|
علماء الدين ام اعمياء الدين -5- وتحريم مناقشة الاخطاء البشرية
نهاد كامل محمود
الحوار المتمدن-العدد: 3182 - 2010 / 11 / 11 - 00:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قال سبحانه (( انا نزلنا الذكر وانا له لحافظون )) ومفهوم هذا حسبما متداول لحد الان ان الله يعدنا بالحفاظ على كلامه الذي اوحى به سبحانه الى الرسول (ص) ولا تتضمن هذه الاية أي وعد ا او امرا من الله بالحفاظ على كلام البشر او اخطائهم او التستر عليها . ان كلام الله سبحانه الذي اوحى به الى الرسول (ص) لم يكتبه الرسول بيده ولم يكن في حينه آلة تسجيل لتسجيل كلام الله الذي نطق به الرسول (ص) . انما كان صحابة الرسول يستمعون اليه ويحفظون عنه كلام الله الذي ينطق به ثم قسما منهم يدون بعضا من كلام الله الذي حفظه عن الرسول والقسم الاخر يكتفي بحفظ ما سمعه عن الرسول في ذاكرته. وقد جرت هذه العملية طيلة ثلاثة وعشرين سنة وفي عدة اماكن تنقل منها واليها الرسول (ص) . بعد وفاة الرسول (ص) جمع القرآن الكريم من قبل صحابة الرسول وهم اشخاص غير معصومين فلنتتبع كيف جمع القران الكريم بعد وفاة الرسول . مهما اختلفت مدونات كيفية جمع القران الكريم بعد وفاة الرسول فانها قد اتفقت جميعا على النقاط التالية 1- جمع القران الكريم من صدور وسطور الصحابة قبل وبعد وفاة الرسول . 2- جمع باقتراح من الصحابي عمر بن الخطاب (رض) في عهد الصحابي الخليفة ابو بكر الصديق (رض) بعد وفاة الرسول . 3- جمعت ايات القران الكريم مما كتبه ومما تذكره الحافظون في كتاب واحد واحرقت بقية المكتوبات وكان هذا في زمن الخليفة عثمان بن عفان (رض) أي بعد وفاة الرسول ايضا . لنأخذ الان بعضا مما قاله شيخنا الجليل محمد حسان في برنامج تفسير القران وتحديدا ما قاله عن كيفية جمع القران الكريم . لقد قال شيخنا الجليل محمد حسان ما يلي :- جمع القران الكريم في ثلاثة مراحل المرحلة الاولى - وتسمى مرحلة حفظ الصدور وهي في زمن الرسول (ص) . المرحلة الثانية – وكانت في عهد الصديق اثناء معركة اليمامة ضد اتباع مسيلمة . المرحلة الثالثة – وكانت في عهد الخليفة عثمان بن عفان (رض) حين التقى اهل العراق واهل الشام اثناء معارك الفتوحات وكانوا مختلفين في قراءة القران الكريم . فالمرحلة الاولى – كانت في عهد الرسول (ص) وتسمى كما اسلفنا بمرحلة حفظ الصدور لانهم كانوا يعتمدون فيها على حفظ الصدور اكثر من حفظ السطور .. هذا ما قاله بالنص شيخنا الجليل محمد حسان في محاضرته . وانا الفت انتباه القراء الكرام ان حفظ الصدور يعني الحفظ في الذاكرات وان جميع الذين حفظوا ذلك في ذاكراتهم هم بشر غير معصومين وبذلك فهم عرضة للخطأ والخطيئة . ويسترسل شيخنا الجليل قائلا .. كانوا يكتبون على (( العسب )) وهو جريد النخل . و(( اللخاف )) وهو حجارة رقيقة . و(( الرقاع )) وهي الجلود .. هذا نص ما قاله شيخنا الجليل محمد حسان . وانا الفت انتباه القارىء المحترم الى ان الكتابة في ذلك الحين كانت بدون نقاط وبدون حركات مما يجعل احتمال الخطأ عند قراءة تلك الكتابة احتمالا كبيرا جدا . وايضا الفت انتباه القارىء الكريم الى ان جميع الذين حفظوا كلام الله عن الرسول او الذين كتبوه بدون نقاط وبدون حركات هم بشر غير معصومين وعرضة للخطأ والخطيئة . يعني بعبارة اوضح انه محتمل جدا ان يكون احدهم قد اخطأ وكان نتيجة خطأه ان تسربت بعض الاخطاء بين كلمات الله سبحانه وتعالى . قال الله سبحانه وتعالى (( انا نزلنا الذكر وانا له لحافظون )) وهذا وعد بحفظ كلام الله وليس الاخطاء البشرية المحتملة والتي من الممكن ان تكون قد تسربت بين كلام الله سبحانه . ان قرءاننا الكريم الذي بين ايدينا الان واستنادا الى الاسانيد التاريخية عن كيفية جمعه من بشر غير معصومين فانه هناك احتمال كبير ان تكون قد تسربت اليه اخطاء بشرية عن قصد او عن غير قصد الا انها اخطاء بشرية من بشر غير معصومين . المرحلة الثانية :- يقول شيخنا الجليل محمد حسان ما يلي - كانت هذه المرحلة في عهد الصديق (رض) حيث قتل كثير من حفظة القران الكريم في معركة اليمامة ضد اتباع مسيلمة الكذاب . وان الصديق قد كلف زيد بن ثابت بجمع القران من الحفاظين الذين مازالو على قيد الحياة . قال الصديق لزيد بن ثابت النص التالي – يازيد انك رجل شاب عاقل ((لا نتهمك )) فتتبع القران واجمعه - .
