|
حول قانون يهودية الدولة
شادي عبده
الحوار المتمدن-العدد: 3182 - 2010 / 11 / 11 - 08:45
المحور:
القضية الفلسطينية
*في المعنى والخلاصة فان قانون يهودية الدولة هو لا لعودة اللاجئين، ولا للاعتراف بالوضع الحقيقي لدولة اسرائيل كدولة ثنائية القومية، وهذه اللا قد تؤول لشرعنة تشريد الاقلية أو تجريدها من المواطنة، لكونها تهبط بالاقلية الى ما هو ادنى بكثير من منزلة قومية ضمن قوميتين، وحتى ادنى من كونها أقليات. فالاقلية المغيب ذكرها، قد تتحول في حالات سياسية مؤاتية لليمين الى مجرد رعايا لدولة أخرى لها حقوق الاقامة لا المواطنة، وذلك بمقتضى القانون وشرعيته أو تاويلاته*
لم يولد قانون يهودية الدولة من الفراغ او العبث. وهو ليس نسخة مكررة ومملة لما صيغ في قرار التقسيم أو وثيقة الاستقلال، بل نسخة مستجدة، وجادة في تحصيل أهداف، واستهداف فئات بعينها، اللاجئين والاقلية الفلسطينية في اسرائيل. لا يجوز في السياسة القياس بمعزل عن السياق، قياس القانون مع النصوص التي سبقته، بمعزل عن سياق حملة التشريعات العنصرية، وتصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي في الامم المتحدة، والتدريبات استعداداً لمواجهة مستقبلية مع الاقلية الفلسطينية، اضافة للّغو الدولي حول اقامة الدولة الفلسطينية. لقد نشأت وبرزت خلال عقدين من الصراع والمفاوضات مع الفلسطينيين، أوساط سياسية اسرائيلية تستهويها وتغريها فكرة أن يبدأ حل المسألة الفلسطينية، من قضايا عام 48 الى 67 ، وان يكون الحديث عن الاقلية التي صمدت والاخرى التي شردت قبل الكلام عن الدولة الفلسطينية. لمزيد من العينية، نضع الملاحظات التالية: رفض أصحاب القانون ادراج عبارة وثيقة الاستقلال. وفي هذه الحقيقة ما يؤكد بان القانون لا يحاكي وثيقة الاستقلال، بل يحاول التملص والتخلص تدريجياً مما ورد فيها، على قلته وضحالته بالنسبة للاقلية الفلسطينية. ونحن نقرأ في تلك الوثيقة ما يلي: "نناشد السكان العرب في دولة اسرائيل وسط الهجوم الذي يشن علينا ومنذ شهور ان يحافظوا على السلام، وأن يشاركوا في بناء الدولة على اساس المواطنة التامة القائمة على المساواة والتمثيل المناسب في جميع مؤسسات الدولة المؤقتة والدائمة." ان العقد السياسي بين الدولة والاقلية الفلسطينية، كما املته وفرضته الدولة قائم حسب وثيقة الاستقلال، على المواطنة والمساواة، مع مناشدة العرب الحفاظ على السلام من جهة اخرى، والعلاقة بين طرفي العقد ليست شرطية. لذلك نستشفّ من رفض تلك الاوساط ادراج وثيقة الاستقلال رفضاً وعداءً للعقد الذي اسسته، المواطنة والمساواة، فهي لا تريد ان تكرر التزامها للاقلية الفلسطينية بالمواطنة، ولا ان تفي بشروط المساواة لها. ان التهويش حول يهودية الدولة لا يعني اقراراً وتكراراً لمبدأ حق تقرير المصير فوثيقة الاستقلال تضمنته، بل مؤداه استنباط مقولة سياسية جديدة، تفتقت عنها الذهنية الفاشية، الا وهي حق الدولة في تقرير مصيرها بـ"اليهودية". نحن نقرأ القانون ضمن السياق