|
تداعيات الوضع الأمني والسياسي والمدن المارقة
أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 958 - 2004 / 9 / 16 - 09:42
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ينزلق الوضع الأمني ومعه الوضع السياسي حثيثا وبسرعة نحو الطريق المسدود ، ونحو المخاطر الجسيمة التي توقعناها قبل بدء الحرب ، بل أن حجم الخراب والمخاطر يفوق كل التقديرات والتوقعات الأولية ، حيث تختلط وتتشابك الأوراق بشكل مرعب ، وتظهر قوى وجهات ملتبسة عديدة تحوز على إمكانيات كبيرة ومؤثرة ، ليكون كل هذا العنوان الرئيسي للأزمة الوطنية العامة التي يمر بها شعبنا ووطننا ، في ظل غياب برنامج وطني مؤثر يقود نحو الإنقاذ ، وكل هذه التطورات تؤكد من جديد أن خيار الحرب والاحتلال خاطئ في مقدماته ونتائجه !! وتصاحب ألازمات السياسية والأمنية أزمة اقتصادية طاحنة ، وتتلاشى دعاوى أعادة البناء والأعمار ولو على الطريقة الأمريكية !! ويبقى كل شئ مؤجل ومعلق ويشوبه الغموض والسرية بما في ذلك حجم إنتاج النفط وعائداتة ومن يسيطر عليها فعليا ، وبقاء مشكلة الديون المستعصية و العالقة !!
منذ البداية توضح فشل وعجز الهيئة المحكومة في التصدي للمهمات الكبيرة والصعبة التي تواجه البلاد ، لأنها ببساطة استطالة وامتداد وتكرار لإفرازات الاحتلال ومجلس المحكومين والأوضاع السائدة في البلاد . وهي بدت عاجزة ومستقيلة عن عمل أي شئ نافع وفعال بسبب عدم إسقلاليتها عن الاحتلال والتركيبة الغربية للشخصيات التي أتى بها الحاكم العسكري بريمر وفرضها بالأوامر والقوة ، وبعضهم من تعاون ونسق مع قوات الاحتلال وأجهزتها المخابراتية الخاصة وعلى مستويات متعددة منذ زمن بعيد . إنها توليفة خطيرة يحاول الاحتلال فرضها وتسويقها لإعادة رسم وهندسة المشهد السياسي وفق مخططهم !!
لقد عاد الاحتلال بكل ثقله وجبروته الغاشم ليمارس السلطة الوحشية المنفلتة في مدن وشوراع البلاد كلها ولتسقط بسرعة مذهلة حكاية الاستقلال والسيادة المزعومة ، وتكشف زيفها وبطلانها وشكلانيتها الفاقعة !! لقد أستباح الاحتلال من جديد المدن العراقية ودكها بالطائرات الحربية والدبابات والمدفعية الثقيلة باعتبارها مدن مارقة ينبغي معاقبتها وحصارها وتدميرها وإخضاعها مهما كان الثمن ، وهكذا كانت القائمة تكبر وتطول من الفلوجة إلى مدن سامراء والنجف الثورة وتلعفر والرمادي وشارع حيفا في وسط بغداد وأية مدينه أو شارع أوحي يرفض الاحتلال ويدعو إلى طرده وإنهاءه .
الهيئة المحكومة وأعوانها لديها طريق استسلامي واحد وهو التراضي والخضوع للاحتلال واستبقاءه مرة باعتباره تحريرا ومرات لاعتبارات أمنية وأخرى لأن الاحتلال لا يريد أن يرحل نهائيا ، وهذا ما تدركه الهيئة المحكومة وتقبل به كأمر واقع عليها حتما وهي ترى وتسمع عن حجم القواعد العسكرية التي يجري بناءها ألان دون استشارة هذه الهيئة!! كما إن البعض يقبل بالاحتلال سياسيا وأخلاقيا ، لأن هذا البعض هوصنيعة الاحتلال ودوائرة وكواليسة !! والتبريرات جاهزة حتى لو كانت كاركتيرية !!
بعض أقزام الهيئة المحكومة يطلقون تصريحات نارية ، كما فعل بعضهم في أزمة النجف وهذا البعض يعلم تماما أنه لا يستطيع إطلاق طلقة واحدة دون ترخيص وتوجية وأمر من المحتل ، فعلام هذه العربدة الغبية الفارغة والتي لم تنفذ؟؟ البعض من جماعة الاحتلال والهيئة المحكومة في الداخل والخارج تؤيد همسا أو علنا وتتمنى سحق المدن المارقة مهما كان الثمن وحتى لو تطلب ذلك استخدام الأسلحة الكيماوية أو غيرها ، والحجج والتبريرات عجيبة ومذهلة ، وهي تذكر مباشرة بعقل السلطة الفاشية السابقة التي سحقت مدن الدجيل وحلبجة وقرية شيخ وسان وجميع المدن التي تحركت في الانتفاضة الشعبية المغدورة ، أنه عقل فاشي بالمقلوب ، وهو بالضرورة عقل مشوة ومريض وملئ بالسموم المترسبة بالوعي الحقيقي لهؤلاء . وهستيرية خطيرة تشبة سلوك أنصار السلطة الفاشية المتخلفة .
