أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد لاشين - العلمانية ضحية الغزل المتبادل بين نجاد وبابا الفاتيكان















المزيد.....

العلمانية ضحية الغزل المتبادل بين نجاد وبابا الفاتيكان


أحمد لاشين

الحوار المتمدن-العدد: 3185 - 2010 / 11 / 14 - 18:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعتمد السياسية الإيرانية في بنيتها على وجهين،يُظهرا ثنائية الخطاب السياسي أكثر من تناقضه،فدائماً ما تفاجئنا التحركات الإيرانية بردود فعل عكسية حول القضية الواحدة،وإن بدا هذا محيراً للوهلة الأولى،ولكنه يأتي متسقاً تماماً مع طبيعة الشخصية الإيرانية التي تمتلك أدوات المراوغة والتضليل أحياناً،لتحقيق منافعها وأهدافها الخاصة،غير عابئة بما قد تتورط فيه خاصة مع ذهنية أحاديه مثل الذهنية العربية،أو آلية واضحة في الطرح كما العقلية الغربية على اختلافها.فالشخصية الإيرانية قادرة على صنع حالة من الالتفاف الكامل حول أي قضية قد تفقد السيطرة عليها.
فإيران تتلاعب بالملف النووي بما يحقق لها تواجدها ونفوذها على الساحة الإقليمية،ويثّبت أقدام النظام على الساحة الداخلية،فنجدها أحياناً تطلق تصريحات شديدة اللهجة ضد الولايات المتحدة والغرب،ثم تعاود لتطرح القضية على مائدة المفاوضات من جديد،في محاولة لكسب وقت يصب مباشرة في صالح الملفات الداخلية.فرغم تصريحات الرئيس الإيراني النارية ضد دول الاتحاد الأوربي وأمريكا بشكل خاص،يرسل لبابا الفاتيكان بندكتوس السادس عشر منذ ما يقرب من شهر رسالة يشكره فيها على موقفه من أزمة حرق المصحف التي أثيرت مؤخراً في الولايات المتحدة،رغم أن الفاتيكان لم تكن الوحيدة التي اعترضت على ما أعلنه القس جونز من رغبته في حرق المصحف،فمعظم الكنائس سواء الإنجيلية أو الأرذوثوكسية قد أعلنت نفس حالة الرفض والإدانة.ولكن نجاد اختار أن يغازل الكنسية الكاثوليكية،في محالة للالتفاف على موقفه المتشدد من الاتحاد الأوربي،وليخاطب أكبر نسبة مسيحية في العالم بشكل عام.وليُظهر إيران بوصفها المتحدثة باسم الإسلام المحافظة على الهيبة القرآنية،معلناً في خطابه أن العدو الأول والمشترك بين الإسلام والمسيحية هو العلمانية،التي أدت إلى ذلك التفكير المادي المجحف للدول الغربية ـ على حد تعبيره ـ فافتقدت إلى كل معاني الإنسانية التي تجسدها كل الأديان،فعلى الفاتيكان وإيران أن تغير وجه العالم الظالم.
وصلة الغزل تلك لا تقف عند هذا الحد،بل يقابلها رد الفاتيكان الذي تصدر الصحف ووكالات الأنباء الإيرانية يوم الجمعة (12 / 11)،حيث أرسل البابا بندكتوس خطاباً يُسلم إلى الرئيس نجاد،بصحبة وفد من الفاتيكان ، يؤكد فيه أن المسلمين والمسيحيين عليهم أن يعملوا على النهوض بالروح الإنسانية في العالم ضد التوجهات اللادينية.وأن هناك ما يقرب من عشرة آلاف كاثوليكي يمارسون دينهم بحرية في إيران.رغم أن رد البابا لم يغفل أزمة دور العبادة الكاثوليكية التي تتسم بقلة العدد أمام نسبة المسيحيين الكاثوليك ـ والكاثوليك فقط بالطبع ـ ولكنه على يقين بأن الحكومة الإيرانية ستعمل على حل تلك الأزمات.
ثم التقى وفد الفاتيكان بمراجع الشيعة في قم،وعلى رأسهم (آية الله جواد آملي) ، و(وآية الله يزدي)،وهما من المعروفين بتشددهم ودعمهما الدائم لنجاد في مختلف أزماته.ورغم إشارة الوفد أن المسيحية تفصل بين الدين والسياسة،وأن هذا الأمر هو مكمن الخلاف بين الإسلام والمسيحية،إلا أن آية الله يزدي ألح في المقابل على أن الكنسية والمسجد لابد أن يكونا منبراً للتربية الاجتماعية حتى لا تشيع المادية وانعدام الأخلاق الإنسانية والدينية بين الناس.في محاولة لصبغ الزيارة ذات المرجعية الدينية بصبغة سياسية،تلك السمة التي أكد عليها آية الله جواد أملي ،في حديثه عن وجوبية أن تقف الكنيسة ضد الانتهاكات الدينية والإنسانية التي تمارسها الولايات المتحدة في العراق وأفعانستان،وألا تقف مكتوفة الأيدي أمام القتل والظلم الواقع على الشعوب بمختلف ديانتها ومذاهبها.بسبب اللادينية المتفشية في العالم.
ورغم أن رسالة بندكتوس احتوت على تلميحات للتميز الديني الذي تمارسه بعض الحكومات ضد الكاثوليك في الشرق الأوسط،إلا أنه لم يذكر إيران صراحة.مع أن الكاثوليك يعانون مثل بقية الأقليات الدينية في إيران،فمنذ بداية الثورة الإسلامية،أُجبر العديد من المسيحيين على ترك إيران ومغادرتها إلى أوربا أو الولايات المتحدة،كما هُدمت العديد من الكنائس.وفي تقارير منظمة حقوق الإنسان أن عدد الكاثوليك في إيران يصل إلى 19 ألف،بمختلف طوائفهم،من أرمن كاثوليك،أو الأشور الكاثوليك،أو غيرهما.ورغم ذلك لا يتجاوز عدد الأساقفة أربعة ،وعدد الراهبات واحد وعشرين،وكذلك عدد الكنائس لا تكفي من حيث النسبة إجمالي عدد المسيحيين،كما أن الموقع الجغرافي للكنائس يُحمّل متبعيها مشقة الانتقال والسفر بين المحافظات في ديانة تعتمد على الكنسية بشكل مركزي ليس فقط في الشأن الديني ولكن في مختلف الأمور الاجتماعية.هذا بالإضافة إلى الحالة السيئة التي عليها الكنائس فأغلبها أصبح على وشك الانهيار.وكذلك استبعاد المسيحيين من أي منصب إداري في الدوائر الحكومية.وإن كانت هذه القضية يشترك فيها السنة والبهائيون وغيرهما من الأقليات الغير إيرانية الجنس أو شيعية المذهب.
وكما هو معلن في الصحف الإيرانية،فقط تم إلقاء القبض على جماعة أرمينية مسيحية بتهمة التبشير بالمسيحية في الجامعات الإيرانية ،وكذلك فصل أستاذ جامعي بنفس التهمة من إحدى الجامعات الإيرانية.أي أن هناك حالة تضييق قد يعاني منه المسيحيون في إيران.ومع ذلك كل ما يهم بندكتوس أن يتم الاعتناء بالكنائس فقط لا غير.
ورغم أن الفاتيكان كانت من أوائل من نددوا برجم (سكينة أشتنياني) والتي ما زال الحكم برجمها معلق للأن،أي أنها اعتبرت أن ممارسة فعل الرجم متجاوز للحدود الإنسانية بشكل عام،ولكن استجابة لمحاولات الغزل الإيراني،تنازلت عن الأبعاد الإنسانية،لمصالح قد لا تنالها في المنطقة العربية،أمام الدعوة الإيرانية الشيعية متغافلاً أن حركات الإسلام السياسي تمثل الخطر الأشد على مصير المسيحية وغيرها بشكل عام،وأن إيران مجسدة لهذا التوجه السياسي الديني بامتياز.كما أن مسايرة دولة دينية في موقفها الرافض من العلمانية يُعيد للكنسية تراثها الدموي القديم في أوروبا،وينقلها إلى فترة حضارية قديمة في الصراع بين العلمانية والدين ما زلنا على أعتابها في منطقة الشرق الأوسط.فإن كان التلويح بفزاعة العلمانية كما تحاول إيران يصيب شعوبنا بالقلق،ويلقيها مستسلمة في أحضان كل من يحمل شعار الخلاص الديني،إلا أن تلك الفكرة برمتها تُعتبر تراثاً في التاريخ الكنسي الأوربي.
ورغم ما يجسده العمق الفكري بين المسيحية والتشيع من مساحات تلاقي واتفاق،إلا أن المزايدة الدينية التي يراوغ بها نجاد في الداخل المسلم والخارج المسيحي،وكذلك رغبة الفاتيكان في استغلال نفوذه في أرض ظلت مغلقة لسنوات تحت راية الثورة الإسلامية،لا يمثل ذلك العمق بشكل مباشر.فالأمر لا يتعدى محاولات إيرانية لاستقطاب الكنسية العالمية الأم وبالتالي الاستفادة من نفوذها الروحي لتحقيق مكاسب سياسية شعبية يتوهم النظام الإيراني أنه قادر على تحقيقها في أوروبا كما حققها في البلاد العربية.



