أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار والقوى العلمانية و الديمقراطية في العالم العربي - اسباب الضعف و التشتت - دانا جلال - تحولات النار وصدى الحلاج بانتصار الحق















المزيد.....

تحولات النار وصدى الحلاج بانتصار الحق


دانا جلال

الحوار المتمدن-العدد: 957 - 2004 / 9 / 15 - 10:44
المحور: اليسار والقوى العلمانية و الديمقراطية في العالم العربي - اسباب الضعف و التشتت
    


العلمانية بفتح العين ترجمة لكلمة ( سيكولاريزم ) الانكليزية وهي مشتقة من كلمة سيكولوم اللاتينية ( وتعني العالم او الدنيا ) وتوضع في مقابل الكنيسة وقد استخدم المصطلح "سيكولار " لأول مرة مع توقيع صلح وستفاليا(عام 1648م)-الذي أنهى أتون الحروب الدينية المندلعة في أوربا- وبداية ظهور الدولة القومية الحديثة (أي الدولة العلمانية) مشيرًا إلى "علمنة" ممتلكات الكنيسة بمعنى نقلها إلى سلطات غير دينية أي لسلطة الدولة المدنية. وقد اتسع المجال الدلالي للكلمة على يد جون هوليوك (1817-1906م) الذي عرف العلمانية بأنها: "الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية دون التصدي لقضية الإيمان سواء بالقبول أو الرفض". ويشير د . فؤاد زكريا الى ان الترجمة الدقيقة للكلمة بانها تعني ( الزمانية ) لان العلمانية ترتبط بالامور الزمنية اي بما يحدث في هذا العالم وعلى هذه الارض في مقابل الامور الروحانية التي تتعلق اساسا بالعالم الاخر. ويعرف الدكتور مراد وهبة العلمانية بانه ( التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق ) .ويحاول البعض ومن خلال التلاعب بحركة حرف العين في العلمانية تشويه المفهوم وخلق اعداء اضافييين للعلمانية حيث ان العلمانية بفتح العين تعني العالم والعلمانية بكسر العين تعني العلم ، و يرى د. فؤاد زكريا ان الفرق بين المفهومين العالم – العلم ليس كبيرا ( فالشقة ليست بعيدة بين الاهتمام بامور هذا العالم وبين الاهتمام بالعلم وذلك لان العلم بمعناه الحديث لم يظهر الا منذ بدء التحول نحو انتزاع امور الحياة من المؤسسات التي تمثل السلطة الروحية وتركزها في يد السلطة الزمنية ) .

