سعاد خيري
الحوار المتمدن-العدد: 3181 - 2010 / 11 / 10 - 18:10
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جاءت ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى حصيلة تطورات نوعية في تاريخ البشرية على صعيد قوى الانتاج وعلاقات الانتاج على الصعيد العالمي. فقد شهد مطلع القرن العشرين بدء انطلاق الثورة العلمية التكنولوجية وبدء نهاية دور الراسمالية في خدمة تطور البشرية بل وتحولها الى خطر يهدد وجود البشرية , بعد ان استكمل اقطابها اقتسام العالم وبدأت قوانينها تفرض اعادة اقتسام العالم عن طريق الحرب وما يعنيه من ابادة للبشر وتدمير لمنجزاتهم. ورافق تلك التطورات, التطور الفكري والتنظيمي للطبقة العاملة بالتوصل الى الماركسية وتنظيم الحركة الشيوعية واذا كانت كومونة باريس اول تجربة قصيرة العمر لبناء الاشتراكية فقد قدمت ثورة اكتوبر تجربة معاشة لبناء الاشتراكية حولت الاشتراكية من حلم وامل الى واقع معاش رغم كل النواقص والثغرات وحققت انجازات للبشرية لم يجد اقطاب الراسمالية بدا من تبنيها في سياق تنافسهم على كسب ثقة البشرية. واستطاعت بزخم انجاواتها وتعميم تجاربها ودعمها للشعوب المكافحة من اجل تحررها الاجتماعي والسياسي من اتساع مجالها وتكوين المعسكر الاشتراكي فضلا عن تطوير حركة التحرر الوطني وتكوين حركة عدم الانحياز. واستطاعت عبر تطور هذا الزخم البشري ومن خلاله تطوير عصبة الامم الى هيئة الامم المتحدة ومجلس امنها وتطوير المواثيق والقوانين الدولية واقامة العديد من الهيئات الدولية والمنظمات العالمية لحماية السلم العالمي ولتنظيم رعاية وحماية الفئات الاجتماعية المحتاجة. فشكلت بجدارة عنوان القرن العشرين قرن ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى, رغم انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية قبل نهايته. فانهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية هو فشل تجربة بناء الاشتراكية وليس فشل ثورة اكتوبر.
ومع ذلك تبقى ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمة تجربة رائدة لعصر مضى يمكن الاستفادة من انجازاتها ودروسها ولكن لايمكن تطبيق مفاهيمها ومستلزماتهاولا التقيد باهدافها وافاقها . فنحن اليوم نعيش عصرا جديدا يتميز بالتطور العاصف لقوى الانتاج تمكن البشرية من التحرر من العمل المأجور وتجعل العمل المنتج هوية وهواية انسانية ومنطلق دائم لتطوره وتطور قوى انتاجه دون الحاجة الى علاقات انتاج تقوم على الارغام والاستغلال . ونواجه تشبث اقطاب الراسمالية وادواتهم لادامة استغلالهم واستعبادهم للبشرية وهم يشعرون بانتهاء دورهم وبتراكم وعمق الازمات التي يواجهونها ويتوسلون بكل الوسائل والاساليب التي استخدموها لتركيع البشرية واستغلالها ولا يجنون سوى المزيد الازمات وتقلص بالامكانيات . في حين تنطلق طاقات الشعوب وتبدع اشكال من الكفاح التحرري الوطني والعالمي السياسي والاجتماعي وتزخر بالمبادرات الفردية والجماعية في تطوير قوى الانتاج والطاقة والعلم والفن والامتاع من ناحية وتنظيم اشكال من الحياة الاجتماعية تقوم على التعاون والمشاركة وتزخر بالحب والتعاطف الانساني من ناحية اخرى
فاذا كان عصر ثورة اكتوبر يشكل بدء تفوق قدرات البشرية على مستعبديها وفجر تحررها, فان عصرنا هو عصر نهاية استعبادها وانجاز تحررها¬ ¬
#سعاد_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