أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - الزمن الأخير، اللعبةُ على نحوها الصحيح














المزيد.....

الزمن الأخير، اللعبةُ على نحوها الصحيح


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3181 - 2010 / 11 / 10 - 11:43
المحور: حقوق الانسان
    


ثمة مبدأ فلسفيّ شهير اسمه Mind Over Matter، يذهب إلى أن العقلَ يتحكم في المادة. وهي النظرية التي آمن بها الداهيةُ الروسيّ راسبوتين حينما دسّوا له السُّمَّ في كأس الفودكا، فأقنع نفسَه أنه سيتغلب عليه. وبالفعل حشدت أعضاءُ جسده طاقاتها لإبطال مفعول السم، وهزم الموت. وهو بالضبط عكس ما حدث مع سقراط حين احتسى الشوكران في معتقله، فمات من فوره. ما الفرق؟ راسبوتين كان راغبًا في الحياة، فحيا، بينما سقراط كان راغبًا في الموت، يأسًا من كهّان أثينا الرجعيين، فاستسلم للموت. وهو المبدأ ذاته الذي أورده باولو كويللو في رواية "الخيميائي": إن أراد الإنسانُ شيئًا وآمن به، تآمرَ الكونُ كلّه من أجل تحقيقه.
في روايتها الجديدة "الزمنُ الأخير"، عن الدار المصرية اللبنانية، تثبتُ الروائية نوال مصطفى، بقلم شعريّ رفيع، تلك الفكرة، التي طالما آمنتُ بها، واعتمدتُها مبدأ حاسمًا في حياتي. أن كلَّ ما يحدث في هذا العالم، من خيرٍ ومن شر، من جمال، ومن قبح، إن هو إلا قرار. الحياةُ قرارٌ، والموتُ قرارٌ. النجاح قرارٌ والإخفاقُ قرار. الشبابُ الدائم والفاعليةُ قرارٌ، مثلما الشيخوخةُ والمرضُ والانسحابُ عن العالم قرار. ليس من شيء اسمه الحظُّ أو القسمة والنصيب، إلا بقدر ما نسمح نحن للحظ أن يمنحنا ما نريد، أو يحرمنا منه.
لدينا "شهد" المرأة الخمسينية التي "قرّرت" أن تهزم الشيخوخةَ الزاحفة نحو عتبتها. "كم أرقتها لعبةُ الزمن الذي يعطينا في شبابنا كلَّ مفاتيح الحياة. نفتح بها ما نشاء من أبواب السعادة والقوة. وما أن يمضي بنا القطارُ حتى يبدأ في استعادة مفاتيحه، واحدًا تلو الآخر. لنجد أنفسنا نترنحُ بين الأبواب القليلة المتاحة. نجاهد في فتحها بالمفاتيح المتبقية، التي عادة ما تكون قد صدئت وتآكلت بفعل الزمن." بهذه العبارة الشعرية العميقة تلخّص نوال مصطفى رحلةَ الإنسان، كلّ إنسان، خلال لعبته مع الحياة. فالحياة لعبةٌ. لعبة بينك وبين الزمن. توزع الحياةُ عليكما أوراق اللعب، فتشرعا في المباراة بقانون لا يعرف الحظ ولا يعترف بالقَدَرية، بقدر ما ينتصر للاختيار والقرار. يقول في هذا المفكر الأمريكي جوش بيلنجز: "في لعبة الحياة، ليس المهم أن يكون لديك الكروت الأفضل، بل أن تعرف كيف تلعبُ ما لديك من كروت، على النحو الأفضل." هذا ما انتبهت إليه "شهد" بعد برهة من التشوّش والرعب من مرور الزمن. أدركت أن الزمن يرضخ لأسلوبنا في التعامل معه. الفكرةُ تكمن في إحسانا بالزمن، وليس في مروره بنا. هنا قررت شهد أن تلعب أوراقها على النحو الأفضل. فحصت