هيكلة الدولة وقدسيتها وفق النص والحديث
يمكن اعتبار بيعة الغدير وحديث الثقلين ( إني تارك فيكم ما إنْ تمسّكتم به لنْ تضلّوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرّقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » ( صحيح الترمذي ص 15 / 621. ) بدايات المفهوم الاسلامي لهيكلة الدين وتحويله الى مؤسسة ونظام حكم ، واشكالية الحديث الذي مازال يلاحق التاريخ والفكر الاسلامي ويمد اختلاف المذاهب اختلافا اضافيا لم يكن السبب وراء ابعاد زعيم اليسار وخليفة الفقراء والشعوب الغير عربية ( الامام علي) عن الحكم بمقدار ماكان نتيجة لموازين القوى التي كانت لصالح قوى اليمين الذي تمكن ببراعة توجيه النص والحديث صوب اليمين لوجود مساحة اكبر للتوجه يمينا بالرغم من محاولات اليسار الاسلامي انذاك من استثمار الفسحة الضيقة صوب اليسار .
ويمكن الاستشهاد بقصة الشورى حول موضوع صراع اليسار واليمين ونجاح اليمين الذي استثمر الاجتماع لا لابعاد خليفة اليسار وتسمية الحاكم الجديد فقط بل لوضع الاسس الفكرية المستندة على المفاهيم الدينية لصيغة وشكل الحكم والية تأسيس النظام الجديد واستمرارها ، ويمكننا اعتبار السقيفة بداية هيكلة الدولة الدينية بعد وفاة الرسول والحلم بتحويل دولة المدينة الى دولة مترامية الاطراف بدوافع فكرية واقتصادية وكان لعمر بن خطاب دورا كبيرا في توجيه الاحداث السياسية الكبرى في اشد المراحل حساسية في التاريخ الاسلامي لا لقوة الشخصية الذي امتاز بها والذي وصل حد معارضة الرسول في احداث عديدة منها معارضته لصلح الحديبية بل تعداه الى الغاء( نصوص واحاديث ) ووفق مصادرتاريخية عديدة منها الغاء المتعتين ( متعة الحج وزواج المتعة ) .
لقد ادرك عمر بن خطاب المعادلة ( طاعة ولي الامر = طاعة الرسول = طاعة الله )
و (معارضة الحكم = معارضة الدين ) مستندا على الكم الهائل للنصوص والاحاديث التي هيأت الظروف لخلق الدولة الدينية وفكرة الخضوع للحاكم وعدم الخروج عليه ، ( يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ) ( النساء 59 ) وجدلية العلاقة يتجسد بالحديث النبوي ( عن ابي هريرة عن رسول الله ص ( من اطاعني فقد اطاع الله ، ومن عصاني فقد عصا الله ومن اطاع اميري فقط اطاعني ، ومن عصا اميري فقد عصاني ) ويمكن معرفة حدود الخضوع للحاكم وان كان غير عادلا من خلال الحديث النبوي ( حدثنا محمد بن المثنى عن محمد بن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر عن علقمة بن وائل الحضرمي عن ابيه قال سأل سلمة بن يزيد الجعقي رسول الله ص فقال :- يانبي الله أرايت ان قامت علينا امراء يسألوننا حقهم ويمنعوننا حقنا فما تأمرنا فأعرض عنه ثم سأله في الثانية او في الثالثة فجذبه الاشعث بن قيس وقال ( اسمعوا واطيعوا فأنما عليهم ماحملوا وعليكم ماحملتم ) وذكر نفس الحديث في صحيح مسلم ص 4889.
ولعزل كل من يفكر بالخروج عن الجماعة ووأد كل معارضة داخلية فأن الموت بصيغة الجاهلية يترصده ، عن ابي هريرة انه قال : قال رسول الله ص ( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات ، مات ميتتة جاهلية ) ( رواه مسلم 6/280 والنسائي في المحاربة وابن ماجة في الفتن ) . ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه( هل ان النصوص والاحاديث وحد السيف كان كفيلا بقمع فكرة الحرية ومحاولة الغاء الظلم الاجتماعي ونقد الدولة وان كانت تحمل شرعيتها الدينية)؟ ان الحديث النبوي الذي خص به الرسول ص احد قادة اليسار( ابو ذر الغفاري) يدلل على وجود فكرة المعارضة وحتى قبل تحول الدين الى مؤسسة و نظام حكم ففي الحديث الصحيح المتفق على صحته عن انس بن مالك قال رسول الله ص لابي ذر (اسمع واطع ولو لحبشي كان رأسه زبيبة ) رواه البخاري ويضيف مفتي مصر نصر فريد واصل ( ولكن اذا وجد منهم مايكره فعليه مناصحتهم ، وارشادهم الى الخير حتى تستقيم الامور ). ان المعارضة كانت موجودة وكان حد السيف مشرعا .