وانا الفت انتباه القراء الكرام الى ان الصحابي ابو بكر الصديق قد كلف زيد بن ثابت (( وكلاهما بشر غير معصوم )) وقال له انك شاب عاقل ونحن (( لا نتهمك )) .. فليلاحظ القارىء الكريم ان ابو بكرالصديق (رض) قد اعطى الثقة الى زيد بن ثابت ورفع عنه الشك حين قال له (( لا نتهمك )) وهذا لا يعني ان كلام الصديق امر مسلم به اذا رفع الشك عن زيد بن ثابت .. وان زيد بن ثابت ان كان قد حاز على ثقة الصديق فهذا لا يعني انه اصبح معصوما عن الخطأ والخطيبئة لان كلام الصديق لا يرقى الى كلام الرسول (ص) ولا يرقى الى كلام الله سبحانه وتعالى .
يظهر لنا ان القرءان قد جمع من قبل بشر وجميعهم غير معصومين . اي من المحتمل جدا ان يكونوا قد سربوا اليه عن قصد او عن غير قصد اخطاء بين كلمات الله سبحانه وتعالى ..
هل عمى ام تعامى علماؤنا الافاضل عن هذه الاحتمالات . ولماذا يصرون على تحريم مناقشة الاخطاء البشرية المحتملة والتي ربما تكون قد تسربت الى كلام الله في القرآن الكريم الذي بين ايدينا الان .
المرحلة الثالثة :– يقول شيخنا الجليل انه في عهد عثمان بن عفان حين اختلف اهل العراق واهل الشام في قراءة القرآن الكريم فقد امر الخليفة عثمان بن عفان (رض) زيد بن ثابت وعبد بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث ان يجمعوا هذه الصحف (( أي المخطوطات )) من القرآن الكريم في مصحف واحد وقال لهم ((اذا اختلفتم انتم وزيد فالجئوا الى حرف قريش )) .
وهنا الفت انتباه القارىء الكريم ان في هذه المرحلة الثالثة قد جمع القرآن من كتابات متناثرة على أثر اختلاف اهل العراق واهل الشام في القراءة مما يدلنا على وجود اخطاء بشرية قد تسربت الى كلام الله وسببت الاختلاف في القراءة بين اهل الشام واهل العراق .
والفت انتباه القراء الكرام ايضا الى ان الخليفة عثمان بن عفان قد قال للذين امرهم بجمع القرآن(( اذا اختلفتم )) نعم قد قال (( اذا اختلفتم )) وهذا بيان صريح الى ان احتمال الخطأ البشري موجود منذ صدر الاسلام .
هل عمى ام تعامى علماؤنا الاكارم عن هذه الاحداث وهذه الاحتمالات ؟!.
اذا وجدنا تناقضا في ايات القرآن الكريم فهل نعزي ذلك التناقض الى الله سبحانه وتعالى ام نعزيه الى الاخطاء البشرية التي كانت محتملة منذ صدر الاسلام . فلماذا يحمل فقهاؤنا الكرام الاخطاء البشرية على مسوؤلية الله سبحانه وتعالى
هل من المعقول ان يخطىء الله سبحانه وتعالى وهو الذي وصف كلامه العزيز بـ (( قرآنا بينا )) ؟!.
هل يمكن لكلام الله الذي نطق به الرسول ان يضر المسلمين او غير المسلمين وقد قال سبحانه وتعالى للرسول (ص) (( وما ارسالناك الا رحمة للعالمين )) فلماذا يحرض فقهاء السنة ضد الشيعة وفقهاء الشيعة ضد السنة وكلاهما ضد غير المسلمين . وهل هذه هي الرحمة التي ارسل بها الله سبحانه وتعالى رسوله (ص) الى العالمين ؟!.
ان علمائنا الاكارم عاجزون عن تشخيص الاخطاء البشرية التي تسربت الى كلام الله وبنفس الوقت هم عاجزون عن تبرير بعض التناقض في الايات القرانية الكريمة والتي منها على سبيل المثال (( لا اكراه في الدين )) والتي تناقض (( قاتلوهم الى ان يدخلوا دين الحق )) ولكنهم أي علماؤنا الاكارم قادرون على التكفير والتحريض والمغالطة حماية لما يتمتعون به من سلطة وامتيازات .
نحن نعبد الله سبحانه وتعالى ولا نعبد الفقهاء رغم اننا نحترم ونثمن ايجابياتهم ولكن واجبنا الاسلامي يدعونا لتسليط الضوء على اخطائهم ومحاججتهم وفضح ما يتسترون عليه . فيكون هذا من عندنا خدمة للاسلام والمسلمين . فهم أي فقهاؤنا بشر مثلنا تماما عرضة للخطأ والخطيئة ولا يزكي الانفس الا الله سبحانه وتعالى .
#نهاد_كامل_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علماء الدين ام اعمياء الدين – 4 - ومزاجية التحليل والتحريم
-
علماء الدين ام اعمياء الدين – 3- والتواتر
-
علماء الدين أم أعمياء الدين - 2 - وتحريف الكلم
-
م/ علماء الدين ام اعمياء الدين -1
-
م/ تعليق على قصيدة الشاعرة ريوف الشمري قف للمغني
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|