#أحمد_لاشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجم ثريا ( الرقص مع الموتى في إيران)
- شجاعة الجهل ومزيد من الطائفية
- الإعلام الديني وأوهام جنرالات الطائفية
- سحر الثقافة وثقافة السحر
- إيران صورة واحدة لشخصين وانقسام الوعي الجمعي
- الفساد الاقتصادي للنخب الإيرانية صراع جديد بين النظام والمعا ...
- من قال لا في وجه من قالوا نعم ( لا ولعنة الخلود)
- مذبحة المعارضة الإيرانية في عاشوراء
- الوحدانية في الديانة الزرادشتية (صراع المقدس والمدنس)
- تجليات العذراء..وظهور فاطمة الزهراء في العراق
- الدولة الشيعية بين ولاية الفقيه والمهدي المنتظر
- نهاية منتظري وسقوط المرجعية الفقية للمعارضة الإيرانية
- القنوات الشيعية حسينيات فضائية تشعل حمى الإعلام الطائفي
- الوصول لنقطة اللاعودة بين الإصلاحيين والمحافظين في إيران
- أمريكا تمنع الإمام المهدي من الظهور
- حقيقة مصحف فاطمة والآيات المحذوفة من القرآن عند الشيعة
- القمني ضحية أساطير المقدس (قراءة في كتاب الحزب الهاشمي)
- ولاية الفقيه ونشأة الدولة الدينية في الفكر الشيعي ( 1_2)
- ولاية الفقيه بين الديمقراطية والدولة الدينية في الفكر الشيعي ...
- نهايات الإصلاح في إيران وفصام الدولة الدينية


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد لاشين - العلمانية ضحية الغزل المتبادل بين نجاد وبابا الفاتيكان