حد السيف والدرس الاول للديموقراطية
هل يمكن اعتبار الشورى الذي ورد ذكره مرة واحدة في القران الكريم وفي سورة الشورى اية 38 ( والذين استجابوا لربهم واقاموا الصلوة وامرهم شورى بينهم ) كافيا لوضع فكرة الديموقراطية موضع التنفيذ وخاصة في ظل عدم تحديد شكل ومواصفات واليات الشورى( ويمكن اعتبار ذلك قوة في النص القراني لترك الموضوع للبشر لتحديد شكل وصيغة الشورى وفق تطوره التاريخي) ولكن الاحداث التاريخية اثبتت ان تسلم السلطة وتداوله ما كان الا بمبايعة ناقصة اوبشكله الموروث اونتاجا لصراع سياسي بصيغة الشورى حسمه حد السيف المشرع بوحه الاقلية ، وما عرف بقصة الشورى في التاريخ الاسلامي الا بداية لتحديد مسار التوجهات الغير ديموقراطية لاحقا فقد روى الطبري وابن الاثير تلك القصة وبالشكل التالي ( انه لما طعن عمر بن الخطاب دعا ستة اشخاص من الصحابة وهم : علي بن ابي طالب وعثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف وسعد بن ابي وقاص والزبير بن العوام وطلحة بن عبد الله ليختاروا من بينهم خليفة وعلم العباس بالامر فقال لابن اخيه لاتدخل معهم فقال : اني اكره الخلاف ، قال اذن ترى ماتكره ، وذهب المدعوون الى لقاء عمر الا طلحة بن عبد الله فقد كان في سفر ، فلما اجتمعوا عند عمر قال لهم : تشاوروا فيما بينكم واختاروا للخلافة واحد منكم ودعا المقداد بن الاسود وقال له :- اذا وضعتوني في حفرتي فاجمع هؤلاء الرهط في بيت حتى يختاروا رجلا منهم واحضر معهم عبد الله بن عمر ليكون مشاورا وليس له شىء في الامر وقم على رؤوسهم فأن اجتمع خمسة ورضوا واحدا منهم وابى السادس فأضرب رأسه بالسيف ، وان اتفق اربعة فرضوا رجلا وابى اثنان فأضرب رأسيهما بالسيف ، فان رضى ثلاثة رجلا منهم وثلاثة رجلا منهم فحكموا عبد الله بن عمر فأي الفريقين حكم له فليختاروه فأن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فليكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف فخرجوا من عند عمر ، وتلقى العباس عليا فقال له على : عدلت عنا ( اي خرجت منا الخلافة ) وقال العباس وما علمك ؟ قال : قرن بي عثمان وقال كونوا مع الاكثر فأن رضي رجلان رجلا ورجلان رجلا فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف فسعد بن ابي وقاص لايخالف ابن عمه عبد الرحمن وعبد الرحمن صهر عثمان لايختلفون فيوليها عبد الرحمن عثمان او يوليها عثمان عبد الرحمن فلو كان الاخران معي لم ينفعاني مادام الرجحان للثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن ) . وبالفعل الت الخلافة الى عثمان بن عفان الذي ساهم في تمهيد الطريق للحلف الذي جمع التجار والطلقاء والشوفينيين ليضعوا اسس مرحلة عرفت بالعصر الاموي .