السياسي الاسرائيلي العام كمسودة لوثيقة "استقلال" اسرائيل من الاقلية الفلسطينية ديمغرافياً، او من مواطنتهم. وبلغة سياسية سليمة مسودة لوثيقة دولة اسرائيل الفاشية، تعريفاَ. في المعنى والخلاصة فان قانون يهودية الدولة هو لا لعودة اللاجئين، ولا للاعتراف بالوضع الحقيقي لدولة اسرائيل كدولة ثنائية القومية، وهذه اللا قد تؤول لشرعنة تشريد الاقلية أو تجريدها من المواطنة، لكونها تهبط بالاقلية الى ما هو ادنى بكثير من منزلة قومية ضمن قوميتين، وحتى ادنى من كونها أقليات. فالاقلية المغيب ذكرها، قد تتحول في حالات سياسية مؤاتية لليمين الى مجرد رعايا لدولة أخرى لها حقوق الاقامة لا المواطنة، وذلك بمقتضى القانون وشرعيته أو تاويلاته، فالقانون المحتال يجد بان الواقع يجب استبداله ليستقيم حاله، وما عليه سوى انتظار الفرصة المؤاتية. هذا الدأب لطمس حقيقة وجود الاقلية أولا، ومن ثم وجودها بالشكل القومي يهدف الى نزع أي اساس شرعي يمكن الاقلية أو يخولها، ان تطالب في مسائل الديمقراطية والمساواة والعدالة بما يتلاءم مع حقيقة كونها قومية ضمن قوميتين. "حذار حذار من جوعي ومن غضبي" صرخة شعرية، يصح ان نطلقها بلغة هموم الحاضر، حذار حذار من مواطنتي ومن صوتي، ليست منة من احد المواطنة لاقلية وطن اصلية، ولا وعيد التشريد أو التجريد قادر على ارهاب هذه الاقلية وثنيها عن رفع صوتها السياسي المؤثر، صوت السلام والمساواة والديمقراطية، الصوت المجلجل والصادق في وجه الفاشية.
*لغة الابتزاز*تتقن الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة لغة الابتزاز السياسي، فسلامها المنشود، مع التفاوت فيما بينها، هو ارغام الشعب الفلسطيني على قبول الحد الادنى من الحقوق، لا احقاق الحقوق. وهي اذ تجزئ القضية الفلسطينية الى اشلاء، تراكم امام المفاوض الفلسطيني العراقيل، لكي تضعه تحت طائلة مقايضة حق بحق، او التفريط بحق من اجل الفوز بحق آخر. وقد اتت بدعة التبادل السكاني لكي تخلق للمفاوض الفلسطيني، من العدم جزءًا آخر للقضية الفلسطينية، بهدف ابتزازه في موضوع المستوطنين واللاجئين تحديداً. والبدعة تضع الاقلية الفلسطينية والمستوطنين في مصاف واحد، فبالتماثل يجوز حديث التبادل. لم يعد الاستيطان الاسرائيلي اداة لابتزاز المفاوض الفلسطيني في موضوع التواصل الجغرافي للدولة، بل اداة لشرعنة نزع المواطنة عن اجزاء من الاقلية. إن ما تقترفه اسرائيل يعتبر سابقة في الصفاقة العنصرية، فاسرائيل تطالب الاقلية بان تدفع في مواطنة اجزاء منها لقاء اعادة اجزاء من سوائب المستوطنين، والتي نشأت على يد الدولة وبارادتها. وهكذا يتحول الاستيطان لصناعة مجدية، واداة ناجعة للنيل من حقوق الشعب الفلسطيني والاقلية معاً. ان ما يهمنا هو ان نؤكد بأن بدعة التبادل السكاني، تعتبر خروجاً عن وثيقة الاستقلال ونقضاً للعقد السياسي، مواطنة ومساواة، وهذا العقد بالنسبة للدولة لا ندحة عنه ولا رجعة، خاصة انه صادر من لدنها ومفروض من قبلها، تعريفاً وتأسيساً لقيامها، واذا