عدم استجابته للنداء الإلهي نتيجة غفلته. وهكذا إن يوم الحسرة أو يوم القيامة تشيران في آيات أخرى إلى زمن مجيء الرسول الجديد.

إن إحدى النبوءات التي تثير الإعجاب هي تلك التي نجدها في الآيات الأولى من سورة محمد :

الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ. وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ. ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ. سورة 47, آية: 1- 3

إن القارئ للآيات السابقة لا يمكن أن يراوده الشك بأنها تشير إلى الرسول الكريم. ولكن الدراسة الدقيقة لكلماتها تبين أنها تشير إلى معاني مزدوجة. فهي لا تشير فقط إلى سيدنا محمد بل إلى مجيء رسول من عند الله في المستقبل.

لكي نفهم المعنين وندركهما جيداً, علينا أن نقرأ الآيات مرة أخرى مع الكلمات المضافة بين القوسين :

والذين آمنوا ( بالإسلام ) وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزِّل على محمد ( فيما يتعلق بمجيء الرسول الجديد ) وهو الحق ( الرسول الجديد ) من ربهم, كفَّر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم. فكيف يمكن لنا أن نقول بأن الآيات السابقة لا تشير في المرتبة الأولى إلى الرسول الكريم بل إنها تشير إلى الرسول الذي سوف يأتي بعده. لنتأمل المعنى المستتر بين كلمات الآية :

وَالَّذِينَ آمَنُوا ...... وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ

مما لاشك فيه أن المؤمنين ــ المسلمين ــ يعتقدون بما جاء به القرآن ويؤمنون به. فلماذا تشير الآية إلى الناس الذين آمنوا وكذلك آمنوا بما أُنزِل على محمد. أليس من المعقول أن نفترض أن العبارة الثانية ( الذين آمنوا ) في نفس الآية تشير إلى المؤمنين الذين آمنوا بما أُنزِل على محمد فيما يتعلق بمجيء الرسول الجديد؟ والذي عرّفه الله سبحانه وتعالى بأنه ( هو الحق من ربهم) حيث أن ( الذين آمنوا ) في أول الآية الثانية تشير إلى المؤمنين بالرسول الكريم فلماذا يكرر الله كلمة آمنوا في جملة واحدة وبعد كلمتين مباشرة. وقد لاحظنا مسبقاً أن تعبير ( هو الحق من ربهم ) تعبير فريد يستخدمه القرآن عدة مرات للتعريف بالرسول الجديد. فلنتأمل هذا الاحتمال أيضاً. ماذا لو كان الرسول الجديد الذي سيأتي بعد سيدنا محمد إسمه محمد أو إسم مركب يجمع هذا الإسم أيضاً. إذا أذعنا بهذا الاحتمال فالآية سوف تصرح بما يلي :

وَالَّذِينَ آمَنُوا ( بالإسلام ) وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا ( أيضاً ) بِمَا نـُزِّلَ عَلَى مُحَمّـَدٍ ( الرسول الجديد ) وهوالْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ( المؤمنون بالرسول الجديد ) وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ. ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ ( المسلمون ) كَفَرُوا ( بنبوءات القرآن ) اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ.

أما الآية الثالثة فتصرح الآتي :
الذين كفروا ( المسلمون غير المخلصين ) اتبعوا الباطل وإن الذين آمنوا ( المسلمون المؤمنون ) اتبعوا الحق من ربهم. إن كثيراً من المسلمين يقرأون القرآن ولكن لا يؤمنون حقاً بما يقرأون. هؤلاء ليسوا مسلمين مؤمنين وإذا أتاهم رسول جديد فإنهم سوف ينكرونه. أما المسلمون المؤمنون فإنهم يتبعون الحق من ربهم.

إن الكلمـات الأخيـرة في الآيـة 3 هي من المتشابهـات. يقـول الله سبحانـه وتعالـى : " فإنهم يتبعون الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم". لماذ يعقب الله يتبعون الحق وهو كما علمنا من الآيات السابقة تشير إلى الرسول الجديد بعبارة يضرب الأمثال. لإن المثل دائماً يكون متعدد المعاني أو تكون معانيه خفية. لماذا إذاً يطلق على هذه الآيات بالأمثال؟ لكي تسترعي انتباهنا إلى المعاني المستترة والخفية في كلمات هذه الآيات البالغة الأهمية.
فكما نضع الأجزاء المركبة لصورة معينة ( Puzzle ) في محلها الصحيح لكي تعطينا الصورة الصحيحة في النهاية, كذلك يجب أن ننظر إلى الآيات المترابطة والتي تشكل معاً حقيقة هامة ونضع أحدها تلو الأخرى لنصل إلى الحقيقة المستورة ضمنياً.

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ. وَيَقُولُونَ مَتَى هَـذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ. قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ.... وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ. سورة 10, آية: 47- 53

الآية التالية تشير أيضاً إلى المستقبل :

أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ. سورة 6, آية: 89.

تأملوا هذه الآية أيضاً:

وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ. سورة 77, آية: 11.

كما تلاحظون فإن معظم الآيات التي تشير إلى مجيء الرسول الجديد هي بصيغة الجمع, إنها تشير إلى (الرسل) وليس الرسول. وكذلك النبوءات التي تشير إلى الدين الجديد كلها تبدو بصيغة المفرد. إنها تشير إلى الدين الحق. وهذه إشارة قد يراد منها أن الله سبحانه وتعالى يرسل أكثر من رسول لاستقرار الدين وتوطيده. تماماً كما حصل للديانة المسيحية فقد أرسل جلّ وعلا يوحنا المعمدان والسيد المسيح لتأسيس ديانة واحدة وهي: المسيحية.
عندما نتمعن في النبوءات الواردة في الآيات التي تشير إلى ظهور الرسول الجديد, نجد بأنها ترسم صورة واضحة للتطور التدريجي للرسالات الإلهية. ولكن للأسف فإن علماء المسلمين قد أنكروا هذه النبوءات. وقاموا بوضع حجاب منعت عيونهم من رؤية الحقيقة. ما هو هذا الحجاب؟ إنها العقيدة السائدة إلى اليوم وقد تمسكوا بما وجدوا عليه آباءهم. إنها عقيدة خاتم النبيين. فنسوا ما ذُكِّروا به من آيات تتنبأ بظهور الرسول الجديد.