القرن الرابع هجري عصر النهضة العربية
يعتبر المفكر محمد اركون ان اجتماع السقيفة والاختلاف بين الانصار والمهاجرين وطرح فكرة ( منا امير ومنكم امير ) مظهر من مظاهر العلمانية في التاريخ الاسلامي، وبرأينا ان الخلاف بين الانصار والمهاجرين كان خلافا على السلطة وليس خلافا على شكل السلطة حيث تذكر المصادر التاريخية اجتماع الانصار في سقيفة بني ساعدة ، وتركوا جنازة الرسول يغسله أهله ، فقالوا : " نولي هذا الامر بعد محمد ، سعد بن عبادة ، وأخرجوا سعدا إليهم وهو مريض . . " . فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر سابقة الانصار في الدين وفضيلتهم في
الاسلام ، واعزازهم للنبي وأصحابه وجهادهم لاعدائه ، حتى استقامت العرب ، وتوفي الرسول وهو عنهم راض ، وقال : استبدوا بهذا الامر دون الناس فأجابوه بأجمعهم : أن قد وفقت في الرأي ، وأصبت في القول ولن نعدوا ما رأيت نوليك هذا
الامر ، ثم انهم ترادوا الكلام بينهم ، فقالوا : فإن أبت مهاجرة قريش ؟ فقالوا نحن المهاجرون ، وصحابة رسول الله الاولون ، ونحن عشيرته ، وأولياؤه ، فعلام تنازعوننا هذا الامر بعده ؟ فقالت طائفة منهم : فإنا نقول إذا : منا أمير ومنكم أمير ، ) وبرأينا ان اول مظاهر العلمانية و التعامل مع الدولة كجهاز سياسي واداري بعيدا عن مهامه الدينية ومن ثم ظهور الملامح الاولى للعلمانية كونها فصلا بين الدين والدولة هو موقف من سمي بالمرتدين بعد رفض اغلب القبائل العربية دفع الزكاة للخليفة ابو بكر الصديق ويمكن تسمية تلك الحروب التي عرفت في التاريخ الاسلامي بحروب الردة بحرب مانعي الزكاة والذي رافقه جرائم ارتكبها سيف الله المسلول خالد بن الوليد منها قطع الرؤوس حيث يذكر اليعقوبي(أن خالد رأى امرأة مالك، وكانت فائقة الجمال، فقال مالك لامرأته: قتلتني - يعني سأقتل من أجلك ـ ومن الطبيعي كي تثبت ردة الرجل أن يقتل من كان معه من قومه الذين نهضوا عن الصلاة منذ هنيهات، وقبلوا الاستسلام لإخوانهم في الإسلام حتى يستوثقوا من أمرهم ( فضرب عنقه وأعناق أصحابه). كما روى الطبري ، ويؤكد (اليعقوبي) أن خالد لم يستمهل الأرملة الفاتنة أم تميم بنت المنهال لتستبرئ رحمها وتكمل عدتها، بل إنه امتطاها ودم زوجها لم يجف بعد (2/110)،)
ويمكننا اعتماد ماذهب اليه المستشرق ادم متر( بأن القرن الرابع هجري يعتبر العصر الذهبي للحضارة العربية) . بل انها كانت مرحلة تفكيك الدولة الدينية وفصل الدين عن الدولة وذلك بتأثير الحركات الثورية التي خلقت نماذجها السياسية منها الحركة القرمطية والبابكية والزنج وكان لمن عرفوا بالزنادقة من ضحايا الفكر و الفلسفة دورا كبيرا في اغناء التوجهات الفكرية لوضع اسس العلمانية الشاملة كونها محاولة لفصل الدين عن الدولة من حهة ونقد الديني وان كانت بعضها مستندا على الاسس الدينية منهم الحلاج الذي صلب واحرق و بشار بن برد وحماد عجرد الذين ماتا بعد ضربهما في زمن المهدي ب70 جلدة اضافة الى صالح بن عبد القدوس وابن الراوندي والشلمغاني وابي العتاهية
وحماد الراوية ، ومطيع ابن اياس ، ويحيى بن زياد ، وعلي بن الخليل ومن تقدمهم قليلا كابن المقفع وابن ابي العوجاء .