ما لديها من كروت، أو مفاتيح. قلّبت في الكروت، وألقت المعطوبة منها، إلى حيث يُلقى المعطوب، وانتخبت من مفاتيحها اللامع الزاهي، وأشاحت عن الصدئ المتآكل. بما في يدها من كروت قليلة، ومفاتيح معدودة، صنعت حياتها على النحو الذي ترجو. بالحب صنعت مستقبلا مشرقًا. ليس لها وحسب، بل لكل مَن حولها. لم تستسلم لزواج "معطوب"، أورثها الوجدَ والمرض، فلملمت أشياءها ورحلت بهدوء، غير آسفة على ما لا يؤسف عليه. فتحت رئتيها نحو الهواء الطلق، فدخل الحبُّ قلبَها مع "الطارق" الذي أدرك أيضًا قانون اللعبة، فطرق بابَ قلبها على النحو الصحيح. أنشآ معًا ما أطلقا عليه "بيت العيلة"، يجمعان حولهما الشبابَ الواعدَ الباحث عن المعرفة. يتسامرون حول كتاب جديد، أو قصيدة ساحرة، أو قطعة موسيقية آسرة. بالحب، نجحت شهد، ليس فقط في أن تهزم وحش الزمن الأعمى، بل أن تصنع عالمًا صغيرًا وجميلا كأنه المدينة الفاضلة. تلك التي تتنحي فيها كل ألوان القبح، لتفسح الطريقَ لكل ما في الحياة من أيقونات جمال: الحب، الكتاب، الموسيقى، ثم محبة كل البشر.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبيبتان، من مصر!
- الأحدبُ في مصعد العمارة
- لستُ إرهابيًّا، بل مريضٌ بالجمال
- في صالون الرئيس مبارك
- ولاد العمّ- دراما تنتصر لكل ما هو إسرائيلي، ضد كل ما هو مصري ...
- تخليص الشباب، في تلخيص الكتاب
- رغم إن اللصَّ مازال طليقًا! شكرًا وزارة الداخلية
- آسف على الإزعاج- مضطرون أن نعيش الحُلمَ مادام الواقعُ مُرًّا
- سأختارُ دينَ الحرامي
- سوزان مبارك، والبرادعي
- صور آل البرادعي على فيس-بوك
- فليحاسبْني القانونُ على ذلك!
- شكرًا للصّ زهرة الخُشخاش
- الرحابُ فى جفاف
- مسرحية -قطط الشارع-
- مجدي أحمد علي مُخرج اللقطات الملهمة
- عسلٌ أسود، مرآةُ ميدوزا
- البنت المصرية سعاد حسني
- مسرحية -أوديب وشفيقة-
- مسرحية -العميان--أشعرُ بالقمر فوق يدي


المزيد.....




- نتنياهو يعقد اجتماعا طارئا ويؤكد: مذكرات الاعتقال من الجنائي ...
- أمريكا تعلق على إصدار-الجنائية الدولية- مذكرتي اعتقال بحق وز ...
- الخارجية الإماراتية: الشراكة مع روسيا وأوكرانيا ساهمت في نجا ...
- طواقم الدفاع المدني تنتشل 7 شهداء في محيط مخازن الأونروا برف ...
- الأمم المتحدة: 10 أطفال يفقدون ساقاً أو ساقين في غزة يومياً ...
- تحذير من تداعيات -حرب صامتة- بالضفة وحصيلة جديدة للاعتقالات ...
- الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق شويغو ورئيس أركانه
- الأونروا: نصف مليون شخص بغزة يواجهون معاناة شديدة لانعدام ال ...
- مبادرة لمراقبة الجوع: خطر المجاعة لا يزال قائما بشدة في أنحا ...
- الخارجية الأمريكية: نجري مراجعاتنا الخاصة بشأن جرائم حرب محت ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - الزمن الأخير، اللعبةُ على نحوها الصحيح