فلنتأمل المعنى العميق الذي تحمله هذه الآية :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ. سورة 49, آية: 6

إن الآية السابقة تشير بطريقة بارعة إلى ظهور رسول جديد لعدة أسباب :
• كما سنرى لاحقاً فإنه قد ورد ذكر تبيَّنوا في القرآن الكريم للإشارة إلى الأدلة التي يقدمها الرسل الإلهية.
• إن كلمة نبأ قد ورد ذكرها أيضاً ولها نفس جذور كلمة النبي.
• إن الجزء الثاني من الآية تبين أن الأمر الذي يتطلب دليلاً (فتبيَّنوا) لا يتعلق بفرد واحد فقط. لأن الآية توضح بأنه إذا فشلنا في السؤال عن البيِّنـة قد نصيـب قومـاً ( المؤمنين بالرسول الجديد) بالجهالة. فمثلاً نرى المسيحيين ينكرون الإسلام دون السؤال عن البيِّنة التي تثبت حقانية رسالة الرسول الكريم ويتهمون المسلمين بأنهم جهلاء وفاقدي الروح الإيمانية. لكن متى سوف يندم هؤلاء الذين يظنون السوء بالدين الجديد ؟ بالطبع حين الاحتضار حيث يتذكرون كيف استكبروا على آيات الله عز وجلّ.
• لماذا أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نتخذ موقفاً حاسماً بشأن البحث عن البيِّنة والأدلة إذا ما ادعى رسول بأنه صاحب رسالة من عند الله؟ لأنه بكل بساطة كان الناس في العصور السالفة يرفضون نبأ الرسول الجديد بدلاً من أن يسألوا عن الأدلة لإثبات حقانيته. ولكن لكي نتغلب على هذا التعصب الجائر يأمرنا الله أن نسأل عن الأدلة والبراهين حتى لو كنّا نعتقد بأنها مضيعة للوقت وذلك لأن مصدر الخبر لا يُعتَمَد عليه. أي إنه يجب علينا أن لا ننكر أي إدِّعاء أو نرفضه دون أن نطلب الدليل والبيِّنة بكل حزم.

لكي نعرف مدى أهمية كلمة "بيِّنة" , دعونا نورد بقية الآيات التي تتضمن هذه الكلمة والتي تشير إلى ظهور الرسول الجديد.

أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ.. سورة 9 : آية 70

بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ.. سورة 11 : آية 28, 63, 88

لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ.. سورة 57 : آية 25
جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ... سورة 10 : آية 13

ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ... سورة 10 : آية 74

جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ... سورة 35 : آية 25

تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ... سورة 40 : آية 22

فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ... سورة40 : آية 83

إن الآيات التالية والتي ورد ذكرها في هذا الفصل, تشير إلى مجيء الرسل في المستقبل:

حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ. رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ... سورة 98 : آية 1- 2
أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ.... فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ... سورة 11 : آية 17

لكي نختم هذا الفصل, نشير إلى أن الآية 6 من سورة الحجرات تقدم أربعة أدلّة لتبين أن مضمون الآية له هدف معين فهو يشير إلى حدث دقيق ومحدد في المستقبل. الأدلة الأربعة هي:
• البيِّنة.
• أنباء.
• التأكيد الشديد على "فتبيَّنوا".
• إدانة مجموعة من الناس بالجهل تكون أشد وطأةً من إدانة فرد.

إن الأدلة الأربعة السابقة تُظهر بوضوح أن الآية ينبغي أن تكون بمثابة نور الهداية للمسلمين الذين أنكروا أنباء مجيء الرسول بالحجج التامة من عند الله. فلا ينبغي للمسلمين أن يرفضوا مثل هذا الادعاء بسبب افتراض خاطئ وهوالظن بمفهوم كلمة خاتم. (خاتم النبيين- د.محمد إبراهيم خان)



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تابع المقال السابق-الجزاء والعقاب المقدّر لأولئك الذين يقبلو ...
- الوعد بمجيء الرسول الجديد الموعود - 1
- منعطفُ التّحوُّلِ أمامَ كافّةِ الأممِ: نداءٌ موجَّهٌ إلى قاد ...
- ( محكمة الأديان )
- تَقَدُّمُ البشرية نحوَ حضرة بهاءُالله- 3
- تَقَدُّمُ البشرية نحوَ حضرة بهاءُالله- 2
- تَقَدُّمُ البشرية نحوَ حضرة بهاءُالله-1
- خطوات نحو الصلح الأعظم
- نغماتُ الرّوح
- الكمالات الروحانية-(1)
- في تفسيرالبسملة- بسم الله الرحمن الرحيم-(2)
- تفسير البسملة -تفسير بسم الله الرحمن الرحيم-(1)
- تفسير آية-(-ما کذب الفؤاد ما رأی-)
- الرجعة
- ليس لعالم الوجود بداية-مبدأ الإنسان
- اصحاب(أهل) الكهف
- آدم وحواء المعنى والمغزى -(2-3)
- آدم وحواء المعنى والمغزى (1-3)
- مقام الانسان ومكانته
- كاميليا زاخر الإنسانة


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - الوعد بمجيء الرسول الجديد -الجزء الثاني