العلمانية في المجتمعات العربية المعاصرة واسباب ضعفها

لايمكن دراسة موضوع العلمانية دون التطرق الى قضية اليسار والديموقراطية وذلك لجدلية العلاقة بين تلك المفاهيم حيث ان ضعف العلمانية يعتبر نتاجا وسببا لضعف العوامل الاخرى ( الديموقراطية واليسار ) والعكس صحيح . ويبقى السؤا ل المطروح هو ( هل ان التطور التاريخي واتجاه وسرعة تطور تلك المفاهيم تسير بنفس المنوال وتتخذ نفس الاتجاهات ) ؟ . يمكننا الاجابة ب ( نعم ) بالنسبة للخط العام للتطور في المجتمعات الانسانية .
ولكن هل تسير عملية التطور بنفس المنوال ؟ ان تجربة المجتمعات الانسانية وبالاخص المجتمعات العربية تؤكد عدم التطور وبنفس الوتيرة حيث نلاحظ ان فكرة اليسار ومن ثم احزاب اليسار وجدت قبولا اكبر من الديموقراطية وبشكل اخص من العلمانية وذلك لاختلاف الموضوعات التي تناولها كل من تلك المفاهيم وقدرة المجتمع العربي بما يملكه من موروث ثقافي وديني وحضاري على استيعاب احدها ورفض الاخرى .
وبمكننا ملاحظة نقطتين مهمتين حول قضية العلمانية في الوطن العربي وهما :-
1-ان العلمانية الشاملة : وهي العلمانية التي تتتناول موضوع فصل الدين عن الدولة من جهة ونقد المفاهيم الدينية بادوات علمية من جهة اخرى لم تتطور بنفس مقدار تطور العلمانية الجزئية التي تتناول فصل الدين عن الدولة .
2- ان العلمانية في الوطن العربي لم تتطور بنفس القدر في المحتمعات العربية حيث نلاحظ دول وبحكم هامش الديموقراطية الموجودة فيها ( لبنان – مصر – المغرب ) قد سبقت مثيلاتها في دول المشرق العربي والدول النفطية .
ولكن هل يمكننا الحديث عن علمانية عربية ؟ انه وبالرغم من كل فتاوى التكفير واحكام الردة ودعوى الحسبة وسياسة كتم الافواه وقرارات دول القمع فأن رموز العلمانية في الوطن العربي قد مارسوا نضالهم الفكري والعملى وعلى سبيل المثال لاالحصرالطهطاوي رائد العلمانية في الوطن العربي اضافة الى على عبد الرزاق و كتابه ( الاسلام واصول الحكم 1925 ) وطه حسين ( في الشعر الجاهلي 1926 ) وسلامة موسى الذي كتب ( ان اختلاط الاديان بالسياسة كان على الدوام مصدر الام وحروب ) وكذلك مهدي العامل وحسين مروة ونوال السعداوي ونصر حامد ابوزيد ود. شريف حتاتة وصادق جلال العظم . ويمكننا الاشارة الى قضية لم يتناولها احد حسب معرفتنا الا وهي مسألة قانون الاحوال الشخصية العراقي والذي ساوى بين الرجل والمرأة في الوراثة و الذي شرعه شهيد العراق ورئيس اول جمهورية عراقية الزعيم عبد الكريم قاسم ( 1958- 1963 ) باعتباره قانونا علمانيا وفق كل القياسات في المنطقة العربية لذا عملت بعض القوى الدينية في مجلس الحكم المؤقت على الغاء القانون وابداله بقانون 137 الرجعي والذي رفضته القوى الديموقراطية و اليسار العراقي مع الاحزاب القومية الكوردية ومن ثم يطلق الحاكم الاميركي بريمر طلقة الرحمة عليها . والغريب ان القوى الاسلامية لم تتخذ نفس الموقف المتشدد تجاه قرارات ايقاف العمل باحكام اخرى كقطع يد السارق والجلد في حين اعتبروا قاسما شيوعيا وحاربوه بسبب قانون الاحوال الشخصية التقدمي الذي اعتبر المرأة انسانة كاملة العقل ومتساوية في الحقوق والواجبات مع الرجل .