كيف يدعو ويفرح هؤلاء لسحق مدن عراقية مثل النجف والثورة والفلوجة وسامراء ، وينتظرون نتائج القصف الأمريكي الدقيق جدا للأهداف المعادية في هذه المدن ، حتى إن الهيئة المحكومة لا تستحي من ادعاءها تقديم معلومات عن هذه المدن في محاولة فاشلة لإثبات وجودها وحضورها المزعوم ، وهي تعرف وتدرك إن قوات الاحتلال لا تحتاج إلى معلوماتها ، إلا لتشوية سمعتها وإحراجها أما الراى العام ، وهي لا تحتج أو تعارض قتل المدنيين وعزل المدن والاستيلاء على المستشفيات وقصف سيارات الإسعاف وقطع إمدادات الماء والمواد الغذائية والصحية الضرورية لبقاء الناس على قيد الحياة ؟؟
إننا إزاء حرب إبادة جماعية مستمرة سقط خلالها الآلاف والأعداد مرشحة للزيادة المريعة ، حيث سنكون قريبا أمام أرقام مذهلة وثمن باهض لحرب عدوانية قذرة تتداخل فيها القوى وتتشابك المصالح والنوايا ويكون الخاسر الأول والخاسر الأكبر شعبنا ووطننا !!
من خلال الصراع الرهيب المحتدم اليوم على أرض الوطن ، حيث العمليات العسكرية الناجحة والواسعة والموجعة للاحتلال و شلالات الدم والأشلاء المتطايرة بالعمليات الإرهابية الغامضة والتي لم يستطع أحد تشخيص وتحديد الجهات التي تقف وراءها ، وأعمال عشوائية وغامضة أيضا مثل عمليات الخطف والذبح يضاف إلى ذلك شلل وعجز الهيئة المحكومة من عمل أي شئ هام ومؤثر .
في ظل هذه الفوضى العارمة والمتصاعدة والخطيرة ، فأن الاحتلال يتجة إلى تبديل أساليبة وخططه العسكرية ويعيد ترتيب أوراقه في ضوء هذه التطورات الكبيرة على الأرض في محاولة لفرض سيطرته التامة على الأوضاع والهيمنة المباشرة على الناس والأرض والنفط وكل شئ كما هو في الخطة الأصلية للاحتلال ، وهذا صعب بل يبدو مستحيلا في المستقبل المنظور ، أو إغراق البلد في فوضى تامة وتدمير إمكانياته المتبقية ومن ثم الانسحاب ، وهذا ما يخدم مصالح أمريكا والكيان الصهيوني في المنطقة كلها وفق سياسة صناعة الأزمات والفوضى والفراغ ، وهو ما تدرسه تعمل علية الأجهزة الخاصة التابعة للإدارة الأمريكية وإسرائيل وتؤيده بعض الأوساط العراقية المحسوبة على أمريكا وجهات أخرى !!
وربما ستكون هذه المدن المارقة وضحاياها ورقة انتخابية يمارسها بوش وتشيني ، وهم يطاردون ويطردون أشباح الإرهاب عن الناخب الأمريكي ، وجر ونقل العمليات إلى العراق بإعتبارة الخط الأول في المعركة ضد الارهارب !! لقد أصبحنا أكياس الرمل والدريئة التي تحمي الناخب الأمريكي كي يسكر ويرقص مطمئنا ومستريحا وفق هذا المنطق الوقح والأخرق !! ثم حماية الكيان العنصري الصهيوني من الإرهاب الفلسطيني وفق نفس المنطق الأخرق للمحافظين الجدد ، وهو كذلك منطق مثال الآلوسي أحد تلامذة وخدم وقادة أحمد ألجلبي ومنطق المجموعات السياسية التي أشار إليها !! وقد حضر هذا المثال السيئ مؤتمرا لمكافحة الإرهاب الفلسطيني في ثكنة العنصرية ومركزها المتقدم والأخير إسرائيل الفاشية !! وهذا واحد من تداعيات عراقهم الجديد المزعوم وهو جزء من جبل الثلج الغارق في السرية و الذي سينكشف حجمة المرعب قريبا !!
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوراق خاصة / الى الصديق م . ذ
-
عن الشيوعي الجميل طارق وتوت / أبو زياد
-
الحوار المتمدن والقضايا الفكرية الماركسية
-
موت الشاعر ، أو موت بلا شاهدة ، أسئلة إلى وعن آدم حاتم ؟؟
-
في الذكرى الخامسة والاربعين لإستشهاد فرج الله الحلو / لماذا
...
-
صورتان قلميتان لبوش وصدام
-
مؤشرات من الوضع السياسي العراقي
-
الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم 3
-
الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟ 2
-
الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟
-
قراءة أولية للقرار 1546 / دعوة للحوار الوطني من أجل موقف واض
...
-
شكر وتنوية /عن طاهر البكاء مرة أخرى
-
رسائل لم تصل /الى ستار غانم راضي ...............سامي
-
القسم الاول:دعوة لتقييم أسباب صعود وسقوط الفاشية في العراق
-
شهادة من الزمن الفاشي / هذا الوزير عذبني بيدية
-
المشروع والمجزرة / لكي لاننسى
-
رسالة مفتوحة الى الكاتبة نوال السعداوي
المزيد.....
-
-أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
-
لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو
...
-
كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع
...
-
-دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية
...
-
قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون
...
-
حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
-
بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
-
ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا
...
-
مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
-
أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|