|
إذا لم تستطع الحكومة حماية نفسها فكيف لها حماية المواطنين!
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 3179 - 2010 / 11 / 8 - 13:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قد نبدأ بسؤال محدد نوجهه إلى الحكومة ومؤسساتها الأمنية والمسؤولين عنها ـــ إذا كنتم لا تستطيعون حماية المنطقة الخضراء الصغيرة وهي تقصف يومياً بالصواريخ والهاونات وبخاصة مقراتكم الأساسية فكيف نقتنع أنكم تستطيعون حماية الوطن والمواطنين من المجرمين القتلة؟ ولهذا كان كل شيء متوقعاً لاستمرار مسلسل الإبادة والاغتيال للمسيحيين العراقيين وغيرهم من مكونات الشعب العراقي والذي كان آخرها وليس أخيرها الجريمة النكراء التي حدثت في كنيسة سيدة النجاة بالكرادة التي راح ضحيتها العشرات من الضحايا بين قتيل وجريح بينهم أطفال ونساء وشيوخ فقد دلت هذه الجريمة بأن السفاحين الذين لا يردعهم أي مكان حتى دور العبادة ومن كل الأديان سيواصلون مخططاتهم ليس بالضد من المسيحيين فحسب بل ضد جميع مكونات الشعب العراقي ولن يقف أمامهم أي شيء من اجل المزيد من التدمير والقتل ، وما تفجيرات يوم الثلاثاء المختلفة التي وصلت إلى ( 20 ) تفجيراً وهجوماً مسلحاً خلّف وراءه مئات القتلى والجرحى وتدمير واسع للمناطق الشعبية التي وقعت فيها الانفجارات، ومثلما يبدو أن القضية ليست الاحتلال أو الحكومة العراقية والمؤسسات الأمنية بل معاقبة أبناء شعبنا والانتقام منهم بحجة الدين الإسلامي وشعارات الطائفية البغيضة ومن المؤسف جداً نجد البعض يتحدث عن سيناريوهات لا تمت للواقع بشيء بل تحاول الابتعاد عن جوهر هذه الأهداف المبنية على الحقد والكراهية ، لم تكن جريمة سيدة النجاة نقطة بداية مثلما هو الإيغال في طريق القتل وما تهديد القوى التي خططت ونفذت هذه الجريمة إلا الاستمرار للاقتصاص من المسيحيين ليس على حد زعمهم في العراق بل في مصر التي عانى شعبها الكثير منها والتي يهددها الإرهاب الذي كان وما زال يرى فيها مكاناً خصباً للنجاح، إن الحالة الراهنة وتداعيات المرحلة لم تكن مفاجأة لنا فنحن منذ البداية توقعنا بان نذر الشؤوم يدل على أن الأوضاع الأمنية ستكون أكثر ضراوة ووحشية لأسباب عديدة في مقدمتها الصراع السياسي الذي قام على أساس التقسيم حسب المصالح والا كيف يمكن أن يقتنع المواطن بما شاهده ورآه منذ تفجيرات الأحد الدامي وما تبعه من تفجيرات وصولاً إلى الجريمة التي حدثت في كنيسة سيدة النجاة وما نتج من ضحايا تلتها التفجيرات الدامية بعدها ولم تنشف بعد دماء شهداء الكنيسة ، أليس من المفروض أن تتخذ المؤسسة الأمنية جملة احتياطات واحترازات سريعة وهي تعيش أزمة مستمرة لتشكيل الحكومة ومنذ ما يقارب (8) اشهر. لقد أكدنا في السابق أن استقرار العراق أمنياً مرتبط اشد الارتباط باستقرار الوضع السياسي والانتقال من المحاصصة الطائفية والسياسية إلى الشراكة الوطنية الذي تبنى على أساس التسامح والمصالحة الوطنية الحقيقية واتخاذ مبدأ المواطنة في جميع مرافق الدولة وأجهزتها الأمنية والوظيفية وما تداعيات الأوضاع بشكل عام إلا ارتباطاً بالاستئثار والهيمنة ومحاولات إلغاء الآخر والاعتماد على إصدار قوانين تتعارض مع الادعاء بالديمقراطية. إن حقيقة ما ظهر من عملية احتجاز الرهائن وقتلهم قبل أي مفاوضات وفي مقدمتهم شماس الكنيسة والقس وسيم وثائر يناقض مما يقوله البعض كان من المفروض الدخول في حوار مع المنفذين القتلة الذين كان من أولى مهماتهم قتل اكبر عدد من المتواجدين المصلين في الكنيسة وهو يطابق نظريتهم الإجرامية التي ترخص الدم العراقي فيما حدث يوم الثلاثاء المصادف 2 / 11 / 2010 من تفجيرات تزامن حدوثها في أكثر من عشرة مناطق وأحياء في العاصمة بغداد وقد أعلنت الحكومة أن حصيلة التفجيرات والهجمات المسلحة والعبوات المزروعة في مناطق شعبية قد بلغت ( 424 ) ما بين قتيل وجريح فضلاً عن ما لحق هذه المناطق من تدمير واسع النطاق . وما يثير الاستغراب أكثر وكأنه سر غير معروف تصريح تحسين الشيخلي الناطق باسم عمليات بغداد " التصعيد الأمني خلال الأسبوع الماضي يرتبط بأجندات خارجية هدفها وضع العصا في عجلة العملية السياسية " ويسترسل في تصريحه بأنهم حصلوا على معلومات من خلال " عناصر ضالعة بالهجمات الأخيرة " بان هناك مال سياسي قد مول هذه العمليات لكي يتم إشعال " فتنة طائفية " لسنا هنا بصدد محاججته على تصريحاته بل نقول أين كانت المؤسسات الأمنية ومن بينها عمليات بغداد من هذا المال السياسي وهذه الجرائم الواسعة والمخطط لها؟ وهل من المعقول الحديث الآن عن المال السياسي المصدر من خارج الحدود وهو معروف وأجندته معروفة ؟ الجرائم المتتالية وما يحدث من شرخ متواصل في الوضع الأمني والخطط التي توضع من قبل وزارة الدفاع ووزارة الداخلية والمؤسسات الأمنية الأخرى دليل لا يقبل الدحض أن هذه الأجهزة وعلى الرغم من صرف المليارات من الدولارات لغرض التسليح والتدريب تبدو أما مخترقة أو عاجزة عن ملاحقة القوى الإرهابية والإجرامية التي تكمن خلف هذا الشرخ الأمني ففي كل مرة يخرج علينا مسؤول في هذه الأجهزة أو مسؤولين حكوميين يصرحون أن الأمن أصبح أكثر استتباباً وأنهم مثلاً فككوا ( 5000 ) خلية إرهابية... الخ وبعد هذه التصريحات وتفاؤل المواطنين بها تحدث موجات من التفجيرات والاغتيالات والهجمات المسلحة ولا يمر أسبوع بدون ضرب المنطقة الخضراء بالصواريخ والهاونات التي تقع فيها تقريباً أكثرية دوائر الدولة بما فيها مقر رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان وظل هذا الأمر محل استغراب ليس العراقيين فحسب بل الكثير من الدول التي ترى في هشاشة الوضع الأمني خطراً على مصالحها وبخاصة فيما يخص قضايا الاستثمار والاتفاقيات الاقتصادية المستقبلية ويبقى الأمر محيراً أيضاً بالقول إذا كانت الحكومة لا تستطيع حماية مقراتها الأساسية ومؤسساتها التنفيذية والتشريعية في منطقة ضيقة لا تتعدى البضع من الكيلومترات فكيف لها الاستطاعة حماية باقي المحافظات والقصبات والحدود الطويلة وحماية المواطنين الذين يتساقطون بالعشرات جراء هذه الاختراقات الأمنية والتفجيرات وغيرها. إن جريمة الكنيسة وضحاياها الأبرياء وتداعيات تفجيرات يوم الثلاثاء وضحاياها من المواطنين العراقيين ومن مختلف المكونات تدل على مدى ضعف الأجهزة الأمنية وعدم قدرتها في الحفاظ على امن العاصمة ومواطنيها وتدل على مدى الاستخفاف بقدرات القوى الكامنة خلف هذه الجرائم ودليل على بطلان التصريحات التي تطمئن المواطنين بتحسن الوضع الأمني فذلك يتطلب إثبات مادي وليس وعود وتصريحات على الخيال، وما دام القتال بين الأطراف والكتل التي فازت في الانتخابات مستمراً وبدون مراعاة لمصلحة المواطنين ومصلحة البلاد واستمرار هاجسهم في المنصب والكرسي والموقع المسؤول فلن يستتب الأمن ولن تستطيع البلاد الوقوف على قدميها كدولة حرة مستقلة تستطيع حماية مواطنيها وتباشر في البناء والتقدم
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاغتيالات المنسية للمثقفين الوطنيين والديمقراطيين
-
لن تكون الطاولة المستديرة الحل الشافي
-
أهداف سياسية لإفشال الإحصاء السكاني الوطني في العراق
-
الأصدقاء الغائبون
-
خرق الدستور يدل على عدم احترام إرادة الشعب
-
إعادة الانتخابات ضرورة ملحة بعد تعديل قانونها؟
-
حياة المواطنون العراقيون الرخيصة
-
الشريط الأمني المطلوب من قبل تركيا وأمريكا
-
مسرحية هزيلة وفصول متناقضة معروفة
-
لماذا لا يحترم الدستور ولا تحترم إرادة المواطنين العراقيين؟
-
محاولات لطمس حقيقة وتاريخ الأيزيدية
-
ثراث سنين اللؤم
-
مخاطر مواقع المنشآت النووية الإيرانية الجديدة
-
صراع المصالح الذاتية والشخصية على السلطة
-
الحزب الشيوعي العراقي وخلط الأوراق المكشوفة 2
-
الحزب الشيوعي العراقي وخلط الأوراق المكشوفة
-
النَزوع إلى برلين
-
التهديد والوعيد جرائم يرفضها القانون والدستور
-
خرق حكام طهران لحقوق الإنسان ودعم للمليشيات الخاصة
-
قصيدتان / 1 دعوة العبور القديم
المزيد.....
-
برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع
...
-
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه
...
-
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
-
مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
-
العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال
...
-
اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
-
هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال
...
-
ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
-
مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد
...
-
موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|