اسباب ضعف العلمانية في الوطن العربي
ان ضعف اليسار العربي وغياب الاحزاب والمؤسسات الديموقراطية في المجتمعات العربية يفسر ضعف العلمانية في الوطن العربي ويمكن ان نحدد اهم الاسباب المباشرة لا لضعف العلمانية بل لازمة الفكر والنظام السياسي العربي الذي فتح الحدود لتهريب البترول والاثار والانسان الى بلاد العم سام ، واستيراد الجنس والايدز والسيكار و فتح حدودنا وقصور رؤساءنا وملوكنا لكل ما هو غربي والا ستثناء الوحيد هو كل ماينتهي ب (ة ) ( كالعلمانية والديموقراطية واليسارية والماركسية ) لسبب واحد الا وهي كونها اجنحة الحرية نحو سماءات الانسان الذي لايعرف العبودية في عصر اقل ما نسميه بأنه عصر التوجه الديموقراطي وعلى الصعيد العالمي .
1-الغاء سلطة العقل :- ان المفاهيم الدينية الشائعة بصيغها الجامدة والرافضة لكل دراسة وتناول جديد للنص ووفق سياقة التأريخي جعل من المؤسسة الدينة محكومة بالجمود ومن ثم اصداره لقرارات اكثر جمودا يلغي العقل الانساني ويحدد مسار تناوله للمفاهيم والمفردات .
2- سلطة الفتوى :- ان فتاوى الردة والتكفير ودعاوى الحسبة جاهزة لكل محاولة انسانية في تناول اي موضوع يتعلق بالنص والحديث والسيرة بل وفي نقد خطب الجمعة المكتوبة من قبل وزارات الثقافة لحكومات تقتل الثقافة وتغتال المثقفين . ان سلطة الفتوى تحول الى اداة سياسية لقمع كل معارضة وان كانت داخل اسوار الدين فتكفير ال البيت في جوامع بني امية مازال يتردد صداه في بعض المساجد وخطابات شبكات الارهاب المتعدد الجنسيات.
3- الجذور المذهبية للمؤسسات الدينية :- ان اغلب المؤسسات الدينية مازالت تستعير خطابها الديني لاكثر النماذج جمودا وعداءا للعلم فما زال الغزالى وعداءه للفاسفة والعلم اللاديني يتحكم بالعقول والقلوب ناهيك عن احكام وفتاوى ابن تيمية الذي ضاعف الجمود جمودا
4- ضعف اليسار العربي :- وعدم جراته في تناول القضايا الدينية وباسلوب علمي لحسابات يتعلق بالعمل بين الحماهير ومن منطلقات مهادنة القوى والحركات الدينية
5- مناهج التعليم :- والذي يجسد ويقدس فكرة السلطة والذكورة ويشوه التاريخ الثوري والتقدمي العربي، فاتهام وتشويه حركات ثورية كالقرمطية والزنج الا نماذج لكيفية تناول المناهج التعليمية للتاريخ العربي .
6- ثالوث التحريم :- ان ثالوث التحريم والذي يمثل رغبة المؤسسة الدينية المشتركة مع السلطة السياسية في وضع محرمات لايمكن الاقتراب منه بحجج هدم الدين وتضليل العباد وزعزعة النسيج الاجتماعي يمثل احد اسباب ضعف العلمانية العربية .
7:-خلق الرمز السلبى :- ان المؤسسة الدينية ومن خلال سلطة الفتوى كانت وستبقى بحاجة الى خلق الرموز السلبية وفق التصور الديني وانتاجها اجتماعيا ليصبح الرمز نتاجا ماديا لعملية التكفير وما قصة سلمان رشدى وتوظيفه لصالح قوى التكفير وتهديد القوى العلمانية بها الا نموذجا لسياسة خلق الرمز واستثماره في الصراع ضد العلمانية .
ان العلمانية وبشقيها الجزئي والشامل ستنتصر ، فالنار الذي احرق الحلاج قد انطفىء ولكن الذي بقى وسيبقى هي صرخة الحلاج ( انا الحق ) .



#دانا_جلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق النصرالامريكي _ قراءة في بقايا حجر الجدار البرليني
- الاكفان المهزومة
- البرتقالة وجنجاويد الثقافة العراقية
- جيولوجيو الفكر وشعراء الحجر الكوردستاني
- معزوفة الوتر المنفرد(ردا على مقالة امين عام المنظمة العالمية ...
- نضال الكورد والخروج من مثلث الهامش السياسي والجغرافي
- من اجل السلام والديموقراطية
- المهمل والمنسي في محاكمة صدام
- من استوكهولم الى بغداد رموز وبقايا صور
- - انتصار الكلمة على الرصاصة - لروح الشهيد قاسم عبد الامير عج ...
- حدود الحق بين مشترك التاريخ وحجم التضحيات
- المقتديات علوجيات القوى الظلامية
- اليسار والعمل النقابي في ظل العولمة
- ثنائية البطل في تاريخنا السياسي
- العراق .. تراجع نماذج واحلال نماذج جديدة
- وحدة الخنادق رغم تقاطعاتها
- قزح خلف الراية الحمراء ... وما قدمه شيوعيو العراق
- جمهوريتي طورانستان ومقتدستان والاصطفاف السياسي المقبل في الع ...
- شرعنة الاغتصاب الجنسي بالنص الديني
- السودان - قوة الحضارة وحضارة القوة


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...


المزيد.....

- القصور والعجز الذاتي في أحزاب وفصائل اليسار العربي ... دعوة ... / غازي الصوراني
- اليسار – الديمقراطية – العلمانية أو التلازم المستحيل في العا ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار والقوى العلمانية و الديمقراطية في العالم العربي - اسباب الضعف و التشتت - دانا جلال - تحولات النار وصدى الحلاج بانتصار الحق