كان لا بد من المراجعة فللاقلية الحق لا الدولة. بالنسبة للاوساط اليمينية، دون حصر، اذا كانت الدولة الفلسطينية قدراً محتوماً، فهي تريدها دولة جميع الفلسطينيين في الشتات وداخل اسرائيل. والفكرة في حبكتها لا تملك سوى مقولة تأسيسية ومضمورة، بأن لا مكان لقوميتين على مواطنة واحدة، المواطنة الاسرائيلية. ان سيل التشريعات العنصرية ومن ضمنها قانون يهودية الدولة، لم ينبجس من اللواعج لليهودية، ولا حتى من هواجس حق تقرير المصير، بل يهدف فيما يهدف الى خلق مناخ او خطاب سياسي يشرعن قانونياً، تلك البدع التبادل السكاني، ودولة فلسطين لجميع الفلسطينيين. لا نستطيع ان نتغاضى عن سعي اسرائيل المحموم لنيل اعتراف دولي ليهوديتها، وهي تريده لكي تضع المجتمع الدولي في مواجهة حق العودة، وبالاعتراف الدولي تصبح ليهودية الدولة قيمة لا يمكن لاي سلام ان يغمط حقها، او يأتي على حسابها، وبالتالي يصبح لزاماً ان يفصل على مقاسها الديمغرافي، لا نتاجاً لقرارات الامم المتحدة. السياسة التي تنشد الحظوة والتعاطف حولها، هي التي تؤثر قولة ضد، لا مقالة نقد. ورأينا ان الفاشية ما كان لها ان تغالي في غيها من روح العبثية، او جنون العظمة، او الجرأة المفرطة. فللسياسة اطراف صراع، لا نريد أن نحمل احداً وزر انفلات الفاشية، ومع ذلك يصعب على العين ان لا ترى أعراض ازمة في قيادة دفة النضال على طرفي حدود ال67 ، مع الاقرار بالتفاوت. حول هذا الموضوع يطول الكلام، ولم نشأ ان نطاله من باب التلميح، الا لكي نؤكد باننا لا نعاني من املاق في الاهداف والشعارات والبرامج، ولعل الظروف تحتم وقفة تعيد لفوضى الاهداف تدرجها واتساقها، وتعيد لادوات النضال نضارتها وحيوية التجدد، وتعيد بلورة الكتلة المنوط بها انجاز الطموحات والاهداف، ومن ثم تعيد النظر في التحالفات الاقليمية والعالمية. موازين القوى ليست قدراً محتوماً، ولعل الكلام حولها هو اكثر ما نحتاجه.
#شادي_عبده (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول الطبقي والأممي في الانتخابات القادمة
-
الحزب الشيوعي العراقي على محك المواقف الحلقة 2-2
-
شرعنة الاحتلال - الحزب الشيوعي العراقي على محك المواقف
المزيد.....
-
RT ترصد التوغل الإسرائيلي في القنيطرة
-
بوتين: نسعى للريادة في الذكاء الاصطناعي
-
فرنسا تسحب مقاتلتين ميراج من تشاد إيذانًا بانسحابها العسكري
...
-
منظمة ألمانية تنتقد تمويل أوروبا لتونس وليبيا لإدارة الهجرة
...
-
الجيش الروسي في سيفاستوبول يسقط 5 مسيرات أوكرانية ويصد اثنتي
...
-
هل هناك تواصل مباشر بين طهران وإدارة العمليات العسكرية في سو
...
-
وكالة الطيران الروسية تمدد القيود على الرحلات إلى إسرائيل
-
أوربان: زيلينسكي يرفض مقترحا قدمته هنغاريا بإعلان هدنة مع رو
...
-
الحرس الثوري الإيراني: طورنا مع وزارة الدفاع طائرة مسيّرة -ف
...
-
مسيّرات غامضة على الساحل الأمريكي وعضو في الكونغرس يقول: على
...
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|